دليل بصمة الإصبع – هل ضاهى يسوع هوية المسيا؟ – لي ستروبل
دليل بصمة الإصبع - هل ضاهى يسوع هوية المسيا؟ - لي ستروبل
دليل بصمة الإصبع – هل ضاهى يسوع هوية المسيا؟ – لي ستروبل
كان ذلك في أحد أيام السبت الهادئة الخالية من الإحداث فيبيت هيلر في شيكاغو. وكان كلارنس هيلر قد قضى فترة ما بعد الظهر في طلاء الزخارف الخشبية خارج منزلة ذو الطابقين والواقع غرب شارع 104 وفي أوائل المساء آوى هو وعائلته إلى الفراش. على أية حال، ما حدث لاحقا سيغير الفانون الجنائي في أمريكا إلى الأبد.
استيقظت عائلة هيلر في ساعات الصباح الباكر من يوم 19 سبتمبر سنة 1910 وساورهم الشك بأن مصباح الغاز القريب من حجرة نوم ابنتهم قد انطفأ. فذهب كلارنس هيلر ليتحقق الأمر. وسمعت زوجته سلسلة متتالية من الأصوات: شجار، سقوط رجلين على السلم، طلقتين ناريتين، اغلاق الباب الأمامي بعنف. وحينما ذهب، حيث مصدر الصوت، وجدت كلارنس هيلر ميتا عند أسفل السلالم.
ألقت الشرطة القبض على توماس جننجز، وهو لص منازل سبق أدانته، على بُعد أقل من ميل. وكان هناك دم على ملابسة وذراعه الأيسر المصاب، وقال، أن كل من الدم والإصابة حدثتا من جراء سقوطه على سيارة في الشارع ووجدوا في جيبه نفس نوع المسدس المستخدم في قتل كلارنس هيلر، ولكنهم لم يستطيعوا أن يحددوا إن كان هل هو ذات السلاح المستخدم في القتل.
ولما كانوا يعرفون بأنهم محتاجين لمزيد من الأدلة لإدانة جننجز، قام المخبرون بمسح بيت القاتل بحثا عن أدلة إضافية.
أصبحت هناك حقيقة واحدة واضحة سريعا: إن القاتل دخل المنزل من خلال نافذة مطبخ خلفية. فخرج المخبرون إلى خارج المنزل، وهنا بجوار النافذة، وجدوا آثار مطبوعة، أربع بصمات أصابع من اليد اليسـرى لشخص، ولن تزول هذه الآثار، حيث طبعت على الطلاء التي قام به القتيل قبيل موته بساعات قليلة.
لقد كان دليل بصمات الأصابع فكرة جديدة في ذلك الوقت، بعد ان عرض حديثا في معرض شرطة دولي في مدينة سان لويس.
وحتى ذلك الوقت لم تكن بصمات الأصابع قد استخدمت كدليل لإدانة أي شخص بجريمة قتل في الولايات المتحدة.
وبالرغم من الاعتراضات القوية من محامي الدفاع الذين اعتبروا مثل هذا الدليل غير علمي وغير مقبول فإن أربعة من الضباط اثبتوا أن بصمات الأصابع الموجودة على الطلاء مطابقة تماما لبصمات جننجز ـ وهو وحده. وبعدها وجدت هيئة المحلفين أن جننجز مذنب وأيدت محكمة إلينوي العليا إدانته في حكم تاريخي وشنق فيما بعد(1).
إن الفرضية وراء دليل بصمة الإصبع بسيطة: فكل فرد لدية على أصابعه او اصبعها خطوط متقاطعة فريدة من نوعها. فعندما ‘تطبع بصمة على شيء ما فهي تتطابق مع نفس نمط الخطوط المتقاطعة على إصبع الشخص، وبذا يستطيع المحققين الانتهاء بيقين علمي بأن هذا الفرد بالذات قد لمس هذا الشئ.
في كثير من القضايا الجنائية، يعتبر تطابق بصمات الأصابع دليل محوري. أتذكر تغطيتي الصحفية لمحاكمة كانت بصمة واحدة لإصبع إبهام وجدت على غلاف سيلوفان لعلبة سجائر كانت العامل الحاسم في ادانة لص منازل عمرة عشرون عاما، بقتل طالبة في إحدى الكليات(2). وهذا ‘يبيّن كيف يمكن لدليل بصمات الأصابع أن يكون حاسماً وقاطعا.
حسناً، لكن ما علاقة هذا الأمر بيسوع المسيح؟
هو ببساطة ما يلي: هناك نوع آخر من الأدلة مماثل لبصمات الأصابع ويثبت بدرجة مذهلة من التأكيد أن يسوع هو حقا المسيا، المنظر لإسرائيل والعالم كله.
في الكتب المقدسة اليهودية، التي يدعوها المسيحيين “العهد القديم” هناك عشرات من النبوءات الكبرى حول مجئ المسيا، الذي سيرسله الله لخلاص شعبه. في الواقع، ‘تشكل هذه النبوءات بصمة الإصبع الرمزية التي يمكن للمسوح من الله وحده أن يتطابق معها. فبهذه الطريقة، يمكن للإسرائيليين أن يستبعدوا أي منحون و‘يصدّقون أوراق اعتماد المسيا الحقيقى.
والكلمة اليونانية للمسيا معناها المسيح. لكن هل كان يسوع حقاً هو المسيح؟ هل حقق هذه النبوءات التي كتبت قبل مولده بمئات السنين بشكل إعجابي؟ وكيف نعرف بأنه الشخص الوحيد على مدى التاريخ الذي تطابق مع بصمة الإصبع النبوية؟
هناك كثير من العلماء الذين نجد صفا طويلاً من الأحرف الأولى بعد أسمائهم، والذين كان بإمكاني أن أسألهم عن هذا الموضوع.
ومع ذلك فكنت أريد إجراء ‘مقابلة مع شخص أكاديمي نظري، وهذا ما قادني إلى مكان غير متوقع جداًّ في جنوب كاليفورنيا.
المقابلة التاسعة: لويس إس. لابيدس، ماجستير في عِلم لاهوت العهد القديم والساميات؛ ماجستير في اللاهوت
عادة ما تكون الكنيسة الموقع الطبيعي لاستجواب شخص ما حول مسألة تتعلق بالكتاب المقدس. لكن كان هناك شيء مختلف في الجلوس مع القس لويس لابيدس في قاعة المصلين في الصباح بعد اجتماع العبادة ليوم الأحد. فهذا الوضع من المقاعد والزجاج الملون ما يمكن توقع أن يوجد فيه ولد يهودي لطيف من نيويورك، نيوجيرسي.
ومع ذلك فهذه هي خلفية لابيدس. وبالنسبة لشخص له ميراثه، فإن السؤال عما إذا كان يسوع هو المسيا الذي طال توقعه، يعتبر أبعد من أي نظرية أو رأي. فهو سؤال شخصي جداً، وقد بحثت عن لابيدس لكي أستطيع أن أسمع قصة بحثه الخاصة لهذه المسألة الخطيرة والحساسة.
نال لابيدس شهادة البكالوريوس في علم اللاهوت من جامعة دالاس المعمدانية، بالإضافة إلى ماجستير في اللاهوت، وماجستير في علم لاهوت العهد القديم واللغات السامية من معهد تالبوت اللاهوتي. وعمل لمدة سبع سنوات كمعلم للحلقات الدراسية ” السير على هدي الكتاب المقدس “. كما كان أيضا الرئيس السابق لشبكة وطنية مكونة من خمس عشرة طوائف مسيائية (نسبة إلى المسيا).
كان لابيدس نحيفاً، يرتدي نظارة، وله صوت ناعم لرقيق، وابتسامة سريعة وضحكة حاضرة. وكان متفائلاً وموديا عندما أرشدني إلى كرسي بالقرب من واجهة مؤسسة بيث إربيل في مدينة شيرمان أوكس، بولاية كاليفورنيا. لم أرد البدء بمناقشة الفروق الكتابية الدقيقة؛ وبدلاً من ذلك بدأت بدعوة لابيدس بمشاركتي بقصة رحلته الروحية.
طوى يديه في حضنه، ونظر إلى الحوائط الخشبية الداكنة للحظة عندما قرر من أين يبدأ، ثم بدأ يحكي بوضوح حكاية غير عادية أخذتنا من نيويورك إلى قرية جرينتش إلى فيتنام إلى لوس انجيلوس، من الشك إلى الايمان، زمن اليهودية إلى المسيحية، ومن يسوع كعديم الأهمية إلى يسوع كالمسيا.
ثم بدأ حديثة قائلاً ” كما تعرف، جئت من عائلة يهودية، وحضرت في معهد يهودي محافظ لمدة سبع سنوات استعدادا لعيد البلوغ.
ومع إننا كنا نعتبر هذه الدراسات مهمة جداً، فإن إيمان عائلتي لم يؤثر كثيراً على حياتنا اليومية. فلم نكن نتوقف عن العمل في يوم السبت؛ ولم يهتم بيتنا ” بالكوشر1 Kosher “.
ثم ابتسم ” على اية حال، في الأيام المقدسة الكبرى كنا نذهب إلى المعبد اليهودي الأرثوذكسي الأكثر صرامةً، لأن والدي كانٍ يشعر أن هذا هو المكان الذي تذهب إليه إذا أردت أن تكون تقياً وجاداً مع الله!”.
وعندما قاطعته لكي أسأله عما علمهُ أبويه عن المسيا، كانت إجابة لابيدس واضحة ” لم يحدث هذا أبداً، لقد كنت ميالاً إلى الشك. وفي الوقع ظننت أني فهمة فسألته ” هل تقول إن موضوع المسيا لم يكن حتى يناقش مع عائلتك؟ “.
فكرر إجابته قائلاً ” ابداً، أنا حتى لا أتذكر بأن هذا الموضوع قد سمعت عنه في المدرسة العبرية “.
لقد كان مدهشاً لي، فسألته ” وماذا عن يسوع؟ هل كان في أي وقت لحديثكم؟ هل استخدم أسمه؟ “.
فقال مازحاً ” الطريقة الوحيدة التي ذكر بها أسم يسوع كانت بشكل انتقاصي! أساسا، لم نناقشه أبداً. أما انطباعاتي عن يسوع فقد نشأت من رؤية الكنائس الكاثوليكية: كان هناك الصليب، وإكليل الشوك، والجنب المطعون، والدم النازل منٍ رأسه. ولم يكن لهذا أي معني عندي. لماذا تعبدون رجلاً مصلوباً على الصليب والمسامير في يديه وفي قدميه؟ لم أفكر أباً، ولو مرة واحدة، بان يسوع كان له أي صلة بالشعب اليهودي. لكنني اعتقدت فقط أنه كان إلها للأمم (غير اليهود).
- قد يكون اللحم المذبوح بحسب القواعد الصارمة بالشريعة اليهودية، حيث تنزع منه كل الأشياء غير النظيفة، وحين يذبح يجب أن ُيصفّى دمه كلياً، قاموس أدبيات ومعتقدات شعوب العالم، مكتبة دار الكلمة، مصر القاهرة، 2004.
“إن الشعوب الني لم تكن يهودية (الأمم)، كان يُنظر إليهم كمرادفين للمسيحيين، وعلمونا أن نحترز لأنة من الممكن أن هناك معاداة للسامية بين الأممين” قال ذلك بطريقة دبلوماسية نوعاً ما.
واصلت تتبع الموضوع ” هل تقول أنك كونت مواقف سلبية نحو المسيحيين؟ “
في هذه المرة لم يفتت الكلمات، فقال ” نعم، في الحقيقة فعلت ذلك. فيما بعد، عندما ُقدم لى العهد الجديد لأول مرة، بصدق اعتقدت بأنه سيكون أساسا كتيباً عن معاداة السامية: كيفية كراهية اليهود، كيفية قتل اليهود، وكيفية ذبحهم. واعتقدت أن الحزب النازي الأمريكي سيستريح لاستخدامه كمرشد “.
هززت راسي، وحزنت وشعرت بالأسى حين فكرت في كم عدد الأطفال اليهود الآخرين الذين نشأوا وهم يعتقدون أن المسيحيين أعدائهم.
مسعى روحي يبدأ
لابيدس ذكر عدة أحداث أضعفت ولأنه لليهودية فيما كان يكبر.
ولما كنت متشوقاً لمعرفة التفاصيل، طلبت منه التوسع، فاتجه مباشرة وبشكل واضح إلى الحادثة الأكثر فاجعة في حياته.
فقال:”أنفصل والدي عن والدتي حين كان عمري سبعة عشر عاما ” ولدهشتي أنه بعد كل هذه السنين مازلت أستطيع تبين جرح في صوته “. في الواقع أن هذا الحدث أحدث طعنة في أي قلب متديَن التي لربما كانت لديّ. وتساءلت: من أين يأتي الله؟ لمَ لم يذهبا إلى الحاخام للاستشارة؟ أي صلاح للدين إذا لم يستطيع مساعدة الناس على نحو عملي؟ لقد كان من المؤكد بأن أبوأي لن يستطيعا الاستمرار معاً. وعندما انفصلا، أنفصل جزء مني أيضاً.
” وفوق كل ذلك في اليهودية لم اشعر كأن كان لديَ علاقة شخصية مع الله. كانت لديَ شعائر وتقليد جميلة، ولكنه كان إله جبل سيناء البعيد
والمُنفصل الذي قال ” ها هي القوانين (الوصايا العشر)، ستعيشون بها وستكونون على ما يرام، وسأراكم فيما بعد “. وهناك كنت أنا، مراهق بهرمونات مهتاجة، يتساءل: ” هل الله على علم بكفاحي وصراعاتي؟ هل يهتم بي كفرد؟ حسناً، لم أرى شيئاً مُطلقاً من هذا “.
دفع الطلاق ببدء مرحلة من التمرد. أولع بالموسيقى وتأثر بكتابات جاك كيروواك وتيموثي ليري، وقضي وقتاً أكثر من اللازم في مقاهي قرية جرينتش فلم يستطع الالتحاق بالكلية، مما جعله ُعرضة للخدمة العسكرية. وفي سنة 1967 وجد نفسه في الجانب الآخر من العالم في سفينة شحن عليه حمولة متفجرة، ذخيرة، وقنابل، وصواريخ، ومتفجرات قوية أخرى ـ مما جعلها هدفاً مغرياً للمحاربين الفيتناميين.
” أتذكر ما قيل لنا من توجيهات في فيتنام، عشرون بالمائة منكم يحتمل أن يقتلوا، والثمانون بالمائة سُيصابون بأمراض تناسلية أو مدمني خمور أو مدمني للمخدرات “. اعتقدت، انه ليس لي فرصة حتى واحد بالمائة من العودة بحالة طبيعية!
” لقد كانت فترة مظلمة جداً. شاهدت فيها صنوف العذاب، ورأيت جثثاً في أكياس، وشاهدت دمار الحرب. وصادفت معاداة السامية بين بعض الناس. قليل منهم من الجنوب حرقوا صليباً في إحدى الليالي. لربما رغبت في إبعاد نفسي عن هويتي اليهودية لربما، لهذا بات بالتنقيب في الديانات الشرقية “.
قرأ لابيدس كتباً عن الفلسفات الشرقية وزار المعابد البوذية حينما كان في اليابان. ” لقد تضايقت جداً للشرور التي رأيتها وكنت أحاول أن اكتشف كيف يستطيع الإيمان أن يتعامل معها. لقد اعتدت القول: لو كان هناك إله فلا يهمني إن كنت سأجده على جبل سيناء أو جبال فوجي. فسأقبله بأي طريقة”.
خرج حياً من فيتنام، وعاد إلى الوطن مولعاً بطعم جديد اكتشفه في المار جوانا وخططا ليصبح كاهناً بوذيا. حاول أن يعيش حياة الزهد وإنكار الذات في محاولة جاهدة للتخلص من الكارما)2( السيئة لآثام ماضية، ولكن سرعان ما أدرك بأنه لن يستطيع أبداً التعويض عن كل أخطائه.
سكت لابيدس لحظة ثم قال ” أصبحت مُكتئباً، وأتذكر أني ركبت مترو الأنفاق وبدأـ بالتفكير، لربما كان الحل هو القفز فوق الأحداث. يمكنني من أن أتحرر من هذا الجسد وأتحد بالله. ولقد كنت مرتبكاً جداً. ومما زاد سوءاً إني بدأت أجري تجارب بتعاطي مخدر اسمه LSD “.
وبحثا عن بداية جديدة، قرر الانتقال إلى كاليفورنيا، حيث استمر في مسعاه الروحي ” ذهبت إلى الاجتماعات البوذية، ولكنها كانت فارغة. فالبوذية الصينية كانت إلحادية، والبوذية اليابانية تتعبّد لتماثيل بوذا، وبوذية الزن مراوغة جداً. وذهبت إلى اجتماعات العلموية (حركة دينية علمية)، ولكنهم كانوا متلاعبين ومسيطرين.
وكان الهندوس يؤمنون بكل هذه الطقوس العربيدة التي كانت لدى الآلهة وفي الآلهة التي كانت عبارة عن أفيال زرقاء. لا شيء من كل هذا بدأ معقولاً؛ لا شيء يمكنه أن يُرضي، ويُشبع النفس “.
وزادت أحواله سوءاً حتى كان يصطحب أصدقاء إلى اجتماعات لها اتجاهات شيطانية خفية. ” كنت أراقب وأشاهد وأفكر. إن شيئاً ما يحدث هنا، لكنه ليس جيداً، وفي وسط عالمي المجنون بالمخدرات، أخبرت أصدقائي أن هناك قوة شريرة تفوق طاقتي، وتستطيع أن تعمل في داخلي، ومتواجدة في كياني.لقد رأيت في حياتي شروراً كافية لأعتقد ذلك”. وبابتسامة ساخرة قال ” أظن أني قبلت وجود الشيطان، قبل قبلت الله”.
____________
(2) هي كلمة سنسكريتية تعني “الفعل”و”المصير”، وتعد مصطلحاً هاماً في التراث الديني الهندي حيث تشير إلى مجمل أفعال الشخص في واحد من حالات الوجود المتعاقبة، وهي تفرر ما سيكون وضعه في الحالة التي تعقب وجودة الحالي، وهي التي تحددت بالحالة السابقة.] قاموس أديان ومعتقدات شعوب العالم، مكتبة دار الكلمة، مصر القاهرة،2004 [
“لا يمكنني” الإيمان بيسوع
في سنة 1969 دفع فضول لابيدس لزيارة قطاع “سنست ستريب” للتحديق في داعية إنجيلي كان قد قيًد نفسه بسلسلة في صليب طوله 8 أقدام للاحتجاج، على ألطريقه التي تمكن بها أصحاب حانة محلية التي تسببت في طردة من الدير. وكان هناك على الرصيف صادف لابيدس بعض المسيحيين الذين شاغلوه في نقاش روحي مرتجل.
ولكونه كان مغروراً. بدأ يقذفهم بأفكار الفلسفة الشرقية، وقال لهم وهو يشير إلى السماء “ليس هناك إله. نحن الله. أنا الله. وأنتم الله. فقط عليكم أن تدركوا ذلك”.
فأجابه أحد الأشخاص “حسناً، إذا كنت أنت الله، فلماذا لا تخلق صخرة؟ فقط أظهر أي شيء: أي شيء مما يفعله الله”.
وبعقله المشوش بسبب المخدرات، تخيل أنه ماسكاً بيده صخرة فقد مد يده الفارغة قائلاً ” حسناً، ها هي الصخرة”.
فضحك المسيحي ساخراً “هذا هو الفرق بينك وبين الله الحقيقي. عندما يخلق الله شيئاً، يستطيع كل فرد أن يراه. فهو شيء ملموس وليس شيء وهمي”. وهنا تسجلت هذه الفكرة مع لابيدس. وبعدما فكّر فيها قليلاً، قال لنفسه، لو وجدت الله فلابد أن يكون ملموساً. لقد انتهيت من هذه الفلسفة الشرقية ومللتها وهي التي تقول إن كل شيء موجود في عقلي وأنني أستطيع خلق حقيقي. إن الله لابد أن يكون حقيقة ملموسة إذا كانت سيكون له معنى يفوق مستوى خيالي.
وعندما ذكر أحد المسيحيين إسم يسوع، حاول لابيدس التخلص منه بالجواب الذي طال اختزانه “أنا يهودي، لا أؤمن بيسوع”.
وهنا تكلم القس وسأله ” هل تعرف بالنبوءات حول المسيا؟
لكن لابيدس فوجئ بهذا السؤال فقال له”نبوءات؟ أنا لم اسمع عنها أبداً”.
وفاجأ الداعية لابيدس بالإشارة إلى بعض نبوءات العهد القديم.
تفكر لابيدس ثم قال له “إنتظر دقيقة! تلك كتبي اليهودية المقدسة التي اقتبس منها! كيف يمكن ليسوع أن يكون هناك”.
فلما قدم له الداعية الكتاب المقدس، كان لابيدس مرتاباً، فسأله “هل به العهد الجديد؟ فأومأ الداعية برأسه موافقاً فقال لابيدس “حسناً، سأقرأ العهد القديم، لكن لن افتح الأخر”.
وإندهش من رد الداعية الذي قال له حسناً، اقرأ العهد القديم فقط وإسأل إله إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، إله إسرائيل ليريك إن كان يسوع هو المسيا. لأنه مسيحك المنتظر. جاء إلى الشعب اليهودي أولاً ثم كان أيضاً مخلص العالم”.
بالنسبة للابيدس، كانت هذه معلومات جديدة. معلومات مثيرة، معلومات مدهشة. لذا عاد إلى شقته، وفتح العهد القديم من أول سفر، سفر التكوين، وراح يبحث عن يسوع بين الكلمات التي كانت قد كتبت من مئات السنين قبل أن يولد نجار الناصرة.
” مَجْرُوحٌ لأجْلِ مَعَاصِينَا “
ثم قال لابيدس “سرعان ما بدأت بقراءة العهد القديم كل يوم وأرى نبوءة بعد أخرى. فمثلاً، تحدث سفر التثنية عن نبي أعظم من موسى سوف يأتي ويجب أن نستمع إليه. أنه المسيا، شخص عظيم ومحترم مثل موسى، ولكنه معلم أعظم وذو سلطان أعظم. فأمسكت بهذه النبوءة ورحت ابحث عنه”.
وكلما تقدّم لابيدس في قراءة الكتاب المقدس. توقف مذهولاً عند سفر أشعياء الإصحاح 53. بوضوح ودقة، وفي نبوءة متكررة ومغلفة بشعر متقن، كانت هذه صورة المسيا الذي سيتألم ويموت من أجل خطايا إسرائيل والعالم، كلها كتبت قبل حضور يسوع إلى الأرض بأكثر من سبعمائة عام.
3 مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. 4 لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. 5وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6 كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7 ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8 مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9 وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْمًا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ.
12 لِذلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ. أشعياء (53: 3- 9 ،12)
وفي الحال تعرّف لابيدس على الصورة: هذا هو يسوع الناصر]! الآن بدأ يفهم الصور التي رآها في الكنائس الكاثوليكية التي مر بها وهو طفل: يسوع المتألم، يسوع المصلوب، يسوع الذي أدرك الآن أنه ” مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا ” كما أنه ” وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا “.
ومثلما سعى اليهود في العهد القديم للتكفير عن خطاياهم من خلال نظام الذبائح الحيوانية، فهنا يسوع، الحمل الذبيحة النهائية من الله، الذي دفع ثمن خطايانا مرة والى الأبد. وهنا كان تجسيد خطة الله للخلاص.
لقد كان هذا الاكتشاف مدهشاً جداً لدرجة أن لابيدس إستطاع أن يتوصل إلى استنتاج واحد فقط: إنها كانت خدعة! فقد أعتقد بأن المسيحيين أعادوا كتابة العهد القديم وحرفوا كلمات أشعياء ليجعلوها تبدو كأن النبي كان يتنبأ عن يسوع.
