تعافيت بك ف15 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل الخامس عشر (مفاجأة)
الأمر كله أمام تلك العيون….هي من جعلت القلب القاسي حنون.
___________________
المعضلة الوحيدة هنا أنك تملك عقلًا ناضجًا يبرز لك أن تلك الحياة لن تنفعك بشيء، مع قلبٍ رقيق مثل جناح الفراشة يخشى الوحدة حتى لا يصبح ممزقًا، ويقع كلاهما في جسدٍ هزيل لن يقوى على المقاومة… في كل الأوضاع أنتَ الخاسر الوحيد، الدموع في عيناكَ متحجرة والبكاء لن يفيد.
_” لا أبدًا أنا خطيب الآنسة مش أكتر”
تفوه “وليد” بقوله بملامح وجه ثابتة أمام ذلك الذي يطالعه بتعجبٍ تحول إلى الصدمة على الفور، أما هي فآثرت الثبات رغم ارتجافة يدها بين يده، أما “عمار” سأله بنبرةٍ مهتزة نتيجة صدمته:
“أنتَ….أنتَ بتقول إيه، خطيبها إزاي يعني؟”
_” خطيبها زي الناس، هي الناس بتخطب ازاي يعني”
جاوبه “وليد” بنفس الثبات وبلامبالاة جعلت “عمار” يشعر بغصة قوية في حلقه وهو يزدرد لُعابه بقوة، ثم وجه بصره نحوها يسألها بنبرةٍ متقطعة:
“هو …خطيبك فعلًا؟!”
قبل أن تُجاوبه هي وجدت “وليد” يقول بنبرةٍ جامدة:
“كلامك معايا أنا، وبعدين هو أنا هكدب عليك يعني؟ خلينا بس في موضوع الدرس، فيه ولا أخدها ونمشي أحسن؟”
ضغط “عمار” على جفنيه بشدة حينما شعر بالخذلان، لكنه فتحهما بتروٍ ثم حرك رأسه بإيماءةٍ بسيطة ثم سجل بياناتها دون أن يطلب منها، بينما “وليد” ارتسم الخبث على ملامحه ثم وجه بصره نحوها فوجد نظرتها متسائلة عن ماهية ما يفعله، فحرك هو رأسه من جديد ينظر له فوجده مُطرقًا برأسه للأسفل وهو يدون بياناتها، فسأله بخبثٍ:
“هو أنتَ مش هتطلب بياناتها؟ ولا هي مفتوحة على البحري”
رفع “عمار” رأسه يطالعه بضيق ممتزج بعلامات الحزن وهو يُجيبه:
“أنا حافظ البيانات مش محتاج أني أسأل عليها، علشان هي مش مفتوحة على البحري”
حينما خرجت كلمته الأخيرة بتهكمٍ واضح رفع “وليد” حاجبه وهو يقول بسخريةٍ:
“و هو أنتَ بقى حافظ بيانات كل الطُلاب كدا؟ ماشاء الله دا أنتَ موسوعة بقى”
زفر “عمار” بقوة ثم أمسك البطاقة المخصصة لدخول الطلاب وهو يقول بهدوء لها:
“اتفضلي كارت الدخول أهو يا آنسة، الحصة قربت تبدأ والمشرفين جوة”
قبل أن تمد يدها تأخذ البطاقة وجدت “وليد” يمد يده ويأخذها هو ثم التفت ينظر لها وهو يقول بثباتٍ:
“ادخلي القاعة يا خلود يلا علشان فيه ناس طالعة”
أومأت له بهدوء ثم سألته بنبرة متسرعة:
“طب صح، أنتَ هتشمي ولا هتعمل إيه، يعني هرجع إزاي أنا”
رفع صوته حتى يصل لذلك الواقف خلفه يتابعهما باهتمام قائلًا:
“لأ طبعًا أنا هستنى هنا لحد ما تخلصي علشان أروحك”
