تعافيت بك ف26 – رواية تعافيت بك PDF
الفصل السادس والعشرون (أول مرة)
“رواية تَعَافَيِّتُ بِكَ”
كنتُ رافضًا للحبُ..حتى التقت عيناي بعيناكِ”
______________
ألتقيت بِكِ فأصبحتُ كـنجمًا شاردًا في السماء، وذكر أسمكِ غالبٌ في الدعاء، بعد ظهورك عرف القلب معنى الهناء، حتى أنه نسى العناء.
“علشانك أنتِ”
خرجت منه تلك الجملة صريحة، دون تفكير بها حتى، وهو مُحق تمامًا، فكل ما يفعله في حياته منذ إلتقاء أعينهما سويًا أصبح لأجلها فقط، أما هي أطربت أذانها بما سمعت فنظرت له والبسمة ترتسم على شفتيها رويدًا رويدًا، بينما هو لاحظ صمتها ونظرتها له، فتحولت نظرته إلى المرح وهو يقول:
“يالا يا ست الكل، طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”
قال جملته ثم تبعها بغمزة من طرف عينه، بينما هي شعرت بالخجل أكثر فأخفضت رأسها للأسفل، خرج من السيارة وتبعته هي، وقبل دخولهما العيادة وقفت هي تأخذ نفسًا عميقًا، علم هو بحالتها، فوقف وأصبغ نبرته بالحنان قائلًا:
“أنا عارف إنك خايفة، وعارف كمان إنك زي اللي فـ حرب من غير سلاح، بس أنا واثق فيكِ، وعارف إنك تقدري على كل حاجة”
نظرت له وهي على وشك البكاء، ثم قالت بنبرة هادئة:
“أنا بس خايفة أكون عملت حاجة غلط، أو اللي هي طلبته مني غلط، أنا أصلًا بخاف أجرب أي حاجة جديدة”
أومأ بهدوء ثم قال:
“خوفك دا طبيعي، لكن اللي مش طبيعي إنك تخلي الخوف هو اللي بيحركك، مينفعش هو اللي يتحكم فيكِ يا خديجة، لازم العكس.”
شعرت بحماس غريب يجتاحها بقوة، وكأن حديثه كالرياح المُحركة لِـشراع السفينة، فأومأت له ثم زفرت عدة مرات بعمق، بينما إبتسم هو لها ثم أخذها ليدخلا العيادة سويًا.
_________
في منزل “ميمي” كانت الفتيات يجلسن سويًا، والشباب على مقربة منهن، كانت “إيمان” تبتسم بخفة على “ياسر” ومشاكسته لها من بعيد، كان “خالد” ينظر لهما ويتابعهما، وحينما رآى “ياسر” يرسل لها قبلة في الهواء صدح صوته عاليًا وهو يقول:
“قسمًا برب الكعبة، لو ملمتوش نفسكم لألمكم أنتم الأتنين”
ضحك الجميع عليهما، بينما “إيمان” شعرت بالخجل فأخفضت رأسها، في حين أن “ياسر” تحدث بضجرٍ:
“في إيه يا عم دي مراتي، وبعدين أنتَ مركز معانا ليه، ما تخليك في حالك”
كان “عامر” ينظر لـ “سارة” بكل تركيزه غير مبالٍ لما يدور حوله، وحينما أمعن النظر أليها، علم أنها لم تكن على ما يرام، لذلك وقف وهو يقول بهدوء:
“معلش يا جماعة عن إذنكم عاوز سارة في كلمة على إنفراد”
نظرت له “سارة” نظرة مُتسائلة، فأومأ لها وكأنه يؤكد حديثه، قامت وسبقته على الشرفة، دخل خلفها ثم زفر بقوة وقال:
“مالك يا سارة ومتقوليش كويسة، علشان أنا عارف إنك هتقولي كدا”
زفرت بضيق ثم قالت:
“لأ أنا مش كويسة يا عامر، وحاسة إنِ عاوزة أعيط، ومش عارفة”
تعجب من حديثها ولهجتها فسألها مستفسرًا:
“وليه كل دا، أنا زعلتك طيب، أنا ضايقتك، طب قولت حاجة متتقالشِ؟”
هزت رأسها نفيًا، فتنهد هو بأريحية ثم قال ساخرًا:
“ولما هو لأ، سايباني عامل نفسي بهاء سلطان ليه؟”
إبتسمت بهدوء ثم قالت:
“شوفت بتاخد كل حاجة هزار إزاي؟”
أشار لها على المقعد ثم قال:
“أقعدي بس كدا علشان نعرف نتفاهم، اقعدي بس البلكونات دي ليها سر باتع، حتى أسألي خالد”
إبتسمت بتعجب ثم قالت:
“إشمعنا يعني خالد؟”
ضحك بقوة ثم قال:
“لولا البلكونات دي مكانش زمان ياسر وإيمان كتبوا الكتاب”
ثم بعد ذلك قص عليها ماكان يفعله “ياسين” مع “خالد” حتى يقنعه بأمر الزواج، ضحكت هي بقوة ثم قالت:
“على كدا لو مكانش في بلكونة مكانش زمانهم بقوا سوا”
هز رأسه نفيًا ثم قال:
“لأ كانوا هيتصرفوا، خصوصًا إن ياسر كان على إستعداد يعمل أي حاجة علشانها”
وافقته في الحديث بإيماءة بسيطة خرجت منها، بينما هو عمق نظره لها وقال:
“قوليلي بقى مالك؟ ومين اللي زعلك”
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت:
“عامر هو أنا فاشلة؟”
تعجب من سؤالها فَـرد عليها:
“ليه بتقولي كدا؟”
أجابته بسرعة:
“رُد عليا بس، أنا فعلًا فاشلة، أو أنا مستحقش الوصية اللي بابا وصاني بيها؟”
أقترب منها ثم أمسك كفها وقال بنبرة حنونة:
“لأ يا سارة أنتِ أبعد ما يكون عن الفشل، الفشل دا أنتِ متعرفيش طريقه، كفاية إنك كملتي حياتك بعد والدك ووقفتي المكان تاني وبقى ليه إسمه، وكفاية إنك جهزتي أختك وجوزتيها، وكفاية إنك لسه بتحاربي، وكفاية الضحكة اللي بتترسم على وشي لما أشوفك، كل دا وبتقولي على نفسك فاشلة؟”
إغرورقت أعينها بالدموع ثم قالت:
“أومال هي قالتلي كدا ليه؟”
سألها مُستفسرًا:
“هي مين وقالتلك إيه؟”
مسحت دموعها ثم قالت:
“منى اللي كانت زميلتي في الجامعة قالتلي إنِ فشلت نفسي ومنفعتش في حاجة”
شعر بالضيق مما تشعر هي به ومن دموعها التي يكرهها، فهو من طبعه يكره البكاء ويخشى على من هم حوله الحزن، لذلك قال بنبرة خرجت حازمة:
“وهو أنتِ أي حد يقولك حاجة تصدقيها يا جرثومة أنت؟”
استعادت جزء من شجاعتها وقالت بصوتٍ قوي:
“وأنا أعمل إيه طيب مش هي اللي قالتلي كدا، أنا مالي؟”