Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

تفسير كورنثوس الأولى 10 – الأصحاح العاشر – القمص تادرس يعقوب ملطي

تفسير كورنثوس الأولى 10 – الأصحاح العاشر – القمص تادرس يعقوب ملطي

تفسير كورنثوس الأولى 10 – الأصحاح العاشر – القمص تادرس يعقوب ملطي

تفسير كورنثوس الأولى 10 – الأصحاح العاشر – القمص تادرس يعقوب ملطي

الإصحاح العاشر

بناء الآخرين

في الاصحاح السابق عالج مشكلة الرسول مشكلة ما ذبح للأوثان على أساس تنازلات الحب، مقدمًا نفسه مثالاً حياً للتنازلات من أجل الإنجيل. وفي هذا الإصحاح يجيب الرسول بولس علي ثلاثة أسئلة خاصة بنفس الموضوع:

أولاً: ما هو موقف المؤمن من الولائم في هيكل وثني؟

ثانيًا: ما موقفه من اللحوم في السوق العام؟

ثالثًا: ما وقفه من الدعوة إلى وليمة في بيت صديقٍ وثنيٍ؟

1- موقفه من الولائم في هيكل أوثان 1-15

أ – القداسة هي مسرة الله 1-5

ب – تحذير من التجارب الشريرة 6-14.

ج – الالتزام بالحكمة 15.

د – شركة مع الله أو مع الشياطين 16-22.

2- موقفه من لحوم السوق العام 23-26.

3- موقفه من وليمة في بيت صديقٍ 27-33.

1- موقفه من الولائم في هيكل أوثان

لم يجب الرسول بولس علي هذا السؤال الخاص بموقف المؤمن من الدعوة الموجهة إليه للاشتراك في وليمة مُقامة داخل هيكل وثن بالقبول أو الرفض، لكنه قدم مبادئ هامة خلالها يستطيع المؤمن أن يأخذ قراره من داخله وليس كأمرٍ يصدر إليه. هذه المبادئ هي:

أ- القداسة هي مسرة الله

الله في حبه للبشرية يبسط يديه ليهبهم عطايا بلا حصر، لكن مسرته أن يرانا علي صورته ومثاله مقدسين في الحق كما هو قدوس والحق ذاته. فالعطايا الإلهية ليست مقياسًا لرضاه عنا، إنما تقديسنا هو موضوع مسرته بنا.

“فإني لست أريد أيها الاخوة أن تجهلوا

أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة

وجميعهم اجتازوا في البحر” [1].

الآن يقدم لهم كنيسة العهد القديم كمثال كيف تمتعت بهباتٍ إلهيةٍ كثيرةٍ، لكن هذه العطايا لم تبررهم، فإن ما يسر الله هو قداسة الكنيسة. وكأن غنى عطايا الله لنا وكثرة المواهب التي يمنحنا إياها لا تبررنا إن أهملنا خلاصنا. هكذا يود الرسول أن يؤكد لهم أنه عوض المشاحنات خاصة إن كانت في أمر أكلٍ أو شربٍ يليق بهم أن يهتموا بالخلاص على مستوى الجماعة كما على مستوى الأشخاص بتنقية حياتهم بروح الله الساكن فيهم.

يربط الرسول بين كنيستي العهد القديم والعهد الجديد، حاسبًا رجال الإيمان في العهد القديم آباء رجال العهد الجديد.

يكرر الرسول كلمة “جميعهم” خمس مرات في الآيات 1-4، ليؤكد عدم محاباة الله، فهو يقدم عطاياه للجميع بسخاء، ومع هذا لم يُسر إلا بمن يتجاوب مع حبه بالقداسة. العطايا مقدمة للجميع لكن المكافأة لكم يتقدس للرب.

كان غالبية شعب كنيسة كورنثوس من الأمم إلا أن جميعهم لا يجهلوا معاملات الله مع الشعب القديم، كيف اختارهم وخرج بهم من مصر، وقدم لهم سحابة تظللهم علامة رعايته الفائقة لهم كمن تحت جناحيه، واجتاز بهم البحر لكي يفصلهم عن فرعون وجنوده الوثنيين، ومع هذا كله لم يُسر الله بأكثرهم لأنهم لم يتجاوبوا عمليًا مع الدعوة التي دعوا إليها. فكيف يمكن لرجال العهد الجديد أن يتجاسروا ويدخلوا بكامل حريتهم إلي هياكل الأوثان ليشتركوا في موائدها ويظنون أن الله يُسر بهم.

بمعني آخر يقول لهم بأن الله اخرج الشعب وعزلهم بالبحر عن الجو الوثني فهل تندفعون بإرادتكم إلي جو مفسد؟!

 تمتع الشعب القديم بالخروج من مصر والتحرر من عبودية إبليس واضح من الكتاب المقدس أن هذه السحابة العجيبة التي قدمها الله لشعبه في البرية حققت ثلاث وظائف:

وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر” [2].

ربما ظن أهل كورنثوس أنهم إذ نالوا المعمودية حتمًا يتمتعون بالمجد الأبدي، فهم أقوياء في الضمير، يدخلون هياكل الأوثان ويشتركون في موائدها دون أن يتنجسوا أو ينحرفوا عن الحياة المقدسة. لهذا قدم لهم الشعب القديم الذين نالوا العماد بسيرهم تحت السحابة وعبورهم البحر الأحمر، ومع هذا فبأكثرهم لم يُسر الله. مع ضرورة العماد للخلاص، لكن من اعتمد ولم يسلك كابن لله، بل يتهاون في الحق، يهلك.