وشرع لابيدس ليكشف عن هذه الخدعة”سألت زوجة أبي أ، ترسل إلى نسخة من الكتاب المقدس اليهودي وبذا يمكنني أن أتأكد بنفسي. وفعلاً أرسلت الكتاب المقدس، فهل يمكنك أن تخمن؟ وجدته يقول نفس الشيء! الآن أنا مضطر أن أتعامل معه”.
يهودية يسوع
مرة بعد أخرى يصادف نبوءات في العهد القديم، أكثر من أربع دزينات (48) من النبوءات الكبرى إجمالاً. وقد كشف أشعياء طريقة ميلاد المسيا (من عذراء)؛ وحدد ميخا مكان ميلاده(بيت لحم)وحدد سفري التكوين و أرميا سلسلة النسب (من إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ومن سبط يهوذا، من بيت داود)؛ وتنبأت المزامير بمن سيخونه، واتهامه من قبل شهود زور، وطريقة موته (مثقوب في يديه وقدميه، مع أن الصلب لم يكن قد إخترع وقتئذ)، وقيامته (لن يفسد حسده بل سيصعد إلى السموات) وهكذا وبدون توقف(3) كانت كل نبوءة تُكسّر شكوكية لابيدس حتى أصبح أخيراً مستعداً لان يتخذ الخطوة الحاسمة.
“قررت فتح العهد الجديد وأقرأ الصفحة الأولى فقط”.
وبارتعاش انتقلت ببطئ إلى إنجيل متى وأنا ناظر إلى السماء منظراً صاعقة البرق أن تهبط علىَّ!”.
وقفزت كلمات متى الأولى من صفحة الإنجيل حيث يقول “كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ….”. فاتسعت عينا لابيدس حين تذكر لحظة قراءته لهذه الجملة لأول مرة”فكرت ـ واو! إبن إبراهيم وإبن داود، كل الأشياء متوافقة معاً! وعدت إلى قصص الميلاد وفكرت. أنظر إلى هذه الجملة.إن متى يقتبس من النبي أشعياء14:7 “هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ» وبعد ذلك يقتبس من النبي أرميا، وجلست هناك أفكر. أنت تعرف أن هذه عن الشعب اليهودي. فأين يبدأ الكلام عن الأمم (غير اليهود)؟ ماذا يحدث هنا؟
“وهنا لم أستطع أن أترك الكتاب. بل قرأت باقي الأناجيل كلها، وأدركت بأنها ليست كتيب للحزب النازي الأمريكي، بل كانت تفاعلاً بين يسوع والمجتمع اليهودي. ثم وصلت إلى سفر الأعمال، وهذا شيء لا يمكن تصديقه! لقد حاولوا أن يبينوا بوضوح كيف استطاع اليهود أن يوصلوا قصة يسوع إلى الأمم (غير اليهود).
حديث عن تبادل الأدوار!
لقد كانت النبوءات التي تحققت مقنعة لدرجة أن لابيدس بدأ يخبر الناس أنه آمن بأن يسوع هو المسيا. وفي ذلك الوقت، كان هذا مجرد احتمال عقلاني بالنسبة إليه، ومع ذلك فما تضمنه من معاني كانت مقلقة للغاية.
“أدركت أنني لو قبلت يسوع في حياتي، فلابد أن تحدث بعض التغيرات في طريقة معيشتي”. ثم أوضح قائلاً “لابد أن أعالج مشاكل المخدرات، والجنس، وغيرها. ولم أفهم أن الله سيساعدني في إتمام هذه التغيرات؛ واعتقدت بأني يجب أن أنظف حياتي بنفسي، بمفردي”.
الغطاس في الصحراء
توجّه لابيدس وبعض أصدقاؤه إلى صحراء موجاف للنزهة. وقد كان روحياً يشعر بصراع نفسي. فقد انتابته كوابيس التي رأى فيها الكلاب تمزقه وتنهشه من اتجاهات متقابلة. وبينما كان جالساً بين الأشجار الصحراوية، تذكر كلمات قالها له شخص يوم ذهب إلى سنست ستريب” إما أن تكون مع الله أو مع الشيطان”.
لقد أمن بالشر ومتضمنا ته، ولم يكن هذا هو الجانب الذي أراد أن يكون معه. لذا صلى لابيدس ” يارب، يجب أن أضع حداً لهذا الصراع. يجب أن اعرف دون أي ظل من الشك أن يسوع هو المسيا. أحتاج أن أعرف، أنك كإله إسرائيل، تريدني أن أؤمن بهذا”.
وبينما حكي لي هذه القصة، تردد لابيدس حيث كان غير متأكد كيف يعبر بالكلمات عما حدث بعد ذلك. ومرت لحظات قليلة. ثم قال لي “أفضل ما استجمعه من تلك التجربة هو أن الله تكلم إلى قلبي، بطريقة ملموسة. وأقنعني، بشكل اختباري أنه موجود. وعند تلك النقطة، وأنا في الصحراء، قلت في قلبي “يارب، أنا أقبل يسوع في حياتي. لكني لا أفهم ما هو مفروضاً أن أفعلة معه، ومع ذلك فإني أريده. لقد أفسدت حياتي كثيراً جداً، واحتاجك يارب لأن تغيرني”.
وفعلاً بدأ الله بالقيام بتلك العملية التي ما زالت مستمرة حتى اليوم. ” عرف أصدقائي أن حياتي قد تغيرت، ولم يستطيعوا أ، يفهموا ذلك. فهم يقولون لي أن شيئاً ما قد حدث لك في الصحراء. فأنت لا تعد راغباً في تعاطي المخدرات. هناك شيء مختلف فيك؟”
“فأقول لهم، حسناً، أنا لا أستطيع تفسير ما حدث. فكل ما أعرفه أن هناك شخص في حياتي، وهذا الشخص قدوس، وبار، وهو مصدر الأفكار الإيجابية عن الحياة، وأنا اشعر فقط بكل هذا”.
هذه الكلمة الأخيرة، بدا وكأنه كل شيء. “بكل هذا” أما هو فأكد لي “كل هذا بطريقة لم أشعر بها أبدا من قبل”.
