أبحاث

من هو الله من وجهة نظر غير الخلقيدونيين

من هو الله من وجهة نظر غير الخلقيدونيين

من هو الله من وجهة نظر غير الخلقيدونيين

من هو الله من وجهة نظر غير الخلقيدونيين
من هو الله من وجهة نظر غير الخلقيدونيين

مَنْ هو الله الكلمة:

في الفكر اللاهوتي لكل من الخلقيدونيين وغير الخلقيدونيين، يسوع المسيح هو الله الابن الذي تجسد وصار إنساناً، والله الابن هو “الواحد من الثالوث”. وكان كلا الجانبان قد ورث الفكر اللاهوتي الكبادوكي الخاص بعقيدة الثالوث ولكنهما لم يتفقا كثيراً مع تعاليم ق. أغسطينوس.

ويؤكد الفكر اللاهوتي غير الخلقيدوني على وجه الخصوص (بحسب المفهوم الكبادوكي) أن الله هو ’أوسيا‘ واحد وثلاثة ’هيبوستاسيس‘، بما يعني أن اللاهوت الواحد يتفرد ويتخصخص (individuated) أزلياً وبالتساوي والكمال في الأشخاص الثلاثة الآب والابن والروح القدس. وبما أن الأوسيا بكليته يتفرد ويتخصخص في كل واحد منهم، لذلك فإن الآب هو إله كامل والابن هو إله كامل والروح القدس هو إله كامل، ولكن مع ذلك هم ليسوا ثلاثة آلهة لأن كل منهم له نفس الأوسيا فيه.*

والأوسيا أي اللاهوت هو غير منقسم، ولا يوجد بنفسه بعيداً عن الثلاثة أشخاص (هيبوستاسيس).

ومع ذلك لم يكن هذا التفسير لعقيدة الثالوث، في نظر اللاهوتيين غير الخلقيدونيين، كافياً تماماً لشرح سر الله المكنون، لذلك نرى البطريرك ساويروس على سبيل المثال يصر على أن “الثالوث القدوس لا يخضع للتعريفات الطبيعية، أو الأبحاث العقلانية، لأن ماهيته هي فوق إمكانية المعرفة”. فهو أبعد من كل شيء، ويعلو على كل فكر، ولا يمكن لعقولنا أن تدرك الثالوث القدوس.

وحتى المصطلحات ’أوسيا‘ و ’فيزيس‘ و ’هيبوستاسيس‘ وغيرها، هي غير كافية في الحقيقة لتشرح المعنى الحيقي لله، إلا أننا نستخدمها فقط لمساعدتنا على شرح بعض المفاهيم الفائقة.

والله هو الثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس. والعلاقة الأولية للابن مع الآب هي الوحدانية في ’الأوسيا‘، وهو الابن الفريد المولود من الآب وولادته هي في الأزل. والابن بلا بداية وقبل الزمن، وهو “حكمة الله وقوة الله”. وهو “مولود من الآب ـ مثل ’الكلمة‘ ـ بلا بداية وبلا ألم أو أي قيود جسدية”.

والابن مولود من الآب “قبل الزمن وقبل كل الدهور ومنذ الأزل”، وهو “بهاء مجده وصورة شخصه”. وهو “المولود الوحيد، والفريد من الفريد، والذي له في كيانه كل ما للآب دون أي نقصان. ولأنه مولود على هذا النحو، “فهو يسكن (أو كائن)” في أبيه بكونه “صورته غير المتغيرة”.[1]

إذن فالابن مولود من الآب والروح القدس ينبثق من الآب منذ الأزل، ولا يعني هذا أن الآب سابق على الابن والروح القدس، ولا أن الابن والروح القدس لاحقان للآب في الزمن، فالثلاثة أشخاص أزليون معاً ومتساوون معاً.

والآب والابن والروح القدس مشتركون في الطبيعة والإرادة والسلطة، ولذلك فإن الابن والروح القدس حاضران مع الآب في كل ما يفعله، وعلى نفس النحو يكون الآب والروح القدس حاضرين مع الابن في كل ما يفعله، ويكون الاب والابن حاضرين مع الروح القدس في كل ما يفعله. والآب يخلق بواسطة الابن ويكمِّل الخليقة في الروح القدس.

والآب يختلف عن الابن وعن الروح القدس فقط في كونه وحده هو آب، أو في كونه وحده له الأبوة؛ والابن يختلف عن الآب والروح القدس فقط كونه وحده له البنوة؛ والروح القدس يختلف عن الآب والابن فقط في كونه الرب الذي يسكن في الخلائق ويلهمهم لكي يعرفوا الله.*

والله غير قابل للتغير، ولذلك لا يخضع لأي تحول في طبيعته؛ وهو كامل في ذاته ولذا لا يقبل أية إضافة في كيانه؛ وهو يخلق ليس بسبب اضطرار موضوع عليه، ولكن كتعبير عن حبه اللانهائي.

وبعيداً عن الزمان والمكان وكافة القيود الأخرى يتصل الله بخلائقه وبالعالم. أما العالم فكائن في الزمان والمكان وبقية القيود الطبيعية، وقد صنعه الله شيئاً حقيقياً وخطط ليقوده نحو الكمال الذي قصده له، والعالم لم يضف أي شيء إلى الله الكامل أزلياً، والذي هو بالحقيقة وحده المستقل (غير الاعتمادي) والكائن ذاتياً (independent and self-existent).

