روح الابن مثلما هو روح الآب – الحوار الثالث ج8 حول الثالوث – القديس كيرلس الاسكندري
الحوار الثالث
” إن الابن هو إله حقيقى كما أن الآب إله حقيقى “
الروح القدس هو روح الابن مثلما هو روح الآب[1]:
كيرلس: إذًا ما يقوله هؤلاء هو أساطير لا نفع منها، إذ أن شرورهم لا حد لها بينما نحن لا نستطيع أبدًا أن نؤمن بأن الابن هو إله غير حقيقى، وأنه يتقدّس بمعنى أنه يُدعى من الآب كى يصير ابنًا وأنه يتمجّد معنا كابن، على العكس فإن ما هو عليه إنما هو من طبيعته. لأنه لا يمكن أن يصير الابن ابنًا بواسطة الروح القدس. فالروح القدس هو بالتأكيد روح الآب مثلما هو روح الابن[2] وهذا يمكن أن يعلمه المرء وبدون تعب عندما يسمع الابن نفسه وهو يقول ” فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة فكم بالحرى أبوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه“[3]. وأيضًا ” لأنه لستم أنتم المتكلّمين بل روح أبيكم الذي يتكلّم فيكم“[4]. وبنفس الطريقة فإن القديس بولس يكتب لمن يؤمنون قائلاً: ” وأما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح إن كان روح الله ساكنًا فيكم ولكن إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له. وإن كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة بسبب البر“[5]. إذًا فبالتأكيد الروح هو الذي يعطينا نحن الأرضيين بهاء مجد البنوّة، وأقصد أنه طالما أن الروح هو روح الابن، فإنه يعطى بفعله التبنى للجميع، بينما يكون بلا فعل في ذلك الذي هو ليس غريبًا عنه (أى الابن)[6] الذي هو في الواقع روحه الذاتى، وهو (الروح) ينسكب بواسطة الابن ومسرّة الآب على المستحقين أى الذين يقبلونه. أم أنك تظن أننا لم نوضح هذه الأمور بطريقة صحيحة؟
إرميـــا: إنى أتفق معك تمامًا فيما تقول.
كيرلس: وأيضًا عندما يحدّثنا القديس يوحنا عن الله بقوله ” بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا أنه قد أعطانا من روحه“[7]. فكيف يصعب علينا أن ندرك أن الابن هو إله بالحقيقة وأنه قد جاء من جوهر الآب، حيث إن روحه الساكن فينا هو الله وليس شيئًا آخر؟[8] ومع قولى هذا أُضيف أيضًا الآتى: لو لم يكن روح الآب هو الله، الذي به تُعطى حياة وقداسة للبشر، هو روح الابن أيضًا، فمن ذا الذي يصل تفكيره إلى هذا الحد الدنئ حتى يفكر ويقول إن الابن ليس واحدًا في الجوهر مع الله الآب بل هو ضمن المخلوقات، ويقول أيضًا إن الابن لا يعطِى ولا حتى يهب للبشر (أن يكونوا شركاء الطبيعة الإلهية) أو تلك المواهب المتميّزة الخاصة بها، الأمر الذي يجعله لا يكون مختلفًا بالمرة عن المخلوقات، وأيضًا يجعل طبيعة المخلوقات مساوية في المجد مع تلك الطبيعة (الإلهية) التي تضبط كل الأشياء.
إرميـــا: وكيف لا يكون هذا التفكير خاطئًا؟
كيرلس: إذًا فطالما أنه من السهل أن نتأكد من خلال الكتب المقدسة أن الابن الوحيد له خصائص الله الآب[9]، فهيّا بنا نستجمع أفكارًا أخرى بخلاف ما سبق أن قلناه، لكى نحاصر أقوال المعاندين الضعيفة والهزيلة، ونأتى بأقوال تثبت أنه يعمل نفس أعمال الله الآب وأيضًا بتلك التي توضح أنه هو الله وتبيّن أنه لا يحسب ضمن هؤلاء الذين هم بنين حسب النعمة، أو أنه يتحلى بمجد مكتسب، بل أنه إله حق لا ينقصه شئ عن ما هو للآب، وعلى هذا يُدرك على أنه أرفع في كل مَن هو مخلوق.
إرميـــا: هذه يا صديقى، أمور جيدة، تستحق التقدير من الجميع.
كيرلس: هل تعتقد إذًا يا صديقى أن أحدًا من المخلوقات قد ساهم في إتمام أمر تستطيع وحدها الطبيعة الفائقة على الكل، أن تتممه؟
إرميـــا: لا أعتقد ذلك.
