آبائياتأبحاث

المقالة2 ج4 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج4 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج4 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج4 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم
المقالة2 ج4 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة الثانية

بلاديوس: أرجو مزيدًا من التوضيح لأنى لم أفهم بعد.

كيرلس: إن البرص هو مرض الجسد، والأطباء يعجزن عن علاجه، وهو مرض لا يُهزم وذلك من خبرتهم. والأبرص هو ذميم ونجس وذلك وفقًا للوصية القديمة لموسى، ومقزز جدًا لهؤلاء الذين يُقدرون العادات اليونانية، ومن يبتلى بالبرص هو ما بين حى وميت. والميت هو مقزز ونجس. وإمكانية أن يُشفى الأبرص، هو أمر فوق الطبيعة وفوق إمكانيات مقاييسنا الطبيعية، ويتوقف فقط على فعل الطبيعة الإلهية الفائقة الوصف. لذلك اندهشوا من المسيح عندما قال للأبرص بسلطان “أُريد فاطهر[1]. لأن صوت خالق الجميع، الذي يقيم حتى الأموات من القبور، والأقوى من الفساد والموت، هو الذي صنع المعجزة مع ذاك الأبرص. الله يأمره أن يُدخل يده في عبه وبعد ذلك يخرجها، فصارت كلها برصاء وأيضًا أن يدخلها ويخرجها مرة ثانية، فصارت خالية مما حدث لها، حتى يفهم الإسرائيليون من هذا، إنه بقوة فائقة الوصف والتعبير سيصير موسى رئيس المظلومين المستعبدين تحت نير المصريين. هذا القول بالطبع ليس عميقًا لكنه نافع للرواية ويجب كما أعتقد أن نفحص بانتباه شديد، معنى هذه الرواية، أي نبحث تلك المعجزة هكذا: ماذا يعنى إدخال اليد في العب وما هو هذا البرص المخيف الذي أصابها، وأيضًا طريقة تطهيرها، لأنه عندما أُدخلت اليد في العب شُفيت من المرض.

بلاديوس: تتكلم بالصواب. لأنه لن ينفعنا ولو بقليل فحص كل أمر على حدة.

كيرلس: فى رأيى أن هذا الأمر العجيب يعلن شيئًا ما وسط الظلال. فبقدر ما كان الإنسان الذي خُلق على صورة الله وشبهه مستقرًا في داخل حضن الله ولم يخالف بعد الوصية التي قد أعطيت له، وكان محاطًا بعناية الله ورعايته، كان يعيش فى طهارة وقداسة دون أن يعرف الموت. لكن عندما تعدى طاعة الله خرج من حماية الله ومحبته، بسبب انحرافاته إلى الأمور الدنيئة. عندئذِِ ظهر بوضوح أنه ذميم ومقزز ومريض بالموت ونجاسته. ثم بعد ذلك، عندما قبلنا الله الآب بواسطة المسيح وأحاطنا بالنعمة الإلهية وأخذنا مرة أخرى إلى حضنه متبنيًا ومنقذًا إيانا من نجاسات الموت القديم ولعنته، رجعنا إلى حالتنا الأولى، لأنه مكتوب عن يد موسى “وإذا هي قد عادت مثل جسده [2].

بلاديوس: ما قلته رائع جدًا.

