آبائياتأبحاثكتب

إن الابن هو إله حقيقى – الحوار الثالث ج1 حول الثالوث – القديس كيرلس الاسكندري

إن الابن هو إله حقيقى – الحوار الثالث ج1 حول الثالوث – القديس كيرلس الاسكندري

إن الابن هو إله حقيقى – الحوار الثالث ج1 حول الثالوث – القديس كيرلس الاسكندري

إن الابن هو إله حقيقى – الحوار الثالث ج1 حول الثالوث – القديس كيرلس الاسكندري
إن الابن هو إله حقيقى – الحوار الثالث ج1 حول الثالوث – القديس كيرلس الاسكندري

 

الحوار الثالث

” إن الابن هو إله حقيقى كما أن الآب إله حقيقى “

 

هل الابن هو إله حقيقي كما أن الآب إله حقيقى؟

كيرلس: إنى أعرف جيدًا يا إرميا أنك أنت أيضًا تقول إنه يجب أن نُظهر اهتمامًا كبيرًا بالفضيلة وأن نتعمق على كل حال في كلمات الإيمان[1]، لأن مثل هذه الكلمات هى خاصة بالله. ولهذا فإن الكتاب يقول ” ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك وقصّها على أولادك وتكلّم بها حين تجلس في بيتك وحين تمشى في الطريق وحين تنام وحين تقوم[2].

          لأنه إن كان كلام الله في أفواهنا دائمًا فإن هذا سيكون له ـ كما أعتقد ـ نفع كثير لحياتنا الروحية، كما أتصور أن كلام الله هذا لا يناسب الجميع بل فقط أولئك الذين لهم الاهتمام أن يعيشوا حسب مشيئة الله[3].

 

إرميـــا: إنى أتفق معك فيما تقول، لأنه لا يوجد شئ أفضل من هذا. ولأننا نتكلّم في الوقت الحاضر عن ولادته الإلهية التي لا توصف وأن الابن لم يأتِ إلاّ من الآب، إذ وُلِدَ من جوهر الله الآب[4]. فما هو الأمر الذي يجعل المعارضين يؤمنون بأن الله هو واحد، الذي هو الآب وأنه إله حق، ولا يحسبون معه أحدًا آخر بالمرة، بل ويبعدون الألوهة الحقة عن طبيعة الابن الوحيد والحقيقى، ذاتها؟

 

كيرلس: أنا نفسى أتساءل عن هذا الأمر الذي يبعدهم بعيدًا، والذي يجعل “من جفنة سدوم جفنتهم، ومن كروم عمورة. عنبهم عنب سم ولهم عناقيد مرارة. خمرهم حمة الثعابين وسم الأصلال القاتل[5]. لأنهم وهم سكارى بسبب ضلالاتهم والتي لا أعرف أين وجدوها، فإنهم يتفوهون من أعماق قلوبهم الماكرة بأمور شريرة. وهم قد تركوا ألسنتهم بدون أى ضابط لينطقوا بالتجديف على الابن[6]، إذ أنهم في هذا يعانون من عدم الفهم الذي يصاحب عدم التقوى الذي اتصف به الفريسيين. ولهذا فإنهم يستحقون أن يسمعوا ما قيل للفريسيين ” يا أولاد الأفاعى كيف تقدرون أن تتكلّموا بالصالحات وأنتم أشرار[7]. ومع أنه ـ بالتأكيد ـ كان يجب مع تمسكهم بطريقة البحث الدقيق، ألاّ يعتقدوا أن ما يبدو لهم أنه صحيح، ليس بالضرورة أن يكون هو السليم والذي لا يقبل النقض. ويجب عليهم أن يبعدوا بأسرع ما يمكن عن تلك الأمور السطحية. لأنهم لو حاولوا البحث بتدقيق في الأمور التي تساعد على فائدتهم وعلى الحكم السليم على الأمور، فإنهم سيتمسكون بتعاليم الحق الإلهى.

 

          لأنى أعتقد أنه من خيالات العقل واضطرابه أن يدّعيَّ المرء أن الابن المولود من الله مثل الكلمة من العقل ومثل الشعاع من النور[8]، ليس هو الله الحقيقى حسب الطبيعة. كما أعتقد أنه من طياشة العقل أن ينساق المرء وراء أفكار لا هدف لها، وأن يتفاخر بتزييف معانى مصطنعة. أليس من الأفضل أن نتعلّم أنه حيث توجد الولادة حسب الطبيعة تكون هناك بالتأكيد علاقة بين الوالد والمولود منه[9]. وأن هذه العلاقة ليست هى علاقة نسبية أو علاقة غير حقيقية بل هى علاقة طبيعية[10]؟ لأن المولود بالحقيقة يأتى من ذات جوهر الذي وَلَده. فكيف يكون إذًا ذلك الذي وُلد من الله، ينقصه شئ أو يكف أن يكون ـ حسب رأيهم ـ هو الله بالحقيقة؟

 

إرميـــا: نعم، ويمكننى أن أقول: إنه هو الله وأنه أتى من الله لكن بطريقة مختلفة.

 

كيرلس: إذًا، ما هو بالضبط هذا الشئ المختلف. لأنى لا أستطيع فهمه بوضوح وربما استطعت أنت أن تقوله لى، إن كنت تعرف شيئًا، لأنه من الطبيعى أن تكون قد سألت عن هذا الأمر؟

 

إرميـــا: بالفعل قد سألت. هم يقولون: إن الآب هو إله حقيقى غير أن الابن ليس كذلك حتى لو كان يدعى الله. ويقولون: إن الابن يأتى فقط من الله بمعنى أنه يأتى من الله لأن كل الأشياء هى من الله.