كيرلس: بالصواب تتكلّم. والطوباوى بولس يتحدث عن قدرة الله الآب على إقامة الموتى على أنها أمر فائق للطبيعة وغير مألوف بالمرة وكما أعتقد يفوق كل حدود إمكانيات المخلوقات، وذلك عندما قال ” لأن الناموس ينشئ غضبًا إذ حيث ليس ناموس ليس أيضًا تعدٍ. لهذا هو من الإيمان كى يكون على سبيل النعمة ليكون الوعد وطيدًا لجميع النسل ليس لمن هو من الناموس فقط بل أيضًا لمن هو من إيمان إبراهيم الذي هو أب لجميعنا، كما هو مكتوب أنى قد جعلتك أبًا لأمم كثيرة، أمام الله الذي آمن به الذي يحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة “[10]. هيا بنا إذًا ـ إن كنت ترى أن هذا صحيح ـ لنرى أيضًا المجد عينه الذي للابن، وسوف ترى مرة أخرى أن الابن ليس أقل من الآب، بل له نفس القدرات التي للآب. لأن بولس الرسول يقول لنا ” لأنه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سَيُحيا الجميع “[11]. لأنه هو الحياة وليس مختلفًا عن (جوهر) الآب بل لهما نفس الجوهر. وغير ذلك فأنت تسمعه يقول في موضع آخر “لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويُحيي كذلك الابن أيضًا يُحيي مَن يشاء“[12]. ولهذا فلأن أعماله الإلهية قد أظهرت طبيعته ومجده فقد قال ” إن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بى، ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بى فآمنوا بالأعمال لكى تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فىّ وأنا فيه“[13]، أم أن ذلك لا يعنى أنه أراد أن يجعل نفسه معروفًا على أنه هو الله؟ كما لو أن شخصًا ظهر أن لديه القدرة أن يعمل أعمالاً مساوية لأعمال الله، لكان له بالضرورة نفس المجد، ولا يمكن ألاّ يكون هو الله، لأنى أعتقد أن ما نقوله يقود إلى هذه النتيجة.
إرميـــا: هذا يبدو واضحًا، لأنه لا يمكن أن نتصور أنه بينما يفخر بهذه الأعمال عينها، يكون هو نفسه ليس له المجد عينه.
كيرلس: وعندما تعلن لنا الكتب المقدسة بأن ” كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هى من فوق نازلة من عند أبى الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران “[14]، فمن أين ـ حسب اعتقادك ـ تتوزع علينا الهبات الإلهية؟
إرميـــا: واضح أنها من عند الله الآب.
كيرلس: لكن المسيح أعطى للرسل القديسين السلطان كى يخرجوا الشياطين ويشفوا الأمراض وكل ضعف بين الناس[15]. والأمر الأعظم من كل هذا أنه أعطاهم السلطان حتى يقدروا أن يهزموا حتى الموت نفسه عندما حدّثهم بكلام يليق به كإله ” اشفوا مرضى، طهروا بُرصًا. أقيموا موتى، أخرجوا شياطين“[16]. كما أن يوحنا الناطق بالإلهيات يعترف بكل وضوح قائلاً ” ومن ملئه نحن جميعًا أخذنا“[17]. فهل تعتقد أنه توجد عطية صالحة وهبة كاملة[18] غير أن نكون شركاء الروح القدس؟![19]
إرميـــا: لا أعتقد.
كيرلس: انتبه إذًا يا صديقى، كيف أنه يرسل من ملئه، روحه القدوس الذي هو واحد معه في الجوهر بدون أن ينفصل عنه، وعن طريق الروح القدس يصير لنا كل عطية صالحة[20]. فطالما أنه قد قام مُبطلاً الفساد ومحطمًا قيود الموت فإنه جاء بنا مرة أخرى إلى القداسة معطيًا للرسل جمال الطبيعة كما كانت عندما خلق الجنس البشرى، ونفخ في وجوههم قائلاً: ” اقبلوا الروح القدس “[21]. إذًا فطالما أن كل عطية صالحة تأتى من فوق، من الآب وتوزع بواسطة الابن، الذي له السلطة الإلهية وليس كخادم[22]، فبأى طريقة إذًا لا يكون واحدًا في الجوهر مع الآب الذي وَلَده، بمعنى كيف لا يكون إلهًا بالحق[23]، وليس مزينًا من الخارج بكرامات مثل اللوحات المرسومة؟
إرميـــا: لا يمكن أن يكون هكذا بأى طريقة من الطرق على ما أعتقد.
كيرلس: وهل حديثنا عن الإيمان غير كافٍ لكى يثبت بشكل قاطع أن الابن هو الله بالطبيعة؟
إرميـــا: ماذا تقصد؟
كيرلس: لأننا نؤمن بالمسيح، فإننا بهذا نقترب من الله الذي هو بطبيعته إله حقيقى[24] ونبتعد عن ضلال تعدد الآلهة تاركين عبادة الكائنات المخلوقة ومتحررين من السجود لصورهم[25]. ولهذا فالرسول بولس يكتب لأولئك الذين دعوا للمعرفة الحقيقية قائلاً ” لذلك اذكروا أنكم أنتم الأمم قبلا في الجسد المدعوين غرلة من المدعو ختانًا مصنوعًا باليد في الجسد أنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح أجنبيين عن رعوية إسرائيل وغرباء عن عهد الموعد لا رجاء لكم وبلا إله في العالم“[26]. وفي موضع آخر يكتب أيضًا ” ولكن حينئذٍ إذ كنتم لا تعرفون الله استعبدتم للذين ليسوا بالطبيعة آلهة وأما الآن إذ عرفتم الله بل بالحرى عُرفتم من الله فكيف ترجعون أيضًا إلى الأركان الضعيفة الفقيرة التي تريدون أن تستعبدوا لها من جديد“[27].