وكأن الرسول بولس قد رأى كنيسة العهد القديم في أيام موسى النبي قد اجتازت المعمودية رمزيًا. فالبحر يشير إلى جرن المياه، والسحابة التي ظللتهم تشير إلى الروح القدس، كقول الكتاب: “أرسلت روحك فغطاهم” (خر 10:15).

ظهرت رمزية عبور البحر الأحمر للمعمودية في العهد القديم نفسه، إذ رأى إشعياء النبي ذراع الرب (رمز للمسيح) يستيقظ من القبر محطمًا العدو إبليس أو التنين الساكن في أعماق المياه، فاتحًا طريق النصرة لكي يعبر أولاده وسط المياه ويخلصوا. يقول النبي: “استيقظي استيقظي البسي قوةً يا ذراع الرب. استيقظي كما في أيام القدم كما في الأدوار القديمة. أَلستِ أنتِ القاطعة رَهَب الطاعنة التنين؟! أَلستِ أَنتِ هي المُنَشِّفة البحر مياه الغمر العظيم، الجاعلة أعماق البحر طريقًا لعبور المفديين؟! ومفديُّو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بالترنم، وعلى رؤُوسهم فرح أبدي. ابتهاج وفرح يدركانهم. يهرب الحزن والتنهُّد” (إش 9:51-11).

إنها ثلاث صرخات: “استيقظي، استيقظي، استيقظي” وكأنها إعلان عن قوة القيامة المعلنة في اليوم الثالث، التي تُوهب لمفديي الرب في المعمودية خلال الغطسات الثلاث باسم الثالوث القدوس. مرة أخرى يطلب من السيد الذي عمل في القديم خلال رمز العبور أن يعمل الآن ليعبر بمفدييه وسط المياه ويدخل بهم إلى “الفرح الأبدي” الذي هو ملكوت الله الذي يهرب منه الحزن والتنهد. رأى النبي هلاك التنين وطعنه هذا الذي هو قاتل للبشر!! هكذا رأى إشعياء النبي في العبور مفاهيم لاهوتية حية لعمل المعمودية في حياة المؤمنين، ونصرتهم خلال الرب الذي قام وأقامهم معه، وتحطيم إبليس التنين القديم.

أمبروسياستر

القديس كيرلس الأورشليمي

العلامة ترتليان

ثيؤدورت أسقف قورش

مكسيموس أسقف تورين

الشهيد كبريانوس

القديس أغسطينوس

مصر في الحقيقة ترمز هنا للعالم الذي نمارس فيه شقاءنا بالحياة الشريرة التي نعيشها، والشعب هم الذين يستنيرون (يعتمدون)، والماء هو واسطة الخلاص للشعب يمثل المعمودية. فرعون وجنوده رمز للشيطان وأعوانه[8].

القديس ديديموس الضرير

ثيؤدور أسقف المصيصة

جناديوس بطريرك القسطنطينية

وجميعهم أكلوا طعامًا واحدًا روحيًا” [3].

غريغوريوس أسقف نيصص

القديس أمبروسيوس

القديس أمبروسيوس

ثيؤدور أسقف المصيصة

وجميعهم شربوا شرابًا واحدُا روحيًا

لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم،

والصخرة كانت المسيح” [4].

 يبدو أن البعض كانوا يعتمدون علي تناولهم من جسد الرب في سرّ الافخارستيا كتأكيد لخلاصهم مع تهاونهم في سلوكهم مثل الشركة في ولائم هياكل الأوثان. لذا قدم لهم الشعب القديم هؤلاء الذين أكلوا طعامًا واحدًا روحيًا، الذي هو المن، رمز جسد المسيح (يو 6: 31) الخبز النازل من السماء الذي يعطي حياة للعالم [33]، وهو خبز الحياة [48]، ومع هذا إذ لم يتقدسوا للرب هلكوا.

هل كانت الصخرة بالفعل تتبعهم؟ أم أن الحديث هنا رمزي؟ كان قدامى اليهود يعتقدون بان ينبوع المياه كان يسير معهم طوال رحلتهم، يصعد معهم علي الجبال وينزل معهم في الوديان. وهم يعتمدون في هذا علي النشيد: “اصعدي أيتها البئر أجيبوا لها بئر حفرها رؤساء، حفرها شرفاء الشعب بصولجان بعصيهم، ومن البرية إلي متاني الخ” (عد 21: 17 –20)

دُعي شرابًا روحيًا مع أنه ماء عادي يروي الأجساد لكنه قدم بطريقة فائقة للطبيعة:

فاض الينبوع مياها تروي حوالي 2 مليون شخصًا. قيل عن المياه التي فاضت إنها جدول مياه، ومجري مياه، وسيل، ونهر (عد 34: 5، يش 15: 4، 47، 1 مل 8:65، 2 مل 24:7) ينزل من الجبل هذا يدل علي أن جدول المياه كان متسعًا جدًا.

 جبل حوريب مرتفع عن البلد الملاصقة له، وكأن المياه كانت تندفع منحدرة علي الجبل، لا تتجمع في حوض مياه، بل تتدفق نحو البحر في غير سكون. كأن المياه قد أوجدت نهرًا جاريًا يسير معهم في رحلتهم. إن قيل انه لا يوجد الآن ينبوع مياه يقيم نهرًا في تلك المنطقة، فالإجابة علي ذلك أن هذه العطية كانت هبة مقدمة للشعب علامة اهتمام الله به، كما كان يقدم لهم منًا من السماء يكفي مليونين شخصًا ليأكلوا ويشربوا كل هذه السنوات.

