أشعياء 53 الممنوع قراءته وهل هو عن إسرائيل أم عن المسيا ترجمة – ترجمة: سانتا نبيل غالي
أشعياء 53 الممنوع قراءته وهل هو عن إسرائيل أم عن المسيا ترجمة – ترجمة: سانتا نبيل غالي
قد اعترف المؤرخ اليهودي رافاييل ليف في القرن السابع عشر أنه منذ زمن طويل قد اعتاد الحاخامات على قراءة إصحاح أشعياء 53 في المعابد ولكن بعد أن تسبب الإصحاح بعمل” بلبلة كبيرة والتباسات ” فقرر الحاخامات القيام بأبسط حل وهو بإخراج النص من قراءات Haftarah في المعابد. ولذلك عندما نقرأ اليوم إصحاح أشعياء 52 نتوقف في منتصفه وفي الأسبوع التالي نقفز مباشرة إلى نص أشعياء 54.
إذا قد تتساءل ما الذي حدث لإصحاح أشعياء 53؟ وهذا هو تماما هدف هذه المقالة.
في الإنجيل المقدس في كتاب أشيعا الفصل 53، إن النبي أشعياء يتنبأ بمجيء المسيح الذي سيُرفَض من قِبل شعبه هو والذي سيتألم ويموت في وجع وإن الرب سوف يرى معاناته وألمه على أنه فداء وتكفير عن خطايا البشرية جمعاء. كان أشعياء قد عاش نبيا حوالي عام 700 قبل الميلاد. ووفقا لـ نبوءته في إصحاح أشعياء 53 يقول النبي أشعياء أن قائد إسرائيل سوف يعترف في نهاية الأيام أن اليهود قد أخطئوا عندما رفضوا المسيح وكما أن أشعياء قد صاغ نبوءته في صيغة الماضي ولأنه قد رأى نفسه جزء من شعب إسرائيل أستخدم صيغة المتكلم الجمع “نحن” في كلامه.
في نهاية الفصل 52 أشيعا يكتب مقدمة للفصل 53:
“هُوَذَا عَبْدِي يَعْقِلُ،….”
إن مصطلح خدامي يجب أن يشير ويربط لأجزاء سابقة في الكتاب الذي يتكلم عن “خدام الرب” (مثلا، في الفصول 42 و49 و50 حيث يوصف المسيح بخادم الرب الذي يعاني).
“يَتَعَالَى وَيَرْتَقِي وَيَتَسَامَى جِدًّا”
هذا ليؤكد عظمة مقام المسيح والذي سوف يقوم مؤكدا من الموت و يصعد للسماء ويجلس عن يمين الآب، ولسوف تعطيه أعماله مقاما أعلى شئنا من أي ملك وحاكم.
“كَمَا انْدَهَشَ مِنْكَ كَثِيرُونَ. كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَدًا أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ”
قبل أن يُمَجد المسيح لسوف يعذب ويُهان، جسده سوف يُعَذب ويُساء أليه بشدة لدرجة أنه لسوف يتشوه بالكامل وتصبح ملامحه غير معروفة.
“هكَذَا يَنْضِحُ أُمَمًا كَثِيرِينَ. مِنْ أَجْلِهِ يَسُدُّ مُلُوكٌ أَفْوَاهَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَدْ أَبْصَرُوا مَا لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ فَهِمُوهُ.”
وبالرغم من المعاناة الفظيعة سوف يأتي اليوم الذي سيأتي الجميع حتى الملوك لينظروا إليه بتبجيل وقداسة.
والآن لنتعمق بـ الفصل 53 بذاته. . . .
“ومن صَدَّقَ خبرنا”
وهذا وصف لقلة الإيمان بين شعب إسرائيل الذين لا يصدقون ما سمعوا.
“وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ”
إن أشعياء يصف المسيح ” بزراع الرب “، قد قال أشعياء سابقا في الفصل 40 معلنا أن يد الله سوف تحكم عنه. وفي الفصل 51 سوف يضع التلاميذ ثقتهم وأملهم في زراع الرب وكذلك قِيل “زراع الرب ” سوف تغفر، وفي الفصل 52 يقول “زراع الرب ” سوف تجلب الخلاص. وفي الفصل 53يكشف أشعياء أن مقصده “زراع الرب ” هو المسيح وأن المسيح جزء من الرب بذاته.
“نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ. “
كان زرعا في أرضٍ لا إيمان فيها ولم يكن فيها كلمة من كلمات الرب لأربعمائة عام.
“وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ “
لم يكن جميلا لنا ومظهره جميلا أو مبهرا بشكل خاص والطريقة التي ظهر فيها لم ترغب الناس به، وذلك على عكس ما يدرس الحاخامات اليهود، وطبقا لهذه النبوءة إن المسيح لن يولد من عائلة حاخامات مرموقة أو يتربى في كنف الحاخامات الأغنياء. ولذا بإمكاننا القول بثقة شبه أكيدة أن الشكل الخارجي للمسيح لم يكن غير عادي على الإطلاق.
“مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ“
تم توصيف حياة المسيح بالألم والرفض من قادة شعبه. قد نصفه أنه غير مندمج اجتماعيا مع محيطه شخص نخجل من التقائه في الطريق والنظر له، شخص لم نكن لنظن أنه المسيح.
” لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا. “
المسيح قد تألم عنا وقد حمل كل أمراضنا ومعاناتنا وآلامنا…. وكذلك ذنوبنا، بينما شعبنا – نحن – ظننا أن عقابه ومعاناته هو عقاب الرب لما أرتكب هو لم نكن نعلم ونفهم أنه كان يُعاقَبُ عن ذنوبنا نحن.
” وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. “
في العبرية مجروحا ومسحوقاً مثل شخص أصيب جريحا وليس لأي ذنب أقترفه هو لكن عن أخطائنا نحن. قد سحق لأجل ذنوبنا وظلمنا وكل العقاب والتأديب الذين نستحقه نحن ذهب له.
و”ضربات الجلد ” هي ضربات قاسية تترك جروح ولكن بجروحه شُفينا نحن. وبهذه الطريقة تماما بعد مئات السنين قد تحققت النبوءة “يشوع ” يسوع المسيح قد ذهب للصلب آخذا الموت الذي نستحقه معه.
” كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. “
تكلم عن ضياع اليهود كالغنم الذي شرد وضل عن طريقه. وبالرغم أننا نحن – شعب إسرائيل جميعا- قد تجاهلنا المسيح وأكملنا طريقنا، إن الرب قد أخذ ذنوبنا وظلمنا ووضعها عليه (على المسيح ).
” ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. “
استخدام اللفظ العبري يشير أنه قد أُستغلْ وأسيء له و….وكرامته وحقوقه بمحاكمة عادلة قد أُخذَت منه وكما قالوا أنه قد عُذِب ولكن لم يفتح فمه. وهذا يُظهر أنه لم يبدي مقاومة برغم ظلم محاكمته، فهو لم يحاول التمرد أو الهروب ولم يطلب ممثلا قانونياً برغم حكمه بالموت، ولكنه سُيقَ إلى موته مثل خروفٍ إلى الذبح بدون مقاومة الظلم الذي أُلحقَ به.
” مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ “
قد اعتقلوه وأخذوه إلى المحاكمة التي كانت نتيجتها “أنه حُرم من مملكة الأحياء” أي الموت، ولكن ليس لأي ذنبٍ أقترفه هو بل لأجل ذنوب شعبه. في الكتاب المقدس “شعبي ” كانت تعني دائما شعب إسرائيل، حيث أن المسيح سوف يصلب عن شعبه – الشعب الذي يجب عليه أن يتحمل عقاب ذنوبه – لكن المسيح قد أعتقهم وهو الذي سيموت. إن شعبه الذي عاش معه لن يأبه بذكر المسيح في حديثه لكن سيخفون وجوده من حياتهم، ولذا ولآخر ألفي سنة كان يسوع المسيح أكثر الأسرار حفظا في اليهودية و لهذا السبب بالتحديد سمي باليهودية “يشوع” والذي يرمز ل “لا يجوز طمس اسمه وذكراه “. (ימח שמו וזכרו(נו (Y’mach Sh’mo V’Zichro(no)).
” وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. “
وعلى الرغم أنه قد أُخذ ليتم الصليب مثل المجرمين وبالرغم أنه لم يقم بأي عملٍ خاطئ فهو لم يكذُب ولكن موته ودفنه جُعِلَ في قبرِ رجلٍ غني و مات يسوع حقا على الصليب ودفن في قبر رجلٍ غني عضو في مجلس الشورى اليهودي وهو يوسف الرامي. وهذا رمز واضح للمفارقة العظيمة حيث المسيح تلقى شرف الدفن في قبر أنبلهم على الرغم من تهمة الموت الذي استحققناها عنه.
” أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلًا تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. “
من المسئول عن موت المسيح ؟ ” اليهود “؟ ربما الرومان؟ فهم كانوا الذين صلبوه حقا ؟ لا.
“أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ”
إن الرب وحده هو القادر على الصفح و إخلاص العالم وقد جعل من نفسه أُضحية. أي نوع من الأضاحي؟ ذبيحة للكفارة. لم يكن موت المسيح صدفة – قد استخدم الرب شعبه قاسي الرأس ككهنة لتعليم البشرية جمعاء وليس فقط شعب إسرائيل عن مغفرة الخطايا. على غير أضحية ” يوم كيبور” التي كانت صالحة فقط للسنة التالية وغطت خطاياهم فقط ولم تغفرها. مغفرة المسيح إزالة خطايانا إلى الأبد – لا احد منا نحن البشر كامل – فلا يمكننا أن نكون أضحية كاملة كالمسيح.
وبعد هذا يأتي القول المثير جدا للاهتمام “إِثْمٍ يَرَى نَسْلًا تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. “ فعلى الرغم من أنه قد سيُقتَلْ إلا أنه سيطيل أيامه سيقوم من الموت وسيرى ” ثمرة أعماله ” مزروعة في قيامته.
“مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ، وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ، وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. “
المسيح سوف يرى ويُسَر بعمله لأنه بتحمله آلامه أصلح الكثيرين وكرجلٍ صالح أخذ على عاتقه خطايا وظلم الكثيرين. وكل الذين اعترفوا به المسيح سيكونون “بذوره” أي نسله في معنى روحي.
” لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.
“قد كان المسيح هو الوسيط والمؤيد لنا نحن الخطأة وقد أخذ على عاتقه خطايا كل من يؤمن به. فهي نبوءة مطمئنة عن مستقبل و عن أمل الخلاص للشعوب. فلله ليس فقط بالكلمات أرانا الصفح فقط بل وأوضح لنا الرب ذلك بالفعل، لهذا أخذ جسد عبدٍ وأخذ عقابنا المستحق عنا.
الدارسين والحكماء اليهود ظنوا أن إصحاح أشعياء 53 كان عن المسيح
من المهم أولا أننا لا نتكلم من منطلق وتفسير مسيحي هنا، حكماء اليهود القدماء أيضا كانوا يفسرون إصحاح أشيعا 53 أنه عن المسيح، لكن في الحقيقة مصطلح ” المسيح ابن يوسف ” هو من هذا النص. في القديم قد ترجم اليهود جوناثان بن عزيئيل (كتابه تاراغوم جوناثان ) فمنذ القرن الأول افتتح القِسم بالكلمات ” خدام الرب ” وهذا ليقول أن ابن اوزيل مرتبط بالفصل الذي عن المسيح.
الحاخام اسحق ابرافينيل الذي عاش من قرونٍ مضت اقر بأن تفسير جوناثان بن عزيئيل بأن الإصحاح هو عن مجيء المسيح وبأن هذا أيضا كان ما فسره الحكماء الأقدمون كما شوهد في كتاباتهم.
