مواليد آدم ومراحل البشرية
مواليد آدم ومراحل البشرية
صفحة : المسيح في التراث اليهودي
ولا تتوقف عجائب الكتاب، إن كان آدم هو اب البشرية فمن خلال مواليده سنرى مراحل البشرية.
ذُكِر لآدم ثلاثة بنين هم: قايين، هابيل، شيث
كلاً منهم يرمز لمرحلة من البشرية
قايين קין
اسمته حواء هكذا لانها قالت (تك 4: 1) “اقتنيت رجلا من عند الرب” وهذا الاسم يوضح مدى فرحتها ببكرها، بحسب بعض المفسرين هي ظنت ان خلاص الله ووعده (تك 3: 15) بمن يقهر الحية -التي تسببت في طردهم من الحنة- سيأتي سريعا جدا في زمنها، هي ظنت انها هي المرأة (تك 3: 15) وان قايين نسلها هو المخلص.
وهو سرعان ما اكتشفت انه خاطئ، ربما لان قايين كان كثير الخطأ وربما انها انتظرت طويلا ولم تجد ابنها يدوس رأس الحية ويرجعها هي وزوجها الى ما قبل العقاب. وحينها شعرت بمرارة قاسية ويأس واسمت ابنها التالي هابيل وبالعبرية يعني دون جدوى اودون اهمية. فبالنسبة لها اللاحق كالسابق.
هابيل הבל
لم يوضح الكتاب سبب التسمية ولكننا نعرفه ضمنا من سياق النص كما وضحنا، وذُكِر عن هابيل انه بار في حياته (متى 23: 35)، ويحكي الكتاب سبب موته، فبينما قايين وهابيل كلاهما قدم ذبيحة لله إلا ان ذبيحة قايين رُفِضت، وذبيحة هابيل قُبِلت. وهو ما جعل قايين يشعر بمرارة شديدة ويقول الكتاب انه دار بينهما حوار -دون تفصيل- ويبدو ان هذا الحوار كان الممهد لقتل هابيل (تك 4: 8).
دون تفصيل لموضوع الحوار، يسجل لنا التقليد اليهودي هذا الحوار وباحتصار فيه يجدف قايين على الله قائلا ان الله ظالم غير عادل فهو يقبل الذبيحة من شخص دون آخر طبقا لاهوائه، وهو ما عارضه هابيل. فقال الكتاب انه قام عليه وقتله، يذكر التقليد اليهودي التوقيت فيقول انه قتله في مساء يوم 14 نيسان، اي ليلة اليوم الذي سيُعرف بالفصح.
شيث שׁת
وذكر الكتاب سبب التسمية “لان الله قد وضع لي نسلا آخر عوضا عن -תחת- هابيل”، شيث كان بارا و ذُكِر عنه انه كان ممجدا وسط الناس (سيراخ 49: 16)، وبولادة شيث بدأ عصر جديد فيه كما يقول الكتاب (تك 4: 26) “ابتدئ ان يُدعى باسم الرب”، وهي جملة غريبة، هل قبل شيث لم يكن الرب معروفا، بالطبع مستحيل، المقصود هنا هو انه ابتدأ ان يعلن عن الرب كونه المخلص الذي سينفذ الوعد.
الثلاث مراحل هم
█ قايين يمثل المرحلة الاولى وهو عصر اسرائيل، فاسرائيل قد اقتناه الله دونا عن سائر الشعوب ودُعاه الابن البكر. عندما تتأمل تاريخ اسرائيل تجده تاريخ سقوط، وكل الذبائح التي قدموها لم تكفل لهم غفرانا من ذاتها ولكن كونها رمزا لذبيحة اخرى وحدها هي المقبولة حقا. كما يقول الرسول انه ليس بالذبائح الحيوانية ننال الفداء (عبرانيين 9: 12).
█ هابيل يمثل المرحلة الثانية وهو عصر الخلاص، فهابيل ويعني “دون جدوى” هو رمز للمسيح الذي قيل فيه انه (اش 53: 2) “محتقر ومخذول من الناس.. محتقر فلم نعتد به”. هابيل حصل على اسمه من امه، والمسيح نُظِر اليه كمحتقر من امه اي اسرائيل،هابيل كان بارا رمز للمسيح شمس البر، ذبيحة هابيل قُبلت دونا عن اخيه، والمسيح قدم نفسه ذبيحة مقبولة على الصليب لاجل العالم كله،
قايين ضمر الشر داخله وجدف ضد الله بينما هابيل دافع عن الله واوضح الحق، فغضب قايين وقتله يوم 14 نيسان، وهذا ما حدث مع المسيح، فاسرائيل -غير الكامل امام الله- جدف على الله باعماله وباقواله وعندما جاء المسيح يحاورهم اتهموه هو بانه المُجدف وعندما جاء الوقت قتلوه في نفس ذات اليوم 14 نيسان في ليلة الفصح.
█ شيث يمثل المرحلة الثالثة وهو عصر الكنيسة، شيث يعني موضوع او معطى، وقالت امه ان الله اعطاها نسلا اخر عوضا عن هابيل. فالكنيسة بلسان المسيح هي عطية الله له (يو 17: 11). ونحن الكنيسة -ان جاز التعبير- خلفاء للمسيح، وكما يقول الكتاب “سفراء عن المسيح” (2كورنثوس 5: 20). كلمة “عوضا عن” التي جاءت بالاية جاءت بالعبرية -תחת- وهي لا تعني بالضرورة اختفاء المنوب عنه. فمثلا تلك الكلمة جاءت عن حكم يوثام اثناء حياة ابيه (2اخبار 26: 23). وهو ما يناسب قضيتنا هنا فالمسيح لم يختفي فهو حي الى الان وفي نفس الوقت نحن خليفته وصورته على الارض.
لم يُذكر عن شيث انه قدم ذبائح -بعد هابيل- وانما قدم ذبائح فمية ولاول مرة (تك 4: 26)، وهو العصر الذي نعيشه الان، فبعد ان قُدِم المسيح ذبيحة مقبولة لله، فان دم هذا الذبيح وعمله ابدي (عب 7: 27)، فلا نحتاج بعد الى ذبيحة اخرى، لانها مهما كانت لن تكون اعظم من دم المسيح، وانما بالاحرى اصبحنا نُقدِم ذبائح فمية اي الصلوات عوضا عن الذبائح الدموية.