إذًا فطالما أن هؤلاء الذين كانوا بلا مسيح كانوا بلا إله وأنهم قد عرفوا الله عندما آمنوا وقبلوا الابن الذي قال ” الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد“[28]، فكيف يكون من الممكن ألاّ يُعرف أنه الله، وهو الذي يُمجَّد منا ومن الملائكة بعبارات تكريم صادقة، كما أننا نؤمن أن جوهره يعكس كينونته، بمعنى أنه إله حق من إله حق؟ وإلاّ فقل لى كيف تفهم ما قصده الرسول بولس عندما كتب عنه قائلاً ” إن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم واضعًا فينا كلمة المصالحة إذ نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله “[29]. فعندما يأتى شخص ما للمسيح فإنه يتصالح مع الله ومن خلال المسيح يتصالح العالم كله مع الله، وبالتالى كيف لا يكون من المضحك أن يعتقد هؤلاء أن الكلمة الذي أتى من الآب وهو باقٍ فيه، هو بعيد عن جوهر الآب؟
إرميـــا: سيكون بالتأكيد أمر مضحك لو فكروا هكذا.
كيرلس: ومن هو الذي تستطيع أن تقول عنه إن له سلطان على كل الخليقة وأنه يفوق كل الكائنات؟
إرميـــا: الله وحده بالطبع، لأن ليس غيره من بين الكائنات، يستطيع ذلك لأن داود يرنم قائلاً ” لأن الكل عبيدك “[30]. وأيضًا يقول ” هلم نسجد ونركع ونجثو أمام الرب خالقنا لأنه هو إلهنا ونحن شعب مرعاه وغنم يده “[31].
كيرلس: حسنًا قلت يا صديقى العزيز، لأنه واضح أن هذه الآيات تمجد الله. لأنه ليس لأحد من بين الموجودات أن يدّعى أنه يوجد وسط الكائنات بمعنى أن يدّعى أنه يجلس وسط خليقته وأن يتجرأ على إخضاعها تحت سلطانه أو إن أراد أن يفعل ذلك، بدون أن يكون مُكللاً بمجد المُلك، ألن نقول إنه يعرّض نفسه للإدانة والمحاكمة؟
إرميـــا: بالفعل.
كيرلس: وعلى ذلك فكيف يدعو الابن المؤمنين أنهم خِرافه هو وليسوا خِراف الآب؟ وذلك عندما قال ” خرافى تسمع صوتى وأنا أعرفها فتتبعنى، وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدى “[32]. فالقديس يوحنا الناطق بالإلهيات يخبرنا مؤكدًا أن (الابن) قد جاء إلى خاصته وأنه سمّى كل سكان الأرض، بل وكما أعتقد، كل الخليقة، خاصته، وأنه يعمل كل ما يعمله الآب لا كأنه أقل منه لكن كمَن له سلطان وربوبية حقيقية وليست غريبة عنه. لأنه في حديثه مع تلاميذه ومع الذين كانوا يتبعونه قال ” إن الحصاد كثير والفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده“[33]. وفي نفس الوقت الذي يُرجِع فيه للآب تعيين فعلة للحصاد، فهو يكشف عن مَن يكون رب الحصاد وذلك حينما أعطى لتلاميذه امتياز نشر أسرار ملكوته. كما أن البشير لوقا يؤكد أن الحصاد هو له وذلك عندما قال ” الذي رفشه في يده وسينقى بيدره ويجمع القمح إلى مخزنه“[34]، بالإضافة إلى ذلك فإن الرسول بولس قدّمه على أنه هو رب وإله للمؤمنين عندما كتب قائلاً ” الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات“[35]. وأيضًا قال ” إن كان أحد ليس له روح المسيح فذلك ليس له“[36]. فحينما يقول أحد القديسين أو عندما نصرخ كلنا لله قائلين ” لك أنا خلّصنى لأننى حفظت وصاياك“[37]. إذًا هل يستطيع الذين هم خاصة الآب أن يكونوا بنفس الكيفيّة خاصة المسيح إن لم يكن جوهر الواحد هو نفسه جوهر الآخر؟
إرميـــا: أتفق معك في هذا لأنه يوجد إله واحد ورب واحد، كما أن الألوهة والربوبية هما للجوهر الواحد للآب والابن.
كيرلس: إن ما تقوله هو حق. لأن الآب فيه كل ملء الربوبية والمجد كإله، كما أن الابن هو أيضًا رب وإله. فبدون الربوبية لن يكون الآب إلهًا ولا يكون الابن ربًا حقيقيًا إن كان منفصلاً عن الألوهة الحقيقية حسب الطبيعة. ولهذا فإن الطوباوى بولس يربط بين الاسمين في وحدة واحدة، وذلك عندما يقول في إحدى المرات: إن الإنجيل هو إنجيل الله الآب وفي مرة أخرى يقول إن الإنجيل هو إنجيل المسيح. هل ترغب أن نأتى بشواهد كتابية نثبت بها ما نقول؟
إرميـــا: إنى أرغب جدًا في هذا.
كيرلس: يقول ” بولس عبد ليسوع المسيح المدعو رسولا المفرز لإنجيل الله“[38]. وإذ ينسب للابن مجد الله إذ أنه قد وُلِدَ منه وهو كائن فيه ويُدرك دائمًا معه، فإنه يذكر أيضًا ” لكننا لم نستعمل هذا السلطان بل نتحمل كل شئ لئلا نجعل عائقًا لإنجيل المسيح “[39]. وأخيرًا فإنه لكى يشير إلى الاسمين أيضًا بسبب وحدتهما في الجوهر فإنه يكتب ” ولكن بأكثر جسارة كتبت إليكم جزئيًا أيها الاخوة كمذكّر لكم بسبب النعمة التي وهبت لى من الله حتى أكون خادمًا ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشرًا لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولاً ومقدسًا بالروح القدس “[40]. إذًا فإنجيل الله وإنجيل المسيح هما واحد. وكل ما نستطيع أن نقوله عن الله كإله نقوله عن الابن أيضًا، لأنه لو كان هناك شئ يقف كوسيط بينهما بحيث يجعل الآب والابن غير متساويين لما كان من الممكن أن نقول نفس الأقوال عن كل منهما، أم هل تعتقد يا إرميا أن الأمر ليس هكذا؟
إرميـــا: أنا بالطبع أوافقك فيما تقول.
كيرلس: غير أن بعض الشروحات المُضِلّة تشير إلى أن هناك اختلاف بين الآب والابن (من حيث الجوهر) وتبيّن أن الأمور التي نؤمن أنها تخص الله الآب، لا تخص الابن أيضًا. فكيف يمكن أن يكون الإنجيل واحدًا بالنسبة للآب والابن وكيف نفهم ذلك من تفاسيرنا الأصيلة إن لم يكن الابن هو الله حسب الطبيعة؟ ألا يكون هذا تضليلاً للذين يتعلمون؟ وألا يعطّل ذلك معرفتهم للحقيقة؟
إرميـــا: إن ما تقوله هو حق.
كيرلس: فبولس الذي يخدم سر الله، أى الكرازة بالإيمان به لهؤلاء الذين لم يعرفوها بعد، كيف يستطيع أن يقول إنه خادم للمسيح وأنه مبشّر بالمسيح وهو يجاهد من أجل مجد الله ويدعو نفسه أنه خادم لله؟ لأنه قال ” بل في كل شئ نُظهر أنفسنا كخدام الله “[41] وفي موضع آخر كتب لآخرين ” أهُمْ خدام المسيح أقول كمختل العقل فأنا أفضل “[42]. فهل يوجد في هذا الكلام ما يفصل بين الآب والابن من حيث وحدة الجوهر؟
إرميـــا: لا أفهم ما تقول.
كيرلس: نستطيع بطريقة أخرى أن نبرهن على أنه من غير المقبول ألاّ نؤمن أن الابن هو إله بالطبيعة طالما أن الكتب المقدسة تعلّمنا أن الكنيسة هى كنيسة الله وأيضًا هى كنيسة المسيح. فالطوباوى بولس يكتب لأهل كورنثوس قائلاً: ” كونوا بلا عثرة لليهود واليونانيين ولكنيسة الله“[43]. كما يؤكد أن الابن سيُحضر لنفسه الكنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن[44]. لكن بينما يقول الله على لسان أحد الأنبياء أنه سيسكن وسيسير بيننا[45] فإن المسيح يحلّ في وسطنا. وكما تنبأت عنه النبوات منذ القديم فإنه يعمل بيننا كإله. لأنه وفق ما قد كُتب فإن ” موسى كان أمينًا في كل بيته كخادم شهادة للعتيد أن يتكلم به، وأما المسيح فكابن على بيته وبيته نحن“[46].
إرميـــا: إذًا لا يوجد شئ على الاطلاق يمكن أن يعوقنا عن أن نؤمن إيمانًا حقيقيًا بأنه طالما أن الابن قد وُلد من جوهر الله الآب ذاته، فلا يمكن أن يُدرَك على أنه مختلف عن الآب من حيث الطبيعة.
كيرلس: أصبت يا صديقى لأن الطوباوى بولس رأى أنه من الصواب أن نؤمن بهذا فقال ” الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا معه كل شئ“[47]. إذًا طالما أن الابن هو في الحقيقة ابن الله الآب، فهل يمكن أن تكون له طبيعة مختلفة عنه؟ وهل يمكن أن نتخيّل وجود أى سبب منطقى يجعل ذلك الذي عرّفته اللغة[48] عينها بأنه ابنه الذاتى أو ابنه الخاص غريبًا عنه من حيث الجوهر؟[49]
إرميـــا: أنا لا أعتقد ذلك.
كيرلس: كيف ذلك؟ ألا نقول إن مَن دُعوا ليكونوا أبناء الله هم عدد لا يُحصى؟
إرميـــا: بالتأكيد، لأنه مكتوب ” أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلى كلكم“[50].
كيرلس: فلو تجرأ شخص وأخذ واحدًا أو اثنين من بين هؤلاء ودعاهما ابنين خاصين لله الآب ألا يكون مستحقًا لجزاء مَن يحرّف جمال الحقيقة؟
إرميـــا: أوافق لأن ما تقوله صواب.
كيرلس: وإن أردت أن أعرف السبب في أنه بينما كثيرون قد دعوا آلهة وأبناء إلاّ أن تعبير (الابن) “الذاتى” أو “الخاص” ينسب حرفيًا وبالفعل لواحد فقط، فهل تستطيع أن تجاوبنى؟
إرميـــا: سأقول إن هؤلاء بالتأكيد صاروا أبناء بسبب نوالهم عطية المحبة السماوية بدعوتهم للتبّني بينما الابن ليس كذلك لكنه هو ابن حقيقى وذاتى لله الآب وله نفس الطبيعة التي هى أرفع وأسمى من طبيعة الكل.
كيرلس: إن كان الابن هو ابن ذاتى لله فهل يكون ما هو ذاتى لله هو إله، أم هو مخلوق، أم ماذا؟
إرميـــا: هذا أيضًا أمر غير مشكوك فيه بالمرة لأن ما هو ذاتى (خاص) في الله هو الألوهة كما أنه بالتأكيد أن ما هو ذاتى في الخليقة هو أنها مخلوقة.
كيرلس: وأيضًا إن اعتقد شخص ما أن الخليقة أو ما هو مخلوق هو خاص ـ حسب الطبيعة ـ بالله، فإنى أعتقد أن الأمر الأكيد هو أن نتبع طريقة التفكير العكسية، وحينئذ فعندما نقول إن الألوهة تمثل ما هو ذاتى (خاص) بالخليقة، فهذا لا يكون خطأً. غير أننا لا يمكن أن نؤمن بهذا. كما أننا بسبب هذه الأفكار المنحرفة لابد أن نفكر بطريقة سليمة ونؤمن أن الابن هو ابن ذاتى (خاص) لله الآب وهو لا يحصى ضمن مَن نالوا التبنى بل هو إله من إله[51]. كما أنه لا يمكن التفريق أو الفصل بين مَن هم من جنس واحد ونوع واحد في طبيعة طريقة وجودهم ومرتبطين معًا في وحدة كاملة (حسب الجوهر). فمثلاً المفهوم والتعريف الذي يحدّد جوهر الإنسان لا يمكن إلاّ أن يكون واحدًا للجميع. إذًا فالابن ليس إلهًا من طبيعة أخرى غير طبيعة ذلك الذي وَلَده. فهو إله حقيقى طالما دعى ابنًا ذاتيًا (خاصًا)[52] لله الحقيقى حسب الطبيعة. وهو يختلف بالتأكيد عن كل هؤلاء الذين صاروا أبناء بالتبّني كما أن له نفس المجد الحقيقى الذي لله.
إرميـــا: بالصواب تتكلم.
[1] في هذا الجزء يوضح ق. كيرلس ألوهية الروح القدس وذلك من خلال علاقته بالآب والابن حيث إن الأقانيم الثلاثة لهم نفس الجوهر الواحد هذا من جهة ومن جهة أخرى يوضح ألوهيته من خلال عمل الروح القدس كرب وإله فينا حيث يعطينا بهاء ومجد البنوّة ويقدّسنا. ومن الجدير بالذكر أن ق. كيرلس هنا يتبع نفس أسلوب وتعاليم ق. أثناسيوس في معالجة هذه القضية. راجع كتاب الروح القدس: الرسائل إلى الأسقف سرابيون الرسالة الثالثة.
1 انظر ق. أثناسيوس. الروح القدس. المرجع السابق، الرسالة 1:3.
[3] مت11:3.
[4] مت20:10.
[5] رو9:8ـ10.
[6] الإعتراف بألوهية الروح القدس أمر جوهرى في عقيدتنا المسيحية وهذا الأمر استدعى إنعقاد مجمع القسطنطينية 381م لمواجهة التعاليم التي أنكرت أن الروح القدس رب محيي وأنه واحد في الجوهر مع الآب والابن. ولأن الروح القدس هو روح الابن أيضًا فلم يكن غريبًا على الآريوسيين أن ينكروا أيضًا ألوهيته كما أنكروا ألوهية الابن وفي هذا يقول ق. أثناسيوس: ” إن هذا التفكير ليس غريبًا على الآريوسيين لأنهم أنكروا كلمة الله فإنه من الطبيعى أن ينطقوا بنفس التجديف ضد= =روحه”. انظر كتاب الرسائل عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون، مركز دراسات الآباء، القاهرة 1994 رسالة 1 فقرة 2.
[7] 1يو13:4.
[8] تعرّض أقنوم الروح القدس وهو الأقنوم الثالث الأقدس لهجوم حاد من الهراطقة في القرون الأولى للمسيحية، الأمر الذي تصدى له آباء الكنيسة الكبار مثل القديس أثناسيوس والقديس ديديموس الضرير، والقديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس اللاهوتى، والقديس أمبروسيوس أسقف ميلانو. وبعد أن عبّرت الكنيسة في مجمعها المسكونى الثانى عن عقيدتها بألوهية الروح القدس جاءت النصوص الليتورجية كى تؤكد على الإيمان الثالوثى بالآب والابن والروح القدس. راجع د. جوزيف موريس فلتس، تعاليم عقيدية في النصوص الليتورجية، إصدار المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، الفصل الثالث: ألوهية الروح القدس، اكتوبر 2004 ص36ـ48.
