آبائياتأبحاث

كيف نفتح له الباب؟ ف8 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس

كيف نفتح له الباب؟ ف8 - الفردوس بين يديك - الأب أنتوني م. كونيارس

كيف نفتح له الباب؟ ف8 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس

كيف نفتح له الباب؟ ف8 - الفردوس بين يديك - الأب أنتوني م. كونيارس
كيف نفتح له الباب؟ ف8 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس

 

 

 

الفردوس بين يديك

هأنذا واقف على الباب وأقرع

الفصـل الثامن – كيف نفتح له الباب؟

 

 

 

إنَّ فتْحَ الباب ليسوع هو أسلوب تصويري,

لوصف فعل إيمان به كمُخلِّص،

وفعل خضوع له كربٍّ وإلهٍ لنا.

 

 

كيف نفتح الباب؟

  • أهم سؤال في الحياة هو: على أي جانب من جانبَي باب حياتك يوجد يسوع؟ هل هو بالداخل أم بالخارج؟ نحن لا نحيا حقًّا حتى نفتح له الباب. فتح الباب ليسوع هو الحياة, وغلق الباب في وجهه هو الموت. وهذا ما يكتبه الرسول يوحنا: «الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله.» (يو3: 16)
  • بالنسبة لغالبية المسيحيِّين الأرثوذكس, يُفتح الباب ليسوع أثناء الطفولة بالمعمودية, ومن خلال المعمودية يتقبَّل كل مسيحي أرثوذكسي المسيح والروح القدس في السِّر كعطية من نعمة الله. ومن هنا فإن الباب يُفتح أولاً ليسوع وللروح القدس من خلال الوالدين والإشبين الذين يعترفون بالإيمان بالمسيح، ويًقرِّبون الطفل لله قائلين: “ربَّنا الحبيب، هذا الطفل هو لك. ها نحن نُقرِّبه إليك. بإيماننا نفتح لك الباب حتى تأتي وتحلَّ فيه.” وبينما ينمو الطفل المعمد في طريق البلوغ، مشاركًا في حياة الكنيسة، فإنه يكون مدعوًّا لاستجابة دعوة الله في المعمودية بالنمو في الإيمان وبمعرفة يسوع المسيح والروح القدس معرفة واعية في حياته, وبتقديم استجابة شخصيَّة لله قائلاً بكلِّ حماس:

“يا رب، عندما كنتُ طفلاً صغيرًا، فتح والداي وإشبيني الباب لك كي تأتي أنت وتملُك على حياتي, وحيث إنَّني نَمَوتُ الآن حتى البلوغ، مُدرِكًا من أنت، وكم تحبُني، وماذا فعلتَ لأجلي، أختار الآن أن أستجيب لك من تلقاء نفسي. هأنذا أفتح لك باب قلبي حتى تأتي وتجعل بيتك فيَّ. أريد أن أكون لك إلى الأبد.”

الإيمان:

  • هذا القرار الشخصي بعد المعمودية بفتح الباب ليسوع يتضمَّن الإيمان، أي اعترافك بيسوع كربِّك ومخلِّصِك. إنَّ فتح الباب ليسوع هو أسلوب تصويري لوصف فعل إيمان به أنَّه مُخلِّصك، وفعل خضوع له أنَّه رَبُّك.
  • الإيمان فعل مُحدَّد. الباب لا يُفتح بالصُّدفة, كما ولا يُفتح جزئيًّا, ولكنَّه مغلق ويحتاج أن يُفتَح, وأنت وحدك الذي يمكنك أن تفتحه. إنَّ أباءنا وأشابيننا ومعلِّمينا وكهنتنا وأصدقاءنا يمكنهم أن يُحدِّدوا الطريق، ويمكنهم حتى أن يقودوا إلى الباب، لكن أيادينا ـ أيادينا نحن فقط ـ هي التي يمكنها أن تفتح الباب. ليس هناك مكان في هذا الكون الواسع يمكننا فيه أن نقبل الله إلا داخل أنفسنا, فهناك يقرع وينتظر منَّا أن نفتح له الباب بالإيمان.