كيرلس: إن الفعل المعجزى الثالث المرتبط بهذا، يعلن بكل وضوح وبكل سهولة، سر المسيح. لأن الله قال أيضًا لموسى: “فيكون إذا لم يصدقوك ولم يسمعوا لصوت الآية الأولى إنهم يصدقون صوت الآية الأخيرة[3]. ويوضح ماذا يعنى هذا قائلاً: “ويكون إذا لم يصدقوا هاتين الآيتين ولم يسمعوا لقولك إنك تأخذ من ماء النهر وتسكب على اليابسة فيصير الماء الذي تأخذه من النهر دمًا على اليابسة[4]. فالعلامة الأخيرة للعالم كانت هي موت المسيح والتطهير بالماء والدم، باشتراك، الجسد المقدس الذي أشير إليه باليابسة، كما هو واضح. وإذ كان قد سال الدم لأجلنا من جنبه المقدس الذي طـُعن، فهذا لن أذكره لأنه معروف جيدًا للجميع. ولكن كون أن موت المخلص سُمىّ معجزة، يمكن لأحد أن يتعلمه بوضوح من الكتب المقدسة لأن الفريسيين المتهورين، رأوا معجزات كثيرة صنعها المسيح، إلاّ أنهم أتوا إليه، وكأنه لم تحدث آية واحدة وطلبوا منه قائلين: “يا معلم نريد أن نرى منك آية[5]. فقال لهم “جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلاّ آية يونان النبي، لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالِِ هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍِ[6]. إن أول مساعدة قد أُعطيت لنا بواسطة الناموس الموسوى، لأنه؛ بحسب قول النبي “أعطانا الناموس معينًا لنا[7]. إذ أمسك موسى بالذيل. والتطهير الثانى أيضًا في اسم المسيح صار بواسطة الأنبياء القديسين بإرسالية وكرازة يوحنا المعمدان، لأن الأنبياء قالوا “اغتسلوا وتنقوا[8]، بينما يوحنا دعا الناس إلى معمودية التوبة. والعلامة الثالثة، التي يُقال عنها إنها الأخيرة؛ هي موت المسيح، والإيمان الذي يتبعه، لأنه يقول “فيكون إذا لم يصدقوك ولم يسمعوا لصوت الآية الأولى انهم يصدقون صوت الآية الأخيرة[9]. ترى إذًا أنه يقول حسنًا جدًا أن الإيمان سوف لا يكون بعد العلامة الأولى أي ليس بعد معونة الناموس، ولا أيضًا بعد حالة التطهير غير الكاملة، أي بعد المساعدة بواسطة الأنبياء ويوحنا، بل سيكون (الإيمان) فقط بعد شهادة العلامة الأخيرة، لأن سر المسيح ليس بدون شهادة، إذ يدعو الجميع، كل من هم مشتتين على الأرض بالعظة السامية والمعلنة بقوة عن التطهير بالماء والدم، وبالطبع عن هبة الحياة التي تصير بالتناول من الجسد المقدس. إذن لقد خدم الناموس الأمور المتعلقة بالمسيح بالإنباء عنها، لكن هو نفسه (الناموس) لم يكن في وضع يمكنه أن يخلص الحافظين له. وكما أعتقد يمكن بالتأكيد أن يظهر أحد أن هذا هو ما يعترف به موسى بوضوح في كتاباته. فعلى الرغم من أن الله قال له “سأكون معك”وحاول أن يقنعه مسبقًا بعمل المعجزات، إلاّ أن موسى توسل إليه وقال “استمع أيها السيد لست أنا صاحب كلام منذ أمس، ولا أول من أمس ولا من حين كلمت عبدك. بل أنا ثقيل الفم واللسان، فقال له الرب من صنع للإنسان فمًا أو من يصنع أخرس أو أصم أو بصيرًا أو أعمى. أما هو أنا الرب. فالآن اذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به. فقال استمع أيها السيد أرسل بيد من ترسل[10]. أي أن الناموس ليس بقادر على أن يبرر ولا يستطيع أن يخلص كل الأرض ويحرر الإنسان من سلطة الشيطان الطاغية. وموسى لم يجهل بالطبع أنه كان ثقيل اللسان وكان له صوت ضعيف، عندما بدأ الله يكلمه ويأمره بالتحدث عنه، إذ قال له “هكذا تقول لبنى إسرائيل يهوه إله آبائكم إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلنى إليكم. هذا اسمى إلى الأبد[11]. أي أن الناموس كان ثقيل اللسان في أن يصحح جيدًا الكلام عن الله الكائن، ولا يمكنه أن يدخل في سر الطبيعة المكرمة والفائقة الوصف للثالوث القدوس المسجود له. وله (أي للناموس) صوت ضعيف فيما يتعلق بهذا، فإن موسى كان يتحدث إلى الإسرائيليين فقط وكان صوته يُسمع في اليهودية فقط، بينما لم تستطع كرازته أن تصل للشعوب الأخرى. لهذا أدرك موسى الكليم مسبقًا ذاك الذي يمكن أن يبلغ لسامعيه أقوال الله بدقة وبلاغة وأن يُبشر به بسهولة في كل الأرض، أي المسيح، لذا يقول: ”استمع أيها السيد أرسل بيد من ترسل[12]. وهذا المرسل بالحقيقة هو المسيح. وأنه عندما يأتى الوقت بإرادة الله الآب سيُعين (أي المسيح) لهذا العمل، إذ بالتأكيد قد سبق الناموس وأخبر عنه. لكن رفض موسى من بعد الوعد الإلهي، وبراهين العلامات الكثيرة، يمكن أن يكون هو مثالاً لإسرائيل الذي لم يبال بالخدمة الإلهية والإنجيلية والطاعة للمسيح رافضًا إياها، وهو بعد عشرات الآلاف من الكلمات عن الإيمان، ومن بعد براهين عديدة من المعجزات تمسك بعصيانه، وظل غير مؤمن. ورفض موسى هو بالتأكيد ثنائى، أي على فترتين: الفترة التي كان فيها إسرائيل مشتتًا ومتوحشًا في عصر موسى، ويشوع بن نون والقضاة، ثم (الفترة الثانية) بعد هذه مباشرةً، عصر الأنبياء ويوحنا (المعمدان)، الذي جاء بين الأنبياء والرسل، لأنه كان يمثل النهاية للعمل النبوى وبداية الازدهار للعمل الرسولى. لكن رفض موسى قد أثار غضب الله، لهذا حول الأمر بعد ذلك إلى نوع آخر من التدبير، الذي به كان يجب أن يخلص أولئك الذين قد تألموا من سلطة المصريين الطاغية  “فحمى غضب الرب على موسى وقال أليس هرون اللاوى أخاك أنا أعلم أنه هو يتكلم. وأيضًا ها هو خارج لاستقبالك فحينما يراك يفرح قلبه فتكلمه وتضع الكلمات في فمه. وأنا أكون مع فمك وفمه وأعلمكما ماذا تصنعان وهو يكلم الشعب عنك وهو يكون لك فمًا وأنت تكون له إلهًا[13]. فبسبب ضعف الناموس واصطدامه بالإسرائيليين، وعدم طاعتهم له، أتى المسيح اللاوى الحقيقى، رئيس الكهنة الأعظم، المُعين لأولئك الذين وُجدوا تحت الناموس، وكونه كأخ بسبب أخذه طبيعتنا البشرية، هو الذي تكلم مع موسى بالتأكيد كإله، وبكونه قد استلم الوصايا من الآب وذلك بحسب خاصيته النبوية، إلاّ أنه بالطبع هو الرب، لأنه يقول: “أقيم لهم نبيًا من وسط اخوتهم مثلك وأجعل كلامى في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به[14] والمسيح نفسه قال: “لأنى لم أتكلم من نفسى لكن الآب الذي أرسلنى هو أعطانى وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم[15]. وبناء عليه فإن المسيح تكلم إلى الشعب، وإلى موسى، وصار فمًا شارحًا لنا الناموس روحيًا بوضوح، بينما موسى نقل فقط للشعب كل حالته. أي واضح ـ بطريقة ما ـ أن موسى هو الأكثر (من بين الأنبياء) قربًا من الله، لأن عمانوئيل خضع للناموس، ووعد أنه سيحفظ كل ما أمر به بواسطة موسى الحكيم قائلاً: “لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل[16]. إذن فقد بات واضحًا أن المسيح هو خادم الأسرار، الذي حوّل ثقل لسان الناموس إلى طلاقة، وأعاد تشكيل ضعف الحرف إلى شرح قوى التأثير. لأن ناموس المسيح هو ناموس روحي وتعاليمه لها علاقة قُربى بالقديم، لأن هارون كان أخًا لموسى.