وبالرغم من التغيرات الإيجابية، فقد كان مهتماً بتبليغ هذا الخبر لوالديه. وعندما أبلغهما أخيراً، كان رد فعلهما متفاوتا. “في بادئ الأمر كانا فرحين لأنهما عرفا أنني لم أعد معتمداً على المخدرات، وأنني بدوت أفضل بكثير نفسيا” وبعد ذلك تذكر ما حدث “لكن هذا الابتهاج بدأ بالتحلل عندما فهما مصدر كل هذه التغيرات. فجفلوا، كما لو كانوا يقولون: ولماذا يجب أن يكون يسوع؟ ولماذا لا يمكن أن يكون شئ آخر؟ ولم يعرفوا ماذا يمكنهم أن يفعلوا”.
ثم أضاف بصوت فيه نبرة من الحزن” مازلت غير متأكد بأنهم يفعلون شيئاً”.
ومن خلال سلسلة من الظروف الغير عادية، حصل لابيدس على استجابة للصلاة من أجل الحصول على زوجة حين قابل ديبورا، التي كانت يهودية أيضا ومن أتباع يسوع.فأخذته إلى كنيستها، التي أتضح إنها نفس الكنيسة التي يرعاها الداعية الذي كان قد قابله قبل ذلك بشهور كثيرة في سنست ستريب الذي حفز لابيدس لقراءة العهد القديم. وهنا ضحك لابيدس”يمكنني أخبارك، لأنه شُدهّ عندما رآني أدخل الكنيسة!”
وكان جماهير المصلين كثيرين وكان من بينهم راكبو الدراجات البخارية فيما قبل، ومن مجموعات الهيبز السابقين، ومدمنين سابقين للمخدرات من هذا القطاع، وكان بيتهم عدد من أهالي الجنوب سيئ السمعة جاءوا واستقروا. وبالنسبة للشاب اليهودي من نيو أرك الذي كان منطقياً خجولاً جداً من الذين مختلفون عنه، بسبب معاداة السامية التي كان يخشى أن يصادف، قد إستراح عندما تعلم أن يسمي مثل هذه المجموعة المتباينة”إخوة وأخوات”.
تزوج لابيدس من ديبورا بعد عام من لقائهما. ومنذ ذلك الحين أنجبا ولدين. ثم أنجبا معا مؤسسة بيث أريل، وهي عبارة عن مأوى لليهود وغير اليهود(الأمم) الذين وجدوا الكمال في المسيح.
الرد على الاعتراضات
أنهى لابيدس قصته في كرسيه. أما أنا فتركت الزمن يتباطأ. وكانت قاعة الكنيسة هادئة تبث السلام في النفس؛ وكان الزجاج الملون يتوهج باللون الأحمر والأصفر والأزرق بشمس كاليفورنيا. جلست أتأمل في قوة قصة شخص واحد عن إيمان وجدة. وعجبت لهذه القصة المليئة بالصراع والمخدرات، وقرية جرينتش وقطاع سنست ستريب والصحراء القاحلة، التي لا يمكني ربطها بالقس اللطيف المنضبط الجالس أمامي.
ولكني لم أرد تجاهل الأسئلة الواضحة التي أثارتها قصته. وبعد استئذان لابيدس بدأت أساله السؤال الرئيسي الذي خطر ببالي “إذا كانت النبوءات واضحة جداً أمامك وأشارت بطريقة لم تدع مجالاً للشك ـ إلى يسوع ـ فلما لا نجد مزيداً من اليهود يقبلون يسوع كالمسيا لهم؟”.
لقد سأل لابيدس نفس السؤال طوال الثلاثين عاماً منذ أن تحداه رجل مسيحي للتحقق في الكتب اليهودية المقدس. فقال لي “في حالتي، فقد تأنيت في قراءتهم. ومن الغريب، أنه مع أن اليهودي معروف عنهم الذكاء الفائق، إلا أنهم في هذه المسألة لديهم الكثير من الجهل.
“علاوة على ذلك، هناك مؤسسات للتبشير المضاد والتي تعقد حلقات دراسية في الجامع والمعابد اليهودية لمحاولة تفنيد النبوءات المسيائية. فاليهود يسمعوها ويتخذوها حجة لعدم استكشاف النبوءات بأنفسهم. ويقولون “إن الحاخام قال لي ليس هناك شئ من هذا القبيل” وحين أسألهم” هل تظنون أن الحاخام قدم اعتراضا لم تسمع به المسيحية من قبل؟ أعني أن العلماء قد ظلوا يبحثون في هذا الموضوع لمدة مئات السنين! هناك أدب كثير وكتب عظيمة وإجابات مسيحية قوية على هذه التحديات، فلو كانوا بهذا الموضوع فسأساعدهم على مزيد من البحث”.
ولقد تعجبت من نبذ المجتمع الذي يواجهه شخص يهودي إذا أصبح هو أو هي مسيحيا. فقال لابيدس “إن هذا بالتأكيد أحد العوامل، فإن بعض الناس لا يسمحون للنبوءات المسيائية أن تلفت نظرهم لأنهم خائفون من الارتداد الذي يؤدي إلى النبذ عن عائلاتهم والمجتمع اليهودي. وهذا ليس من السهل مواجهته صدقني، أما أعرف ذلك”.
ورغم ذلك، فإن بعض التحيات للنبوءات تبدو مقنعة جداً عندما يسمها شخص لأول مرة. ولذلك فقد وجهت أكثر التحديات شيوعاً إلى لابيدس واحدة بعد الأخرى لأرى كيف سيرد عليها.
- مجادة الصدفة
أولاً، سألت لابيدس إن كان من الممكن أن تحقيق يسوع للنبوءات قد يكون مجرد صدفة. لربما يكون أحد الكثيرين على مدى التاريخ الذين توافقوا بالصدفة مع بصمة إصبع النبوءات.
جاء رَدَّة “إنها ليست صدفة، فإن الإحتمالات كثيرة العدد لدرجة أنها تحسم هذه النقطة. وقد حسبها شخص فوجد أن احتمال مجرد تحقق ثمانية نبوءات هي صدفة أو فرصة واحدة في مائة مليون بليون. وهذا العدد أكبر بملايين المرات من عدد جميع الناس الذين عاشوا على هذا الكوكب حتى الآن!
“وحسب هذا العدد أنك إذا أخذت هذا العدد بالدولارات الفضية، فستغطي ولاية تكساس إلى عمق قدمين. فلو وضعت علامة على واحد من هذه الدولارات الفضية ثم أحضرت شخصاً مغمض العينين وطلبت منه التجول في كل أنحاء الولاية ويلتقط هذه العملة المحددة، ماذا تكون الإحتمالات لوصله للعملة التي وضعت عليها العلامة؟”.
وبهذا فإنه يعتبر أجاب على سؤاله بنفسه: “إنه نفس عدد الإحتمالات التي يمكن لأي شخص في التاريخ لأن يحقق ثمانية فقط من هذه النبوءات”.
لقد درست هذا التحليل الإحصائي نفسه من قبل عالم الرياضيات بيتر دبليو ستونر عندما كنت أبحث في النبوءات المسيائية لنفسي. وإن ستونر قد حسب أيضا أن أحتمال تحقق ثمان وأربعون نبوءة كان فرصه واحدة في تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، تريليون!(4)
إن عقولنا لا تستطيع أن تستوعب عدداً بهذا الحجم. وهذه إحصائية مذهلة لدرجة أنها مساوية لعدد الذرات الدقيقة جداً في تريليون، تريليون، تريليون، تريليون، بليون من الأكوان ضعف حجم الكون الذي نعيش فيه!
واختتم لابيدس الكلام قائلاً” إن الإحتمالات وحدها تقول إنه من المستحيل لأي شخص أن يحقق نبوءات العهد القديم. ومع ذلك فإن يسوع، ويسوع وحدة، عبر كل قرون التاريخ، إستطاع أن يحققها”.
وهذا قفزت إلى رأسي كلمات بطرس الرسول ” وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ، أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ، قَدْ تَمَّمَهُ هكَذَا” (أعمال 18:3).
2.مناقشة مسألة الإنجيل المحرف
رسمت سيناريو آخر للابيدس، فسألته” أليس من الممكن أن كُتّاب الأناجيل اختلقوا تفاصيل لُظهروا أن يسوع حقق النبوءات؟”
“فمثلاً تقول النبوءات أن عظام المسيا ستبقى سليمة ولن تُكسر، لذلك فربما يوحنا أخترع قصة أن الرومان كسروا سيقان اللصين اللذين صلبا مع يسوع ولم يكسروا سيقانه. والنبوءة التي تتحدث عن الخيانة مقابل ثلاثين قطعة من الفضة، لربما تلاعب متى بالحقائق بطريقة ماكرة وقال: نعم، باع يهوذا يسوع بهذا المبلغ نفسه”.
لكن هذا الاعتراض لم ينجح أكثر من الاعتراض السابق.فأوضح لابيدس “الله بحكمته قد خلق وسائل المراجعة والرقابة من داخل المجتمع المسيحي وخارجه. فعندما انتشرت الأناجيل وأصبحت متداولة، كان هناك أناس يعيشون في ذلك الوقت وفي تلك المناطق عندما حدثت هذه الأمور. وكان من الممكن أن يأتي شخص ويقول ل متى ” أنك تعلم أن هذه الأحداث لم تحدث بهذه الطريقة. إننا نحاول أن نحيا حياة التقوى والصدق فلا تشوهها بكذبة”.
علاوة على ذلك، لماذا يختلق متى نبوءات تحققت ثم يسمح لنفسه، وبرغبته أن يحكم عليه بالإعدام لكونه تابع لشخص يعرف سراً أنه لم يكن فعلاً المسيا؟ هذا شيء لا معنى له؟
وما هو أكثر من ذلك، أن المجتمع اليهودي كان سينتهز أي فرصة ليكذبوا الأناجيل بلفت الأنظار إلى هذه الأكاذيب. وكانوا سيقولون ” لقد كنت هناك، وقد كسر الرومان عظام يسوع أثناء عملية الصلب. ولكن مع أن التلمود اليهودي يشير إلى يسوع بطريقة تحط من قدره، فأنه لم يدعي أبداً، ولا مرة واحدة، أن تحقيق هذه النبوءات قد تم تزيفه”.
- مناقشة تدبير عملية تحقيق النبوءات عمداً
صَرح بعض المشككين بأن يسوع خطط حياته بطريقة تحقق النبوءات. ” ألم يكن يستطيع أن يقرأ في سفر زكريا أن المسيا سيدخل أورشليم راكباً على حمار، ثم يتخذ الترتيبات اللازمة لتمكنه فعل ذلك بالضبط؟”
وهنا تنازل لابيدس تنازلاً صغيراً فقال رداً على سؤالي ” نعم، بالنسبة لنبوءات قليلة، فإن هذا الأمر يمكن تخيله بالتأكيد. ولكن هناك نبوءات أخرى كثيرة لم يكن من الممكن أن يحدث فيها هذا.
“فمثلاً، كيف سيتحكم في حقيقة أن مجلس السنهدريم اليهودي أعطوا ليهوذا ثلاثين من الفضة لكي يخونه؟ وكيف سيتمكن من ترتيب سلسلة النسب، والمكان الذي ولد فيه، وطريقة إعدامه، أو مُراهنة الجنود على ثيابه، أو بقاء رجليه سليمة ودون أن تكسر على الصليب؟ وكيف كان سيرتب عملية قيامته من الأموات؟ وكيف كان سيرتب أن يولد في الموعد الذي ولد فيه؟”
هذه الجملة الأخيرة أثارت فضولي فسألته ” ماذا تقصد بعبارة في الموعد الذي ولد فيه؟”
عندما تفسر دانيال 9: 24-26، الذي يتنبأ بأن المسيا سيظهر بعد فترة زمنية محددة بعد أن ملك أرْتَحْشَسْتَا الأول أصدر مرسوماً للشعب اليهودي بالذهاب من فارس إلى أورشليم ليعيدوا بناء أسوار أورشليم.
