تفسير سفر الرؤيا 6 الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي
تفسير سفر الرؤيا 6 الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي
تفسير سفر الرؤيا 6 الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي
تفسير سفر الرؤيا 6 الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي
الختوم السبعة
- مقدمة عن السلاسل الثلاث
- الختوم الستة (الكنيسة المتألمة) ص 6.
- اهتمام الحمل بها ص 7.
مقدمة عن السلاسل الثلاث
في هذا الأصحاح حتى الأصحاح العشرين نجد التنفيذ العملي لعمل الله مع شعبه، ومناهضة إبليس لأولاد الله، وتأديبات الله للأشرار من أجل توبتهم. لهذا يذكر الرسول ثلاث سلاسل سباعية متعاقبة تتحدث عن:
- سبعة ختوم: الكنيسة المتألمة منذ نشأتها إلى يوم لقائها مع الحمَل.
- سبعة أبواق: إنذارات الله منذ نشأة الكنيسة إلى يوم الدينونة.
- سبعة جامات: غضب الله لتأديب البشر في فترة ضد المسيح إلى يوم الدينونة.
- في السلسلة الأولى يفتتح الحمل بنفسه الختوم حتى تطمئن عروسه المتألمة أنه لن يصيبها إلاّ ما هو بسماح منه قدر ما تحتمل. ويلحق الختم السادس بالمختومين ومنظر الكنيسة في الأبديّة، ليكشف لها عن اهتمامه بها على الأرض إذ هي محصية ومحفوظة، وفي الأبديّة تتمتع بأمجاد تبتلع ذكريات الآلام التي حلت بها.
- في السلسلة الثانية نجد إنذارات الله للبشر، وقد بدأت بالسكوت لكي يُبكم كل ضوضاء حتى يُنصتوا لإنذاراته المبوّقة على فم ملائكته.
- يعقب هذه السلسلة الثانية ظهور المرأة العظيمة وأعدائها الثلاثة معلنًا شدة العداوة بين الكنيسة وإبليس التي بدأت منذ آدم كأول عضو في الكنيسة، وتبقى حتى ضد المسيح كآخر مرحلة يبث فيها إبليس كل سمومه في العالم خلال ضد المسيح.
- وفي السلسلة الثالثة يسكب الله جامات غضبه في فترة ضد المسيح حتى يتوبوا ولا ينخدعوا بأضاليل إبليس.
- وأخيرًا يلحق السلسلة الثالثة بالكشف عن عظمَة المرأة الزانية الفارغة التي تنتهي بهلاكها مع عشاقها الأشرار.
بهذا ينتهي هذا القسم ليكشف لنا عن “مجد أورشليم السماوية”.
الأصحاح السادس: عمل الله في كنيسته المتألمة
- الكنيسة المتألمة (تحت رعاية الفارس) الختوم الأربعة.
- الكنيسة في الفردوس (تحت المذبح) الختم الخامس.
- مجيء عريس الكنيسة كديّان للأشرار الختم السادس.
- الكنيسة المتألمة
“ونظرت لما فتح الخروف واحدًا من الختوم السبعة،
وسمعت واحدًا من الأربعة المخلوقات الحية قائلاً كصوت رعد: هلم وانظر.
“فنظرت وإذا فرس أبيض،
والجالس عليه معه قوس،
وقد أعطي إكليلاً، وخرج غالبًا ولكي يغلب” [1-2].
رأى الرب، عريس الكنيسة، أن فرسانًا ثلاثة خارجون لمقاومة عروسه، لهذا ظهر ذلك الحمل الوديع والأسد الغالب فارسًا غالبًا ولكي يغلب. عندما يراه كأسدٍ يخرج إليه كأسد، وإذ يراه كفارسٍ يخرج إليه كفارس يقاتله.
فتح العريس الختم الأول، وسمع الرسول المخلوق الحي الأول الذي على شبه أسد يزأر بصوت رعد قائلاً: “هلم وأنظر[1]“. وخرج الحمل نفسه فارسًا يجلس على فرس أبيض، وقد خرج “غالبًا” بطبعه، إذ ليس فيه هزيمة قط. “ولكي يغلب“، أي يغلب بنفسه في كنيسته، في أولاده، لأننا به نغلب إبليس، وهو يغلب فينا. فكل نُصرة لنا تُنسب لمسيحنا لأنها تتحقق به ولحسابه.