[9] ورغم السهولة في التأكيد من خلال آيات الكتاب المقدس على أن الابن الوحيد له خصائص الله الآب، إلاّ أن الهراطقة قد أساءوا فهم وتفسير هذه الآيات الأمر الذي أدى بهم إلى إنكار ألوهية الابن. ولقد سبق للقديس أثناسيوس أن تناول كل الآيات التي أساء الآريوسيون فهمها وقام بشرحها حسب إيمان الكنيسة الذي تسلّمته بالتقليد وذلك في مقالات ثلاثة بعنوان ضد الآريوسين، وهى المقالات التي نشير إليها باستمرار في هوامش هذا الكتاب إصدار مركز دراسات الآباء. ولقد إعتمد ق. كيرلس ـ كما جاء في المقدمة ـ على هذه المقالات في كتابه هذا “حوار حول الثالوث” غير أنه استخدم آيات إضافية ـ كما يتضح من كلامه هنا ـ ليثبت بها حقيقة ألوهية الابن المتجسد.
[10] رو15:4ـ17.
[11] 1كو22:15.
[12] يو21:5. انظر الشاهد رقم 1 ص49 حيث أشار ق. كيرلس لنفس الآية.
[13] يو37:10ـ38. يعلّق ق. كيرلس على قول الرب ” أنا في الآب والآب فيّ ” (يو10:14) وأيضًا ” أنا والآب واحد ” (يو30:10) بقوله: ” إن ما يجعل الابن يقول هذا ليس فقط لأن الابن يرغب نفس الأمور كالآب وليس فقط لأنه يملك إرادة واحدة معه، بل ما يجعله هكذا هو أنه المولود الأصيل لجوهر الآب. فهو يقول إنه يريد ويتكلّم ويملك نفس فاعلية الآب وبسهولة ينجز ما يريد مثلما يفعل الآب وهكذا يُعترف به من كل ناحية أنه من نفس الجوهر مع الآب وهو ثمرة حقيقية لجوهره “. شرح إنجيل يوحنا، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، القاهرة 2003م، ج5 ص159. وكما إمتد تعليم ق. كيرلس عن وحدة الجوهر الإلهى للآب والابن إلى التعليم عن الأقانيم الثلاثة في الجوهر الواحد وذلك في تعامله مع الآية ” كما أرسلنى الآب الحيّ وأنا حيّ بالآب ” (يو57:6) (انظر هامش 2 ص35) نجده يقول في شرح (يو37:10ـ38): [ إن وحدة الجوهر= =تجعل الآب يُرى في الابن والابن يُرى في الآب … رغم أننا ندرك الثالوث القدوس على أنه قائم في أقانيم ثلاثة لأن الآب هو الآب وليس هو الابن وأيضًا الابن هو الابن وليس هو الآب؛ والروح القدس هو الروح (وليس هو الآب أو الابن) ومع ذلك فلا يوجد بينهم أى إختلاف بل هم في شركة ووحدة الواحد مع الآخر ]. انظر شرح إنجيل يوحنا، المرجع السابق ص158.
[14] يع17:1.
[15] مت35:9.
[16] مت8:10.
[17] يو16:1. انظر شاهد رقم 3 ص16 حيث استخدم ق. كيرلس نفس الآية. في إطار شرحه لإنجيل يوحنا وهنا يستخدمها ليثبت بها أن الابن ليس أقل من الآب بل هو واحد معه في الجوهر ويقول: [ إذا كان الابن هو الملء ” لأن من ملئه نحن جميعًا أخذنا ” فما هو مكانه الحقيقي وهو أقل من الآب كما يدعون؟ لأن الأشياء المختلفة تمامًا لا يمكن مصالحتها ووضعها في وحدة. فكيف يكون الابن الملء وفي نفس الوقت أقل من الآب؟ ]. شرح إنجيل يوحنا، مركز دراسات الآباء، القاهرة 1989م، ج1 ص29.
[18] وهذا ما تشدّد عليه الكنيسة أيضًا في صلواتها الليتورجية عندما يصلى الكاهن في لحن H ¢g£ph’ قائلاً: ” محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد ربنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح، وشركة وموهبة الروح القدس تكون مع جميعكم “. انظر الخولاجى المقدس، طبعة دير البراموس 2002 ص323.
[19] 2كو14:13.
[20] يع17:1. يشدّد الآباء ومنهم أيضًا ق. أثناسيوس على وحدة العمل لأقانيم الثالوث الواحد في الجوهر فيقول في سياق إستشهاده بالآية ” نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة وشركة الروح القدس مع جميعكم ” (2كو13:13): [ لأن هذه النعمة والهبة تعطى في الثالوث من الآب بالابن في الروح القدس. وكما أن النعمة المعطاة هى من الآب بالابن، هكذا فإنه لا يكون لنا شركة في العطية إلاّ في الروح القدس ]. الرسائل عن الروح القدس. المرجع السابق، الرسالة الأولى: 31.
