هل خلق الله الأنوار في اليوم الأول أو الرابع؟
هل خلق الله الأنوار في اليوم الأول أو الرابع؟
هل خلق الله الأنوار في اليوم الأول أو الرابع؟
190- ما المقصود بالقول “لتكن أنوار في جَلَد السماء”؟ وهل خلق الله هذه الأنوار في اليوم الأول أو الرابع؟
ج: المقصود بالأنوار هنا الشمس التي تضئ من ذاتها، والقمر الذي يعكس ضوء الشمس، والنجوم التي تضئ من ذاتها، وإلى هذه الأنوار أشار الكتاب المقدَّس أكثر من مرة:
* ” صانع النعش والجبار والثريا ومخادع الجنوب. فاعل عظائم لا تُفحص وعجائب لا تُعدُّ” (أي 9: 9، 10) ولاحظ قول الوحي الإلهي ” صانع ” فهي تتمشى مع ” فعمل الله النورين العظيمين ” لأن خلق هذه الأنوار من العدم حدث في اليوم الأول، أما عملهم أو صنعهم -من مادة أوجدها الله قبلًا- فقد تم في اليوم الرابع، حيث أخذت الشمس شكلها وقوتها وتركيزها وتأثيرها، وكذلك النجوم.
* ” هل تربط أنت عقد الثريَّا أو تفك ربط الجبَّار. أتخرج المنازل في أوقاتها وتهدي النعش مع بناته” (أي 38: 31، 32) وكل من الثريَّا، والجبَّار، والنعش مجموعات ضخمة من النجوم.
* ” إذا أرى سمواتك عمل أصابعك. القمر والنجوم أنت كوَّنتها” (مز 8: 3).
* ” صنع القمر للمواقيت. الشمس تعرف مغربها” (مز 104: 19).
ويقول تشارلس ماكنتوش ” وإذ نحن في اليوم الرابع، فلا يخطر ببال أحد أن هذا اليوم يحدثنا عن خلق الشمس والقمر والنجوم فهذا شيء لم يقله السجل الإلهي، الذي إنما قال أن الله {عمل} هذه المنائر أو حاملات النور وهذا اللفظ {عمل} لا يعني خلقها.. وإنما يحدثنا عن وضعها الجديد بعد ظهور النباتات وقبل ظهور الحيوانات اللازمة كلها لخدمة الأرض الأدمية. وإذ كان النور قد بدأ إشراقه على الأرض منذ أول الستة الأيام، فها هو الله تبارك اسمه يصنع حاملات النور لتقوم بدورها المُعيَّن لها لخدمة الإنسان. أما خلقها الأصلي فمتضمن في العدد الأول الذي يحدثنا عن ” خلق السموات والأرض ” وحاشا لله أن يكون قد خلق واحدة منها فارغة خاوية، إذ ما هي السموات بدون جندها؟ ومادام الشيء الذي كان يعطل قيام الشمس والقمر بوظائفهما قد إنتهى، فإن هذه المنائر أخذت من أمر الله قدرة لكي تفصل بين النهار والليل”(1).
ويقول الأستاذ مجدي صادق ” الواقع أن التفسير العلمي لاشتعال الشمس والنجوم وإضاءتها في اليوم الرابع.. يتلخص في أن مادة سدمها كانت قد استكملت تكاثفها ووصلت في الحجم والكتلة إلى الحد الحرج الذي يمكنها من الاشتعال الذاتي، وهكذا وُلِدت الشمس والنجوم في اليوم الرابع في اللحظة التي قال فيها الله لتكن أنوار في جَلَد السماء”(2).
ويقول القديس غريغوريوس النزينزي ” أنت جعلت السماء تلمع ببريق أنوار لا حصر لها.
ونسَّقتها نهارًا وليلًا.
لكي تعمل على تقسيم الزمن. من دور إلى دور بكل هدوء.
فالليل يصنع حدًا للعمل للأجساد المتعبة.
والنهار ينهضنا للأعمال التي نحبَّها.
فنتعلم أن نهزم الظلمة ونسرع نحو هذا النهار الذي لن يعقبه بعد ليل”(3).
_____
(1) شرح سفر التكوين ص 31، 32.
(2) الكتاب المقدَّس مفتاح العلم وأسرار الكون ص 77، 78.
(3) دير أنبا مقار – شرح سفر التكوين ص 59، 60.