خرج الرب جالسًا على فرس أبيض، وقد أجمع الشهيدان أغناطيوس وبوليكربوس والبابا ديونيسيوس وإيريناؤس بأن الفرس الأبيض هو جماعة الرسل والمبشرين بكلمة الإنجيل، حاملين شخص الرب، منتصرين به على قوات الظلمة.
يشبهون الفرَس بشجاعتهم وعدم مهابتهم الموت (زك 10: 3)، وبسرعة حركتهم تخرج أصواتهم إلى كل الأرض (مز 18: 6)، وطاعتهم بكل كيانهم لفارسهم.
يشبهون بفرس أبيض لأنه مُبهج للنظر. هكذا هم مبهجون للنظر، لأنهم مملوءون فرحًا وسرورًا. يُدعون للفرح بالمخلِّص في أشد لحظات ضعفهم، ويرافقهم بسرورٍ حتى مع دموع توبتهم، يملأهم السلام الداخلي في فترات المحن. وسرّ هذا كله وعد الرب لنا: “ثقوا أنا قد غلبت العالم“. والأصل اليوناني ترجمته “افرحوا أنا قد غلبت العالم“.
هذا الغالب معه “قوس” الذي هو كلمة الكرازة التي يصوبها الكارز في قلب السامعين، فتحطم قوى الشر وتبتر منه كل ما هو من إبليس.
“وقد أعطي إكليلاً”، إذ هو ملك الملوك لا يكف عن أن يملك في كل قلب، ويهب أكاليل للبشرية المنتصرة به.
الفرسان الثلاثة
“ولما فتح الختم الثاني
سمعت المخلوق الحي الثاني قائلاً: هلم وأنظر.
فخرج فرس آخر أحمر،
والجالس عليه أُعطي أن ينزع السلام من الأرض،
وأن يقتل بعضهم بعضًا،
وأعطي سيفًا عظيمًا.
ولما فتح الختم الثالث
سمعت المخلوق الحي الثالث قائلاً: هلم وأنظر.
فنظرت وإذا فرس أسود، والجالس عليه معه ميزان.
وسمعت صوتًا من وسط الأربعة المخلوقات الحية، قائلاً:
ثُمنية قمح بدينار وثلث،
وثماني شعير بدينار،
وأما الزيت والخمر فلا تضرَّهما.
ولما فتح الختم الرابع سمعت صوت المخلوق الحي الرابع، قائلاً: هلم وأنظر.
فنظرت، وإذا فرس أخضر،
والجالس عليه اسمه الموت،
والجحيم يتبعه،
وأُعطيا سلطانًا على ربع الأرض
أن يقتلا بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض” [3-8].
هذه هي الآلام التي يسمح الله بها لكنيسته وسط العالم. إنها كالعاصفة التي تهز الكرمة حتى تبدو كأنها كادت تجف، لكن الحقيقة أنه تتساقط منها الأوراق الصفراء غير المرتبطة بها فقط، بينما يزداد الساق صلابة والجذور عمقًا.
وترتيب الفرسان الثلاثة يتفق بما أنبأنا به الرب عن حدوثه في (مت 24؛ مر 13).
وفيما يلي ملخص لتفسير بعض الآباء لهذه الفرسان الثلاثة.
الفرس الأحمر: الحروب (مت 24: 7؛ لو 21: 9-14)، كما يشير إلى سفك الدم (اضطهاد اليهود والوثنيين للكنيسة).
الفرس الأسود: المجاعات (مر 13: 8)، كما يشير إلى ظهور المبتدعين، وحدوث مجاعة في المعرفة.
الفرس الأخضر[2]: الموت (مت 24: 5) كما يشير إلى ظهور ضد المسيح، وما يسببه من موت للأرواح.
الفرس الأحمر:
يقول الأسقف فيكتورينوس إنه يشير إلى حدوث قلاقل وحروب يسبقها إهانات وطرد الكارزين بالحق (لو 21: 9-14). وقد احتملت الكنيسة الأمرين من اليهود ومن الدولة الرومانيّة. وفي هذا كله لم تفقد سلامها الداخلي ولا خسرت بهجتها ورجاءها، بل أُعطى للشيطان أن ينزع السلام الخارجي فقط وأن يقتل كثيرين من أولادها عن طريق إخوتهم في الإنسانيّة، وكان بحق سيفًا عظيمًا!
