تفسير كورنثوس الثانية – المقدمة – القمص تادرس يعقوب ملطي
تفسير كورنثوس الثانية - المقدمة – القمص تادرس يعقوب ملطي
تفسير كورنثوس الثانية – المقدمة – القمص تادرس يعقوب ملطي
تفسير كورنثوس الثانية – المقدمة – القمص تادرس يعقوب ملطي
من تفسير وتأملات
الآباء الأولين
رسالة بولس الرسول الثانية
إلى أهل كورنثوس
2002
القمص تادرس يعقوب ملطي
كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج
مقدمة في
رسالة بولس الرسول الثانية
إلى أهل كورنثوس
موضوعها
هذه الرسالة هي أروع مقال عن مفهوم الخدمة والحب الرعوي الفائق. كل عبارة تعتبر قانونًا عمليًا للخادم الحقيقي. كأن اللَّه سمح بالهجوم على رسولية القديس بولس لكي يكشف الرسول عما في أعماقه من حبٍ نحو شعبه، وما في ذهنه من مفاهيم إيمانية صادقة نحو الرعاية.
بالرغم من كثرة المصاعب والمشاكل التي واجهها الرسول في كورنثوس، جاء موضوع الرسالة: الخدمة القانونية المنتصرة. “ولكن شكرا للَّه الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين” (2 : 14).
مفتاح السفر
إذ اشتدت الضيقات بالرسول جدًا لم تتحطم نفسه، بل أدرك أن اللَّه سمح بها لكي يكتشف ذراع اللَّه العامل وسط الأتعاب. “الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد، لا الحرف بل الروح، لأن الحرف يقتل، ولكن الروح يحيي” (3 :6).
تاريخ كتابتها
كُتبت سنة 57 ميلادية من مكدونية بعد الرسالة الأولى بأشهرٍ قليلةٍ.
غاية الرسالة
- جاء بعض اليهود من أورشليم يشككون المؤمنين في رسوليته، ويعلنون أنه عنيف في رسائله، وضعيف في حضرته. فأنكر بعض أعضاء كنيسة كورنثوس على بولس سلطته الرسولية، وكان من اللازم أن يبرهن لهم عن صدق رسوليته (ص1 – ص7)، (ص10- ص13). ويؤكد حبه لشعبه، واستعداده أن يكون لهم عبدًا لينعموا هم بحرية مجد أولاد اللَّه (4 :5)، وأن ينفق ويُنفق لأجلهم مع تأكده أنه كلما أحبهم أكثر أحبوه أقل (12 :15). لقد أعلن لهم أنه يلتهب في أعماق قلبه عندما يتعثر أحدهم، ويشعر بالضعف عندما يضعف أحدهم (11: 29؛ 16: 5).
- علم الرسول من تيطس أن الرسالة الأولى قد أثمرت بالتوبة الصادقة (16:7)، فأرسل إليهم يؤكد لهم فرحه بتوبتهم، واتساع قلبه بالحب نحوهم. سمع أيضًا أن أمور الكنيسة بخصوص التدبير الكنسي قد وضعت في نصابها، وأن الأخطاء تصححت تدريجيًا، فبعث إليهم يشجعهم للسلوك في هذا الطريق. يرى أمبروسياستر أنه كتب هذه الرسالة من أجل القليلين منهم الذين في عنادهم بقوا غير قابلين للإصلاح[1]. لقد جاءت الرسالة رقيقة جدًا، لكنه التزم أن يكون حازمًا في النهاية من أجل إصرار القلّة على إنكار رسوليته ومقاومتهم للخدمة.
- أما ما جعله يتعجل في الكتابة فهو ذاك الشخص الذي سبق فطلب عزله بسبب ارتكابه الشر مع امرأة أبيه (1 كو 5)، الآن إذ قدم توبة وحزن جدًا، خشي عليه الرسول لئلا يسقط في اليأس، فبعث إليهم فورًا لكي يقبلوه ويُظهروا له كل محبة (ص 2، 7).
- جاءت هذه الرسالة أشبه برسالة شكر لاهتمامهم بالقديسين المضطهدين في أورشليم، ومن أجل ما أظهروه من لطف لتيطس عند زيارته لهم (ص 8، 9).
- مواضيع الرسالتين الأولى والثانية تكاد تكون متشابهه، وهي المواهب الروحية، والقيامة من الأموات، والعشاء الرباني، والحث على العطاء بسخاء (2 كو1:9-15)، والمحبة (1 كو 13).
- حذرهم من أصحاب البدع والهرطقات والانشقاقات، كما جاءت الرسالة تفيض بالتعزيات الإلهية التي يهبها اللَّه لمؤمنيه وسط الآلام. اضطر الرسول بولس أن يقارن بين العهدين الجديد والقديم، لا ليحط من شأن الناموس، وإنما ليرد على القلة من المسيحيين الذين من أصل يهودي ولازالوا يصرّوا على اتهام الرسول بأنه مرتد ومقاوم للناموس.
- كتب في الرسالة الأولى بأنه سيذهب إليهم (1 كو 16: 5)، ولكن بعد مدة لم يذهب، إذ شغله الروح بأمورٍ أخرى أهم. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أنه لم يعدهم الرسول بالزيارة، إنما كشف عن رغبته في ذلك، والآن إذ تأخر عليهم بعث يعتذر لهم عن عدم حضوره.
محتويات الرسالة
- مقدمة في الحب المتبادل
بين الراعي والرعية ص1.
2. مفهوم الخدمة ص 2 – ص 5.
- عمله الرسولي ص 6 – ص 7.
4. خدمة القديسين ص 8 – ص 9.
- دفاعه عن مذلة حضرته ص 10 – ص12.
6. الختام ص 13.
من وحي 2 كورنثوس
هب لي قلبًا متسعًا
فأحمل كل نفس إلى سمائك!
- فتحت أبواب السماء أمامي،
لتفتح لي بابًا لأحمل كل نفسٍ إليك بروحك القدوس.
بالحب حملتني إلى حضن الآب،
هب لي القلب المتسع لكل إنسانٍ،
فأحمل بنعمتك الكثيرين إلى شركة أمجادك.
- قدسني أيها القدوس،
فأحمل مع الحب الحياة المقدسة.
أشتهي أن تصير الأرض سماءً،
فلا يكون للدنس موضع فيها.
متى أرى كل خاطئ قد صار قديسًا!
لأرفض كل نجاسة،
ولكن لا احتقر النجسين،
فأنت واهب القداسة.
مسرّتك يا أيها القدير،
أن تحمل صليبك كمن هو في غاية الضعف.
لأسرّ أنا أيضًا بالضعفات.
فحيث أنا ضعيف أنا قوي فيك.
وإذ أموت معك أحيا بك ومعك،
فأنت هو الحياة والقيامة.
- هب لي أن أكون أمينًا في خدمتك.
اشتهي مصالحة الكل معك يا أيها السماوي.
فيختبر الكل السماء المفتوحة.
روحك القدوس ينزع عنّا البرقع،
فنرى بهاء مجدك،
ونتحقق مما أعددته لنا.
- تمتلئ نفوسنا بتعزيات الروح وسط الآلام.
وتتسع بالحب العملي للعطاء.
نعطي قلوبنا للمحتاجين،
كما أعطيتنا ذاتك ساكنًا فينا!
عُدّني لأخدمك بروح القداسة والحب الباذل.
خدمة القوة والمجد بلا فشل!
[1] Ambrosiaster: Comm. On Paul’s Epistles, CSEL (Corpus Scriptorum Ecclesiasticorum Latinorum, Vienna: Tempsky, 1866) 81:195.