في كتاب زوهار الذي يُعنى بمبدأ الطعن بأن معاناة المسيح ستأتي لتأخذ المعاناة الذي يستحقها البشر عن خطاياهم. وفي مقطع “ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ” يقول كتاب زوهار أن“ هناك حديقة جنة عدن التي تدعى بمكان أبناء المرض حيث يدخل المسيح إلى هذا المكان ويستدعي كل وجع وكل عقاب في إسرائيل : كلهم يأتون ليرتاحوا عليه. وإن لم يكن يخفف حِملهم من إسرائيل وحَملهم هو لم يكن ليوجد رجل قادر على حمل ذنوب إسرائيل منتهكي القانون “
ميدراش كونين في مناقشة إصحاح أشيعا 53 وضح الكلمات التالية من فم النبي إيليا ” وهذا يَقولُ للمسيح : تحمل آلام وحكم سيدك الذي سيجعلك تُعاني بسبب خطايا بني إسرائيل وهذا هو المكتوب ” هو جُرح بسبب معصيتنا وسُحِقَ بسبب ظلمنا وهكذا حتى نهاية الدهر “
مسالك مجلس الشورى اليهود في التلمود البابلي (98ب) : يكتب عن اسم المسيح ” اسمه هو مؤدب(شافي) البرص كما هو مكتوب ” بالتأكيد هو حمل آلامنا وحزننا ولكننا قد اعتبرناه أبرص و مُعَذبا من الرب و منكوبا “.
وفي كتاب مدراش تانهوما : يقول ” يقول الحاخام ناتشمان أن الإصحاح لا يتحدث عن احد غير المسيح ابن داوود والذي قيل عنه، الذي يُدعى ” الكوكب” وقد ترجمه يونان ليُدعى المسيح ويُقال الحق أنه يُدعى ب” رجل الآلام الذي يعرف الحزن “
ويقول مدراش شوميل عن إصحاح أشيعا 53: ” إن المعانات قد قسمت لثلاثة أجزاء : جزء عن جيل الآباء وجزء عن جيل shmad وجزء للمسيح الملك.
كانت صلوات يوم كيبور(يوم كيپبور، يوم هاكيپبوريم أو عيد الغفران، هو اليوم العاشر من شهر “تشرين”، الشهر الأول في التقويم اليهودي، وهو يوم مقدس عند اليهود مخصص للصلاة والصيام فقط. ) التي نعرفها كلنا أيضا مرتبطة بإصحاح أشعياء 53 وبالمسيح. والصلوات التي أضيفت إلى صلوات يوم كيبور من قبل الحاخام إليعازر وذلك حوالي القرن السابع : “مسيحنا الحق قد أبتعد عنا ونحن الذين قد تصرفنا بغباء ولا يوجد أحد ليبرر لنا تصرفنا ذاك. قد حمل آثامنا و اعتداءاتنا وقد جُرح لأجل خطايانا وقد حمل ذنوبنا على كتفيه ولنجد المغفرة من ظلمنا فبجروحه شُفينا. “
كلما تعمقنا بالبحث في صلوات يوم كيبور تبين أهميتها أكثر حيث أنها تأتي على ذكر المشهد حيث ترك المسيح جماعته. “ذهب المسيح الحق مبتعدا “وذلك ليقول أن المسيح قد جاء وذهب وأيضا أنه قد عانى عوضاٌ عن البشر وأن خطايا العالم قد وضعت على عاتقه وأنه بعد أن عانى عنهم قد ذهب وتركهم وهذا كان سبب قلقهم الأكبر ولذلك الشعب يصلي لعودته. إن الجزء الأكبر من هذه الصلوات مأخوذة مباشرة من إصحاح أشعياء 53 ولذا من ما ذكر سابقا أنه ولغاية القرن السابع من المنظور اليهودي – وكذلك بين الحاخامات – كان إصحاح أشعياء 53 يتحدث عن المسيح.