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس إفرآم السرياني

القديس أغسطينوس

القديس أمبروسيوس

أمبروسياستر

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

الأب قيصريوس أسقف آرل

العلامة أوريجينوس

لكن بأكثرهم لم يسر الله

لأنهم طرحوا في القفر” [5].

علّة هلاك الشعب القديم هو اللهو [7]، والزنا [8]، وتجريبهم الرب [9]، والتذمر [10]. لذا وصية الرسول هي: “اهربوا …” [14].

بعد أن تمتع كل الشعب بالسحابة، وعبروا البحر، وأكلوا المن، وشربوا الماء، وتبعتهم الصخرة لم يسر الله بأكثرهم، لأنهم احزنوا روح الله القدوس، وأساءوا إلي النعمة الإلهية. إنهم بدأوا بالروح وكملوا بالجسد.

القديس يوحنا الذهبي الفم

العلامة أوريجينوس

 

ب – تحذير من التجارب الشريرة

وهذه الأمور حدثت مثالاً لنا

حتى لا نكون نحن مشتهين شرورا كما اشتهي أولئك” [6].

كان الكورنثوسيون يشبهون إسرائيل القديم إذ نالوا عطايا إلهية كثيرة، وقابلوا ذلك بالتذمر والشر عوض الشكر والقداسة، فصاروا تحت خطر الهلاك الذي حل بإسرائيل في البرية.

القديس يوحنا الذهبي الفم

فلا تكونوا عبدة أوثان كما كان أناس منهم،

كما هو مكتوب:

جلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب” [7].

 اعتبر القديس بولس مشاركتهم في الولائم الوثنية بالهيكل ممارسة فعلية لعبادة الأوثان.

قاموا للعب“: كان اليهود بوجه عام يفهمون اللعب هنا بمعني ممارسات دنسة تصحب العبادة الوثنية، كالرقص الخليع تكريمًا للآلهة.

القديس يوحنا الذهبي الفم

ولا نزنِ كما زنى أناس منهم

فسقط في يوم واحد ثلاثة وعشرون ألفًا” [8].

في سفر العدد (25: 9) عدد الذين هلكوا 24 ألفا، فلماذا يذكر هنا 23 ألفا؟ لأن الله طلب من موسى تعليق الرؤساء مقابل الشمس هؤلاء يبلغ عددهم حوالي الألف شخصًا بجانب أل 23 ألفا الذين هلكوا بالوباء.

ولا نجرب المسيح كما جرب أيضًا أناس منهم

فأهلكتهم الحيات” [9].

 يشير هنا إلي “المسيح” في العهد الجديد، هذا الذي كان يدعي “يهوه” في العهد القديم، فقد جربه اليهود بجحدهم لعنايته الإلهية وتذمرهم عليه.

ولا تتذمروا كما تذمر أيضًا أناس منهم

أهلكهم المهلك” [10].

تذمر عليه اليهود بسبب المن، وظنوا أن الوعود الإلهية التى قُدمت لهم في مصر لم تتحقق، فأهلكتهم الحيات، وأصابهم الوبأ. كما تذمر إسرائيل علي الله وعلي نبيه موسى، هكذا شعب كورنثوس تذمروا علي الله ورسوله بولس.

وتذمر الإسرائيليون عند موت قورح وجماعته (عد 16: 41، 49)، وحُسبت شكواهم ضد موسى وهرون أنها ضد الله نفسه (خر 16:8). اقتبس الرسول بولس ذلك حاسبا أهل كورنثوس متذمرين علي المسيح لأنهم تذمروا علي رسوله.

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس باسيليوس

 

فهذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً

وكتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور” [11].

القديس يوحنا الذهبي الفم

العلامة أوريجينوس

انتهت إلينا أواخر الدهور“: ربما يقصد أن زمان العهد القديم قد انتهي لبدء العهد الجديد، أو أن الدهور قد انتهت لأن ملء الزمان قد حل بمجيء المسيا مخلص العالم الذي اشتهى رجال الله يوم مجيئه.

كتبت هذه لأجل بولس الرسول ولأجل المسيحيين في عهده “إنذارنا نحن” بل ولأجل كل المؤمنين في العالم عبر كل العصور. فإن كلمة الله حية وفعالة. الكتاب المقدس هو كتاب كل إنسان، كتاب كل عصر.

بقوله: “أواخر الدهور” يشير إلي أنه إذ تحقق الخلاص بصليب السيد المسيح وقيامته وصعوده تمت خطة الله وتحقق تدبيره النهائي حتى يأتي لحملنا علي السحاب، لذا أعتبر العالم في “أواخر الدهور“.

القديس يوحنا الذهبي الفم

إذا من يظن انه قائم فلينظر أن لا يسقط” [12].

المؤمن الحق مع يقينه في عمل الله في حياته يبقي حذرًا حتى لا يفقد إيمانه ولا يسقط عن الحياة المقدسة في الرب التي يتمتع بها بالنعمة الإلهية. من لا يثبت في اتحاده مع الله ومثابرته علي العبادة بالروح والحق والسلوك بالحب يسقط في الظلمة وقساوة القلب.