وكان اللاهـوتيون غير الخلقـــيدونيين قد استبعدوا كلاً من: (1) السابلية، حيث أكــــدوا على أزلـــــية وكمـــال الثلاثة أقانيم؛ (2) الديناميزم (Dynamism) التي كان ينادي بها بولس السموساطي،# حيث اعترفوا أن الآب والابن والروح القدس هم ثلاثة أشخاص حقيقية أزلية؛ (3) الأريوسية، إذ قد إعترفوا مع آباء نيقية بأن الابن له ذات الجوهر الواحد مع الآب؛ (4) المقدونية، حيث قد أكدوا أن الروح القدس له ذات الجوهر الواحد مع الآب والابن.

وكما أدان غير الخلقيدونيين هذه الهرطقات التي كانت ضد عقيدة الثالوث القدوس قبل مجمع خلقيدونية، فقد تصدوا كذلك لموقف الذين نادوا بثلاثة آلهة في القرن السادس ومحاولتهم لنشر هذا الفكر الخاطئ.[2]

وهكذا نجحوا في مقاومة كل من هرطقة الثلاثة آلهة من ناحية، والهرطقة السابلية ـ والتي تُعرف ايضاً بالشكلية (modalism) ـ من الناحية الأخرى، ففي مواجهة الأولى أصر غير الخلقيدونيين على أن الله أوسيا واحد وطبيعة واحدة وإرادة واحدة وسيادة واحدة، وفي مقاومة الثانية أكدوا أنه متى فكرنا في الآب أو الابن أو الروح القدس، فإننا يجب أن نقر أن كل واحد منهم هو أوسيا وطبيعة وإرادة وسيادة في ذاته.

 

هو صار إنساناً:

كان التأكيد الدائم المتكرر لكل اللاهوتيين غير الخلقيدونيين هو أن الله الابن، الأقنوم الثاني في الثالوث القدوس، قد صار إنساناً. ويؤكد مار فيلوكسينوس أسقف منبج على سبيل المثال أن الله الكلمة أو الله الابن “صار جسداً في رحم العذراء”.[3] وهي قد حملته وهو صار جسداً؛ أو بصورة أدق: هو صنع لنفسه جسداً من رحم العذراء، جسداً له روح عاقلة ومدركة، وجعله جسده الخاص.[4]

ويصر مار فيلوكسينوس أنه (أي الابن) لم يتخذ لنفسه جسداً كان قد تكوّن من قبل؛ لأن هذا لا يعتبر تجسداً.[5] ومن هنا فإن الجسد ـ الذي كان يعني بالنسبة لأسقف منبج ’إنساناً كاملاً‘ ـ قد أُخذ من رحم العذراء.

وهناك أمران واضحان في كلام مار فيلوكسينوس: أولاً، كان تعبير ’صار جسداً‘ لا يعني أن الله الكلمة قد تغير إلى إنسان، ولكنه كان يعني فقط أنه قبل في نفسه وبإرادته إخلاءً ذاتياً، وولد من أم إنسانية.[6]

وهكذا فإن الذي وُلد أزلياً من الآب بحسب الطبيعة، وُلد كإنسان تحت ظروف الزمان والمكان لأجل خلاصنا،[7] ولكي يولد هكذا صنع الله الكلمة لنفسه جسداً من رحم العذراء. ثانياً، كان تعليم مار فيلوكسينوس يشير إلى تدبير إلهي حقيقي مطلق، اتخذ فيه الله الابن ناسوتاً، يتكون من كل شيء إنساني، بكل ما في ذلك من معنى حقيقي، باستثناء الخطية وحدها.[8]

وبالتالي فقد حُبل به، وولد كرضيع، ونما كطفل؛ وكان خاضعاً لكل قوانين الطبيعة، وتحمل الألم، والسخرية والخزي والعذاب ومات وقام ثانية من بين الأموات.[9]

وفي تأكيده على تجسد الله الابن، أوضح أسقف منبج أن أحد أهداف التجسد هو أن يعطينا معرفة عن طبيعة الله الحقيقية، ويقول مار فيلوكسينوس أنه بالتجسد عرفنا أنه يوجد (من يُدعى) الله الابن،* فلو لم يتجسد الابن لما كانت هذه الحقيقة قد كُشفت لنا.[10]

وكان للبطريرك ساويروس الأنطاكي فهماً أكثر تطوراً لعقيدة التجسد، فقد أكد أن الله الابن خصخص له ناسوتاً في الإتحاد معه، واتخذه ناسوته الخاص.[11] وقد تخصخص (individuated) ناسوت المسيح بنفس الطريقة التي تحدث بالنسبة لأي إنسان آخر، ماعدا أن الجسد في تلك الحالة أخذ وجوده في معية الله الكلمة.[12]

وقد تكوَّن الجسد أو الناسوت بالفعل من جسد الأم العذراء، وعندما “أكمل الوقت كجنين”[13] وُلد كطفل بشري. وفي تأكيده على أن الكلمة “صار جسداً”، كان ساويروس مهتماً بالاعتراف أن “الجسد اتخذ وجوده في ذات الطبيعة المتجسدة لله الكلمة”، وأن الجسد “خضع للنمو التدريجي” في أخذه صورة الإنسان.[14]