في كتاب التوراة رباح يقول الحاخام موش ها درشان أن الرب قد أعطى القوة للمسيح لينقذ الأرواح لكنه عليه أن يُعاني كثيراٌ وأيضا يربط موسى بن ميمون إصحاح أشيعا 53 بالمسيح مع رسالة بولس الرسول إلى أهل اليمن. كتب الحاخام شيمون بار يوشاي ” ومات المسيح من أفرام هناك وتحزنُ إسرائيل عليه كما هو مكتوب :’مَبغوضٌ من قبل البشر ‘، ويعود ليختفي’ ونختبئ نحن كمن كانت وجوهنا نحن الذي نخفيها”. ‘
رأي الرابي راشي في العصور الوسطى
عاش الكاتب راشي كما نعرف في أسبانيا في وقت تعايش اليهود والمسيحية سوية ولكن بشكلٍ طبيعي تفتئت الشجارات بينهم. فكان الأصدقاء والجيران المسيحيين لراشي حاولوا إقناعه أن النبوءة في الإنجيل كانت تدل على “يشوع” ومن ضمن عدة نبوءات أروه نبوءة أشعياء 53 التي كانت الأوضح ولم يكن لدى راشي خيار ولم يكن يريد أن يعترف أن “يشوع ” هو المسيح فحاول أعادة تفسير النبوءة لكي لا تكون عن المسيح بل عن شعب إسرائيل. فيدعي راشي أن الخادم المعذب هو أشارة إلى شعب إسرائيل الذي تعذب على يد الشعب الغير يهودي.
” مع العلم أن الكثير من الحاخامات مثل – الحاخام غون ساديا والحاخام نفتالي بن أشير والحاخام موشي الشيشت – قد عارضوا علنا تفسير راشي الجديد لنبوءة أشعياء 53 وطالبا حكماء إسرائيل بتجاهله والعودة إلى التفسير الأصلي للنبوءة وكان أشهر المعترضين موسى بن ميمون الذي أعلن بشكل قاطع أن راشي على خطاء تام “
لكن في أيامنا هذه إن تفسير راشي هو الأكثر قبولا بين الحاخامات الذين هم أيضا غير مهتمين بأن “يشوع” هو قد يكون المسيح الذي تم رفضه وتعذيبه ومات تماما كما تنبئ أشعياء.
ويأتي مثال جيد من الحاخام هايم ريتيج الذي كتب ” أنه من المستحيل على أيّ مسيحي في العالم قد يطابق مواصفات خادم الرب الذي قيد كالخروف إلى الذبح ؟ أنه من غير الممكن أن أشعياء قد يتنبأ عن حدث مسيحي بدلاً من حدث يهودي. إن نبوءة أشعياء تتحدث عن الشعب اليهودي خلال الأجيال المختلفة إن إسرائيل قد أعطت نفسها لتكون هي بنفسها الحمل البريء “. وللمفارقة على الرغم من أن المعلمين حرفوا اسم “يشوع” لاسم ” يسوع المسيحي “فتغير الاسم للاسم المسيحي لا يعني انه اصبح هو المسيا حيث أن الدين المسيحي الرسمي قد أسس في القرن الثالث ويشوع كان في الحقيقة يهوديا من نسل داوود وعاش في إسرائيل.
وأيضا عندما أدعى الحاخام ريتيج أن نبوءة أشعياء 53 ليست عن المسيح بل عن إسرائيل التي قدمت نفسها كحمل بريء، فهل يمكننا حقا القول أن شعب إسرائيل كان “الحمل البريء”؟ إن تعريف مصطلح الحمل البريء في الإنجيل هو “الذي بدون خطيئة، بدون لوم الذي لا يقترف الشر والذي لا يمكن أن يخطأ لكن هو كامل ونظيف من كل ذنبٍ وعيب”. فهل يطابق شعب إسرائيل هذه المواصفات حقا ؟ أنه من الكافي أن تقرأ الجريدة أو تشاهد الأخبار لتعرف جوابك.
وبما أننا نتكلم عن نبوءة أشعياء فلندع أشعياء يجاوب عن سؤالنا هذا. فلنلاحظ هذه الكلمات الموجهة لشعب إسرائيل فقط على بعد 6 فصول من إصحاح أشعياء 53 : (اشعياء 59)
” لأَنَّ أَيْدِيَكُمْ قَدْ تَنَجَّسَتْ بِالدَّمِ، وَأَصَابِعَكُمْ بِالإِثْمِ. شِفَاهُكُمْ تَكَلَّمَتْ بِالْكَذِبِ، وَلِسَانُكُمْ يَلْهَجُ بِالشَّرِّ. لَيْسَ مَنْ يَدْعُو بِالْعَدْلِ، وَلَيْسَ مَنْ يُحَاكِمُ بِالْحَقِّ. يَتَّكِلُونَ عَلَى الْبَاطِلِ، أَرْجُلُهُمْ إِلَى الشَّرِّ تَجْرِي، وَتُسْرِعُ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ الزَّكِيِّ. أَفْكَارُهُمْ أَفْكَارُ إِثْمٍ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. طَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ، وَلَيْسَ فِي مَسَالِكِهِمْ عَدْلٌ. جَعَلُوا لأَنْفُسِهِمْ سُبُلًا مُعْوَجَّةً. كُلُّ مَنْ يَسِيرُ فِيهَا لاَ يَعْرِفُ سَلاَمًا. “
فشيء واحد مؤكد من قول أشعياء النبي أن إسرائيل ليست ب”الحمل البريء”.
دلائل أخرى على استحالة أن يكون الإصحاح عن إسرائيل
إن خادم الرب المعذب دائما ما أشير له بصيغة الفرد ( أي كشخص واحد مفرد ) وليس كجماعة أو ضمير جماعي كمثل مجموعة أشخاص أو شعب واحد. يقول في المقطع الثامن “أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟” من أجل شعب إسرائيل طبعا فإذا “شعبي” تدل على شعب إسرائيل لذالك لا يمكن أن تكون إسرائيل هي خادم الرب المعذب لأنه إذا كانت هي فمن سيكون “شعبي” ؟
والأكثر من ذلك إن خادم الرب يُعاني طوعا وبدون اعتراض وشعب إسرائيل لم يُعاني طوعيا قط ! وطبقا لما ورد في التوراة إن معاناة شعب إسرائيل كلن بسبب ذنوبهم وليس صلاحهم بينما عانى خادم الرب كرجل صالح حق وليس لأنه قد أخطاء فإنه كان بدون أيّ ذنب، و وفقا للتوراة إن شعب إسرائيل دائما ما كان يُعاقب من الرب بسبب ذنوبه ومن جهة أخرى لم يُعاني الإسرائيليون عن أي شعب آخر بل بسبب شرهم هم.
خادم الرب قد قام من بين الأموات، لكن الإسرائيليون لم يقطعوا تماما من أرضهم فلم يمكنهم “القيامة من الموت “. فعلى فرض كان خادم الرب هو إسرائيل وليس المسيح فإذا القول عنه “المسيح ابن يوسف ” يختفي تماما.
في المختصر المفيد إننا قد أخطأنا وأن المسيح قد عانى عنا، نحن الذين نستحق الموت ولكنه هو الذي صُلِبَ عنا. الرب الكامل قد أتَخَذَ هيئة خادم ليُظهرَ نفسهُ لنا. سمح لنا بإذلاله ورفضه وأهانته وتعذيبه للموت لأجل أن يحمل خطايانا عنا. فلذالك نحن أيضا علينا أن نعاني لأجل حمل وصفحِ من أساء ألينا، ونحن بغير كمالنا كم يتوجب أن نسامح بعضنا البعض؟ أن هذه الرسالة الرائعة عن الخادم المُعذب : إن الرب قد قدم لنا ما لا يمكننا أبداً تقديمه لبعضنا البعض.
المرجع:
Isaiah 53 – The forbidden chapter Dr. Eitan Bar