[21] يو22:20.
[22] عن وصف الهراطقة للابن ” بالخادم ” الذي لا سلطة له يقول ق. كيرلس: [ وعندما يسمع الهراطقة أن ” كل شئ به كان ” تأخذهم الحمى فيسرعون ويطلقون عليه اسم الخادم ويحلمون بأن الابن عبد وليس حر وعابد وليس الرب ]. شرح إنجيل يوحنا، مركز دراسات الآباء، القاهرة 1989م، ج1 ص64. ويرّد على هذه الأفكار ويقول: [ وعندما يسمعون ” وبغيره لم يكن شئ مما كان ” لا يفكرون فيما يليق بعظمة وكرامة الابن. ولكن إذا كان الآب لا يخلق إلاّ بالابن أى بحكمته وقوته، والإنجيلى يقول لا شئ مما كان قد خُلق بدون الابن فإن النتيجة النهائية أن الابن الوحيد هو مجد الله الآب (لأنه يُمجد كخالق بالابن) لأن الابن يعمل كل شئ ويُحضر من العدم إلى الوجود كل الكائنات ]. المرجع السابق ص46. ويتابع ق. كيرلس في الصفحات التالية من نفس المرجع بطرق عديدة دحض هذه التسمية وهذا الوصف. هذا ولقد فنّد ق. كيرلس زعم المعارضين بأن الروح القدس أيضًا ليس هو الله إذ أنه حسب تعاليمهم يفعل فينا ملء الآب والابن كخادم. انظر ص19 من هذا الحوار وهامش (1) ص20.
[23] يورد ق. كيرلس عدة حقائق لإثبات ألوهية الابن وأنه ليس أقل من الآب. ومن هذه الحقائق إرساله الروح القدس لتقديس البشر فيقول في موضع آخر: ” إذا كان الابن أقل والآب أعظم فكل منهما بشكل مختلف يمنح لنا التقديس. يمنحه الابن بشكل أقل والآب بشكل أعظم. فماذا عن الروح القدس؟ هل سيعمل عملاً مزدوجًا: أقل مع الابن وأعظم مع الآب؟ والذين سوف يُقدَسون بالآب سوف يُقدَسون بشكل كامل. أما الذين سيُقدَسون بالابن سوف يقدّسون بشكل أقل. هذه غباوة عظيمة فالروح القدس واحد في كماله وفي تقديسه وهو يُعطىَ مجانًا من الآب بواسطة الابن طبيعيًا. فليس الابن أقل من الآب الكامل. بل هو يعمل كل شئ مع الآب وله الروح القدس روح الآب الذي وَلَده. وهو صالح وكامل وحر وله كيانه الخاص به مثل الآب تمامًا “. شرح إنجيل يوحنا، مركز دراسات الآباء، القاهرة 1989م، ج1 ص31.
[24] هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته (يو3:17). الإيمان بالمسيح يدخلنا إلى معرفة الله الآب وشركة الروح القدس الحقيقية وهكذا نعترف بأقانيم الثالوث المساوى في الجوهر. وهذا الإيمان يبعدنا عن ضلال تعدد الآلهة أو كما يقول ق. أثناسيوس: ” وإذًا يوجد ثالوث قدوس وكامل يُعترف بلاهوته في الآب والابن والروح القدس … وهو مساو وغير منقسم في الطبيعة وفعله واحد … وليس بأقل من هؤلاء الثلاثة تعتقد الكنيسة الجامعة لئلا تنزلق إلى أفكار اليهود المعاصرين الرديئة وإلى أفكار سابيليوس كما أنها لا تعتقد بأكثر من ثلاثة لئلا تتدحرج إلى تعدد الآلهة “. الرسائل عن الروح القدس. المرجع السابق. الرسالة الأولى: 28.
[25] تحدّث ق. أثناسيوس بالتفصيل عن ضلالات عبادات الوثنيين وما كانوا يفعلونه من أمور شائنة، انظر ق. أثناسيوس. الرسالة إلى الوثنيين. ترجمة القمص مرقص داود. مكتبة المحبة 1981.
[26] أف11:2ـ12.
[27] غلا8:4ـ9.
[28] يو18:3. يشرح ق. كيرلس هذه الآية موضحًا أهمية الإيمان بألوهية الابن المتجسد إذ أنه هو الذي يدين وهو الذي يعطينا ألاّ ندان فيقول: [.. يكشف الرب عن مدى فداحة وخطورة جريمة الكفر به، إذ هو الابن وهو الوحيد الجنس لأنه إن كان الذي يهان يستحق الإيمان به، فكم بالحرى يستحق الدينونة ذاك الذي يحتقره، بسبب تعديه الرهيب وهو يقول ” مَن لا يؤمن به قد دينَ إذ قد جلب على نفسه فعلاً الحكم العادل بالعقاب إذ يرفض عن وعى ذاك الذي يعطينا ألاّ ندان ]. انظر شرح إنجيل يوحنا، إصدار مركز دراسات الآباء، القاهرة 1995، ج2 ص27.
