هل يملك المسيح على كرسي داود رغم أنه من نسل يهوياقيم؟
هل يملك المسيح على كرسي داود رغم أنه من نسل يهوياقيم؟
#العيّنة_بيّنة (24)
من الشبهات القديمة التي رددنا عليها قديمًا وحديثًا، وهي أيضاً من الشبهات التي لا يفهم ردها كثير من المسلمين الذين يطرحونها، وسوف ننتهج اليوم طريقة مبسطة في الرد عليها لكي يفهموها ببساطة ويسر عبر طريقة السؤال والجواب المباشر، فشبهتنا اليوم عن نسل يهوياقيم والمسيح وملكه.
تقول الشبهة أنه حسب ما جاء في إنجيل متى فإن الرب يسوع المسيح هو إبن يكنيا (متى 1: 11)، ويكنيا هو إبن يهوياقيم (1أخ 3: 16)، ويهوياقيم هذا قال عنه الرب أنه لن يكون له جالس على كرسي داود (ارميا 36: 30)، وبالتالي لا يجب أن يجلس المسيح على كرسي داود لانه من نسل يهوياقيم الذي منعه الرب أن يكون له جالس على كرسي داود، فكيف يقول الكتاب المقدس في موضع آخر أن المسيح – الذي هو من نسل يهوياقيم – يملك على كرسي داود؟ ألا يُعَد هذا تناقضًا؟
أولاً: هل يؤكد الكتاب المقدس حرفيًا على أن المسيح يسوع ملك على كرسي داود؟
Luk 1:32 هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه
Luk 1:33 ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية».
Rev 11:15 ثم بوق الملاك السابع، فحدثت أصوات عظيمة في السماء قائلة: «قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه، فسيملك إلى أبد الآبدين».
إذن فالمسيح يملك على كرسي داود.
ثانيًا: ما نوع مُلك داود ومملكته ومُلك يهوياقيم ومملكته التي كان يتكلم عنها النص في (ارميا 36: 30)؟
كانت مملكة داود ومملكة يهوياقيم مملكة أرضية من هذا العالم، ذات جيوش ومساحة وقوة أرضية، كما لكل الممالك آنذاك، وهذه هي التي كان يتكلم عنها النص، فهل جلس المسيح على هذه المملكة الأرضية؟ بالطبع لا، بل أن الرب يسوع قالها حرفيًا “مملكتي ليست من هذا العالم” (يوحنا 8: 36) وهرب منهم عندما أرادوا أن يجعلوه ملكا (يوحنا 6: 15).
إذن فللمسيح مملكة ولكن ليست من هذا العالم، فالمسيح هنا يؤكد على مملكته وينفي أن تكون من هذا العالم، إذن، فالمسيح هو الملك الروحي الأبدي لمملكة داود، ولكنه ليس ملكا أرضيًا في مملكته، وبالتالي فالنبوة فعلا تحققت لأنه لم يملك ذات الملف الذي كان ليهوياقيم على كرسي داود (لكن بالطبع ليس بسبب أنه من المعاقبين في نسل يهوياقيم، كما سنبين الآن).
ثالثًا: هل كان المسيح إبنا بيلوجيًا (أي بالتناسل الطبيعي) في نسل يهوياقيم من الأساس؟
يسرد لنا القديس متَّى الإنجيلي سلسلة نسب المسيح من جهة يوسف النجار، فهل كان المسيح إبنَّاً بيلوجيًا (طبيعيًّا) ليوسف النجار؟ بالطبع لا، فهذا ينفيه العهد الجديد في نصوصه، فمثلا يقول:
Luk_1:35 فأجاب الملاك: «الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله.
Mat_1:25 ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. ودعا اسمه يسوع.
Mat_1:18 أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس.
Mat_1:20 ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا: «يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس.
إذن فيوسف النجار الذي يخبرنا القديس متى الإنجيلي بنسبه ليس أبًا طبيعيًا، بيلوجيًا، للمسيح، فكيف يعترض المسلم بهذه النبوة التي تختص بنسل يهوياقيم الذي ينتهي بيوسف النجار، ويوسف النجار ليس أبا بيلوجيا للمسيح يسوع من الأساس؟!
فهذه النبوة لا تتعلق بالمسيح من الأساس لكي نسأل أنفسنا هل ملك ام لم يملك، لكن ربما يقول قائل أنه ربما المقصود في سفر (ارميا 36: 30) النسل الشرعي (اليهودي) ليهوياقيم، فنرد عليه ونقول: وهل كانت سلسلة النسب من يهوياقيم إلى يوسف النجار هي سلسلة نسب من جهة الشرع وليست من جهة التناسل الطبيعي؟ فليأتينا بدليل.
رابعًا: هل ملك المسيح فعلا على كرسي داود كما كان يملك داود ويهوياقيم؟
كما قلنا سابقًا، فالمسيح له مملكته الروحية على كرسي داود لانه رب وإله إسرائيل وملكهم وملكنا، والمقصود هنا ليس إسرائيل كدولة حالية أو اليهود كديانة أو عرق، بل المقصود إسرائيل الجديدة أي شعب المسيح في كل بقاع الأرض ممن قبلوا خلاصه الكفاري على الصليب، لكن داود ويهوياقيم كانت مملكتهما مملكة أرضية بحتة، فلا يمكن مشابهة هذه بتلك، فحتى إن تغاضينا عن كل ما قلناه سابقاً، فنوع مملكة المسيح الذي من نسل يهوياقيم (جدلا) يختلف عن نوع مملكة يهوياقيم وداود.
خامسًا: جدلاً، لو كان المسيح إبنا بيلوجيًا ليهوياقيم، فهل يمكن إنطباق نبوة (ارميا 36: 30) عليه؟
إن تغاضينا على كل الحقائق السابقة، ولن نعرها إهتمامًا مطلقًا، بل وقلنا (جدلا ومجازًا) أن المسيح هو إبنا طبيعيا ليوسف النجار، فهل يمكن أن تنطبق هذه النبوة عليه؟ في الحقيقة لا أيضًا، لماذا؟ لأن الرب قال في أكثر من موضع:
Deu 5:9 لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء وفي الجيل الثالث والرابع من الذين يبغضونني
Exo 34:7 حافظ الاحسان الى الوف. غافر الاثم والمعصية والخطية. ولكنه لن يبرئ ابراء. مفتقد اثم الاباء في الابناء وفي ابناء الابناء في الجيل الثالث والرابع».
Exo 20:5 لا تسجد لهن ولا تعبدهن لاني انا الرب الهك اله غيور افتقد ذنوب الاباء في الابناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي
Num 14:18 الرب طويل الروح كثير الإحسان يغفر الذنب والسيئة لكنه لا يبرئ. بل يجعل ذنب الآباء على الأبناء إلى الجيل الثالث والرابع.
فهل كان المسيح (جدلاً) من أبناء الجيل الثالث والرابع ليهوياقيم حتى تنطبق عليه هذه النبوة ونبحث عن تحقيقها فيه من عدمه؟
في الحقيقة توجد نقاط كثيرة للرد على هذا الأسلوب من الإستشهاد، ولكن لعدم الإطالة نكتفي بهذا الرد المبسط، ونرجو أن يفهموه ولا يعودوا لتكرار هذه الشبهات القديمة مرة أخرى فالمسيح ليس من نسل يهوياقيم بيلوجيا فقط بسبب أنه ليس من نسل يوسف بيلوجيا وليس من نسل يهوياقيم شرعًا فقط لانه من نسل يوسف شرعًا.