بلاديوس: إذن الناموس ضعيف من حيث إمكانياته، لأنه لم يُكَمِل شيئًا.

كيرلس: هذا ما أقوله. لأن السلوك غير الكامل بحسب تعليم الناموس يمكن أن يلاحظه أحد من الأمور التالية إذ مكتوب: “فمضى موسى ورجع إلى يثرون حميه وقال له أنا أذهب وأرجع إلى اخوتى الذين في مصر لأرى هل هم بعد أحياء. فقال يثرون لموسى اذهب بسلام، وقال الرب لموسى في مديان، اذهب ارجع إلى مصر لأنه قد مات جميع القوم الذين كانوا يطلبون نفسك. فأخذ موسى امرأته وبنيه وأركبهم على الحمير ورجع إلى مصر. وأخذ موسى عصا الله في يده[17].

بلاديوس: ماذا يعنى كل هذا؟ لأنى لا أستطيع أن أفهم، ولا أن أرد على كل من ينتقد الحياة بحسب الناموس.

80  مت 3:8

81  خر 7:4

82  خر 8:4

83  خر 9:4

84  مت 38:12

85  مت 39:12ـ40

86  إش20:8

87  إش16:1

88  خر 8:4

89  خر 10:4ـ13

90  خر 15:3

91  خر 13:4

92  خر 14:4ـ16

93  تث18:18

94  يو49:12

95  مت 17:5

96  خر 18:4ـ20

 

المقالة2 ج4 – السجود والعبادة ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم