الغفران بدم المسيح (عب 9: 15-22) – ترجمة: أندرو أبادير
الغفران بدم المسيح (عب 9: 15-22) – ترجمة: أندرو أبادير
الغفران بدم المسيح (عب 9: 15-22) – ترجمة: أندرو أبادير
بواسطة ستيفن ج. كول* في 21 مارس 2013
*(عمل ستيفن ج. كول راعياً لزمالة فلاجستاف المسيحية من مايو 1992 حتى تقاعده في ديسمبر 2018. ومنذ عام 1977 إلى العام 1992 كان راعي كنيسة مجتمع بحيرة جريجوري في كريستلاين، كاليفورنيا. تخرج من مدرسة دالاس اللاهوتية وحصل على ماجستير اللاهوت في شرح الكتاب المقدس سنة 1976)
منذ زمن المسيح، تعثر الناس في عقيدة أن المسيح كان عليه أن يسفك دمه للتكفير عن خطايانا. فعندما أعلن يسوع للاثني عشر أنه كان عليه أن يذهب إلى أورشليم حيث سيتألم ويموت، وبخه الرسول بطرس قائلاً: “حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هذَا!” (متى 16: 21-22). وكتب الرسول بولس يقول، “فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ…” وتابع قائلاً، “وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِالْمَسِيحِ قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ.” (1كو 1 :18، 23-24).
اللاهوتيون المتحررون يبغضون فكرة أن دم المسيح يدفع ثمن خطايانا. وقد أطلقوا على مثل هذه الآراء “دين المجزر”. إنهم يسخرون من المسيحيين الذين يؤمنون بالله الذي سيكون تافهًا بما يكفي إذا غضب من خطايانا، ووثنيًا بما يكفي إذا كان إرضاؤه يتحقق بإراقة الدم. ولقد هاجم الكاتب المسرحي، جورج برنارد شو، الكتاب الأنجليكاني للصلاة المشتركة بهجوم لاذع قائلاً: “إنه مُشبَّع بالخرافة القديمة – والشيطانية من وجهة نظري – وهي التكفير عن طريق سفك الدم، والتي أعتقد أن المسيحية يجب أن تتخلص تمامًا منها، إذا كانت تريد البقاء بين الناس المفكرين” (مقتبس من كتاب “خبزنا اليومي” 8 / 79).
ولكن منذ بداية تاريخ البشرية، أوضح الله أن غفران الخطايا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال سفك الدم لبديل مناسب. فعندما أخطأ آدم وحواء، أدركا عريهما وخاطا أوراق التين معًا لمحاولة تغطية ذنبهم وعارهم. لكن الله لم يقبل نهجهم. وبدلاً من ذلك، ألبس الزوجين المذنبين جلد حيوان مذبوح (تك 3: 21). وبهذا العمل، أظهر الله بطريقة تصويرية عقوبة الخطيئة المروعة، وأيضًا رحمته العظيمة في توفير بديل مناسب.
ولا شك أن الله شرح لآدم وحواء وأولادهم نوع الذبائح التي يقبلها. وأطاع هابيل الله بتقديم ذبيحة من قطيعه، لكن قايين قدم لله قرباناً من ثمار الأرض. وقَبِلَ الله تقدمة هابيل، لكنه لم يقبل تقدمة قايين (تك 4: 3-5). وفي غضبه، قتل قايين شقيقه. وفي عجرفته وتمرده، أصبح قايين أبًا لأولئك الذين يكرهون طريقة الله للمغفرة من خلال سفك الدم.
لطالما مارست الأديان الوثنية استرضاء الآلهة أو الأرواح من خلال الذبائح الدموية. وفي بعض الأحيان ذهبوا إلى حد تقديم الذبائح البشرية، بما في ذلك أطفالهم. لكن من الخطأ أن نفكر في أن اليهود وضعوا نظام ذبائحهم على أساس محاكاة الوثنيين. وبدلاً من ذلك، كما أشار جون كالفن، “كانت جميع الذبائح الوثنية فسادًا أخلاقياً، استمد أصله من نظام أسسه الله” (تفسير كالفن للرسالة إلى العبرانيين 9: 16، صفحة 209[دار نشر – بيكر]).
ربما كان لدى البعض في كنيسة العبرانيين أصدقاء يهود غير مؤمنين سخروا منهم لأنهم آمنوا بمسيح مصلوب. لكن الكاتب يشير إلى أن نظام العبادة اليهودي بأكمله كان قائماً على ذبائح الدم، وأن الله أسس هذا النظام للإشارة إلى ذبيحة واحدة كافية أي لذبيحة يسوع المسيح. فالعودة إلى النظام القديم يعني العودة إلى نظام لم يكن باستطاعته تطهير ضمائرهم أبدًا ويعني أيضاً التخلي عن الفداء الأبدي الذي قدمه الله في المسيح (عب 9: 12-14). في هذا النص يركز على نقطة أن…
غفران الخطايا لا يتحقق إلا بدم المسيح.
في (عب 9 :15) يوضح أنه لأن المسيح قدم دمه كفارة لأجل خطايانا، فهو بالتالي وسيط عهد جديد (راجع عب 8: 6). ويركز على وعد الله بمغفرة الخطايا بموجب العهد الجديد (عب 8: 12). ويوضح أن موت المسيح غطى كل ذنوب أولئك الذين تمت دعوتهم بموجب العهد القديم، لكي “يَنَالُونَ وَعْدَ الْمِيرَاثِ الأَبَدِيِّ.” (عب 9: 15).
ذكر “الميراث” يبرز فكرة الوصية (الورث). وهناك بعض الالتباس في هذه الآيات لأن الكلمة اليونانية نفسها يمكن ترجمتها إما “عهد” أو “ورث” (أو “وصية”). في (عب9 :15، 18، 20)، يجب ترجمتها “عهد”. ولكن في (عب 9 :16، 17) تشير إلى ورث أو وصية أخيرة، والتي تنبع من ذكر الميراث (ترجمة النسخة الدولية الجديدة للكتاب المقدس تترجمها بهذه الطريقة). الوصية تصبح سارية المفعول فقط بعد وفاة صاحبها. وبطريقة مماثلة، دشن موسى العهد القديم بالدم وفقاً لأمر الله. ولكن يسوع دشن العهد الجديد بدمه. وهكذا فإن خلاصنا (ميراثنا) يعتمد بشكل آمن على العهد الجديد بدم المسيح، والذي هو أفضل بكثير من دم الحيوانات. نراعي هنا ثلاثة أشياء:
نحتاج جميعاً إلى مغفرة الخطايا لأن خطايانا قد أبعدتنا عن الله.
كما قيل سابقاً، يمكنك إنكار الذنب وأن تتقسى لدرجة أن ضميرك لا يعود يزعجك، ولكن إذا كان الله قدوسًا وإذا انتهكت معاييره المقدسة، فإنك تقف مذنب قانونياً في قاعة محكمته. لذا فإن القضية الرئيسية مع الذنب ليست فقط الشعور بالذنب، ولكن المسؤولية الجنائية الفعلية. فإذا أدانك الله يوم الدينونة، فإن ذنبك يصبح أبديًا. وعقوبة الله النهائية على الخطية هي الانفصال الأبدي عنه في بحيرة النار (وهو ما يسمى “الموت الثاني”، راجع سفر الرؤيا 20 :14).
عادة ما ينكر الخطاة حاجتهم إلى غفران الله من خلال تقليل شأن قداسة الله وعدالته وتضخيم صلاحهم أو مزاياهم. فهم يعتقدون خطأً ما يلي “بالتأكيد الله محبة، والله المحب لن يرسل شخصًا جيدًا مثلي إلى الجحيم” لكن الكتاب المقدس واضح في أن الله قدوس وعادل. سيعاقب على كل الخطايا. ومحبته لا تعني أنه سيضع جانباً قداسته أو عدله. الكتاب المقدس واضح أيضًا في أننا أكثر خطية في محضر الله مما نتخيل. فلقد ولدنا منفصلين عن الله لأن ذنب آدم قد انتقل إلينا. وأضفنا بسرعة ذنوبنا إلى ذنب آدم! والذنوب اقترفناها من خلال انتهاك معايير الله المقدسة، عن طريق أعمالنا وأفكارنا.
كوننا انفصلنا عن الله، نحتاج إلى وسيط ليصالحنا معه. “لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ” (1 تي 2: 5). “هُوَ وَسِيطُ عَهْدٍ جَدِيدٍ” (عب 9: 15). إذا سبق لك أن شاركت في نزاع قانوني، فقد يساعد الوسيط الجانبين على التوصل إلى اتفاق مرضي للطرفين. يستمع إلى شروط كلا الجانبين ويحاول التوصل إلى حل يرضي الجميع. فقد عرف المسيح قداسة الله المطلقة. وعرف أيضًا حمل الإنسان الكبير من الخطية. وقد أخذ جسداً بشرياً، وعاش بتوافق تام مع معايير الله المقدسة، ثم قدم نفسه ثمن الفداء الذي يتطلبه عدل الله. وبذلك أصلح بين الطرفين (راجع رسالة بولس الرسول الثانية لأهل كورنثوس 5: 18-21).
يتساءل الناس أحيانًا عن كيفية خلاص أولئك الذين عاشوا قبل المسيح. والجواب هو: لقد تم خلاصهم بنفس الطريقة التي خَلُصْنَا بها، من خلال الإيمان بدم المسيح المسفوك. فالذبائح التي قدموها ترمز أو تُصُوِّر ذبيحة المسيح الذي قدم نفسه كبديل عنهم. كتب إشعياء في (اش 53: 5- 6، 11) يقول: “وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا…. مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا.“
وهكذا أرجأت ذبائح العهد القديم عقوبة الخطايا حتى دفع المسيح ثمنها. كان خلاص القديسين الذين سبقوا المسيح، إذا جاز التعبير، على الحساب حتى دفع المسيح الفاتورة. يقول بولس الرسول الشيء نفسه في رسالته إلى رومية (رو 3: 23-26) “إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ، مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ.“
حقيقة أن كل إنسان هو خاطيء وبحاجة إلى غفران الله تعني أنه يمكنك تقديم البشارة بالإنجيل لكل شخص عالماً أن قوة الله للخلاص هي لكل من يؤمن. قد تشعر بالخوف لأن الشخص الذي تتحدث معه هو مثقف وذكي. فقد ينطلق إلى الفلسفة أو العلم لمحاولة إثبات عدم وجود الله. لا تخف. فقط ضع في ذهنك أن هذا الرجل هو خاطئ سيموت ويقف أمام الله القدوس. فهو يحتاج إلى وسيط ليصالحه مع الله قبل ذلك اليوم. ويسوع المسيح هو الوسيط الوحيد. ودمه المسفوك هو ثمن الفداء للخطاة الذين يؤمنون به.
طريقة الله الوحيدة لغفران الخطايا هي سفك الدم.
أصدر الله أمرًا أن “أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ” (رو 6: 23). وفي سفر اللاويين (17: 11)، يشرح الله لماذا يجب أن يُراق الدم: “لأَنَّ نَفْسَ الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لأَنَّ الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ.” إن عدل الله يتطلب سداد العقوبة، وهي الموت. وفي رحمته، يقبل موت بديل ملائم بدلاً من موت الخاطئ. فنظام الذبائح الحيوانية بموجب العهد القديم صور وأشار إلى المسيح، “حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ” (يوحنا 1 :29). لاحظ ثلاثة أشياء:
الخطية تؤدي إلى الموت الجسدي والروحي:
لقد أخبر الله آدم وحواء أنه في اليوم الذي يأكلوا فيه من شجرة معرفة الخير والشر، سيموتون بالتأكيد (تك 2 :17). لكنهم أكلوا من ثمر الشجرة ولم يسقطوا أمواتاً في ذلك اليوم. ولِمَ لا؟ ففي اللحظة التي أكلوا فيها من ثمرة الشجرة ماتوا روحيا. ففي السابق، كانا يتمتعان بعلاقة حميمة مع الله، دون حواجز بينهم. ولكن على الفور تم عزلهم عنه وحاولوا إخفاء أنفسهم من محضره المقدس.
في ذلك اليوم نفسه، بدأت عملية الموت الجسدي. فعلى الرغم من تدبير الله وقصده، عاش هؤلاء البشر الأوائل لمئات السنين، ثم ماتوا جميعًا في النهاية. فلقد أصبحت أجسادهم عرضة للشيخوخة والمرض. الخطية أدت إلى الموت أيضاً من خلال القتل والحرب. فكل الفظائع القبيحة في العالم، سواء كانت ويلات المرض، أو فظائع الجريمة، أو الإرهاب، أو الحرب، أو الدمار البيئي لموارد العالم، هي نتيجة الخطية.
عندما قرأت قصصًا عن مرسلين يذهبون إلى قبائل وحشية حاملين بشارة الإنجيل، تعجبت من أن هذه القبائل لم تُبِد نفسها منذ قرون سابقة. فتاريخهم عبارة عن سرد طويل لقبيلة تعتدي على قبيلة أخرى، ثم تنتقم القبيلة الأخرى بطرق وحشية. ومن ثم تنتقم القبيلة الأولى وتستمر الدورة. والشيء نفسه يحدث، مع ذلك، في أماكن أكثر “تحضر” من العالم. فتاريخ العالم بأكمله هو تاريخ من المعارك حول الأراضي أو الموارد. رجال مغرورون يسيطرون على رجال مغرورين آخرين حتى يتم الإطاحة بهم. الخطية هي جذر لكل موت جسدي في العالم. وتؤدي الخطية أيضاً إلى الموت الروحي لكل إنسان بعيد عن الحياة مع الله.
الدم يُظهر الصورة الواقعية لثمن الخطية:
تتكرر كلمة “الدم” ست مرات في الآيات 18-22، بالإضافة إلى “الموت” أو “الموتى” ثلاث مرات في الآيات 15-17. هل فكرت يومًا في مدى دموية وفوضوية الديانة اليهودية؟ فقد تم رش كل شيء بالدم. وقد ذبح الكهنة عشرات وأحيانًا مئات أو آلاف الحيوانات على المذبح. وأخذوا أوعية مليئة بالدم ورشوها على المذبح. وتم حرق الجثث على المذبح، بحيث كانت الرائحة ثابتة وغامرة. أنا شخصياً لم أرَ أبداً ذبح ثور أو خروف أو ماعز. أقوم بشراء اللحوم المقطعة مسبقًا والمغلفة بالسلوفان في محل البقالة. فأن يتم نقلنا مرة أخرى ومشاهدة تقديم الذبائح في خيمة الاجتماع ستكون تجربة مروعة لمعظمنا. فالدم يُظهر الصورة الواقعية لثمن الخطية.
تم تدشين العهد القديم بالدم، لأن الموت هو عقوبة الله للخطية.
يذكر الكاتب في (عب 9: 19) تفاصيل غير واردة في نص سفر الخروج إصحاح 24، ولا يوجد ذكر كذلك للماعز أو الماء أو الصوف القرمزي أو الزوفا أو رش الكتاب. بينما تذكر نصوص أخرى بعض هذه الأشياء في طقوس أخرى (لاويين 1:10؛ 14: 4-6؛ عدد 19: 6، 18). فإما أن الكاتب يجمع بشكل عام كل هذه الطقوس معاً، لأنه يتعامل مع الموضوع الأصلي وهو أن جميع الأشياء في العهد القديم تم تطهيرها بالدم (حسب رأي كالفن وجون أوين). أو ربما يعتمد على التقليد الشفهي الذي كان جميع اليهود على دراية به. وعلى أي حال، فوجهة نظره هي “أنه وفقًا للقانون، يمكن للمرء أن يقول، أن كل الأشياء تقريبًا تم تطهيرها بالدم” (9 :22). وكان الاستثناء هو أن الرجل الفقير يمكن أن يقدم تقدمة من الحبوب بدلاً من الذبيحة الحيوانية (لا 5: 11-13). لكن الاستثناء لم يبطل القاعدة التي تقول “بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ”. لقد كان الله يشير إلى أن الموت هو عقوبته المفروضة جزاء لخطايانا.
وهكذا فإن كل إنسان يحتاج إلى مغفرة الخطايا. وطريقة الله الموحدة لمغفرة الخطايا هي سفك الدم.
موت الرب يسوع المسيح دشن العهد الجديد بالدم:
دم الرب يسوع المسيح هو بالطبع كناية عن موته. فبينما كانت معاناة الرب يسوع الجسدية دموية ومروعة، فإن ما مر به روحياً هو الذي خلصنا من لعنة الشريعة. كما قال بولس الرسول، “لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.” (2 كو 5: 21). فإن أسوأ عذاب احتمله المسيح على الصليب كان أن يتم فصله عن الآب لأنه يتحمل عقابنا.
في (عب 9: 16-17)، يستخدم الكاتب التشابه بين الوصية الأخيرة والعهد لإظهار أن المغفرة تأتي إلينا كورثة للمسيح وأن المغفرة تأتي إلينا من خلال دمه.
نحصل على الغفران كورثة للمسيح:
لكي تحصل على ميراث، يجب أن يتم تضمينك في الوصية، ويجب أن يموت الشخص صاحب الوصية. أولئك الذين يدعوهم الله (عب 9: 15) هم الورثة. لا ينصب التركيز هنا على الذين يدعون الله، ولكن على من يدعوهم الله. وبعبارة أخرى، هو مالك الميراث، وهو صاحب الوصية، وهو الذي يختار الورثة. لدى الله قائمة محددة، وليس صحيفة تسجيل. وبمجرد وضع الوصية، لا يتم تفعيلها حتى وفاة الموصي.
كلنا نعرف هذا المبدأ. راي ستيدمان في كتابه (ماذا يمكن أن يقوله الله أيضاً؟ [دار نشر جوسبيل لايت- ريجال]، ص 139) يروي كيف كان في اجتماع مع مجموعة من الناس حيث كان مدير مركز مؤتمرات مسيحي يشرح إجراءات توفير ممتلكات إضافية لتوسيع المركز. ووصف اتفاق عقده المركز مع أرملة، حيث سيقومون بدفع راتبًا سنويًا لها حتى وفاتها، على أن تنتقل ممتلكاتها إلى مركز المؤتمرات عند وفاتها. عند ذلك رفع رجل يده على الفور وسأل مازحاً: “ما أخبار صحتها؟” كان للسؤال مذاق سيء، لكنه يوضح الحقيقة أن الوصية لا قيمة لها للمستفيدين حتى وفاة الموصي.
لذا فإن السؤال الذي تحتاج للإجابة عنه هو، “هل سمعت دعوة الله في الإنجيل واستجبت بالإيمان بموت المسيح؟” لقد مات ليمنح فوائد الوصية للورثة. فإذا كنت وريثًا للمسيح من خلال الإيمان بدمه، فلديك منفعة الغفران التي أمّنها بموته.
الغفران يأتي فقط من خلال دم المسيح:
إذا لم يكن هناك غفران بدون سفك دم، فإن العكس صحيح أيضًا: مع سفك الدم، هناك غفران! كما رأينا في (عب 9: 9)، فإن ذبائح العهد القديم هذه لم تستطع أن تجعل المؤمن كاملاً في الضمير. لقد كُرِّست هذه الذبائح لتطهير الجسد، ولكن “لأنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ، يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ للهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ!” (عب 9: 13- 14).
بالمنطق لا نقدر أن نربط رش الدم على الأشياء على أنه لتطهيرها (9: 13، 22)، بل بالأحرى على أنه لتلطيخها. فإذا كان لديك قميص جيد تلطخ ببعض الدماء، فأنت تعلم أنك بحاجة إلى تنظيفه بسرعة وإلا فإن قميصك سيصطبغ بشكل دائم بالدماء. لذا فإن أخذ الدم ورش الكتاب، والبشر، والخيمة، وجميع الأوعية المقدسة سيقوم منطقياً بتلطيخها، وليس تطهيرها.
لكن الطب الحديث (الذي لم يكن لدى العبرانيين القدماء أي علم به) كشف عن مدى دقة الحديث عن خاصية التطهير التي للدم. فلقد كتب الدكتور بول براند، المتخصص في علاج الجذام (مع فيليب يانسي، في كتاب المسيحية اليوم [2/18/83]، ص 13) حول كيف تم تصميم الدم ليقوم بتطهير الجسم من السموم والنفايات التي يتم بناؤها في الأنسجة:
لا توجد خلية أقل اتساعاً من الشعيرات الدموية، وخشية أن تتراكم المنتجات الثانوية السامة بها… فمن خلال عملية كيميائية أساسية لانتشار الغازات ونقلها، تقوم خلايا الدم الحمراء الفردية، التي تسير ببطء داخل الشعيرات الدموية الضيقة، بإطلاق شحناتها من الأكسجين الطازج وامتصاص النفايات (ثاني أكسيد الكربون واليوريا وحمض البوليك). ثم تقوم الخلايا الحمراء بتوصيل هذه المواد الكيميائية الخطرة إلى أعضاء يمكنها التخلص منها خارج الجسم.
