بماذا نفسر طلب يسوع من الآب أن يجيز عنه الكأس؟
بماذا نفسر طلب يسوع من الآب أن يجيز عنه الكأس؟
بماذا نفسر طلب يسوع من الآب أن يجيز عنه الكأس؟
أتي المسيح إلى العالم ليفتدي البشر بموته. حتى إنه حين حاول بطرس أن يثنيه عن ذلك عنفه بشدة قائلاً له: اذهب عني يا شيطان . فبماذا نفسر طلبه من الأب أن يجيز عنه هذه الكأس؟ نعلم أن الرب يسوع مع كونه الله ظاهراً في الجسد فإنه كان في نفس الوقت إنساناً أختبر كل مشاعر البشر ” مجرب في كل شئ مثلنا بلا خطية “
توضيح : في (مت 16 : 23) الرب لم يقصد بطرس بقوله يا شيطان بل قصد الشيطان ذاته لأنه المتكلم على لسان بطرس ضمن محاولاته العديدة لإبطال عمل الفداء . وترد كلمة (اذهب عني) في بعض الترجمات (اذهب ورائي) وكلمة شيطان معناها مقاوم. فيكون المعني : الزم مكانك ورائي كتلميذ تابع لي ولا تقف – كمقاوم – عثرة في طريقي للصليب.
نعلم أن الرب يسوع مع كونه الله ظاهراً في الجسد فإنه كان في نفس الوقت إنساناً أختبر كل مشاعر البشر ” مجرب في كل شئ مثلنا بلا خطية ” (عب 4 : 15)فأنزعج واضطرب واكتأب وحزن وتألم ” رجل أوجاع ومختبر الحزن” (إش 53 : 3) وُجرب من إبليس (مر 1 : 13) . فهو كإله أشبع الآلاف بقليل من الخبز والسمك ولكنه كإنسان جاع. كإله أقام العازر من الأموات وكإنسان بكي عند قبره .كإله اخضع البحر والريح وكإنسان نام في السفينة .
كإله علم بكل ما عملت السامرية ثم رواها من ماء الحياة وكإنسان تعب فجلس عند البئر وعطش فطلب ماء ليشرب. وأخيراً كإنسان مات وكإله أقام نفسه من الأموات(يو 2 : 19 ، 21 ، يو 10 : 18). لذلك ولنتفهم مشاعره – كإنسان – تجاه الصليب لنتأمل فيما يعنيه الصليب له
فهو المبارك سيصير لعنة (غلا 3 : 13) وهو الكامل البر سيحمل كل آثام البشر (إش 53 : 4- 6 بكل بشاعتها التي تتنافى تماماً مع قداسته المطلقة التي لا تطيق أصغرها “لأنه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا” (2 كو 5 : 21) وهو ابن محبة الأب سيترك منه وسيحجب الأب وجهه عنه ، حتى إنه كممثل للبشر العصاة على الصليب لم يخاطبه ” يا أبتاه” كما كان يفعل دائماً بل ناداه ” إلهي” (مت 27 : 46).
وتجسدت أمامه أهوال دينونة الله التي ستنصب عليه. إذ استحضر كل هذا فكيف – بمشاعره الإنسانية – لا يكتئب ويدهش وتكون نفسه حزينة جداً حتى الموت (متى 26 : 38) وكيف لا يتمني – للحظة واحدة- أن تعبر عنه هذه الكأس المرة لو أمكن أن توجد طريقة أخري لخلاص الإنسان ؟ ولكن كلا ” لأني لأجل هذا أتيت”(يو 12 : 27) ولأن هذه هي أرادة الأب ولأن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق عدل الله مع محبته ورحمته في آن واحد (مز 85 : 10) لأن بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عب 9 : 22) . ولأن في هذا العمل سروره لإنقاذ البشرية المسكينة من العذاب الأبدي في الجحيم.
لذلك ” احتمل” الصليب (عب 12 :2) برغم كل ما يحمله له من قسوة وألم ومرارة وبرغم نفوره منه. وذلك لحتميته. والرب – له المجد – لم يخف من الموت ذاته لأنه يعلم أنه سيقهره ولكن ما كان قاسياً عليه هو الموت تحت قصاص خطايا لم يرتكبها. وكما ناء جسده بحمل خشبة الصليب فحملها عنه سمعان القيرواني ناءت نفسه باحتمال لعنة الصليب فظهر له ملاك يقويه ( لو 22 : 43).
والخلاصة أن علم الرب يسوع بحتمية الصليب وإقدامه عليه بإرادته وفي ملء الطاعة لأبيه لا يتناقض مع مشاعره السلبية تجاهه والتي لزم أن يفصح عنها ليكشف لنا الجوانب النفسية لتكلفة فدائنا.
سؤال وجواب:
بقلم إيليا إسكاروس القاهرة- مصر
رائع انت يا الهي. لك كل المجد والتعظيم