الفرس الأسود:
وهو المجاعات التي يسمح بها الله وتشير إلى فترة البدع والهرطقات التي تسبب مجاعة في معرفة الحق وتذوقه. ويرى الأسقف فيكتورينوس أن هذه المجاعة هي حقيقة واقعة تحدث في أيام “ضد المسيح” لأجل التأديب.
ونلاحظ أن الفارس يمسك بميزان، وهذا يشير إلى شدة القحط كقول الكتاب: “هأنذا أكسر قوام الخبز في أورشليم، فيأكلون الخبز بالوزن وبالغم، ويشربون الماء بالكيل والحيرة” (حز 4: 16).
وثمنية القمح وهي أقل من كيلو (وحدة يونانية) لا تكفي الإنسان خبز يومه، ثمنها دينار وهو كل أجرته طوال اليوم (مت 20: 2)، فكيف يأكل ويعول زوجته وأولاده!
أما “الزيت والخمر” فلا يضرهما، وهما يشيران إلى البهجة التي تعم في أيام الأعياد (مز 23: 5). وهذا إشارة إلى حفظ السلام الداخلي للكنيسة وبهجتها بالرغم مما تعانيه من مرارة من الهراطقة أو ما تعانيه من مجاعة لأمور عادية وقحط حتى في قوت يومها.
ويشير “الزيت” إلى الروح القدس، و”الخمر” إلى الحب. وكأن أولاد الله الذين يعمل فيهم روح الرب المملوءين حبًا لا يؤذيهم ضيق أو جوع مهما اشتد!
الفرس الأخضر:
وكما يقول ابن العسال إنه ملاك دولة ضد المسيح، وهو ملاك الموت، وراكبه الموت والجحيم الذي يُوهب سلطانًا للقتل بالسيف وبالجوع وبالموت وبوحوش الأرض. فهو لا يكف عن استخدام كل وسيلة لإماتة كل نفس باستقصائها عن الله مصدر حياتها. وستهرب الكنيسة إلى الجبال والبراري، وهناك تلتقي بوحوش البرية، إذ يتعقبها أتباع ضد المسيح حتى في الجبال والبراري. وكأني بها ترتمي منبطحة على الأرض معاتبة عريسها مع إيليا القائل: “قد تركوا عهدك، ونقضوا مذابحك، وقتلوا أنبياءك بالسيف، فبقيت أنا وحدي، وهم يطلبون نفسي ليأخذوها” (1 مل 19: 10).
ويقول الرب نفسه: “لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب، حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضًا” (مت 24: 24).
وسيعود سفر الرؤيا ليكرس أصحاحات كثيرة تكشف عن خطورة ضد المسيح وعمله وخداعه وحربه ضد الكنيسة الخ.
الكنيسة في الفردوس
“ولما فتح الختم الخامس،
رأيت تحت المذبح نفوس الذين قُتِلوا من أجل كلمة الله
ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم.
وصرخوا بصوت عظيم قائلين:
حتى متى أيها السيد القدوس والحق
لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض؟
فأُعطوا كل واحد ثيابًا بيضًا،
وقيل لهم أن يستريحوا زمانًا يسيرًا أيضًا،
حتى يكمل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضا العتيدون أن يُقتَلوا مثلهم” [9-11].
بعد ما كشف الرب لكنيسته خلال الأختام الأربعة ما يسمح لها به من مرارة من اليهود والوثنيين والهراطقة وضد المسيح، كان لا بد أن يكشف لها حال المنتقلين طوال فترة غربتنا على الأرض.
من هم؟
“الذين قُتِلوا من أجل كلمة الله، ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم”. يكفيهم أن يُحسبوا شهودًا لكلمة الله.. حملوا آلامه وقبلوا سماته في حياتهم شاهدين له. وإن كنا لا نعرفهم بأسمائهم، لكنهم هم يعرفون بعضهم بعضًا في الفردوس، وكما يقول العلامة ترتليان[3] إذ كان يوحنا في الروح رأى بوضوح أرواح الشهداء، مؤكدا أنها تتعرف على بعضها البعض في الفردوس.
أين هم؟ “تحت المذبح”!