يحذر الرسول هنا كل من يتكل علي ذاته ظانًا أنه محب لله وتمتع بعطايا إلهية ومواهب سماوية فيحسب نفسه أنه لن يسقط.

مادمنا في الجسد يلزم مع تمتعنا بالرجاء في نعمة الله الغنية أن نسلك بحذر، فلا يوجد من هو معصوم من الخطأ ، فإن عدو الخير تارة يحطمنا باليأس من خطايانا وأخري بالأمان الباطل والثقة الكاذبة في الذات، فننسي ضعفنا ولا نلح في الالتجاء إلي الحضن الإلهي كي يحمينا ويثبتنا فيه.

رجاؤنا في الخلاص يملأ قلوبنا فرحًا، وتواضعنا أمام الرب يثبتنا في هذا الرجاء ويضاعف فرحنا الخارجي.

القديس يوحنا الذهبي الفم

أمبروسياستر

لم تصبكم تجربة إلا بشرية

ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون،

بل سيجعل مع التجربة أيضًا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا” [13].

ما حلِّ بالكنيسة في كورنثوس من خصومات وتشويش هو بسبب عدم انشغالهم بالحياة الجديدة المقدسة في الرب، إذ يقول: “لم تصبكم تجربة إلا بشرية، ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تجرَّبون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة أيضًا المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا” [13].

يترجم القديس يوحنا الذهبي الفمبشرية” صغيرة وقصيرة ومعتدلة. فإن ما حل بكنيسة كورنثوس يعتبر تجربة تافهة إن قورنت بما حل بالإسرائيليين.

الله أمين” أما الشيطان فمخادع وكذاب. من يتكل علي الله يكون في آمان يحمل قوى إلهية.

الله أمين في مواعيده، لن يحطم رجاء أولاده فيه.

في أمانته وحكمته لن يسمح لمؤمنيه أن يحملوا فوق ما يستطيعون، يعرف إمكانية كل واحد ويسمح له بالتجربة بما فيه بنيانه.

بقوله “لم تصبكم” يعني “لم تصطدكم”. آماننا الوحيد هو أن “الله أمين“، وهذا فيه كل الكفاية. فإن التمسك بمواعيد الله والثقة في أبوته الحانية وإدراكنا لعنايته الحكيمة هذا كله يهبنا قوة لنجتاز التجربة ولا نشعر بأنها فوق الطاقة.

إنه يقدم وعدين: انه لن يسمح بتجربة فوق ما يستطيع المؤمن أن يحتمل، وأنه يهبه مع التجربة المنفذ.

كل الظروف والأحداث في قبضة الله ضابط الكل، يسمح بها حسب حكمته لأجل بنياننا إن كنا نتجاوب معه ونؤمن بأبوته.

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس باسيليوس

القديس أغسطينوس

أمبروسياستر

وإنني أعتقد أن هناك تجارب عامة يخضع لها البشر بسبب ضعفهم البشري، مهما كانت سيرتهم حسنة. مثال ذلك أن يغضب إنسان على آخر أثناء إرشاده طريق الحق، فيخرج بذلك عن الهدوء الذي تتطلبه المسيحية. لذلك يقول بولس الرسول: “لم تصبكم تجربة إلا بشرية” بينما يقول في نفس الوقت “ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة أيضًا المنفذ، لتستطيعوا أن تحتملوا” (1 كو 13:10).

مظهرًا بوضوح أننا لا نصلي لكي لا نجرب بل لكي لا ننقاد إلى تجربة، لأنه إذا سقطنا في تجربة لا نحتملها نكون قد انقدنا إلى تجربة، فإذا ثارت علينا تجارب خطيرة، بحيث يكون انقيادنا إليها مهلكًا لنا – سواء أكان ذلك لظروف في صالحنا أو ضدنا – فإن من لا ينقاد إليها مأسورًا ببهجة الانتصار يكون قد استغنى عن متاعب العدو[45].

القديس أغسطينوس

سفيريان أسقف جبالة

العلامة أوريجينوس

هنا يثور سؤال ليس بتافهٍ، وهو إن كنا نصلي ألا نعاني من التجربة فكيف تتزكى قوة احتمالنا كالقول: “طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة” (يع 12:1)؟

العبارة “لا تدخلنا في تجربةٍ” لا تعني “لا تسمح لنا بتجربة”، لأن أيوب جُرِّب لكنه لم يدخل في تجربة، إذ لم يصف الله بأيّ تجديف، ولا استسلم بفمٍ شريرٍ كرغبة المجرب نفسه.

إبراهيم جُرِّب ويوسف جُرِّب، لكن لم يدخل أحدهما في تجربة، لأنهما لم يستسلما مرضيين للمجرب.

جاء بعد ذلك “لكن نَجِنّا من الشّرِّير”، أي لا تسمح لنا أن يجربنا الشيطان فوق ما نحتمل بل تجعل مع التجربة المنفذ لنستطيع أن نحتمل (1كو13:10) )[48].

v (كل إنسان يُهاجَمْ قدر طاقته)

لسنا نجهل أن الأرواح جميعها ليست في نفس الشراسة والنشاط، ولا في نفس الشجاعة والخبث، فالمبتدئون والضعفاء من البشر تهاجمهم الأرواح الضعيفة، فإذا ما انهزمت تلك الأرواح تأتي من هي أقوى منها لتهاجم جنود المسيح. ويصعُب علي الإنسان بقوته أن يقاوم، لأنه لا توازي طاقة أحد القديسين خُبث هؤلاء الأعداء (الروحيين) الأقوياء الكثيرين، أو يصد أحد هجماتهم، أو يحتمل قسوتهم ووحشيتهم، ما لم يرحمه المصارع معنا، ورئيس الصراع نفسه الرب يسوع، فيرد قوة المحاربين، ويصد الهجوم المتزايد، ويجعل مع التجربة المنفذ قدرما نستطيع أن نحتمل (1كو13:10)[49].

الأب سيرينوس

لكن عندما أضاف: “لا يدعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون” يوبخ ضعفهم وخوار قلبهم الذي لم يتقوَ بعد، إذ لم يستطيعوا بعد أن يقاوموا هجمات قوات الشر الروحية، تلك القوات التي يحارب ضدها هو وغيره من الكاملين كل يوم، إذ يقول لأهل أفسس: “فإن مصارعتنا ليست مع دمٍ ولحمٍ، بل مع الرؤَساءِ مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشرّ الروحية في السماويَّات” (أف 12:6). وعندما أضاف: “ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون” بالتأكيد لا يعني أنه لا يدعهم يجربون، إنما لا يُجربوا فوق طاقتهم. فالعبارة الأولى تشير إلى إرادة الإنسان الحرة والأخرى إلى نعمة الله الذي يلطف من عنف التجارب[50].

الأب شيريمون

القديس يوحنا كاسيان

لذلك يا أحبائي اهربوا من عبادة الأوثان” [14].

يحدثهم كحكماء طالبًا حكمهم [15] في أمرين:

من جهة الشركة فإن الكأس التي نباركها هي شركة واتحاد بدم المسيح، والخبز الذي نكسره هو شركة جسد المسيح المبذول. بتناولنا اياهما نصير واحدًا مع المسيح الذبيح، وننعم بشركة مع بعضنا البعض [15-17]، لهذا – مع الفارق – فمن يأكل في هيكل وثنٍ إنما يشترك في مائدة الأوثان لحساب الشياطين. هنا يمنع حتى أصحاب الضمير القوي من مائدة هياكل الوثن.

إذ يري الخطر يحل بهم يصرخ إليهم بروح الأبوة: “يا أحبائي!”

الله من جانبه أمين ومحب للبشر، ونحن من جانبنا يلزم أن نتجاوب مع أمانته وحبه، فنهرب من عبادة الأوثان والاشتراك في ولائمها، نهرب من كل ما يدفعنا نحو الخطية.

ج – الالتزام بالحكمة

أقول كما للحكماء: احكموا أنتم في ما أقول” [15].

إذ يحسبون أنفسهم حكماء فليسلكوا بحكمة وليتعقلوا، فيدركوا أن الهروب من الوثن هو طريق الحكمة الحقة.

د – شركة مع الله أو مع الشياطين

كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح؟

الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح؟” [16].

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس أغسطينوس

فإننا نحن الكثيرين خبز واحد،

جسد واحد،

لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد” [17].

 يدعو شعب العهد القديم “إسرائيل حسب الجسد “، أما كنيسة العهد الجديد فهي ” إسرائيل حسب الروح”. كما أن إسرائيل القديم تمتع بالوحدة خلال المذبح واشترك معًا في الذبيحة، هكذا إسرائيل الجيد يتمتع بالوحدة خلال ذبيحة الإفخارستيا، فتصير كل الكنيسة خبزًا واحدًا.

وماذا يصير إليه الذين يشتركون فيه؟ جسد المسيح، وليس أجسادًا كثيرة، بل جسد واحد. فكما أن الخبز يتكون من قمح كثير ويصير واحدًا، فلا يعود يظهر القمح وإن كان بالحق موجودًا، لكن لا يظهر الاختلاف بسبب الاتحاد معا، هكذا نحن نرتبط معًا الواحد مع الآخر ومع المسيح، فلا يكون لكم جسد واحد وآخر لقريبك كي تنتعش به، بل الجسد ذاته للكل. لذلك يقول: “لأننا جميعًا نشترك في الخبز الواحد” [17]. الآن إن كنا ننتعش بذات الخبز ونصير كلنا ذات الجسد، فلماذا لا نُظهر ذات الحب ونصير بهذا واحدًا؟[54]

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس أمبروسيوس

على أي الأحوال، قبل أن يصيروا خبزًا كان هذا القمح مبعثرًا. لقد انضم إلى بعضه البعض في الماء بعد أن طحن. فإنه ما لم يُطحن القمح ويُعجن بالماء لن يصل إلى ذاك الشكل الذي يُدعى خبزًا.

هكذا أنتم أيضًا كنتم قبلاً تُطحنون كما بمذلة أصوامكم وسرّ جحد الشيطان. عندئذ جئتم إلى معمودية الماء. لقد عجنتم حتى تبلغون شكل الخبز. ولكن بدون النار لن يوجد خبز[56].

القديس أغسطينوس

انظروا إسرائيل حسب الجسد،

أليس الذين يأكلون الذبائح هم شركاء المذبح؟” [18]

القديس يوحنا الذهبي الفم

فماذا أقول:

إن الوثن شيء؟ أو أن ما ذبح للوثن شيء؟” [19]

 بل أن ما يذبحه الأمم فإنما يذبحونه للشياطين لا لله،

فلست أريد أن تكونوا أنتم شركاء الشياطين” [20].