قال جملته ثم التفت ينظر لـ “عمار” و هو يقول بمرحٍ خبيث:
“صحيح يا كابتن هي الكراسي دي ينفع أقعد استنى عليها، ولا لازم يكون معايا عضوية في السنتر”
زفر “عمار” بقوة ثم رسم الثبات على ملامح وجهه رغم الحزن البادي في نظرته ونبرته المهتزة وهو يقول:
“براحتك يا أستاذ الكراسي والسنتر تحت أمر حضرتك”
أومأ له باستحسان ثم التفت لها من جديد يقول لها بحب:
“يلا يا خوخة ادخلي وأنا هستنى هنا طالما مسموح”
نظرت له نظرة التقطها هو على الفور وكأنها تقول له لا فائدةٍ منك أبدًا، أما هو أومأ لها بأهدابه بثقة وكأنه يخبرها بأنه من يتولى زمام الأمور، انسحبت هي من أمامهما وكان واحدًا منهما يطالعها بخبثٍ والآخر بحزن ممتزج بمرارة الخذلان، تلك التي تأسره في كل مرة تقع عيناه عليها، أما “وليد” فجلس على المقعد المقابل له حينما رآى الطُلاب يتوافدون خلف بعضهم يقفون أمام “عمار” حتى يقوم بتسجيل بياناتهم ولكن شتان بينه حاليًا وبين حاله عند دخولهما، راقبه “وليد” فوجده يأخذ بيانات جميع الطلاب، فتأكد مما ظن به أن “عمار” يهتم بها هي فقط، لذلك ارتسمت نظرة الاستمتاع على وجهه حينما أنهى “عمار” تسجيل بيانات الطلاب ثم ارتمى على المقعد بانهاكٍ واضح مع كتفين متهدلين وكأن عمره أصبح الضعف خلال ثوانٍ، ثم رفع رأسه ينظر أمامه فوجد “وليد” يجلس بثباتٍ وهو يحدق النظر به، ترك “عمار” مقعده ثم اقترب منه يجلس بجانبه، فطالعه “وليد” باستنكار من فعلته فوجده يقول بنبرةٍ مهتزة وكأنه يصارع نفسه للتحدث:
“هو احنا اتقابلنا قبل كدا؟ أصل حاسس أني شوفتك أو اتعاملت معاك”
حرك “وليد” كتفيه ببساطة وهو يقول بلامبالاة:
“لأ مش فاكر بصراحة، بس هو أنتَ تعرفنا يعني؟ أصل حاسس إن فيه عشم بيننا كدا”
أومأ له “عمار” إيماءةٍ بسيطة ثم قال بهدوء بعدما ابتسم له باقتضاب:
“آه، يعني معرفة من بعيد أصل أخت الآنسة خلود تبقى مرات أخويا”
تصنع “وليد” الاندهاش وهو يقول بذهول:
“إيه دا معقولة أنتَ أخو ياسين؟بس اللي أعرفه إن ياسين معندهوش أخوات أصلًا”
تنهد “عمار” ثم جاوبه بنبرةٍ ظهر الحب بها رغمًا عنه بقوله:
“لو بالدم هو مش أخويا، لكن لو بالقلب والحب هو أبويا، مش هو لوحده هو وياسر وخالد وعامر، أخواتي برضه، أكيد تعرفهم”
أومأ له “وليد” ثم قال بهدوء:
“عارفهم وهما صحابي أصلًا، أصل أنا ابن عم خديجة وخلود…. وفيه مشروع خطوبة بيننا لسه على البر”
نظر له “عمار” بحزن وهو يزدرد لُعابه بقوة فوجده يضيف:
“أنا افتكرتك كدا، أنتَ أخو عامر صح؟ أصل أحمد قالي إنك بتشتغل هنا، مش هوصيك بقى على خلود اعتبرها أختك يعني أي حد يزعلها تعرفني وياريت تاخد رقمي”