التوبة:

  • بفتح الباب للربِّ يسوع، تأتي التوبة بعد الإيمان, فحيث إنَّ الخطية تغلق الباب المؤدِّي إلى الله، لذلك فلابد أن تُمحَى الخطيَّة من حياتنا, ومن هنا كانت الحاجة إلى التوبة اليوميَّة، أي الرجوع اليومي من الخطية ومن الذات إلى الله، داعينه أن يأتي إلى حياتنا كي يكون ليس فقط معلِّمًا، بل وأن يجلس أيضًا على عرش قلوبنا كربٍّ وإله.

الطاعة:

  • الإيمان المتبوع بالتوبة يؤدِّي إلى الطاعة. الإيمان هو فعل الإرادة الذي يفتح الباب ليسوع, والتوبة هي الحزن الروحي فينا الذي يطلب من يسوع أن يطرح خارجًا كل قذارة الخطايا والذنوب التي تراكمت في حياتنا. نحن ندعو يسوع للدخول كي يحكُم ويسود وكي يكون ملكًا, وهذه هي الطاعة.

الصلاة:

  • بعد فتح الباب المبدئي ليسوع من خلال الإيمان، والتوبة، والطاعة، فهناك طريقٌ آخر نستمر به في فتح الباب له يوميًّا, ألا وهو طريق الصلاة. الصلاة هي استجابتنا لقرع الباب, الصلاة هي ما نفعله بعد ما نسمع قرعه على الباب, ولذلك فإن الصلاة لا تبدأ بنا نحن, لكنَّها تبدأ بالله. فالله يقرع، ونحن نستجيب, وكلَّما نصلِّي فإننا نفتح الباب للحوار مع الله، والسماح له أن يأتي ويصنع فينا منـزله.

التأمُّل:

  • وطريقٌ آخر نفتح به الباب لله هو التأمُّل. التأمُّل هو الاستمتاع بالرب في صمت. التأمُّل هو علاقة حب هادئة, فالذهن يستريح، والقلب يمتلئ بالفرح. ليس علينا أن نتكلَّم دائمًا حينما نصلي لله, فنحن نستطيع التمتُّع بحضوره في رهبة صامتة. التأمُّل يبدأ حينما تتوقَّف الكلمات, ففي التأمُّل لا توجد كلمات, حيث تكون قلوبنا مكشوفة أمام الله, وحيث نقبل حبه ونتمتَّع بحضوره. إنَّ التأمُّل ، أي التمتُّع بالرب في صمت، قريبٌ إلى السموات بقدر ما يمكننا أن نمارسه ههنا على الأرض.
  • يوضح لنا الكاردينال ميرسييه (1851ـ1926) من بلجيكا كيف يعمل التأمُّل فيقول:

     سأكشف لك سر القداسة وسر السعادة. لو تمكَّنتَ كل يوم لمدة خمس دقائق من تهدئة خيالك، وإغلاق عينيك عن المحسوسات، والدخول لأعماق نفسك التي هي هيكل الروح القدس، وهنا عليكَ بالتحدُّث مع الروح السماوي:

”أيها الروح القدس، يا نَفَس حياتي…

أرشدني،قوني، عزِّني،

أخبرني ماذا أفعل..

أعدك أنَّني سأخضع لكل ما تريد منِّي أن أخضع له،

وأن أقبل كل شيء تسمح أن يحدث لي.

دعني فقط أعرف إرادتك… “

     لو فعلتَ ذلك، لامتلأت حياتك بالسعادة، وأضحَت هادئة متعزِّية حتى في وسط الألم.