مع أن الوثن لا شيء، لا سلطان له ولا قوة، فإن ما يُقدم كذبائح له إنما يُقدم للشياطين وليس لله، ومن يشترك فيها إنما يكون في شركة مع الشياطين. والمؤمن الحقيقي لن يكون في شركة مع المسيح والشيطان في نفس الوقت.

إن كان الوثن لا شيء فلا يعني أن ما يُقدم له من ذبائح لا شيء، أي ليس بذبيحة، فيمكن للمؤمن أن يشترك فيها. لأن ما يُقدم إنما هو ذبيحة للشياطين، فيه شركة في عبادة الشياطين.

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس أغسطينوس

القديس كيرلس الأورشليمي

 

أمبروسياستر

لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين

لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي مائدة شياطين” [21].

 بحسب الخارج يمكن الشركة في المائدتين (1 مل 18: 21)، لكن بالحق لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال الشكلية الظاهرية.

أم نغير الرب؟

ألعلنا أقوى منه؟” [22].

اعتبر الرسول أن من يشترك في مائدة الوثن يكون بمثابة من يُغير الرب على شعبه وهيكله.

تعتبر عبادة الأوثان زنا، أي تسليم القلب المخصص لله للشيطان، خيانة زوجية. يليق بالنفس أن تكون أمينة في اتحادها مع عريسها السماوي ولا تستبدله بآخر.

“ألعلنا أقوي منه؟” إنه يهدد العصاة الذين يتمردون عليه بعبادتهم للوثن، كيف يمكنهم أن يقفوا أمام تهديداته؟! من يشترك في مائدة الرب ثم يعود فيشترك في مائدة الشيطان إنما يغير الرب، فيضع نفسه في خطر مقاومة الرب نفسه.

القديس يوحنا الذهبي الفم

2- موقفه من لحوم السوق العام

كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الأشياء توافق.

كل الأشياء تحل لي، ولكن ليس كل الأشياء تبني” [23].

بعدما طالبنا الرسول بتقديس الجماعة وكل عضو فيها أكد الالتزام بعدم الاشتراك في ولائم الشياطين حتى يمكننا التمتع بالشركة في وليمة الرب. أما المبدأ الآخر فهو اهتمامنا ببنيان الغير، إذ يقول: “كل الأشياء تحل لي ولكن ليس كل الأشياء تبني؛ لا يطلب أحد ما هو لنفسه بل كل واحد ما هو للآخر” [23-24] “كما أنا أيضًا أرضي الجميع في كل شيء غير طالب ما يوافق نفسي، بل الكثيرين لكي يخلصوا!” [33].

يحق لي أن آكل كل شيء، لكن هذا لا يوافقني، لأن فيه حزن وعثرة لأصحاب الأفكار الضعيفة.

القديس يوحنا الذهبي الفم

العلامة ترتليان

القديس إكليمنضس السكندري

لا يطلب أحد ما هو لنفسه،

بل كل واحد ما هو للآخر” [24].

 ليحيا كل إنسان، لا لنفسه بل لأجل البشرية المحيطة به.

الكلمة اليونانية المترجمة “ما هو للآخر” تشير إلي كل شيء وأي شيء يخص راحته ونفعه وسعادته وخلاصه.

اسمع وأصغ يا أيها الطماع، فإن الرسول يوضح لك في موضع آخر بأكثر وضوح. فإنه إذ يقول: “لا يطلب أحد ما لنفسه به كل واحد ما هو للآخر” يوضح ذلك بنفسه: “غير طالبٍ ما يوافق نفسي، بل الكثيرين لكي يكون خادمًا مخلصًا للمسيح”[69].

القديس أغسطينوس

أمبروسياستر

أوكيمينوس

كل ما يباع في الملحمة كلوه،

غير فاحصين عن شيء من أجل الضمير” [25].

 كان الدم يسفك كذبيحة مقدمة للوثن، أما اللحم فنصيب منه يُحرق علي المذبح، والثاني يأكله مقدم الذبيحة، والثالث يأخذه الكاهن. وكان غالبًا ما يجمع الكاهن أنصبته ويبعها في السوق. فبالنسبة للشركة في الأكل مع مقدم الذبيحة داخل الهيكل هذا مرفوض تمامًا، لأنه يعتبر شركة في العبادة الوثنية، أو في وليمة الوثن. هذا يقابله أو يضاده مائدة الرب، فمن يشترك في مائدة الوثن لا يقدر أن يشترك في مائدة الرب. أما ما يُباع في السوق فيمكن شراءه دون السؤال عن مصدره.

إذ يأكل الإنسان بشكرٍ يتقدس الطعام بكلمة الله والصلاة (1 تي 4: 4-5). فإن كل شيءٍ طاهر للطاهرين (تي 1: 15).

من جهة الضمير يكن للإنسان أن يأكل كل ما يُباع في السوق، لكن بحكمة فلا يشتري مسكرُا أو طعامًا قاتلاً.

في عصور مختلفة وجد أناس يتساءلون قبل شراء احتياجاتهم مثل:

 هل ما نشتريه هو من عمل العبيد الذين يستغلهم السادة ويسفكون دماءهم بالعمل الشاق غير الإنساني؟

 هل هو من مصنع يمارس العمل في يوم الرب؟

 هل إيراد هذا المتجر يستخدم في أمور تمس حقوق البعض؟

القديس يوحنا الذهبي الفم

سفيريان أسقف جبالة

لأن للرب الأرض وملأها” [26].