وأكمل ليوضح كيف تعمل الرئتان والكليتان، بالإضافة إلى الكبد والطحال، على تنظيف الدم من هذه السموم للحفاظ على نظام أجسادنا نظيفًا وصحيًا. يمكن لكل خلية دم حمراء الحفاظ على تسلسل تحميل وتفريغ هذه المواد الكيميائية لحوالي ربع مليون دورة فقط. ثم يتم تكسيرها (خلايا الدم الحمراء) وإعادة تصنيعها بواسطة الكبد، بينما يطلق نخاع العظام خلايا حمراء جديدة لمواصلة العملية (حوالي أربعة ملايين خلية في الثانية الواحدة!).
صمم الله هذا كصورة جميلة لإظهار أنه مثلما يقوم الدم بتنظيف أجسادنا من السموم، فإن دم المسيح، الذي يسري في قلوبنا بالإيمان، يطهر أرواحنا من سم الخطية. وفيما يتعلق بالتطهير الروحي الذي نحتاجه، كتب أحد الأشخاص ما يلي: “لا يمكن لدم الحيوانات أن يطهر من الخطيئة لأنه غير أخلاقي. ودم الإنسان الخاطئ لا يستطيع أن يطهر لأنه فاسد. لكن يمكن لدم المسيح وحده أن يطهر لأنه أخلاقي” (استشهد به ويليام جريفيث توماس، في كتابه “الرسالة إلى العبرانيين: تفسير وعظي” [دار نشر إيردمان] ص 117-118). سُفك دم المسيح ليمنح التطهير من الخطية والمغفرة التي نحتاجها جميعًا. هل استخدمته لتطهر روحك؟ إنه طريق الله الوحيد لمغفرة الخطايا.
خاتمة:
تقول الأسطورة أنه خلال مرضه الخطير، جاء الشيطان إلى غرفة علاج مارتن لوثر (راهب ألماني، وقسيس، وأستاذ للاهوت، ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا)، ونظر إليه بابتسامة منتصرة، وربطه برباط ضخم، والذي انحل من تلقاء نفسه. قرأ لوثر في الرباط الضخم الطويل السجل المخيف لخطاياه، واحدة تلو الأخرى. في البداية، عانى من اليأس. ولكن فجأة صرخ لوثر: “شيء واحد نسيته. الباقي كله صحيح، ولكن هناك شيء واحد نسيته: “دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية” “وحينما قال لوثر ذلك، اختفى المشتكي على المؤمنين (الشيطان) ورباطه الطويل (بول تان، موسوعة 7،700 رسم توضيحي [دار نشر- أشورانس] ص480).
قال لوثر أيضًا (نقلاً عن ريتشارد تشارلز هنري لينسكي، كتاب “تفسير إنجيل يوحنا” [دار نشر -أوجسبيرج]، صفحة 130):
الخطيئة لها مكانان فقط؛ إما أن تكون معك، بحيث تقع على عاتقك، أو تكون على عاتق المسيح حمل الله. فإذا كانت تقع على عاتقك، فستهلكك؛ أما إذا كانت تقع على عاتق المسيح، فأنت قد تحررت وستخلص. خذ الآن أيهما تفضل.
إن غفران خطاياك لا يأتي إلا بدم يسوع المسيح. تأكد من أنك قمت بانسكاب دمه على قلبك بالإيمان!
أسئلة للمناقشة:
- لماذا يعتبر تكفير المسيح كبديل عنا لخطايانا عقيدة أساسية للإيمان المسيحي؟
- لماذا لا يوجد تطهير من الخطية إلا من خلال دم المسيح؟
- كيف تنصح شخصًا يقول إنه يؤمن بالمسيح، لكنه لا يزال يشعر بالذنب على خطاياه السابقة؟
- سأل أحدهم: “لماذا لا يستطيع الله أن يقول فقط” أنا أغفر لك؟ لماذا الحاجة إلى الدم؟” ما هو ردك؟
Lesson 26: Forgiveness Through Christ’s Blood (Hebrews 9:15-22)
https://bible.org/seriespage/lesson-26-forgiveness-through-christ%E2%80%99s-blood-hebrews-915-22?