تعافيت بك ف14 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل الرابع عشر (خطيب الآنسة)
وجدتُ فيكَ ضالتي، أتيتُ لـ تأنس وحشتي.
________________
كل ما هو حولك يدعوك للبكاء، فـ حتى ذلك لم تقوى عليه، أنتَ مجرد شخص تُركَ في مهب الريح لا يملك حتى رفاهية الإنهيار، تجلس بمفردك تبكي من الخذلان والجروح، لا عائلتك استطاعت احتوائك ولا أصدقائك استطاعوا تأنيس وحدتك…. أما الآن أنتَ تجلس بمفردك تشبه الشريد في وحدتك.
نظر لها “ياسين” مندهشًا من طلبها فوجدها تقول بمرحٍ أكثر:
“خلاص بلاش جهينة ميكس، خليها بيبسي علشان نهضم”
ابتسم هو باتساع ثم قال:
“بس كدا؟ أنتَ تؤمر يا جميل”
ابتعد عنها بعد جملته تلك ثم ذهب إلى المحل المجاور لمكان وقوفهما ثم جلب لها عدة أشياء بعدها اقترب منها بمرحٍ ثم مد يده بالحقيبة الممتلئة وهو يقول:
“عيشي بقى مع نفسك، كل اللي نفسك فيه هتلاقيه هنا”
ابتسمت باتساع وهي تأخذ منه الحقيبة ثم فتحتها تنظر بها بعد شهقت بقوة ثم رفعت رأسها تطالعه وهي تقول بحماسٍ:
“كل دا….أنتَ جبت كل دا علشاني؟”
أومأ لها موافقًا بهدوء وهو مُبتسمًا فوجدها تقول بمرحٍ:
“أنا كدا هتعود على الدلع دا كله، علشان تعمل حسابك بس”
أومأ لها موافقًا ثم أضاف مؤكدًا:
“طالما أنا موجود وربنا كرمني ومديني الصحة يبقى طلباتك تتنفذ كلها وأنا عيوني ليكي”
نظرت له بحب وحينما وجدته ينظر لها هو الآخر حركت رأسها للجهة الأخرى تهرب من نظراته مما جعل بسمته تتسع ثم مد يده لها بالطعام وهو يقول بهدوء:
“يلا ناكل بقى علشان أنا جعان، وبعدين دا أنا ضحيت بأكل أمي علشان أجي آكل معاكي”
أخذت منه الطعام وأخذ هو الأخر ثم تناولا الطعام معًا في مرحٍ منهما وحنانه عليها، وبعد انتهاءهما من الطعام تنهد هو ثم قال بمرحٍ:
“يلا بقى علشان نكمل يومنا ونعرف نتكلم سوا…أنا عاوزك أصلًا علشان عاوز اتكلم معاكي”
أومأت له تتابع حركته وهو يركب السيارة ثم لحقته هي وركبت السيارة خلفه، فشرع هو في قيادة السيارة وهي تراقبه وتراقب انفعالات وجهه حتى تستشعر فيما سيتحدث معها، أما هو كان ينظر لها بخبثٍ وهي تراقبه، فوجدته يقول بمرحٍ:
“أيوا افضلي مبحلقة فيا كدا وفي الأخر تعملي نفسك ملاك بريء، هتاكليني بعيونك”
ضحكت هي بقوة ثم قالت بنبرةٍ امتزجت بضحكاتها:
“يا أخي سبني بقى أبص عليك، ما هو مفيش أحلى من كدا العيون ترتاح بشوفتها يا ياسين”
حرك رأسه ينظر لها هو بتعجب غير مصدق ما تفوهت به:
“دا احنا جامدين أوي وكلامنا حلو أهوه، أومال إيه بقى، بنتهطل ليه وتطلب معانا نكد ليه يا وليه يا مفترية”
حركت كتفيها ببساطة وهي تقول بلامبالاة تزامنًا مع تحريك رأسها للخلف:
“عادي كدا كدا أنتَ مطلوب منك تستحمل، متنساش إنك واخدني مضطربة نفسيًا يعني عاوزة معاملة خاصة، مش هتقدر يبقى خلاص يا ابن الحلال نفضها سيرة أحسن”
رد عليها هو بسخرية:
“أيوا صح زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف وحقي هاخده منكم يا عيلة الرشيد، هجيب عامر ونيجي نردحلكم تحت البيت”
ضحكت هي بقوة حتى تحرك جسدها للامام فضحك هو الأخر على ضحكتها ثم قال:
“أكيد تخيلتي المنظر واحنا بنردح تحت البيت”
أومأت له بقوة من بين ضحكاتها فوجدته يحرك رأسه بيأس ثم أخرج زفيرًا قويًا تبعه بقوله لها بنبرةٍ محبة:
“هي الحياة من غيرك أنتِ تسوى إيه…. ياللي نظرة من عينك بالعالم واللي فيه”
طالعته بنظرةٍ محبة فوجدته يغمز لها بطرف عينه وهو يقول بمرحٍ كعادته:
“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”
أومأت له موافقة ثم تنهدت بأريحية وهي تمعن النظر في وجهه وبعد مرور دقائق وجدته يوقف السيارة في مكانٍ شهد على الكثير بينهما منذ اللقاء الأول، حركت رأسها تنظر له بتعجبٍ فوجدته يقول بهدوء:
“دا أول مكان اتكلمنا فيه سوا بعد ما ربنا كرمني بيكي وبقيتي على اسمي، هنا أول مرة اعترفت بحبي وهنا أول مرة عيطتي قصادي وهنا أول مرة اتكلمنا في موضوع خوفك، وهنا كانت أول مرة تطمنيني إنك عاوزاني معاكي، وهنا برضه هنتكلم عن اللي مزعلك، يلا ورايا”
تمكنت منها الدهشة حينما ذكرها هو بتفاصيلهما سويًا وحينما أتى بها إلى ذلك المكان، نزلت هي خلفه وكأول مرة لهما معًا وجدته يمسك يدها حتى ينزل بها الدرجات الصغيرة المؤدية أمام نهر النيل، كانت تسير معه وهي تتذكر أيامهما الأولى والبسمة العذبة تزين وجهها، فوجدته يقترب منها عند نفس المقاعد الرخامية وهي معه تجلس بجانبه.
____________________
جلست “هدير” تشاهد التلفاز بمللٍ غير قادرة على الخروج من ذلك الجو الكئيب، فبعد بكاءهما معًا تناولا فطورهما سويًا تحممت ثم قامت بتأدية فروضها وسار اليوم على ذلك المنوال بعدها جلست على الأريكة وهو في الداخل انسحب من أمامها حتى يترك لها المجال تتحرك في الشقة كما تريد، وفجأة وجدته يقترب منها وهو يقول بمرحٍ:
“مساء الخير يا فندم، حضرتك تؤمري بأي حاجة؟”
ابتسمت على طريقته ثم حركت رأسها نفيًا، جلس هو ينظر أمامه على الشاشة وما تشاهده فقال بسخرية:
“بتتفرجي على الظالم والمظلوم؟! هي ناقصة اكتئاب يعني يا هدير؟ دا الدموع من امبارح فتحت في وشنا زي الخزان المخروم”
ضحكت باتساع على سخريته ثم حركت كتفيها بقلة حيلة، فوجدته ينسحب من جانبها ثم اقترب من الشاشة وقام بوضع فلاشة بها وهو يقول بمرحٍ:
“وليد قبل كدا اداني الفلاشة دي وقالي عليها أفلام عبلة بتحبها، ما تيجي نشوف كدا بتقول إيه”