ثم مال للأمام لقول الجملة الحاسمة “إن هذا يجعل الظهور المتوقع للمسيا في اللحظة المحددة من التاريخ التي ظهر فيها يسوع. وبالتأكيد لم يكن بإمكانه أن يرتب هذه المسألة مقدماً”(5)
- مجادلة السياق
هناك اعتراض واحد آخر لابد من مناقشته: هل كانت الفقرات التي عينها المسيحيون كنبوءات عن المسيا مقصودة فعلاً لتشير إلى مجئ المسيا الوحيد الممسوك بالزيت، أم أن المسيحيين انتزعوها وفصلوها عن سياق الجملة وأساءوا تفسيرها؟
تنهد لابيدس قائلاً “أنت تعرف، أنني أفحص الكتب التي يؤلفها الناس ليحاولوا تشويه ما نؤمن به. وأن هذا ليس من السهل عملة وكنني أقضي الوقت الكافي لفحص كل اعتراض على حدة، أبحث في سياق الجملة وأستخدم الكلمات في اللغة الأصلية. وفي كل مرة ثبتت النبوءات صدقها.
“لذا فإني هنا أوجه تحدياً إلى المشككين: لا تقبلوا كلامي كما هو، ولكن لا تقبلوا كلام الحاخام أيضاً. بل خصصوا الوقت الكافي لبحثها بأنفسكم. لا يستطيع أحد اليوم أن يقول “ليس عندي معلومات” فهناك كتب كثيرة يمكنها مساعدتكم.
“وهناك شئ آخر: اطلبوا من الله بإخلاص أن يعلن لكم هل يسوع هو المسيا أم لا. وهذا هو ما فعلته بنفسي، وبدون أي تعليم أصبح من الواضح أمامي من الذي تنطبق عليه بصمة المسيا”.
“لآ بُد أَنْ يَتِمَّ جمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنَّي……”
لقد أعجبت بالطريقة التي أجاب بها لابيدس على الاعتراضات، ولكن في النهاية لقد كانت قصة رحلته الروحية هي التي ظلت تتكرر في تلك الليلة. وتأملت في عدد المرات التي صادفت فيها قصصا مماثلة، خصوصاً بين الناس اليهود الناجحين والذين يفكرون بعمق، والذين شرعوا بدقة من خلال قراءته لما كتبه من قبل الذين يحاولون أن يحطوا من قدر إدعاءات يسوع المسيا نية.
فكّرت في “ستان تيلتشين”، رجل الأعمال بالساحل الشرقي الذي بدأ مسعاه للكشف عن “العبادة” المسيحية بعد سفر أبنته إلى الكلية، حيث قبلت يسوع كالمسيا. لقد اندهش من أن تحقيقه قاده هو وزوجته وأبنته الثانية إلى نفس المسيا. لقد أصبح فيما بعد خادما للمسيح، وكتابه الذي يعيد رواية قصته “المغدور به Betrayed “، والذي تُرجم إلى أكثر من عشرون لغة.(6)
وهناك أيضا جاك سترنبيرج، طبيب السرطان البارز في لتل روك، آركانساس، الذي قاده قلقة مما وجدة في العهد القديم عن المسيا، وتحي ثلاثة حاخامات لتفنيد تحقق هذه النبوءات في يسوع المسيا. ولم يستطيعوا، وهو يدعي بأنه وجد تحقيقها كلها في المسيح(7).
وهناك أيضاً، بيتر جرينسبان، أخصائي الولادة، وطبيب أمراض النساء الممارس في مدينة كانساس وأستاذ مساعد سريري في كلية الطب مدينة ميسوري كانساس. ومثل لابيدس، كان قد تحديّ للبحث عن يسوع في اليهودية. وهو ما اضطره لبحث في التوراة والتلمود، ساعياً إلى إثبات عدم أحقية يسوع كالمسيا. وبلاً من ذلك وصل إلى النتيجة بأن يسوع قد حقق في شخصه، وبشكل أعجوبي، كل النبوءات.
بالنسبة له، قرأ الكتب التي حاول مؤلفوها تقويض الدليل القائل بأن يسوع هو المسيا. إلا أنه وصل إلى نتيجة فحواها ” لقد قدتني هذه الكتب الهجومية على يسوع للإيمان به”(8)
وقد وجد مثل لابيدس وآخرين ـ أن كلمات يسوع في إنجيل لوقا قد ثبت صدقها “أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ” (لوقا 24:44). لقد تحققت في يسوع وحده، الشخص الوحيد في التاريخ الذي ضاهى بصمة الإصبع النبوية لمسيح الله الواحد.
مشاورات
أسئلة للتأمل ومجموعات الدراسة
1.حتى لو تكن يهودياً، هل هناك أي سمة لرحلة لابيدس الروحية مشابهه لرحلتك الخاصة؟ هل كان هناك أي دروس تعلمتها من لابيدس عن كيف يجب أن تبدأ؟
2.درس لابيدس تراثه اليهودي وأسلوب حياته المخالف للكتاب المقدس، التي شكّلت عوائق تمنعه من أن يصبح من أتباع يسوع؟ هل هناك شئ في حياتك يجعل من الصعب أن تصبح مسيحياً وهل تري أي تكاليف قد تتكبدها لو أصبحت مسيحياً؟ وما قيمتها لو قورنت بالفوائد؟
3.كان لابيدس يعتقد أن المسيحيين معادين للسامية. في تدريب حديث على ترابط الكلمات في جامعة الساحل الشرقي، كانت الكلمة الأكثر ترابطاً مع كلمة “مسيحي” هي كلمة “عديم التسامح”، هل لديك تصورات سلبية عن المسيحيين؟ من أي مصدر نشأت؟ وكيف يمكن لذلك أن يؤثر على تقبلك للأدلة الخاصة بيسوع؟
لمزيد من الأدلة
مصادر أخرى حول هذا الموضوع
Fruchtenbaum, Arnold. Jesus Was a Jew. Tustin, Calif.: Ariel Ministries,1981.
Frydland, Rachmiel. What the Rabbis Know about the Messiah. Cincinnati: Messianic, 1993.
Kaiser, Walter C., Jr. The messiah in old testament. Grand Rapid Rapids: Zondervan, 1995.
Rosen, Moishe. Y`shua, the Jewish Way to Say Jesus. Chicago: Moody Press,1982.
Rosen, Ruth, ed. Jewish Doctors Meet the Great Physican. San Francisco: Purple Pomegranate, 1997.
Telchin, Stan. Betrayed! Grand Rapids: Chosen, 1982.