[29] 2كو19:5ـ20.
[30] مز91:119.
[31] مز6:95ـ7.
[32] يو27:10ـ28. يستشهد ق. كيرلس بهذه الآية هنا ليثبت وحدة الجوهر الإلهى للآب والابن وأن كل ما يعمله الآب يعمله الابن أيضًا كمخلّص. وفي موضع آخر يشرح هذه الآية ليثبت بها أيضًا ألوهية الابن واهب الحياة فيقول: [ وكونه يعطى حياته فهو بيّن أنه هو “الحياة” بطبيعته وأنه يهب هذه الحياة من نفسه لا كمَن ينالها من آخر ]. شرح إنجيل يوحنا، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، القاهرة 2003م. ج5 ص149.
[33] مت37:9ـ38.
[34] لو17:3.
[35] غلا24:5.
[36] رو9:8.
[37] انظر مز56:119.
[38] رو1:1.
[40] رو15:15ـ16.
[41] 2كو4:6.
[42] 2كو23:11.
[43] 1كو31:10.
[44] أف27:5.
[45] لاويين 10:26ـ12.
[46] عب5:3ـ6.
[47] رو11:8ـ12.
[48] يقصد بقول الكتاب: ” الذي لم يشفق على ابنه“، حيث إن النص اليونانى يَرِد به تعبير ابنه الخاص أو الذاتى “ ƒdiÕu Uƒoà “.
[49] هذا التعبير “ابنه الذاتى أو ابنه الخاص” سبق أن إستعمله وكرره كثيرًا ق. أثناسيوس وذلك في إطار دفاعه عن ألوهية الابن. وهنا يتضح أيضًا تأثر ق. كيرلس بتعاليم ق. أثناسيوس وبكتاباته وحتى بسؤاله وبتعجبه ممن يقول إن الابن غريب عن جوهر الآب عندما كتب ق. أثناسيوس: [ متى إذًا كان الله موجودًا بدون ما هو خاص به ذاتيًا؟ أو كيف يظن أحد أن ما هو خاص به ذاتيًا هو غريب ومن جوهر مختلف ]. انظر المقالة الأولى ضد الآريوسيين، إصدار مركز دراسات الآباء، الطبعة الثالثة، القاهرة 2000 فقرة 19ـ20.
[50] مز6:82. يستخدم ق. كيرلس نفس هذا المزمور في شرحه للآية ” كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان (يو3:1) وذلك لإيضاح أن الابن هو بالطبيعة خالق مع الآب وهو من جوهر الآب فيقول: [ يذكر الإنجيلى الكرامة الإلهية الخاصة بالابن لكى يوضح بشكل أكيد أنه واحد في الجوهر مع الله الذي وَلَده وأن كل ما يخص الآب يخص الابن أيضًا ولذلك يجب أن نعتقد أنه الإله الحق، وليس كمَن نال لقب الألوهية التي تُعطى بالنعمة وحدها حسب الكلمات ” أنا قلت أنكم آلهة وبنى العلى كلكم ” أما هو فغير ذلك تمامًا، لأن كل شئ به كان ]. شرح إنجيل يوحنا ج1، مركز دراسات الآباء، القاهرة 1989م، ص60. وعندما يتعرّض لشرح المعنى الذي وصف به القديس يوحنا الابن بأنه ” النور الحقيقي ” فإنه يعود لإستخدام نفس المزمور السابق ليبيّن الفرق الجوهرى بين كون الابن هو النور الحقيقي وبين كون التلاميذ نورًا للعالم كما دعاهم الرب (مت14:5)، حيث إدعى المعارضون أنه لا يوجد فرق بين الابن وباقى المخلوقات ولقد أجابهم ق. كيرلس قائلاً: [ نحن أبناء الله بل دعينا آلهة في الأسفار الإلهية حسب المكتوب ” ألم أقل أنكم آلهة وبنو العلى كلكم ” هل يعنى هذا أن نتخلى عن كياننا ونرتفع إلى جو اللاهوت غير المنطوق به وأن نخلع الابن الكلمة من بنوّته ونجلس نحن في مكانه مع الآب ونجعل محبة الذي أكرمنا عذرًا للكفر؟ حاشا لله فالابن هو كائن غير متغيّر. أما نحن فبالتبنى صرنا أبناء وآلهة بالنعمة غير جاهلين مَن نحن، وعلى نفس القياس لا نؤمن أن القديسين هم النور أما النور الحقيقي … فهو الذي ينير كل إنسان آت إلى العالم ]. المرجع السابق ص103.
[51] كما نردد في قانون إيمان نيقية ـ القسطنطينية عن الابن ـ وكلمة الله أنه ” إله حق من إله حق “.
[52] تعبير [ ابنًا ذاتيًا (خاصًا) ] له مدلول لاهوتى عميق يوضّح ويشدّد على العلاقة الجوهرية للابن بالآب وقد شرح القديس أثناسيوس أبعاد هذا التعبير بإسهاب في مقالته الأولى ضد الآريوسيين فقرات 14ـ16.