ومن الجدير بالذكر أن البطريرك ساويروس كان قد أكد نقطتين هامتين بخصوص ميلاد المسيح، النقطة الأولى هي أن الميلاد كان من عذراء بدون تدخل رجل، وقد ذُكرت هذه النقطة فيما قبل.[15]

والنقطة الثانية هي أن هذا الميلاد كان ميلاداً حقيقياً وتلا حبلاً حقيقياً ونمواً للجنين في رحم الأم. ولذلك كتب ساويروس خطاباً إلى أنطونينو أسقف أليبو[16] (Antonino of Aleppo) يقاوم فيه رجلاً كان يعلِّم أن “العذراء القديسة لم تحس بالولادة”، واحتوى هذا الخطاب على تأكيد البطريرك ساويروس أن “العذراء ولدت وهي تشعر” بحقيقة الولادة، وأن “هذه الولادة لم تكن خيالية”.

“وإذ أراد أن يشترك بالحقيقة في كل شيء يخصنا مقدِّماً نفسه كواحد منا نحن أخوته في كل شيء ما خلا الخطية، وُلد باليقين في الجسد ميلاداً ظاهراً حقيقياً، جاعلاً تلك التي ولدته أن تشعر (بحقيقة الولادة)، وإن كانت قد تحررت من كل آلم أو معاناة”.

وأكد البطريرك ساويروس على أمرين بخصوص أم ربنا، أولاً أنها ولدته وهي عذراء، وثانياً أنها ثيؤطوكس (والدة الإله)، وحيث إننا قد تعرضنا للأمر الأول، فسنناقش الأمر الثاني باختصار في السياق التالي.

يعلق البطريرك ساويروس على فقرة من رسالة ق. كيرلس إلى الرهبان، ويؤكد أن السر الخاص بميلاد المسيح يشبه ذلك الخاص بميلادنا[17] فيقول: “حينما تقضي الأمهات على الأرض فترة حملهن الطبيعية، يتكون في أرحامهن الجسد الذي يأخذ شكله تدريجياً”، ويضع الله فيه روحاً بطريقة لا يعلمها إلاّ هو وحده، وبفعل الله ينمو الجسد إلى قوامه الكامل.

وفي الأساس الجسد مختلف عن الروح، “ولكن على الرغم من أن الأمهات على الأرض هن أمهات للأجساد فقط، فإنهن يلدن الكيان المركب من الجسد والروح بأكمله”. ولذلك لا يقول أحد أن “أليصابات حملت الجسد وليس الروح”. ونفس الشيء حدث بالنسبة لميلاد عمانوئيل، فالله الابن صار مثلنا “وولد في الجسد بواسطة امرأة. وبالرغم من أن العذراء كانت أماً لناسوت المسيح وحده، فلأن الناسوت قد أتى إلى الوجود وتكوَّن فقط، داخل الاتحاد مع الله الابن، فقد ولدت الله المتجسد، ولذلك صارت هي والدة الإله ’ثيؤطوكس‘”.

ولم يكن بالقطع تأكيد البطريرك ساويروس على الميلاد البتولي ولا على الاعتراف بالعذراء كثيؤطوكس، بقصد الانتقاص من حقيقة أو كمال ناسوت المسيح، بل كان القصد هو التأكيد على وحدة المسيح.

وكانت هناك أيضاً خمس أمور على الأقل أكدها البطريرك ساويروس الأنطاكي بخصوص ناسوت المسيح نوردها فيما يلي:

  • إن الناسوت لم يتغير إلى اللاهوت، وقد أصر ساويروس على أن “الجسد لم يتخلى عن طبيعته كجسد، بالرغم من أنه صار جسد الله”.[18]

  • إن اتحاد الطبيعتين لم يؤثر على الحـالة المخلوقية (creaturely status) للناسوت أو خواصه وملكاته.

  • إن الله الابن في حالته المتجسدة سمح للناسوت أن يمارس كل وظائفه المخلوقية من (داخل) حالة الاتحاد. وعلى هذا النحو نما الجنين في الرحم واكتمل كطفل بشري، وعندما حان الوقت وُلد في العالم. وبعد ولادتـــه نما الطفل وتقوّى، وامتلأ بالحكمة “وكانت نعمة الله عليه”.[19] كما كان للناســوت وعيه الذاتي (self-consciousness)، وحريته المخلوقة بكاملها، ولكن لأن الناسوت كان متحداً بغير انفصال مع اللاهوت، فالحقيقة في واقع الأمر أن تلك الملكات (الخاصة بالناسوت) لم تُستخدم على نحو خاطئ في عصيان الله.

  • كان للناسوت كل القيود الخاصة ببشريتنا ماعدا كونه بغير خطية، ولذلك أصبح من الممكن أن يكون محكوماً بوجود محدود؛ وأن يجوع ويعطش ويتعب جسمانياً؛ وأن يُرفض من خاصته ويُسلم إلى السلطة السياسية في عصره كمجرم؛ وأن يعاني التعذيب والألم والموت. وكانت كل خبرة من هذه الخبرات شديدة الوطأة جداً، ولم تكن لا خيالية ولا خادعة، بل في الواقع كانت حقيقة تلك الخبرات أمر أساسي لخلاصنا الذي أتى الرب لتتميمه.

  • كل الحقائق البشرية قد أخذها الله الابن كخاصته (أي جعلها خاصة به) في التدبير الخلاصي.

وفي محاولة البطريرك ساويروس توضيح التعليم الخريستولوجي لغير الخلقيدونيين، كانت له إجابة هامة على سؤال يختص بما حدث لناسوت المسيح بعد القيامة. وقد رد البطريرك ساويروس على هذا التساؤل في رسالته إلى كنيسة حمص[20] (Homs)، حيث كان هناك شخص يروج فكرة أن الله الكلمة الذي صار متجسداً، أصبح بعد القيامة بدون جسد لأنه “خلع ما كان متحداً به هيبوستاسياً”. وقد فند البطريرك ساويروس هذه الفكرة وأصر على أنها “أبعد من كل تقوى وأكبر من كل تجديف”.

وفي رسالته إلى كليدونيوس (Cledonius)، كتب البطريرك ساويروس أن غريغوريوس النزينزي كان قد أدان بالفعل الذين يقولون إن “الجسد قد طُرح (تُرك) الآن، وأصبح اللاهوت بدون الجسد”، وأضاف البطريرك ساويروس: إن الله الكلمة في طبيعته هو بدون لحم ودم، ولكن في تدبيره الخلاصي اتخذ لحماً ودماً، ولا يعني هذا أنه كان يعاني قصوراً في الكمال (ليأخذ شيئاً لم يكن فيه)، ولكنه أخذ لحماً ودماً لكي يتمم خلاص الجنس البشري في جسد بشري.

وهكذا فإن الطبيعة البشرية التي اتخذها لم تُبتلع (أو تتلاشى) في ’أوسيا‘ اللاهوت. ولذلك أصر البطريرك ساويروس على أن “الجسد بقي جسداً حتى بعد القيامة والصعود الإلهي، وهو يضيء في المجد الخاص بالابن الذي له هذا الجسد. وبكونه جسد الله فهو (جسد) إلهي، ولكنه لم يتغير إلى ’أوسيا‘ اللاهوت”. فالناسوت الذي أخذه الله الابن وجعله خاصاً به في التجسد هو ناسوت مخلوق، وسيبقى هكذا إلى الأبد وهو لم يمتص في الطبيعة الإلهية.

 

الكلمة صار إنساناً في يسوع المسيح:

إذاً كان المفهوم الذي شدد عليه غير الخلقيدونيين هو أن واحداً من الثالوث القدوس وهو الله الابن، قد صار متجسداً ومتأنساً. وكانت الفقرة الكتابية الحاسمة التي يُشار إليها هي التي جاءت في إنجيل يوحنا: “الكلمة صار جسداً وحل بيننا”،[21] وكان يُذكر معها أيضاً كلمات بولس الرسول: “الله أرسل ابنه مولوداً من امرأة”.[22]

وبينما كان البابا تيموثاؤس إيلوروس يؤكد على أن الناسوت كان حقيقياً، كان يصر أيضاً على أن الله الابن في التجسد صار “واحداً مع الجسد”. وقد عبَّر البابا تيموثاؤس عن وجهة نظره بصورة أوضح بواسطة فقرة اقتبسها ـ وهو متفق معها ـ من الأعمال الزائفة المنسوبة ليوليوس أسقف روما (Pseudo-Julius of Rome)، حيث قال:[23]

“إذاً، فإن كان الذي وُلد من العذراء يُدعى يسوع، فهو نفسه الذي بواسطته دُعيت كل الأشياء إلى الوجود. فالطبيعة هي واحدة، لأن الشخص هو واحد، وهو الذي لا يمكن أن ينفصل إلى إثنين: لأنه في التجسد، لم توجد طبيعة الجسد قائمة بذاتها (مستقلة)، ولم توجد طبيعة اللاهوت منفصلة عنها”.

لقد كان ناسوت المسيح حقيقياً، ولكنه لم يوجد قائماً بذاته منفصلاً عن اللاهوت.

ولكي يؤكد البابا تيموثاؤس حقيقة بشرية المسيح، أقتبس فقرة من يوحنا أسقف أورشليم ـ وهي التي قام البطريرك ساويروس باستخدامها مرة ثانية في كتابه ضد يوليان أسقف هاليكارنيســوس ـ  وتبدأ هذه الفقرة بذكر أن ربنا وُلد من مريم العذراء بفعل الروح القدس، ثم تستمر كما يلي:[24]

“وأخذ جسداً حقيقياً وليس خيالياً من جسدها، وهذا الجسد له نفس طبيعة جسدنا. وفي (هذا) الجسد تحمل الآلام بالحقيقة لأجلنا، وتعب من السفر مثلنا بدون أي خداع، ومثلنا (أيضاً) نام وشعر بآلام الجروح التي أصابته بواسطة بيلاطس. وعندما لُطم على خديه تحمل الوجع؛ وحينما ثُقبت يداه ورجلاه بالمسامير، كان يشعر بالألم… ونحن نعترف كذلك أن له نفساً عاقلة تحملت (هي الأخرى) المعاناة مثلنا ولأجلنا. وقد تحمَّل حقيقة آلام النفس أي الحزن والكرب والتنهد”.

وقد أكد الكاتب ـ ومعه البطريركان تيموثاؤس وساويروس ـ أن كل هذا كان حقيقياً (وليس وهماً أو خيالاً أو خداعاً)، وهكذا فإن المسيح ذاته كان ـ في آنٍ واحد ـ له ذات الجوهر الواحد مع الله الآب ومع الله الروح القدس، وله ذات الجوهر الواحد معنا. وحيث إنه كان وحدة (unity)، فإن الناسوت لم يوجد فيه في حالة استقلال أو انفصال عن اللاهوت.

أما مار فيلوكسينوس فيقر أن قانون الإيمان النيقاوي يشرح الإيمان الإنجيلي بتأكيده على أن الله الابن نفسه هو الذي نزل من السماء، وولد من العذراء، وتألم، ومات، وقُبر، وقام ثانية… وينسب كل هذه الحقائق لله الابن المتجسد، وليس بعضاً منها إلى الله الابن وبعضاً منها إلى الطبيعة البشرية. فالإيمان إذاً هو أن الله الابن “بحلوله في الرحم وتجسده، فإن نفس الواحد قد أُعلن ـ في آنٍ واحد ـ أنه هو الكلمة والجسد، الله والإنسان، المُخفى والظاهر، صورة (هيئة) الله وصورة الإنسان”. وبكونه صورة الله، فهو الكلمة الأزلي الواحد مع الآب في الجوهر، وبكونه صورة الإنسان فإنه هو نفسه قد صار واحداً معنا في الجوهر.[25]

ويؤكد مار فيلوكسينوس أن التجسد هو عمل الله، وهو عمل من خلاله أصبح الله الكلمة “أحد أشخاص الثالوث” وبالتحديد “الشخص الأوسط (middle person)، وسيطاً بين الله والإنسان”.

وقد فعل ذلك “بتجسده في رحم العذراء”، و”بتأنسه لكي يخلق كل إنسان في نفسه من جديد”. ويؤكد مار فيلوكسينوس أنه طبقاً لذلك، فإن الله الذي خلق آدم في البداية خارجاً عن شخصه، قد قام الآن بإعادة خلقة طبيعة الإنسان في ذاته.[26] وهذا سر نعترف به بالإيمان وليس بالمنطق، فيسوع المسيح بالنسبة للعين المجردة هو إنسان عاش على مستوى التاريخ، ولكن بالنسبة لعين الإيمان فهو الله الكلمة الذي صار متجسداً.

وإذا انتقلنا إلى البطريرك ساويروس الأنطاكي فسنجد أنه قد ذكر خمسة ملاحظات في معرض تأكيده على أن يسوع المسيح هو الله الكلمة المتجسد سنوردها فيما يلي:

  • في التجسد، “لم تتغير الطبيعة الإلهية للكلمة إلى ما لم تكن عليه”، ولكنه (أي الكلمة) ظل كما هو. وحينما صار الكلمة جسداً، فإنه هو نفسه كان الإله الكامل والإنسان الكامل. فالكلمة الذي لا يُرى قد أصبح مرئياً. لأن ما كان هو عليه وما أصبح عليه ليسا اثنين، لأنه هو واحد.

  • لقد قبل الله الابن حالة التجسد كتدبير لأجل خلاص العالم. وقد اتخذ حياة بشرية كاملة، وجعل نفسه بالحقيقة مع الإنسان الساقط، وحقق خلاصه إلى الأبد.

  • إن تدبير الخلاص هو عمل إلهي، قبل فيه الله الابن ميلاداً ثانياً من أم بشرية، بالإضافة إلى ولادته الأزلية من الله الآب. ولكن هذا لم يؤثر على كيانه الأزلي، فبكونه الله هو يملأ كل شيء وفعله مدرك في كل مكان في الطبيعة وأيضاً في الإنسان. وهذه الأعمال تمثِّل ضبط الله وتوجيهه (للخليقة)؛ ولكن في التجسد تم إعلان الله عن ذاته.

  • إن التأكيد بأن الله الابن صار إنساناً لا يعني أن الكون أصبح محروماً من عنايته الإلهية أثناء حياته على الأرض. وكان البطريرك ساويروس ـ مثل مار فيلوكسينوس وبقية اللاهوتيين غير الخلقيدونيين ـ يصر على أن الله الابن لكي يصبح متجسداً كان لابد أن يقبل في نفسه إخلاءً ذاتياً، وهذا المفهوم له دلالاته الهامة التي سنلتفت إليها فيما بعد.

  • إن أساس مفهومنا عن التجسد هو اعتراف الكنيسة بأنه سر ينبغي قبوله بالإيمان. ونحن نؤمن أن “هيبوستاسيس الله الكلمة ذاته صار متجسداً، بحسب التقليد الرسولي للكنيسة الذي تسلمته منذ القديم”.

وهذا التأكيد على أن يسوع المسيح هو ابن الله المتجسد وأنه في آن واحد إله كامل وإنسان كامل، يمكننا أن نجده في أي عبارة لاهوتية تشير إلى شخص المسيح عند قادة الجانب غير الخلقيدوني. ونستطيع أن نذكر هنا عبارتين من تلك العبارات وضعهما الجانب غير الخلقيدوني في القرن السادس. وتظهر العبارة الأولى في الاعتراف الذي قدَّمه القادة غير الخلقيدونيين للإمبراطور جوستنيان عام 531م.[27]

فبعد التعبير عن إيمانهم بالثالوث القدوس، أكدوا أن واحداً من أشخاص الثالوث القدوس وهو الله الكلمة ـ بإرادة الله الآب ولأجل خلاص البشر ـ اتخذ في الأيام الأخيرة جسداً من القديسة العذراء مريم والدة الإله (ثيؤطوكس) بالروح القدس، وهذا الجسد له روح عاقلة مفكرة. ولأنه له نفس الطبيعة معنا، فقد كان الجسد قابلاً للألم.

وقد صار الله الكلمة إنساناً ولكنه “لم يتغير عما كان عليه، لذلك فهو واحد مع الآب في الجوهر فيما يخص اللاهوت، وأصبح واحداً معنا في الجوهر فيما يخص الناسوت. وبهذه الطريقة، أصبح الذي هو الكلمة الكامل ابن الله، إنساناً كاملاً بغير تغيير”.

وأكد القادة (في هذا الاعتراف) أن التجسد كان حقيقياً وليس ظاهرياً. “وقد تحمل عنا إرادياً الآلام البريئة الطبيعية في جسده القابل للألم، الذي هو واحد معنا في نفس الجوهر، وقبل كذلك موتنـــا لأجلــنا. كما وهب لنــــــا أيضاً الحيــــاة بقيامـــته اللائقــة بالله (God-befitting)، واستعاد لأول مرة عدم الفساد وعدم الموت للجنس البشري”.

وأضاف القادة أنه لا ينبغي أن نقسِّم الرب المتجسد إلى شخصين أو طبيعتين، كما فعل نسطوريوس ومؤيدوه، ولكنه “وهو الذي مثل الآب في كل شيء ماعدا الأبوة، قد صار له نفس الطبيعة معنا وأصبح يُسمى ابن الإنسان. وهو واحد، لأن هو نفسه أُظهر بكونه إلهاً وإنساناً (في آنٍ واحد)، وولد كما هو كطفل من أجلنا”. ولذلك “فإن الذي كان في السابق بسيطاً وليس مركباً، أي الله الكلمة، صار متجسداً من العذراء مريم والدة الإله، ووحد بنفسه (to himself) جسداً مُحيَاً بروح عاقلة، وأصبح مركباً في التجسد”.

وهذه العبارة في الحقيقة واضحة تماماً، وهي تؤكد في كلمات بسيطة جداً أن يسوع المسيح هو في آنٍ واحد إله كامل وإنسان كامل، وأنه وحدة (unity)، وأنه هو الله الابن الذي صار متجسداً بالمعنى الحقيقي الكامل.

أما الوثيقة الثانية فقد كُتبت عام 536م، لأنه بعد فشل المباحثات بين البطريرك ساويروس وجوستنيان طُرد الأول من المدينة، وقبل مغادرته تبادل هو وأنثيموس وثيؤدوسيوس الرسائل التي تعبر عن اتفاقهم في الإيمان.[28] وفيما يلي ملخص الرسالة التي بعث بها البطريرك أنثيموس إلى البطريرك ساويروس:

ذكرت الرسالة أن قانون إيمان نيقية حسبما فهمه وأقره مجمعا عام 381م وعام 431م، وكذلك حروم ق. كيرلس الإثني عشر، بالإضافة إلى منشور الإتحاد (هينوتيكون) لزينو ـ كلها وثائق إيمانية مقبولة. واستمر أنثيموس بعد ذلك يقول:

“إن الله الكلمة المولود من الآب قبل العالمين، الذي له ذات الطبيعة الواحدة وذات الأزلية الواحدة مع الآب، الذي به عُملت (خُلقت) كل الأشياء، هذا قد صار في الأيام الأخيرة متجسداً من العذراء مريم والدة الإله بالروح القدس”. “وقد وحَّد هيبوستاسياً (hypostatically) بنفسه جسداً له ذات الطبيعة معنا وله روح عاقلة مفكرة. وقَبِلَ أن يشابهنا بغير تغيير أو اختلاط أو خطية”، مجتازاً ميلاداً ثانياً.

والأم العذراء هي والدة الإله ’ثيؤطوكس‘، “والذي وُلد منها في الجسد هو إله كامل وإنسان كامل. وهو ابن واحد ورب واحد ومسيح واحد وطبيعة واحدة متجسدة للكلمة”. وتعبير ’طبيعة واحدة‘ لا يعني أن أي من الطبيعتين قد فُقد في الإتحاد. “لقد صار إنساناً بالتمام، بينما ظلت كل من الطبيعتين بدون اختلاط طبقاً للمبدأ (الأصل) الذي عليه كل من هاتين اللتين إلتقيتا معاً في اتحاد غير قابل للانفصال”. وبالتالي فإن كلاً من الطبيعتين استمرت في الإتحاد (ولم تُفقد).

وأصر أنثيموس على أن التجسد لم يحول الثالوث إلى ’رابوع‘ (Quaternity)، ولكن حيث إن الله الكلمة هو فوق التألم بطبيعته فقد اتخذ جسداً له ذات الطبيعة معنا لكي يشترك في معاناتنا. وقد تألم في الجسد، وبالرغم من أنه غير قابل للألم بلاهوته، إلاّ أنه تألم فيما اتخذه (أي في الجسد).

“إنه تألـــم بالحقيقة ـ وليس ظاهرياً ـ في الجسد الذي هو بالطبيعة قابل للألم”. وأكد أنثيموس أننا مع ذلك لا نفصل هاتين اللتين إلتقيتا معاً في الاتحاد؛ “ولا نتحدث عن من هو واحد، وفوق كل تعبير، بأنه طبيعتين أو نَصِفه بأنه في طبيعتين”. وفي نفس الوقت “لا نُدخِل أي اختلاط (في الاتحاد) بإلغاء الاختلاف بين اللاهوت والناسوت”.

 

التعليم عن المسيح (الخريستولوجي) والتعليم عن الخلاص (السوتيريولوجي):

لقد أجمع اللاهوتيون غير الخلقيدونيين على التأكيد بأن القصد من التجسد هو خلاص العالم، وقد حققه الله في ومن خلال حياة إنسانية. ومن أجل تتميم خلاص العالم، صار الله الابن ـ الذي بواسطته خُلق العالم ـ متجسداً حسب مشيئة ومشاركة الله الآب والله الروح القدس.

ويسوع المسيح الابن المتجسد هو الوسيط بين الله والإنسان، وهو يقف في الوسط لأنه في آنٍ واحد متواصل (في وحدانية الجوهر) مع الله الأزلي ومع الإنسان المخلوق، ولذلك فهو فريد في خواصه (sui generic)، وهو المخلِّص الواحد والوحيد للعالم. ولأنه الوسيط، فقد تمت فيه خلقة الجنس البشري من جديد، وهو آدم الثاني وأول عضو في البشرية الجديدة وسيستمر رأساً لها إلى الأبد.

وقد عالج البطريرك ساويروس بشكل مختصر جداً موضوع القصد من التجسد في كتابه “ضد النحوي” ، ونورد منه هنا هذه الفقرة الحاسمة:[29]

“لقد صار ابن الله الوحيد واحداً معنا في الجوهر، من خلال اتحاده هيبوستاسياً بجسد مُحيَ بروح عاقلة. وبسبب هذا، أصبح ’أوسيا‘ البشرية بكامله وكل الجنس البشري متحداً بالحب مع الطبيعة الإلهية التي كان غريباً ومُبعداً عنها فيما سبق. ولذلك ـ كما هو مكتوب ـ فنحن الذين جُبلنا مؤهلين للتوافق الأصلي (مع الأصل)، أصبحنا شركاء الطبيعة الإلهية. وبالمشاركة، تقبلنا العطايا الإلهية وعدم الموت الذي كان قد فُقد منا بسبب معصية آدم”.

ومن خلال هذه الفقرة يمكننا أن نضع تعليم البطريرك ساويروس على النحو التالي: لقد خلق الله الإنسان لكي يظل الإنسان في علاقة وثيقة معه ـ علاقة الحب. ولكن بسبب السقوط، لم يستطع الإنسان أن يحتفظ بهذه العلاقة ولم يكن من الممكن له أن يسترد حالته المفقودة مع الخالق.

وفي ذلك المأزق، عبَّر الله بنفسه عن حبه نحو الإنسان، وأعاد إلى الحياة عضواً من الجنس البشري متحداً به هيبوستاسياً، ومن خلال ذلك حقق الله الابن في وبواسطة هذا العضو الذي من العائلة البشرية خلاص الجنس البشري كله. وجعل الله الابن نفسه ـ في اتحاده بالناسوت ـ وسيطاً بين الله والإنسان لأنه هو نفسه وفي آنٍ واحد إله كامل وإنسان كامل. فبكونه إله هو الله الابن الواحد من الثالوث القدوس، وبكونه إنسان هو نفسه متواصل مع الجنس البشري كله.

ومرة أخرى نقول أن يسوع المسيح كإنسان هو فرد بشري، وبما أن كل الناسوت بكماله قد تفرد وتخصخص فيه، فهو يمثل كل البشر بشكل فردي وكل الجنس البشري بأجمعه. ويسوع المسيح، الوسيط، لم يتم ابتلاعه في الله الثالوث بل ظل في اتحاد غير قابل للانحلال مع الله، كما أن لاهوت الابن لم يُستنفذ (أو يتغير) في التدبير الإلهي الذي أُظهر في ذلك الوسيط.

*   انظر: توماس. ف. تورانس، الإيمان بالثالوث، ترجمة المترجم، مراجعة د. جوزيف موريس، دار باناريون للنشر القاهرة، ط1 2007، صفحة 294. انظر أيضاً الملحق الموجود في نهاية الكتاب.

[1] Contra Grammaticum, op. cit., I, pp. 154-7; P.O., vol. VIII, p. 216.

*  إن الروح القدس يختلف عن الآب والابن فقط في كونه وحده له الإنبثاق.

#  كان بولس السموساطي ينادي بأن الابن هو قوة الآب دون أن يكون شخصاً حقيقياً، وأن هذه القوة سكنت في يسوع الإنسان، كما كان يرى أن الروح القدس ليس أقنوماً إلهياً، وإنما فقط نعمة الله التي أُعطيت للرسل.

[2]  انظر صفحة 297.

[3]  انظر المرجع رقم 15 صفحة 396. حيث تجد اعتراض مار فيلوكسينوس على الأوطيخية.  وقد انتقد أسقف منبج الأوطيخية على أساس أنها رفضت التسليم بأن الله الابن قد اتخذ الجسد من رحم العذراء.

[4]  يؤكد مار فيلوكسينوس: “وبالضبط مثل كل جسد يتم تكوينه إذ يحضر إلى الوجود في الرحم وينمو هناك ، فهكذا وبنفس الطريقة حينما أراد الكلمة بإعجاز أن يتجسد فإنه لم يأخذ جسده من أي مكان آخر سوى الرحم، حيث حُبل به فيه. لأنه لم يتحد بجسد أي واحد آخر ولكن بجسده الخاص”. (Tractatus…., op. cit., p. 40) .

ويقول مرة أخرى: “لأنه أخلى ذاته، ونزل بنفسه، ودخل في (رحم) العذراء؛ وقد أصبح متجسداً منها وصار إنساناً؛ وحُبل به وولد، وصار واحداً منا في كل شيء ماعدا الخطية. وكان هذا هو جسده هو وليس جسد أي واحد آخر”. (المرجع السابق صفحة 53).

[5]  هذه النقطة كررها كل من مار فيلوكسينوس والبطريرك ساويروس مرات عديدة. وعلى سبيل المثال، أكد مار فيلوكسينوس: “إن إخلاء الذات (للابن) قد حدث أولاً، وعندئذ صار متجسداً. وذاك الذي أخلى ذاته، هو الذي صار جسداً”. (المرجع السابق صفحة 57).

[6]  كتب مار فيلوكسينوس: “لقد تعلمنا أن لابن الله ميلادين، واحد بالطبيعة والآخر بالإرادة. واحد من الآب، والآخر من الأم. واحد أزلي يتجاوز الزمن، والآخر بشري وفي الزمن”. (المرجع السابق صفحة 70).

[7]  إن الغرض الحقيقي للتجسد هو خلاصنا، وقد أكد مار فيلوكسينوس هذه الفكرة من خلال ربطها بالعماد. وقد كتب يقول: “وحيث إن ذاك الذي هو الابن بالطبيعة قد ولد من العذراء، فإننا صرنا أبناء الله بالنعمة بواسطة العماد”. (المرجع السابق صفحة 87).

[8]  كان مار فيلوكسينوس يؤكد مراراً أن الله الابن وحَّد بنفسه ناسوتاً حقيقياً وكاملاً. وقد كتب إلى رهبان (Senoun) قائلاً: “إن الإنسان الكامل قد تم فداءه في الله. فحيث إن آدم كله قد صار تحت اللعنة والفساد، فقد اتخذه الله كله وجدده. إن الرب الذي صار متجسداً قد أعطى جسده للموت من أجل كل جسد، وروحه من أجل خلاص كل الأرواح. وبهذه الطريقة أُعيد خلقة كل طبيعتنا فيه لتكون إنساناً جديداً”.

(Lettre Aux Moines de Senoun, C. S. C. O. vol. 231, ed. Andre de Halleux, 1963, p. 9)

[9]  انظر صفحة 460.

*   لأن الله هو الذي أعلن لنا ذاته بذاته، وهذا قد تم في التجسد إذ كشف لنا الله عن ذاته بكونه ثالوث.

[10]  Tractatus…., op. cit., pp. 84f.

[11]  كتب البطريرك ساويروس: “لم يتكون الطفل مستقلاً بذاته في رحم العذراء مريم، والدة الإله (ثيؤطوكس)، كما يظن الهراطقة بغرور. فالكلمة الذي قبل الدهور وحَّد بنفسه جسداً ذو روح وعقل منذ أول بداية تكوينه في الرحم”. (Contra Gr., op. cit., I, p. 184)

[12] Contra Grammaticum, op. cit., I, p. 183.

[13]  المرجع السابق صفحة 183.

[14]  إن الطفل الذي حبلت به العذراء قد أخذ في الرحم نموه (التدريجي) الطبيعي. فالاعتراف بأنه قد صار متجسداً إنما يعني أن الجسد قد تكون في ذات (تجسد) الكلمة الذي هو بالطبيعة غير متجسد. وقد نما بالتدريج وأخذ شكل البشر. لكن الجسد لم يأتِ إلى الوجود بمعزل عن الإتحاد مع الكلمة. (المرجع السابق صفحة 183).

[15]  انظر صفحة 412.

[16]  للإطلاع على الخطاب انظر: (P.O., vol. XII, pp. 260-61)

[17] للإطلاع على هذه المناقشة انظر: (Philalethes, op. cit., pp. 136-7). ونستطيع أن نرى من خلال هذا الفهم لمعنى لقب ’ثيؤطوكس‘ أن تخوف المدرسة الأنطاكية مردود عليه.

[18] ذكر البطريرك ساويروس هذا في: (Letter to Oecumenius, P.O. XII, p. 176)

[19]  لو 2: 52.

[20] P.O. XII, pp. 266f.

[21] يو 1: 14.

[22] غل 4: 4.

[23] Zacharia Rhetor, op. cit.,

[24] La Polemique…. I, p. 138.

[25] المرجع السابق صفحة 131.

[26] المرجع السابق صفحة 38.

[27] للرجوع إلى هذا الاعتراف انظر صفحة 258 وما يليها.

[28] للرجوع إلى هذه الرسائل انظر صفحة 266.

[29] Contra Grammaticum, op. cit., I, p. 200.

من هو الله من وجهة نظر غير الخلقيدونيين