 

كيرلس: هذا بالطبع يعنى كأنهم يصرخون عاليًا، وقد تركوا تمامًا كل إحساس بالخجل، ويقولون إن الابن ليس هو الله بل هو مساوٍ لكل المخلوقات في طريقة الخلق فهو قد وُلِدَ ووُجِدَ من العدم وحُسِبَ من بين المخلوقات كواحد منها.

          وأعتقد أنه من الحكمة الفائقة أن تجرد كلامهم من كل تزويق وألاّ تترك المعارضين يزيّنون كلامهم عن ـ طبيعة الابن ـ بكلام معسول، فهم لا يؤمنون على الاطلاق بأى شئ حقيقى عنه، ولتقنعهم بأن يقولوا ما يؤمنون به عنه علنًا، لأنى أعتقد أن كلامهم الهزيل سيُنتقد أيضًا علنًا. ويستطيع المرء أن يُدرك حقيقة كون الابن قد أتى من الآب، إن كان عقله غير فاسد ويؤمن بأن هذا لا يعنى شيئًا آخر غير أن الابن قد وُلِدَ[11]. أما أنه قد صَدَر من ذات جوهر الآب[12] فقد بيّنه الحوار الذي أجريناه مؤخرًا[13]. وأعتقد أن على كل عقل يعرف كيف يبحث في العمق، أن يشجع هذا الحوار.

 

إرميـــا: إنه أمر طيب أن تكون راغبًا في هذا، أما الاعتراضات التي يمكن أن يثيروها على حججنا فهى كالآتى:

 

          يقولون: إن واحد فقط يُدعى الله في العهد القديم كما في العهد الجديد. لأن موسى قد قال ” اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد[14]. وأيضًا يصرخ الرب قائلاً: ” انظروا الآن. أنا أنا هو وليس إله معى[15]. وأيضًا     ” أنا الرب الأول وأنى كائن إلى الأبد ولا يوجد إله لك غيرى[16]. كما أن الابن نفسه يقول للآب ” هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك[17]. وهم يستطيعون بسهولة أن يشيروا إلى آيات عديدة مثل هذه وسيحاولون بوجه عام تفسيرها مستخدمين حججهم، وهم يتوقعون أن البعض سيؤمن بسرعة أن الآب هو فقط الإله الحقيقى وأنه لا يوجد آخر غيره قط.

 

كيرلس: لكن قل لى: لماذا يتعبون أنفسهم في محاولة إقناعنا بما يقولون؟ فنحن لا نحتاج إلى مجهود على الاطلاق ـ أيها الحبيب ـ لكى نوافق مباشرةً على ما يقولونه ونؤمن بالآب الإله الحقيقى حسب الطبيعة وذلك وفق نص قانون الإيمان[18]. وهل يمكن للمرء أن يعترض على هذا، وماذا تكون حجته؟ أما إذا قالوا: إنه لا يوجد إله غيره إطلاقًا (في كل الوجود) فإن هذا لا ينطبق على طبيعة الابن في شئ، لأنه بطبيعته مختلف عن كل (الآلهة المخلوقة)[19] ولا يُحسب ضمن المخلوقات إذ هو كائن دائمًا مع أبيه مُشرقًا دائمًا معه وهو يُدرَك دائمًا مع الذي وَلَده في طبيعة إلهية واحدة. واحد إذًا هو الله وهو الإله الحقيقى لأننا قد عُتقنا من تعدّد الآلهة وطالما قد تنقينا أخيرًا من لطخة تعدد الآلهة وعرفنا الرب الحقيقى الواحد، لنترك الآن هذه الأمور ولنأتى إلى موضوعنا لأنى أظن أنه يجب أن نفعل هكذا.

 

إرميـــا: أى موضوع تقصد؟

 

كيرلس: قول الابن إن الآب هو الإله الحقيقى وحده.

 

إرميـــا: نعم هكذا قال.

 

كيرلس: والعهد القديم قال لنا أيضًا أنه لا يوجد إله آخر سواه.

 

إرميـــا: بالفعل.

 

كيرلس: هيا بنا أيها الحبيب نحن أيضًا إلى الكتب المقدسة[20] ـ ولنفحص بتدقيق كلام القديسين. هلم إذًا لنفحص ربما وُجد مَن دَعىَ الابن ووَصفَه بأنه إله حقيقى وحده.

 

إرميـــا: بالصواب تتكلم.

 

كيرلس: إذًا سنرى أمامنا يوحنا الحكيم والذي دُعى ابن الرعد[21]، يصرخ قائلاً ” ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية[22]. ويقدّم لنا العون أيضًا باروخ الذي يعلن بوضوح طبيعة ومجد الابن ويصرخ بنفس الطريقة ويشير إلى نفس الأمر بقوله ” هذا هو إلهنا ولا يحسب آخر تجاهه هو وجد كل طريق التأدب وأعطاها ليعقوب غلامه وإسرائيل المحبوب منه. بعد هذا ظهر على الأرض وتصرف مع الناس[23]. وأيضًا نستطيع أن نقول إن الرسول بولس الطوباوى قد حدّثنا عن رب وهو يسوع المسيح وأيضًا داود ينشد بوحى الروح قائلاً: ” لأنه مَن هو إله غير الرب وهل يوجد إله سوى إلهنا[24]. إذًا لقد دُعى الابن الوحيد الجنس بأنه الإله الوحيد والحقيقى وذلك بطريقة واضحة وأكيدة في الأسفار المقدسة.