طرق أخرى يأتي بها يسوع إلينا:

  • الإيمان، والتوبة، والطاعة، والصلاة، والتأمُّل ليست هي الطرق الوحيدة التي نفتح بها الباب للربِّ يسوع, فنحن لم نذكر سر الإفخارستيا: «من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت (يحيا) فيَّ وأنا فيه.» كما لم نذكر كلمة الله في الأسفار المقدسة, والتي يتحدَّث من خلالها إلينا ويأتي كي يحل في قلوبنا بغنى. في محبته العظيمة لنا أهدانا الله أكثر من طريقة كي نفتح له الباب الذي يقرعه، ساعيًا إلى دخول قلوبنا.
  • الرب يسوع يأتي أيضًا من خلال الليتورجية. وكما نعلم فإنه لا توجد ليتورجيَّة واحدة بل ثلاث ليتورجيات: الأولى هي الليتورجية الداخلية التي تحدث في هيكل القلب، وتتكون من الصلاة، والتأمل. الثانية هي الليتورجية المشتَرَكة التي يُحتفل بها في الكنيسة كل يوم أحد. والثالثة هي ليتورجية ما بعد الليتورجية التي تدور أحداثها في العالم بينما نواصل الليتورجية التي بدأت في الكنيسة عندما نؤدِّي أعمال المحبة والخدمة باسم المسيح. كل ليتورجية من هذه الليتورجيات هي أسلوب لفتح قلوبنا لدخول يسوع.

الباب الذي لن يتزحزح أبدًا:

  • ربما يقول قائل: “إنك لم تشرح حالتي الشخصيَّة بعد. فقد كتبتَ عن ذاك الإنسان الذي يرفض بعناد أن يفتح الباب, وكتبتَ أيضًا عن ذاك الإنسان الذي يفتح الباب ليسوع. لكنَّني مختلفٌ تمامًا عن هذين الشخصين. فأنا أريد أن أفتح الباب، لكن الباب يرفض أن يتزحزح من مكانه. القفل أصبح صدِئًا بمرور الأيام ولا يمكنني أن أُدير المفتاح. الأقفال موصَدَة، ولا يمكنني أن أفتحها. وحتى لو قرع المسيح وسمعتُ صدى الصوت، فهذا الباب لن يتزحزح أبدًا. هل هذه هي المشكلة؟ صدأ أيام بلا صلاة, فتور الإيمان، فتور الحرارة الروحيَّة، فقدان القوة الروحيَّة, تريد أن يُفتح الباب، لكن الباب لا يتزحزح أبدًا، هل الأمر هكذا؟ أنصت إذن. لقد رأينا حقًّا أن يسوع لا يقتحم باباً طالما أن المالك لا يريده بالداخل, لكن الأمر مختلف تمامًا. هناك من يريد حقًّا أن يفتح الباب لكنه يجد نفسه مصدودًا. ألم يأتِ الرب يسوع إلى تلاميذه ذات يوم، بينما كانت الأبواب مغلَّقة، ووقف في وسطهم قائلا: «سلامٌ لكم»؟ ألا تستشف من ذلك ما يمكن أن يقوم به يسوع الآن؟ لو كانت هذه هي حالتك، فهيَّا إليه بالصلاة وقُلْ له:

يا رب، ها أنا ههنا, أريدُ حقًّا أن أدعوك إلى الدخول, لكن إيماني ضعيفٌ جدًا. نسيتُ كيف أُصلِّي.أنا مخلوق جسدانى غير روحاني عادي. حاولتُ أن أفتح الباب لكنَّني يا رب، أواجه صدأ السنين المتراكم من الخطية واللامبالاة على أقفالي. إنها لن تتزحزح أبدًا. لابد أن تقوم بذلك نيابة عنِّي. اكسر الأقفال! حطِّم ذاك القفل الصدئ. اِسحق قلبي أيها الله الثالوث! نعم! أيُّها الرب يسوع!

شرط فتح الباب:

«لأنك تقول: “إني أنا غني وقد استغنيتُ ولا حاجة لي إلى شيء، ولست تعلم أنَّك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان… هأنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشَّى معه وهو معي.»                                          (رؤ 3 : 17، 20)

  • هناك شرطٌ سابق لفتح الباب. لابد أن تعرف أنَّك لست ممتلئًا بل أنتَ فارغٌ: شقي، وبائس، وفقير، وأعمى، وعريان.

كيف نفتح له الباب؟ ف8 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس