آبائيات

عقيدة التأله في الليتورجية القبطية ج1 – د. أنطون جرجس

عقيدة التأله في الليتورجية القبطية ج1 – د. أنطون جرجس

عقيدة التأله في الليتورجية القبطية ج1 - د. أنطون جرجس
عقيدة التأله في الليتورجية القبطية ج1 – د. أنطون جرجس

نجد أحبائي في نصوص الليتورجية العديد من الإشارات الليتورچية إلى عقيدة التأله بالنعمة، التي تُعتبر عصب اللاهوت السكندري، وأساس الإيمان الأرثوذكسي، كما سنرى في النصوص التالية.

حيث نجد إشارة واضحة جدًا لعقيدة التأله بالنعمة في قسمة للابن تُقال في أي وقت، وهكذا يتحدث عن إعطاء الله لنا مشتهيات الألوهية، بعدما خسرنا شجرة الحياة، وهذا يحدث من خلال تناولنا الجسد والدم الأقدسين كالتالي:

“صنعت لي وليمة النعمة، وشفيتني من سم الحية، وسلمتني أدوية الخلاص. لأنه هكذا أيها السيد، عندما عدَّمت نفسي من شجرة الحياة، أعطيتني مشتهيات الألوهية*. صيَّرتني واحدًا معك، أعطيتني جسدك ودمك الذي بذلته عن حياة العالم”.

الخولاجي المقدس وخدمة الشماس، إعداد: القمص إيسيذوروس البراموسي، مراجعة وتقديم: الأنبا متاؤس، (القاهرة: مكتبة مار جرجس بشبرا، ١٩٩٤)، ص ٣٤٣.

وتتحدث قسمة أخرى للقديس كيرلس السكندري تُقال في أي وقت عن عقيدة التأله بالنعمة، حيث عندما نتناول الجسد والدم تشارك نفوسنا مجد الله، وتتحد نفوسنا بألوهيته، ونصير هياكل مقدسة لحلوله، ونتحد به اتحادًا سريًا، وهكذا نتحد بالثالوث القدوس، ويكون واحدًا معنا وفينا كالتالي:

“أجعلنا أهلاً لحلول روحك الطاهر في نفوسنا، أنر عقولنا لنعاين سبحك، نق أفكارنا وأخلطنا بمجدك*. حبك أنزلك إلى هبوطنا، نعمتك تصعدنا إلى علوك* […] عند استحالة الخبز والخمر إلى جسدك ودمك، تتحول نفوسنا إلى مشاركة مجدك*، وتتحد نفوسنا بألوهيتك* […] صيرنا هياكل مقدسة لحلولك […] أهلنا للاتحاد بك خفيةً. وهبت لنا أن نشرب كأس دمك طاهرًا، أهلنا أن نمنزج بطهارتك سرًا*. وكما أنك واحد في أبيك وروحك القدوس، نتحد نحن بك*، وأنت فينا، ويكمل قولك، ويكون الجميع واحدًا فينا”.

المرجع السابق، ص ٢٥٧، ٢٥٨.

 وهكذا نحن نتناول في سر الافخارستيا الجسد الإلهي والدم الكريم لنتأله، وليس كما يدَّعي البعض أننا نتناول الناسوت دون اللاهوت، حيث نصلي في قسمة تُقال للابن في سبت الفرح التالي:

“وأنعمت علينا بشجرة الحياة، التي هي جسدك الإلهي* ودمك الحقيقي”.

المرجع السابق، ص ٢٥٠.

 كما تتحدث القسمة الوجيزة عن أننا نتناول الجسد الإلهي والدم الكريم، نتناول الجسد الإلهي والدم الكريم، وليس الناسوت دون اللاهوت كالتالي:

“يا الله الذي أنعم علينا نحن الخطاة بميقات الخلاص، وذبيحة ناطقة سمائية التي هي الجسد الإلهي*، والدم الكريم اللذان لمسيحك. هذا الذي صار لنا طهرًا، وخلاصًا، ونعمةً، وغفرانًا للخطايا”.

المرجع السابق، ص ٢٤٤.

وتتحدث قسمة الابن السنوي عن اتحادنا الكياني بالمسيح في الإفخارستيا كالتالي:

“وحينما أتقدم لتناول أسرارك، أجعلني مستحقًا لذلك، ومؤهلاً للاتحاد بك*”.

المرجع السابق، ص ٢٥٩.

ويتحدث ق. غريغوريوس اللاهوتي في قداسه عن امتلاء الكل سواء البشر أو الملائكة من لاهوت الابن في صلاة الصلح الموجهة للابن كالتالي:

“وصالحت الأرضيين مع السمائيين، وجعلت الاثنين واحدًا، وأكملت التدبير بالجسد. وعند صعودك إلى السماء جسديًا، إذ ملأت الكل بلاهوتك*، قلت لتلاميذك ورسلك القديسين: سلامي أعطيكم، سلامي أنا أترك لكم”.

المرجع السابق، ص ١٩٥.

كما نصلي في الشيرات الثانية في باكر سبت الفرح مخاطبين العذراء مريم القديسة قائلين:

“السلام للممتلئة نعمة، المائدة الروحية التي تعطي الحياة لكل مَن يأكل منها [المقصود هو الافخارستيا]، السلام للإناء غير الفاسد الذي للاهوت* المعطي الشفاء لكل مَن يشرب منه*”.

ترتيب أسبوع الآلام بحسب طقس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إعداد ونشر مجموعة من المتخصصين في طقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تقديم ومراجعة: القس غبريال، (القاهرة: مؤسسة مينا للطباعة، ١٩٩٤)، ص ٦٨٧.

ويتحدث هنا أننا نشرب من إناء اللاهوت غير الفاسد لشفاءنا، وأعتقد أنه يقصد أننا نشرب اللاهوت سرائريًا المعطي شفاءً لكل مَن يتناول منه.

ونستنتج من هنا أحبائي أن عقيدة التأله بالنعمة متأصلة في الليتورجية القبطية التي تُعتبر وعاءً لعقيدة ولاهوت الكنيسة، فنحن ما نؤمن به نصلي به، وبالتالي، نجد عقيدة التأله بالنعمة متغلغلة في الليتورجية القبطية وصلواتها المقدسة.

يمكنكم الإطلاع على المقال التالي عن عقيدة التأله في الليتورچية القبطية في الرابط التالي: عقيدة التأله في الليتورجية القبطية ج2 – د. أنطون جرجس

عقيدة التأله في الليتورجية القبطية ج1 – د. أنطون جرجس