 

إرميـــا: هذا حق.

 

كيرلس: بالنسبة لنا طالما أن الآب هو وحده الإله الحقيقى، فإن الابن أيضًا هو إله مساوٍ له ولا يوجد أى اختلاف بينهما (في الجوهر) ولا يمكن أن يُحسب معهما أحد آخر على الاطلاق. إذًا إلى أين يتجه فكر هؤلاء الذين يعتقدون بما ينادون به، لأن طبيعة الآب والابن ستَحُول دون ذلك الفكر وإلاّ كانت غير مستحقة للمجد اللائق بها كطبيعة إلهية طالما أنها ستكون متغيّرة وغير ثابتة؟[25] وبالعكس لو أننا نسبنا للابن فقط الألوهة الحقيقية ولم نحسب معه أحدًا غيره إلهًا، أفلن نُحد بذلك من مجد الآب، الأمر الذي لا يحق لنا أن نقوله؟ أَوليس غير صحيح أن نقول إنه طالما نقبل أن الآب فقط هو وحده الإله الحقيقى أننا نؤكد بذلك فورًا أن الابن له طبيعة مختلفة عن الآب وبالتالى فإننا نجرده من الألوهة الكاملة وبالتالى تكون له طبيعة أخرى؟

 

إرميـــا: بالطبع إن معانى الكلمات[26] تقود إلى هذا الفكر. ومع هذا فالمعارضون لديهم الحق في أن يقولوا بأنه إن كان الابن هو إله حقيقى فإن هذا سيمنعنا من القول بأن الله هو واحد بل سيضطرنا إلى القول بأنه اثنين.

 

كيرلس: إن تلك الأمور الغريبة التي ينادون بها هى غير واضحة بالمرة، ويمكن اعتبارها أنها طريقة من طرق التجديف المعروفة التي تنتشر بسرعة. غير أن هدفنا ليس هو أن نفحص من أين يأتى هذا التجديف بل بالحرى أن نعترف أنه يجب أن ندرك كيف أن الابن قد وُلِدَ من جوهر الله الآب وأنه إله حق من إله حق[27] وأنه لم يولد من طبيعة غريبة ومختلفة، وأن له كل ما للآب حسب الجوهر عدا كونه أبًا[28]. وإذ نحصى الروح القدس مع الآب والابن في الألوهة الواحدة، فإننا هكذا نسجد لثالوث واحد مساوٍ في الجوهر الإلهى.

إرميـــا: لكن إن قالوا إنه لو قبلنا بوجود ثلاثة أقانيم، فإنه سيمكن أن نفهم حينئذٍ أن الألوهة مثلثة (أى يوجد ثلاثة آلهة).

كيرلس: بالنسبة لنا فإن الحقيقة الإلهية تعلّمنا[29] أن الأمور ليست هكذا. لأننا قد تعمدّنا باسم الآب والابن والروح القدس[30]، وبالطبع لا نقول إننا نؤمن بثلاثة آلهة، لكن بألوهة واحدة ممجدّة في الثالوث القدوس[31]. فلماذا إذًا تتسرع محاولاً أن تُخضع تلك الأمور التي تفوق العقل لأفكار بشرّية[32]، تلك الأمور التي أعتقد أنه يجب أن يُنظر إليها فقط بالإيمان الخالى من كل شك؟ لأن التساؤل عن ماهية الثالوث وعن طبيعة الألوهة هو أمر غير لائق بالمرة ويدل على عدم التقوى[33]. وعلى عكس ذلك فإن التقوى هى أن نرغب في أن نفكر بطريقة سليمة كيف أننا نسجد للثالوث القدوس الإله الواحد. أتوافق إذًا يا إرميا على أننا نفهم هذه الأمور ونؤمن بها بطريقة صحيحة، بينما المخالفون يحاولون بكل الطرق أن يخترعوا أمورًا غريبة وأفكارًا شاذة لا تخطر على فكر أحد؟

 

إرميـــا: صحيح، وأنا أعرف أنهم يحاولون ذلك، لكن كيف يكون الله الذي نؤمن به واحدًا بينما نقول إن لكل من الآب والابن أقنومه الخاص؟

 