 اقتبس الرسول هذه العبارة عن المزمور 24:1، تث 10: 14.

ما تقدمه الأرض من طعام نباتي أو حيواني هو هبة من الله، حتى وإن أساء البعض استخدامه وقدمه للوثن. إنه ثمرة حب الله ورعايته للإنسان.

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس أغسطينوس

3- موقفه من وليمة في بيت صديقٍ

وان كان أحد من غير المؤمنين يدعوكم وتريدون أن تذهبوا

فكل ما يقدم لكم كلوا منه،

غير فاحصين من أجل الضمير” [27].

 اعتاد اليهود بصفة عامة عندما يُدعون إلى وليمة لدي شخص وثني أن يسألوه ويستجوبوه عن تفاصيل كثيرة حتى يتأكدوا أن الطعام غير دنس.

الإنسان المسيحي يشارك أصدقاءه مشاعرهم مادامت ليست علي حساب إيمانه، فإن دعاه لوليمة يقبل الدعوة، ولا يثير أسئلة لا لزوم لها.

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس إكليمنضس السكندري

ولكن إن قال لكم أحد هذا مذبوح لوثن،

فلا تأكلوا من اجل ذاك الذي أعلمكم والضمير،

لأن للرب الأرض وملاها” [28].

 يمكن للمؤمن أن يأكل ببساطة وبراءة مما يقدم له في الولائم الخاصة حتى في منازل الوثنيين، إذ لا يحسب ذلك شركة في مائدة الشياطين، ولا تُعتبر وليمة وثن. أما إذا أخبره إنسان بأن ما يُقدم ذبح للوثن يمتنع من أجل عدم عثرة ضعفاء النفوس.

أقول الضمير ليس ضميرك أنت،

بل ضمير الآخر،

لأنه لماذا يحكم في حريتي من ضمير آخر؟” [29].

 يخاطب أصحاب الضمير القوي، فهو مطمئن من جهة ضميرهم أنهم لا يصنعون خطأ، لكن إذ يطلبون ما للغير ويهتمون بخلاص أصحاب الضمير الضعيف يسلكون بما لا يعثرهم.

أما قوله: “لماذا يحكم في حريتي من ضمير آخر؟” هذا اعتراض من صاحب الضمير القوي. يسأل الرسول لماذا لا يمارس حريته بل يسلك حسب ضمير صاحب الضمير الضعيف؟

يقارن العلامة أوريجينوس بين خبز الرب (الأفخارستيا) والطعام موضحًا أننا ننعم ببركات خبز الرب خلال إيماننا به، فبدون الإيمان لن نتقدس، وأيضًا ما يدنس الإنسان ليس الطعام العادي في ذاته، وإنما ضمير الإنسان الدنس وعدم إيمانه، فيقول:

العلامة أوريجينوس

فان كنت أنا أتناول بشكر،

فلماذا يُفترى عليَّ لأجل ما أشكر عليه” [30].

القديس يوحنا الذهبي الفم

القديس أغسطينوس

 فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا،

فافعلوا كل شيء لمجد الله” [31].

 يليق بالمؤمن أن يمجد الله حتى في أكله أو شربه أو ممارسته أي عمل. الابن يكرم أباه حينما يسلك بوقارٍ ويظهر سمات أبيه فيه. حتى في أكلنا وشربنا يليق بنا أن يتجلى إلهنا فينا فيرى الكل فينا شركتنا لسمات إلهنا، وممارستنا لصلاحه ورحمته وقداسته.

العلامة أوريجينوس

القديس باسيليوس

أمبروسياستر

سفيريان أسقف جبالة

القديس جيروم

مكسيموس أسقف تورينو

كونوا بلا عثرة لليهود ولليونانيين ولكنيسة الله” [32].

 يليق بالمؤمن أن يدقق في سلوكه حتى لا يعثر يهوديًا غير مسيحي أو أمميًا لم يقبل الإيمان بعد، أو مسيحيًا.

القديس باسيليوس

كما أنا أيضًا أرضي الجميع في كل شيء،

غير طالب ما يوافق نفسي بل الكثيرين لكي يخلصوا” [33].

يقدم الرسول بولس نفسه مثالاً، إذ يود أن يكسب الكثيرين لا لنفسه بل لخلاصهم.

القديس أغسطينوس

كاسيودوس

من وحي 1 كو 10

هب لي أن أُسِرّ قلبك،

يا من تغنيني بعطاياك!

سِرْت بشعبك وسط البرّية،

ووهبتهم ذاتك سحابة تظلّلهم في النهار،

وعمود نور يقودهم بالليل.

قدمت لهم ماءً من الصخرة التي كانت تتبعهم.

وعوض ذبيحة الشكر، قدّموا تذمرًا وتمردًا!

عِوض الالتصاق بك، عبدوا العجل الذهبي.

تطلّب أن يُسروا بك وأنت بهم،

لكن في عنادٍ وقسوة قلب وغلاظة رقبة أرادوا أن يغيظوك!

تظلّلني بجناحي حبك وأنت على الصليب.

قدتني إلى نهر الأردن،

وقدّمت لي روحك يقودني بروح الحب،

يشرق عليَّ بالنور الإلهي، ويضيء فهمي.

