على عويس: صدق الله وكذب محمد عمارة.. بل فشل الإرهاب ونجحت المحبة!
على عويس: صدق الله وكذب محمد عمارة.. بل فشل الإرهاب ونجحت المحبة!
على عويس: صدق الله وكذب محمد عمارة.. بل فشل الإرهاب ونجحت المحبة!
فى كتيب يوزع مجانًا مع مجلة الأزهر خرج علينا محمد عمارة يزعم أن المسيحية الرحيمة الجليلة ديانة فاشلة.. لقد بلغ بالرجل الغى مبلغه عندما يجعل سمومه تتسلق جذوع دين سماوى رحمن رحيم.. قال الله فى فضائل كتابه.. وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه.. وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ.. وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ.. صدق الله وكذب محمد عمارة..!!
هو خيال من ظلام إذن لا زال يحيط بالحول الذى أصيب به محمد عمارة فيجعله يرى سطور الفتنة تدينًا وما يخرب بلاد المسلمين سياسة شرعية وما يقوى جبهات الإرهاب غنائم عليه السعى لها والعمل لتعظيم الفائدة منها..! الرجل فارغ من قيم العلم التى تصنع الوفاء وتنشر المحبة.. فلم يعد قادرًا وهو يمر فى عشر السبعين من عمره أو يزيد على أن يصنع بالدين سلاما وهو الدين الذى جاء سلاما للناس وقد قال فيه ربه وقولوا للناس حسنًا..!!
ولم يعد وقد غشيه مكر السنين بقادر على رؤية الحق وما يحيطه من نور اليقين ولم يعد بمستطيع بعدما ركبه إرهاب رابعة ومنصتها الذى ناصر بغيها وحط رحاله حول صبيانها وظل يعمل حتى اليوم من أجل مشروعها الإرهابى الذى نثر فى الشرق الفاشل الأشلاء والدماء تمشيًا مع تاريخ سلف حرقوا الخصوم وشوهوا العقول وكدسوا ثقافة التكفير ولو شاء لسردنا سطورهم وأعلنا أسماءهم..!! ولم يعد بقادر على الخروج من الشرنقة كى يعيد ترتيب أوراقه فإذا به يوقد فى بلادنا عبر مجلة الأزهر من جديد أعواد المحرقة ليظل المقال بمقام البلاغ إلى النائب العام تحت بند ازدراء الأديان حول ما صرح به محمد عمارة بكتيب مجلة الأزهر..!!
لم يتعرف محمد عمارة على ملامح دين الوطنية حين فاحت روائحها العطرة من فم قداسة البابا شنودة رحمه الله فى سطر واحد بين قوسين عندما قال: (مصر وطن يعيش فينا وليس وطن نعيش فيه) ولم يتعرف على ملامح دين التسامح فى سطر قذف به قداسة البابا تواضروس وسط حرائق الفتنة فأطفأتها حكمته عندما قال: (وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن)
ولم يستمع لروح دين الفضيلة والمحبة يوم بثه الأب مانويل مسلم راعى كنيسة اللاتين بغزة حين قال لسكانها تحت القصف الصهيونى: إذا هدموا مساجدكم فارفعوا الأذان من كنائسنا وذهب يفتح أبواب الكنائس الشريفة للمسلمين فى رمضان بالوقت الذى كان فيه محمد عمارة والأزهر ومن معهم يتمايلون حول الموائد المتخمة بأطيب الأطعمة..!!
ويدرك جيدًا محمد عمارة أنه لم يخرج من بين سطور موعظة الجبل أمة سحقت الأشلاء وطحنت الجثث وباعت النساء فى الأسواق فى زمن الحضارة المعاصرة كما تصنع داعش تنفيذًا لوصايا التراث السلفى الذى يدافع عنه محمد عمارة وليس دين الله سبحانه البريء من كل تصرف قذر..!! ومع ذلك فلم يعرف محمد عمارة التاريخ أيضًا..
يوم حمل سلفه الصالح بمسيرة الفشل رأس ابن بنت نبيهم فى صناديق إلى يزيد بدمشق فما فتحت للرؤوس المقطعة والسبايا إلا أبواب الأديرة كى تداوى جراح القلوب المقطعة والرؤوس المنكسة الحزينة..!! وهكذا ظلت المسيحية الحقة على وفائها للحق ونجاحها فى تقديم البشارة الجليلة المغطاة بملامح المحبة والتسامح والطيبة.. فليست المسيحية شبكة تشريعات بل شبكة أخلاق أنتجت للعالم التشريعات التى تعيش بجوار حضارتها اليوم..!! وفى النهاية لا بد لنا من تعريجه على تاريخ ليس ببعيد فى أواخر عهد الدولة التركية التى احتلت باسم الإسلام بلاد الشرق فأذاقته كأسًا من هزيمة وهوان.. فى هذا الوقت التف شعاع من ضوء فى بلاد الشام التى ضربتها المجاعة حول البطرك غنطوس جرجس حداد.. وله قصة يذكر بعض جوانبها الأستاذ أرنست وليم..
فيقول: ذات يوم نظر من غرفته فوجد إحدى الراهبات الجدد توزع خبزًا فلما اقترب منها شخص لا تعرفه سألته عن طائفته فكاد يمضى دون أن يجيب فناداه البطرك من شرفته وقال له انتظر، ثم نزل وأخذ من يد الراهبة رغيف الخبز وراح يقلبه بين يديه.. وبعد تفحص قال للراهبة لم أر على الرغيف اسم الطائفة التى تأكل الخبز دون سواها.. هذا طعام الناس كافة فليكن للناس كافة..!!
اعترض عليه يومًا أحد أتباعه قائلًا إن المال لا يكفى لإطعام الجميع والناس تتزايد، فلنكفل أبناء طائفتنا فهم فى رقابنا أولاً.. وإن فاض فليكن لغيرنا.. فحزن البطرك لهذا القول وقال: وهل الجوع والمرض والموت يفرق بين البشر حتى نفرق نحن..
وهل الله عندما يشرق الشمس يدفئ البعض ويحرق البعض.. فخجل الرجل وانتشر الخبر فلم يعد أحد بعد ذلك يفتح أمامه هذا الأمر.. وفى موقف عصيب نتيجة نفاد المؤن وحوله الأفواه تطلب طعامًا أن تذكر البطرك أن له صليبًا مرصعًا بالماس قد أهداه له قيصر روسيا “نيكولا الثاني” بمناسبة الاحتفال بمرور 300 سنة على وصول عائلة “رومانوف” للسلطة خلفا لعائلة “رويك” التى تداعت للسقوط منذ عام 1598م..
فقال فى نفسه ما معنى الصليب إن لم يكن خيرًا وبركة فيعين الشعب المسكين البائس.. فباعه واشترى بالمال “مئونة وزاد”.. ومر ذات يوم صديق قديم له اسمه “حسن” أمام محل الجواهرجى فوجد صليبًا يعرفه.. فسأل التاجر عن مصدره فأخبره.. فدفع “حسن” ثمنه ومضى للبطرك يرده له.. قائلاً والله لا يلبس هذا الصليب رجل غيرك.. فشكره غنطوس على حسن صنيعه.. وبعد بضعة أيام عاد فباعه ثانية وطلب من الجواهرجى أن يبيعه بعيدًا، ويصنع له واحدًا من زجاج شبيهًا بالأصل فيلبسه.. وقد كان له ما كان.. ومن آثار الحرب تأتى المجاعة..
وللمجاعة رفيق درب لا ينفك عنها وهو الوباء ليكتمل البلاء.. فجاء الوباء يلحقه للقاء حسب مواعيد الشؤم المعروفة، فكانت الكوليرا التى سميت وقتها “الهيضة” أو الهواء الأصفر.. فخرج الأثرياء وذوو الشأن والمقام خارج البلاد المنكوبة..!! وحين طلب منه الجميع أن يهجر أولاده الجوعى والمرضى لينجو ببدنه وينقذ جلده.. فرفض وقال معاتبًا من طلب منه الترك والتخلى والتضحية بعيال الله: “وهل نفسى يا ولدى بأفضل من هؤلاء الذين لا يستطيعون فرارًا”.. ويوم مات هذا البطرك رحمة الله عليه أراد المسلمون أن يصلوا عليه فى الجامع الأموى وقد التف حوله أكثر من خمسين ألف مسلم يبكونه وهم يندبون قائلين: “مات أبو الفقير بطرك النصارى وإمام المسلمين”..
وبالطبع كان هذا فى زمن لم تطل علينا فيه سلفية الفتن ومعها محمد عمارة.. ولا أزهر متراخى لا يعرف أين وجهته هل يسلمها لصاحب الشيكات أم لصاحب الكتاب؟!
ليظل التساؤل بحوزة العقلاء صادحًا: إذا كانت ما قدمته المسيحية بهذا المستوى ولا زالت من الخلق والإيثار فشلاً.. فيقينًا لدى محمد عمارة وحزب الضلال من خلفه من يرى داعش نجاحًا مبينًا؟ ولا ريب فالحول الضميرى يجرى مجرى حول العيون أيضًا.