كيرلس: إن ما يساعدنا في فهم هذا الأمر هو أن نأخذ في اعتبارنا حقيقة وحدة الجوهر، تلك الوحدة التي بها يكون للأقنومين جوهر واحد، مع حفظ ما يخص كل منهما كأقنوم وألاّ تُنسَب الإزدواجية إلى الطبيعة البسيطة[34] ولا حتى بسبب الخوف أننا ربما نخدش بساطة الطبيعة عندما نتحدث عن أقنومين. ونستطيع أن نبيّن أن الكلام عن وحدة الجوهر هو كلام حق من كل الشهادات التي وردت عن الابن في الكتاب المقدس. بمعنى أنه لأن الآب بطبيعته هو الله بالحقيقة فإنه سيقبل أن يكون الابن بطبيعته هو الله بالحقيقة، بسبب أن لكل منهما أقنومه الخاص ولهما نفس الجوهر. وليست هناك طريقة أخرى لذلك عدا أن يكون الابن من ذات الآب وأن الابن له في ذاته نفس طبيعة الذي وَلَده، وبهذه الطريقة يمكن أن يُفهم ما يقال بأن الابن والآب هما واحد. وهكذا، فعلى سبيل المثال نجد أن فيلبس قد وُبِخَ لأنه لم يعبّر عن عطشه للمعرفة بكلمات واضحة. وإذ كان من الممكن أن يرى وبكل وضوح طبيعة الله الآب في شخص الابن فإنه قال ” يا سيد أرنا الآب وكفانا[35]. والرب قد أجابه قائلاً: ” أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفنى يا فيلبس الذي رآنى فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب، ألست تؤمن أنى أنا في الآب والآب فيّ[36]. ” أنا والآب واحد[37]. وقول الرب هو حق لأنه بما أن الابن مولود من جوهر الله الآب، فإنه بالقطع كائن في الآب، وهو (الابن) يستطيع من خلال طبيعته أن يُظهر طبيعة الذي وَلَدَه. وطالما أن الآب لا يُدْرَك إلاّ بالابن وفي الابن، وبما أن الابن هو رسم جوهر الآب[38]، فإن طبيعة مَن وَلَده تكون فيه هو أيضًا. وأعتقد أيضًا وبحسب ما نؤمن، أنه يجب أن نقول إن ما يقال عن أى منهما يسرى على كل منهما لأن لكليهما نفس المجد.

[1] دائمًا ما يركّز آباء الكنيسة وخصوصًا ق. كيرلس على أن حياة الفضيلة هى ثمرة مباشرة لحياة الإيمان المستقيم. انظر على سبيل المثال: شرح قانون الإيمان (رسالة رقم 55) للقديس كيرلس، ترجمة د. موريس تاوضروس ـ د. نصحى عبد الشهيد، مركز دراسات الآباء. القاهرة 1996م. ص26ـ27.

[2] تث7:6.

[3] من أشهر كتابات ق. كيرلس الروحية هو كتاب السجود والعبادة بالروح والحق والذي يشرح فيه أهمية أن يُفهم ما جاء في كلمة الله في العهد القديم كمثال للعبادة بالروح والحق ويمثل نفعًا كبيرًا لحياتنا الروحية وسوف نشير إلى هذا الكتاب في الهوامش، ولقد ترجم الباحث جورج عوض سبعة مقالات منه عن اليونانية ونشرها المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية بالقاهرة، في خمسة أجزاء 2001، 2002، 2003، 2004، 2006م.

1 يتبع ق. كيرلس هنا نفس تعبير ق. أثناسيوس ونص مجمع نيقية 325م. انظر المقالة الأولى ضد الآريوسيين. المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، فصل 58. وهنا يكرر ق. كيرلس كثيرًا، هذا التعبير الهام. انظر ص9، 14، 15، 48، 68، 80. وأيضًا رسائل ق. كيرلس. المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية. الرسالة 17 ص 15.

[5] تث32:32.

[6] يكرر ق. كيرلس هنا ما سبق أن كتبه ق. أثناسيوس في وصف الآريوسيين الذين أنكروا ألوهية الابن ” ولكونهم مروجين للبدعة الآريوسية، فإنهم لا يضبطون ألسنتهم عن الكفر “. الرسائل عن الروح القدس للأسقف سرابيون. ترجمة د. موريس تاوضروس ود. نصحى عبد الشهيد. مركز دراسات الآباء 1994، الرسالة الثالثة: 5. ولقد أشار ق. كيرلس من قبل إلى الآريوسيين وأوضح تجديفهم بقوله “ولكنهم يتجنون على كلمة الحق حينما يقللون ـ بدون تقوى ـ من مجد الابن وينسبونه إلى طبيعة أخرى مختلفة عن طبيعة الآب؛ وهكذا يظهر الابن على أنه خارج جوهر الآب” حوار حول الثالوث: المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية سنة 1999 المقالة 1، 2 ص 56.

[7] مت34:12.

[8] لقد أشار ق. كيرلس إلى هذا المثل من قبل بقوله ” لنأخذ مثالاً وليكن طبيعة الشمس والشعاع الذي يخرج منها. ولا يمكن أن نطبق آلام الولادة والتمزق وخلافه على خروج الشعاع من الشمس، وهو كائن فيها رغم إشعاعه. وهكذا فالشمس تمتلك في طبيعتها الخاصة، شعاع النور الذي لا ينفصل عنها، لكنه يبدو بعد خروجه منها أن له فرادة خاصة به وأحيانًا يفكر البعض في الشمس نفسها ولكنهم لا يستطيعون أن يتخيّلوا جوهرها. ففي هذا الجوهر يوجد الشعاع ومن الجوهر يخرج الشعاع دون أن ينفصل الشعاع عن الجوهر، إلاّ أنه متميّز عنه، إذ أن الشعاع يخرج من الشمس إلى خارجها، ولهذا فمن العبث والمُضحك أن نتصور أن الشمس أقدم من الشعاع، وكأن الشعاع الخارج منها يجىء متأخرًا. ولا أعتقد أن إنسانًا حكيمًا وسليم العقل يفكر هكذا. فهذا التصور معناه أن الشمس غير موجودة بسبب أنها لا تمتلك النور موجودًا فيها. وهو الذي يجعلنا ندرك أنها موجودة. هكذا ترى أن الأمثلة المادية الملموسة لها قيمتها في صياغتنا للتعبيرات السليمة، فهى تعطينا إمكانية أن نعبّر عن المعانى الفائقة، دون أن تُفسد هذه التعبيرات معنى الميلاد الإلهى. حوار حول الثالوث، المرجع السابق ص 104. وكثيرًا ما استخدم القديس أثناسيوس تشبيه النور والشعاع الخارج منه لوصف العلاقة الجوهرية للابن بالآب. انظر: الرسائل إلى سرابيون عن الروح القدس. مركز دراسات الآباء 1994. الرسالة الأولى: 16، 19، 20، 30. الرسالة الثانية:2. المقالة الثانية ضد الآريوسيين: 35. وهذا الوصف يعنى أن الابن هو نور مشع من الآب. وهكذا نفهم نص قانون الإيمان “نور من نور” بعكس فهم “إشعاع” بمعنى نور مقتبس من نور آخر مثلما يأخذ السراج نوره من سراج آخر فيكون تعبيرًا عن الإنقسام والتجزئة في عالم المخلوقات، والتي لا وجود لها في= =طبيعة الله الثالوث. وفي موضع آخر يشدّد ق. أثناسيوس عن أن طبيعة الابن هى نفسها طبيعة الآب مستخدمًا نفس هذا الوصف فيقول ” إن الشعاع هو النور وليس ثانيًا بعد الشمس، ولا هو نور آخر، ولا هو ناتج من المشاركة مع النور، بل هو مولود كلي وذاتى من النور ومثل هذا المولود هو بالضرورة نور واحد ولا يستطيع أحد أن يقول إنه يوجد نوران، فرغم أن الشمس والشعاع هما اثنان إلاّ أن نور الشمس الذي ينير بشعاعه كل الأشياء هو واحد “. انظر المقالة الثالثة ضد الآريوسيين، مركز دراسات الآباء. القاهرة سنة 1994. فصل 4.

[9] انظر أيضًا ق. أثناسيوس “.. هكذا وإن كان الله أبًا فلابد أن يكون لمن هو ابن بالطبيعة ومن نفس جوهر الآب ” الرسائل عن الروح القدس. المرجع السابق. الرسالة الثانية:6. وأيضًا ” الابن مولود من الآب أى صادر من جوهره، ولأنه ابنه فلابد أن يكون له نفس الجوهر ” ق. كيرلس. حوار حول الثالوث. المرجع السابق ص49.

[10] أى علاقة حسب الطبيعة الواحدة الإلهية التي تربط الآب بالابن.

[11] ” إن الابن بسبب خصوصيته مع الآب وبسبب أنه المولود الذاتى لجوهر الآب، هو غير مخلوق بل من نفس جوهر الآب” ق. أثناسيوس الرسائل عن الروح القدس. المرجع السابق الرسالة الثالثة:1.

[12] الابن هو “المولود الأصيل لجوهر الآب ” ق. كيرلس. شرح إنجيل يوحنا. المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية ج5 ص 159.

3 يقصد الحوار الثانى من الحوارات السبعة والذي قام المركز بترجمته ونشره. انظر حوار حول الثالوث. المرجع السابق.

[14] تث4:6.

[15] تث39:32.

[16] إش4:41(س).

[17] يو3:17.

[18] حيث يُذكر ” نؤمن بإله واحد الله الآب ضابط الكل…”. والجدير بالذكر أن ق. كيرلس قد قام بشرح قانون الإيمان الذي أقره مجمع نيقية ـ القسطنطينية، في رسالة له موجهة إلى الرهبان (رقم 55). انظر  هامش 1 ص1.

[19] ” حيث إن الابن ليس بينه وبين المخلوقات أى مشابهة ” كما سبق أن أشار ق. أثناسيوس، انظر: الرسائل عن الروح القدس المرجع السابق. الرسالة الثانية:5 وأيضًا يقول عن الابن “فهو ليس من بين الأشياء المخلوقة”. المرجع السابق الرسالة الثالثة: 4.

[20] يؤكد ق. كيرلس هنا ما سبق أن ذكره ” ولست أدعى أننى سأقول شيئًا أفضل من الذي قاله أسلافنا أو أنى سوف أسبر غور الأمور الروحية بشكل أحسن، لأننا نجد كفايتنا فيما كتبه الآباء القديسون، لأن مَن يقرر أن يتعرّف بحكمة على الآباء ويستخدم كتاباتهم بالحرص الواجب فسوف يسكن النور الإلهى في عقله “. حوار حول الثالوث. المرجع السابق ص17. ويوضح ق. أثناسيوس أهمية الحرص على الإيمان المسلّم مرة بالتقليد والذي يتطابق مع ما جاء في الكتاب المقدس فيكتب في نهاية رسالته الأولى إلى الأسقف سرابيون عن الروح القدس ” .. بحسب الإيمان الرسولى المسلّم لنا بالتقليد مع الآباء فإنى قد سلّمت التقليد بدون ابتداع أى شئ خارجًا عنه، فما تعلمته بذلك قد رسمته مطابقًا للكتب المقدسة ” وعندما طلب منه الأسقف سرابيون أن يشرح له الآية ” من قال= =كلمة على ابن الإنسان يُغفر له أما مَن قال على الروح القدس فلن يُغفر له في هذا الدهر ولا في الدهر الآتى ” (مت31:12ـ32)، فقد فسر ق. أثناسيوس هذه الآية له في رسالته الرابعة والتي ختمها بالنصيحة التالية ” لقد كتبت هذا الشرح حسبما تعلّمت .. أما بالنسبة لك فأرجو أن تقبل هذا الشرح ليس كتعليم كامل وتام في ذاته بل كبداية تحتاج إلى أن تكملها معتمدًا على نصوص الأناجيل والمزامير. المرجع السابق.

[21] مر17:3.

[22] 1يو20:5.

[23] باروخ36:3ـ38.

[24] مز32:18(س).

[25] الطبيعة الثابتة والتي لا تقبل أى تغيير هى الطبيعة الإلهية. أما طبيعة باقي المخلوقات فهى قابلة للتغيير وتتصف بعدم الثبات.

2 أى كلمة “أب”، “ابن” حيث إن الأب لابد أن يلد ابنًا له نفس طبيعته.

[27] بحسب نص قانون الإيمان النيقاوى ـ القسطنطينى.

[28] يوضح ق. أثناسيوس حقيقة ألوهية الابن المتجسد بكونه مختلف في جوهره عن كل المخلوقات وبأن له ما لله الآب فيقول: [ وحيث إنه غريب عن المخلوقات حسب الجوهر، ولكونه الكلمة الخاص بالآب وهو لا يختلف عنه وحيث إن كل ما للآب هو له، فذلك يقضى أنه من نفس جوهر الآب .. وهذا ما أدركه الآباء حينما اعترفوا في مجمع نيقية أن الابن مساو للآب في الجوهر ومن نفس جوهره. لقد تحققوا جيدًا أن الجوهر المخلوق لا يستطيع أن يقول ” كل ما للآب هو لى ” وبسبب أن وجود الجوهر المخلوق له بداية، فهو ليس كائنًا بذاته ولم يكن أزليًا، ولذلك فحيث إن الابن له هذه الخصائص وحيث إن كل الأشياء السابق ذكرها والتي للآب هى للابن، فمن الضرورى أن يكون جوهر الابن غير مخلوق بل هو من نفس جوهر الآب. لهذا السبب ـ فلا يمكن أن يكون جوهره مخلوقًا فهو يملك خواص الله، تلك الخواص التي له والتي بها يُعرف الله ]. الرسالة الثانية إلى سرابيون عن الروح القدس: المرجع السابق فقرة:5، ضد الآريوسيين. المرجع السابق 3:3.

[29] يمثل التعليم بعقيدة الثالوث، تعليمًا أساسيًا وجوهريًا في إيماننا المسيحى ولهذا فإن القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات يصف هذه العقيدة بأنها “رأس الإيمان”. ويقول ق. أثناسيوس في سياق دفاعه عن ألوهية الروح القدس وبالتالى دفاعه عن وحدة الثالوث وألوهيته قائلاً ” دعونا ننظر إلى تقليد الكنيسة وتعليمها وإيمانها الذي هو من البداية والذي أعطاه الرب وكرز به الرسل وحفظه الآباء وعلى هذا الأساس تأسست الكنيسة ومَن يسقط منه فلن يكون مسيحيًا ولا ينبغي أن يدعى كذلك فيما بعد وإذًا يوجد ثالوث قدوس وكامل ويُعترَف بلاهوته في الآب والابن والروح القدس”.= =انظر الرسائل عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون. مركز دراسات الآباء 1994. الرسالة الأولى: 28 ص82ـ83. انظر أيضًا: عقيدة الثالوث القدوس. في كتاب ” تعاليم عقيدية في الصلوات الليتورجية ” د. جوزيف موريس فلتس، إصدار المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية. القاهرة 2004 ص 21ـ35. وأيضًا:

Trinity: in the encyclopedia of Early Christianity, second Edition, 1998, P 1143.