يلهب قلبي بنار حبه الإلهي،

عوض الصخرة قدّمت ذاتك بجنبك المطعون.

يفيض عليّ بمياه الروح،

ويقدسني بالدم الثمين.

هب لي عوض الجحود أن أشكرك.

عِوض التمرد التصق بك بالطاعة.

عِوض الجفاف يلتهب قلبي حبًا!

نعم! أنت سروري وبهجة قلبي،

يا من تُسر بي أنا الخاطي الضعيف!

أرده لك في أولادك.

أصير معهم خبزًا واحدًا لا يعرف الانقسام.

نعم! لأثبت معهم فيك، بجسدك المقدس ودمك الكريم.

لأصر معهم واحدًا فيك!

هذا هو ما يُسر قلبك يا واهب الوحدة!

فكل الأشياء تحل لي،

لكنني لن أسلك إلا بما يوافقني كابن لك!

لا أتحرك إلا بما يبني نفسي ونفوس اخوتي فيك!

سأرضيك بأن أرضي من تحبهم.

لا أطلب ما لنفسي بل ما هو لمحبوبيك!

لأقتدي بك يا من قدمت ذاتك عني،

فأقدم نفسي مبذولاً من أجل اخوتي.

هب لي بروحك أن أشاركك صليب الحب!

[1] CSEL 81:107.

[2] Cat. Lect. 3:6.

[3] Mystagogical Lecture 11:3.

[4] De Baptismo 9.

[5] Sermons 100:3.

[6] Letter, 73.

[7] The Usefulness of Belief, 8.

[8] De:Triantate 2:14. PG 39:697 A.

[9] Gennadius of Constantinople (Pauline Comm. From the Greek Church).

[10] On Perfection.

[11] The Mysteries, 58.

[12] The Mysteries 8:48.

[13] On 1 Cor., hom. 23:3.

[14] Hymns on Paradise 5:1.

[15] Ep. 55:11.

[16] Ep. 169:9.

[17] The Holy Spirit 1:2.

[18] CSEL 81:108

[19] On Perfection.

[20] Sermons 117:2.

[21] Commentary on Matthew, 12:10.

[22] On 1 Cor., hom. 23:4.

[23] In 1 Corinth., hom. 24:2.

[24] Comm. On 1 Cor. 4:45:2-5.

[25] On 1 Cor., hom. 23:4.

[26] On 1 Cor., hom. 23:4.

[27] On 1 Cor., hom. 23:4.

[28] In 1 Corinth., hom. 24:2.

[29] Letter 22:2.

[30] In 1 Corinth., hom. 23:5.

[31] In 1 Corinth., hom. 23:5.

[32] Commentary on Matthew, 13:22.

[33] On 1 Cor., hom. 23:5.

[34] In 1 Corinth., hom. 23:5.

[35] In Titus. hom. 5.

[36] In Ephes., hom. 23.

[37] CSEL 81:111.

[38] In 1 Corinth., hom. 24:1.

[39] In 1 Corinth., hom. 24:1.

[40] Letter 139.

[41] Letter 219

[42] Letter 256.

[43] Letter 179 to Bishop John.

[44] CSEL 81:113.

[45] Sermon on the Amount 2:34.

[46] Pauline Commentary from the Greek Church.

[47] De Principiis 3:2:3.

[48] Cassian: Conferences 9:23.

[49] Cassian: Conferences 7:20.

[50] Cassian: Conferences 13:13.

[51] Institutions 5:16.

[52] In 1 Corinth., hom. 24:3.

[53] Homily 227.

[54] In 1 Corinth., hom. 24:4.

[55] Letter to Priests, 45, FC 26:263

[56] Sermon 227 FC 38:107.

[57] City of God 21:25.

[58] In 1 Corinth., hom. 24:5.

[59] In 1 Corinth., hom. 24:5.

[60] Ep. 102:19.

[61] Ep. 47:4.

[62] Mystagogical Lecture 1:7.

[63] CSEL 81:114.

[64] CSEL 81:115.

[65] In 1 Corinth., hom. 24:6.

[66] In 1 Corinth., hom. 24:6.

[67] The Appeal of Women 10:6.

[68] Paedagogus 2:1:14.

[69] Sermons on New Testament Lessons, 28:6.

[70] CSEL 81:116.

[71] Pauline Commentary from the Greek Church.

[72] In 1 Corinth., hom. 25:1.

[73] Pauline Commentary from the Greek Church.

[74] In 1 Corinth., hom. 25:1.

[75] Letter 47.

[76] In 1 Corinth., hom. 25:1.

[77] Paedagogus 2:10.

[78] Commentary on Matthew, 11:14.

[79] In 1 Corinth., hom. 25:2.

[80] In 1 Corinth., hom. 25:3.

[81] Sermons for Christmas and Epiphany, sermon 17:3.

[82] Commentary on Matthew, 11:12.

[83] Letter 22:2.

[84] CSEL 81:118.

[85] Pauline Commentary from the Greek Church.

[86] Hom. On the Psalms, Homily 1.

[87] Maximus of Turin: Pauline Commentary from the Greek Church.

[88] The Long Rules, 33.

[89] Letter, 42.

[90] Ep. 228:2.

[91] Ep. 228:2.

[92] Letter 231.

[93] Cassiodorus: Explanation of the Psalms 121:9.

تفسير كورنثوس الأولى 10 – الأصحاح العاشر – القمص تادرس يعقوب ملطي

Exit mobile version