[30] يشدّد الآباء على أن الكنيسة في ممارستها لسر المعمودية باسم الثالوث، تعكس إيمانها بحقيقة ألوهية الأقانيم الثلاثة وهو إيمانها الواحد والذي على أساسه تُجرى المعمودية الواحدة والتي يسميها ق. أثناسيوس “طقس التكميل” والذي يتم به الإنضمام إلى الكنيسة ويقول: [ هذا هو إيمان الكنيسة الجامعة لأن الرب أسسها وأصلّها في الثالوث حينما قال لتلاميذه ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح الدس ]. الرسالة الثالثة إلى سرابيون عن الروح القدس، المرجع السابق فقرة 6. وأيضًا يقول ” فألوهة الثالوث واحدة وإيمان واحد وتوجد معمودية واحدة تعطى فيه وواحد هو التكميل “. الرسالة الثالثة إلى سرابيون عن الروح القدس، المرجع السابق فقرة: 7. والجدير بالذكر أن ق. أثناسيوس في محاربته لأفكار الآريوسيين الذين أنكروا ألوهية الابن كان قد حذّرهم من عدم جدوى سر التكميل أى المعمودية لأنهم ينكرون الابن وبالتالى ينكرون ألوهية الآب فيقول: [ أما هؤلاء الآريوسيون فإنهم يخاطرون بفقدان إتمام السر وأعنى به المعمودية لأنه إن كان إتمام السر يعطى باسم الآب والابن وهم لا يقرون بأي حقيقة بسبب إنكارهم للابن الذي هو منه، الذي هو مثله في الجوهر، منكرين الابن الحقيقي ويسمون لأنفسهم ابنًا آخر… ألا يكون طقس المعمودية الذي يتممونه فارغًا تمامًا وعديم الجدوى، إذ أن له مظهر خارجى، أما في الحقيقة فإنه ليس له شئ يعين على التقوى؟ لأن الآريوسيين لا يعمدّون باسم الآب والابن، بل باسم خالق ومخلوق .. فليس مَن يقول ببساطة “يا رب” هو الذي يُعطَى المعمودية بل هو ذلك الذي مع الاسم الذي يدعوه، عنده أيضًا إيمان مستقيم … ومع الإيمان المستقيم يأتى إتمام المعمودية ]. المقالة الثانية ضد الآريوسيين 42. كما أنه يستخدم نفس هذا التوجه الإيمانى في محاربته لأفكار “المحرفون” الذين أنكروا ألوهية الروح القدس فيقول: [ إن التكميل (المعمودية) الذي تحسبون أنكم تمارسونه ليس إنضمامًا تامًا إلى اللاهوت لأنكم تمزجون المخلوق باللاهوت وتضعون الخليقة مع الله الذي خلقها بكلمته الذاتى .. فمن هو الذي يوحّدكم بالله إن لم يكن لكم روح الله بل الروح الذي من الخليقة؟ .. لأنه إن كان الروح ـ كما تقولون ـ هو ملاك ومخلوق وفي نفس الوقت يحسب مع الثالوث، إذًا يكون ضروريًا، ليس لواحد فقط من الملائكة الذين خلقوا، أن يحسبوا مع اللاهوت،= =وبذلك لا يعود هناك فيما بعد ثالوث بل عدد لا يحصى في اللاهوت. وهكذا فإن طقس الإنضمام (المعمودية) الذي نكرر أنه يظهر أنه طقسكم، هو منقسم بين هنا وهناك وصار غير أكيد بسبب تقلبه ]. الرسالة الأولى إلى سرابيون عن الروح القدس، المرجع السابق: 29. ويتابع ق. أثناسيوس تعليمه عن الإيمان بالثالوث الواحد وعلاقته بالمعمودية على اسم الثالوث فيقول: [ لأنه كما أن الإيمان بالثالوث ـ المسلّم إلينا ـ يجعلنا متحدين بالله، وكما أن ذلك الذي يستبعد أحد أقانيم الثالوث ويعتمد باسم الآب وحده، أو باسم الابن وحده أو باسم الآب والابن بدون الروح القدس، لا ينال شيئًا بل يظل غير فعّال وغير مكتمل، هو نفسه وذلك الذي يفترض أنه ضمه (بالمعمودية)، هكذا ذلك الذي يفصل الابن عن الآب، أو مَن ينزل الروح إلى مستوى المخلوقات، فليس له الآب ولا الابن بل هو بدون إله، وهو أشر من غير المؤمن، ويمكن أن يكون أى شئ إلاّ أن يكون مسيحيًا لأن كما أن المعمودية التي تعطى الآب والابن والروح هى واحدة فإن الإيمان بالثالوث هو واحد ]. المرجع السابق. الرسالة الأولى:30.

[31] في محاولته لبيان “سر المسيح” الذي كانت أحداث وشخصيات العهد القديم ظلاً له، واستُعلن لنا بتجسد الابن الوحيد، أوضح ق. كيرلس في مجال شرحه لحادثة الطوفان وإلى مَن كان يرمز نوح وإلى أى شئ يرمز الفلك وإلى مَن تشير مقاييسه وأبعاده … الخ. فيقول ” إن هذه المقاييس تشير بكل وضوح إلى الثالوث القدوس الواحد في الجوهر وإلى أن الطبيعة الإلهية كاملة تمامًا “. ثم يشرح دلالات هذه المقاييس بقوله: [ انتبه إذًا إلى ما ورد في الكتاب المقدس بخصوص الثلاثمائة ذراع والتي ترمز إلى الكمال. لأن هذا كان طول الفلك لكن عرض الفلك الذي يبلغ خمسين ذراعًا يعبّر جيدًا عن وحدة الألوهة التي هى كمال الكمال فإن الخمسين هى سبع سبعات وتضاف إليهم وحدة واحدة لأن الطبيعة الإلهية هى واحدة. أما إرتفاع الفلك فلا يعلن لنا أى شئ آخر سوى هذه الألوهية، لأنه يصل إلى ثلاث عشرات وينتهى أيضًا إلى ذراع واحد الذي هو فوق الكل والأعظم. لأنه يقول “وثلثين ذراعًا إرتفاعه وتصنع كوا الفلك وتكمله إلى حد ذراع من فوق ” (تك16:6) أى بينما الثالوث القدوس هو ثلاثة أقانيم إلاّ أن له طبيعة واحدة إلهية، ولكننا إن كنا نقول إن الآب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم إلاّ إننا نؤمن بطبيعة واحدة وأنهم متحدون في جوهر واحد، وهذا ما أشار إليه بقوله ” وتكمله إلى حد ذراع من فوق”. حسنًا قد خلّصنا المسيح بالإيمان وأدخلنا إلى الكنيسة فهى كمثل فلك ندخل إليها لننتصر على خوف الموت وننجو من نيران هذا العالم لأن نوح البار ـ أى المسيح ـ سيكون معنا ]. انظر “جلافيرا” أى تعليقات لامعة: ترجمة الباحث جورج عوض إبراهيم، نُشرت بالكتاب الشهرى للشباب والخدام. المقالة الثانية على سفر التكوين، عدد يونيو 2004 ص19.

[32] وأيضًا نجد أن ق. أثناسيوس في رسائله إلى سرابيون عن ألوهية الروح القدس، يعلّق على أفكار الهراطقة بقوله: ” لأن هذا الذي سلّم إلينا بواسطة الإيمان لا يجوز لنا أن نقيّمه بمقاييس الحكمة البشرية. بل يسمع الإيمان لأن أى عقل يمكنه أن يفسر بإحكام، الأمور التي تعلو على الطبيعة المخلوقة، أى سمع يمكنه أن يدرك الأشياء التي لا يسوغ للبشر أن يسمعها أو ينطقوا بها “. مركز دراسات الآباء 1994، الرسالة الأولى: 17 ص62. ويعترض على توجيه الهراطقة للأسئلة حول حقيقة الثالوث الذي يجب عليهم أن يؤمنوا به أولاً كى يفكروا به فيقول ” إن توجيه مثل هذه الأسئلة عن الله يكون جرأة جنونية لأن الألوهة لا تُسلّم لنا بواسطة براهين كلامية بل بالإيمان مع التفكير بتقوى ووقار “. الرسالة الأولى: 20 ص68.

[33] التساؤل ليس فقط عن ماهية الثالوث بل وأيضًا عن كل الأمور العقائدية والإيمانية هو دليل على “عدم التقوى إذ يجب أن نسلّم بكل هذه الحقائق كما هى، أو كما سبق وأن كتب ق. كيرلس أيضًا أننا يجب أن لا نكون فضوليين أكثر من ذلك، وألاّ نجازف بالفحص المتهور لما تسلمناه بالإيمان. وذلك لأن الذي من الإيمان لا نسعى لامتلاكه بطرق أخرى .. وما يعتمد على البحث العقلانى ليس إيمانًا. فالإيمان الحقيقي بعيد كليةً عن كل محاولات بشريّة للتأكد من صدقه ” حوار حول الثالوث. المرجع السابق ص91ـ92. وفي هذا يقول أيضًا ق. هيلارى أسقف بواتيه بفرنسا (315ـ367م): ” نحن مضطّرون بسبب أخطاء الهراطقة والمجدّفين لأن نعمل ما هو غير مباح وأن نتسلق المرتفعات وأن نعبّر عن الأشياء التي لا ينطق بها وأن نتناول أمور محظورة. ومع أنه ينبغي علينا أن ننفذ الوصايا من خلال الإيمان وحده، عابدين الآب وساجدين للابن معه، وفرحين في الروح القدس فنحن مضطّرون لتوسيع قدرة لغتنا الضيّقة، للتعبير عن الحقائق التي لا توصف، كما أننا مجبرون بسبب تجاوزات الآخرين أن نتجاوز نحن في محاولة محفوفة بالمخاطر، حين نضع في كلام بشّرى ما كان يجب أن يُحفظ في عقولنا برهبة مقدسة… إن خيانتهم قد جرّتنا إلى هذا الموقف الخطير والمريب، حيث قد تعيّن علينا أن نضع عبارات محدّدة تذهبنا أبعد ممّا قد وصفته السماء عن أمور سامية للغاية ومخفيّة في الأعماق “. عن الثالوث 2:2، 5. The father of the church, the  

Catholic University of America Press Washington, p.c. vol. 25. p. 36.            

[34] توصف الطبيعة الإلهية بأنها طبيعة بسيطة وغير مرّكبة، فالطبيعة البسيطة غير قابلة للإنقسام لأن التركيب هو بداية الإنقسام. انظر أيضًا هامش 3 ص25.

[35] يو8:14.

[36] يو9:14ـ10.

[37] يو30:10.

[38] انظر عب3:1. في سياق رده على الذين يخلطون بين صفتى “الخلق” و “الولادة” في الطبيعة الإلهية البسيطة، استخدم ق. كيرلس هذه الآية وتسآل قائلاً: ” كيف يمكن أن نعتقد أن الابن هو رسم المجد الذي لا يُعبّر عنه وبهاء جوهر الله الآب، إن لم يكن يمتلك إمتياز كونه مولودًا، أو إن كانت ولادته مجرد كلمات جوفاء أو إن كان مختلفًا في طبيعته عن الآب وبذلك يُحسب ضمن المخلوقات؟ وفي هذه الحالة ما الذي يمنعنا من أن نحسب الآب أيضًا ضمن باقي المخلوقات، ونضطر نتيجة لذلك أن نعتبر الآب مثل باقي الكائنات التي تخضع للتغيير مادام صورته ورسم جوهره خاضعًا أيضًا للتغيير “. حوار حول الثالوث. المرجع السابق ص85. ويقول أيضًا: ” إن أزلية الابن مشهود لها من الآب إذ هو مولود من الآب أزليًا بالطبيعة “. ويستشهد بنفس الآية السابقة لإثبات ذلك ويعطى مثل الشمس والشعاع لإيضاح هذه الحقيقة انظر حوار حول الثالوث المرجع السابق ص103ـ104.

 

إن الابن هو إله حقيقى – الحوار الثالث ج1 حول الثالوث – القديس كيرلس الاسكندري