هم في الفردوس لم يذهبوا بعد إلى الأمجاد الأبديّة في كمالها وتمامها، لكنهم نالوا نصيبًا مباركًا إذ “أُعطوا ثيابًا بيضًا، وقيل لهم أن يستريحوا زمانًا يسيرًا“. إنهم تحت المذبح يستريحون. وكأن المذبح لا يفارق القديسين وهم لا يفارقونه.
يرون الذبيحة الحقيقية خلال الفردوس، إذ يتمتعون بالمسيح المصلوب، ويقدمون له ذبائح حمد وتسبيح كقول المرتل: “أذبح لك حمدًا” (مز 50: 14)، “لك أذبح ذبيحة التسبيح” (مز 116: 17).
لن تنقطع الذبائح لا بانتقالنا إلى الفردوس، ولا بدخولنا العرس الأبدي، مقدمين له تسبيحا أبديًا وكما يقول الشهيد يوستينوس: [إني أعتبر الصلوات وتقديم الحمد حينما يقدمها أشخاص معتبرون تكون هي وحدها الذبائح الكاملة والمقبولة لدى الله[4].]
ما حالهم؟
يطلبون الانتقام لدمائهم وذلك كما صرخ دم هابيل قدام الرب، ليس حقدًا وغيظًا بل تسليمًا للدينونة العادلة في يد الله، وشوقًا لمجئ الرب. إنهم كالأرملة التي طلبت من القاضي أن ينتقم منصفًا إياها (لو 18: 3). وإذ طلب منهم أن يستريحوا قليلاً إلى يوم الدينونة لذلك يقول الشهيد كبريانوس[5] إنه يليق بالمجاهدين على الأرض أيضًا أن يصبروا على الأشرار حتى يوم الدينونة.
مجيء عريس الكنيسة كديان للأشرار
بعدما طمأننا الرب من جهة المتألمين الراقدين أنهم لابسون ثياب بيضًا مستريحون تحت المذبح إلى يوم الدينونة للتمتع بالأكاليل الأبدية، عاد ليطمئن الذين على الأرض وخاصة في أيام ضد المسيح أنه آتٍ لا محالة ليدين الأشرار. وتظهر شدة غضبه من ثورة الطبيعة ذاتها قبيل مجيئه إذ قال الرسول:
“ونظرت لما فتح الختم السادس، وإذا زلزلة عظيمة حدثت،
والشمس صارت سوداء كمسحٍ من شعر،
والقمر صار كالدم.
ونجوم السماء سقطت إلى الأرض
كما تطرح شجرة التين سقاطها إذا هزتها ريح عظيمة.
والسماء انفلقت كدرج ملتف،
وكل جبل وجزيرة تزحزحا من موضعهما.
وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء
وكل عبد وكل حر،
أخفوا أنفسهم في المغاير وفي صخور الجبال.
وهم يقولون للجبال والصخور اسقطي علينا
وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف.
لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم ومن يستطيع الوقوف؟” [12-17]
ويمكننا بدراسة الأصحاح 24 من إنجيل متى أن نجد هذه الأحداث مطابقة للعلامات التي أوضحها الرب عن مجيئه للدينونة وانقضاء الدهر.
وكما يقول ابن العسال ويشاركه في ذلك كثير من الآباء الأولين مثل القديس أغسطينوس إن هذه الأحداث تتم في فترة ما قبل ضد المسيح وأثناء تضليله (5ر3 سنة) وبعده مباشرة. وهذا كله لأجل التأديب حتى لا ينحرف المؤمنون.
فهي أحداث حقيقية واقعيّة تنبأ عنها الكتاب المقدس في أكثر من موضع وهي:
- “تكون… زلازل في أماكن” (مت 24: 7)، وكما يقول النبي: “هوذا يوم الرب قادم قاسيًا بسخط وحمو غضب… لذلك أزلزل السماوات وتتزعزع الأرض من مكانها في سخط رب الجنود وفي يوم غضبه” (إش 13: 9-13).
- الشمس تسود والقمر يصير كالدم والنجوم تتساقط، إذ يقول الرب: “تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء، وقوات السماوات تتزعزع” (مت 24: 29).
وقد أوضح الرب بجلاء في مت 24 أن هذه الأحداث تتم قبيل مجيئه للدينونة مباشرةً إذ يكمل قائلاً: “وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض، ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على السحاب بقوة ومجد كثير، فيرسل ملائكته ببوقٍ عظيمٍ فيجمعون مختاريه…” وكان الحديث كله إجابة بخصوص علامات مجيئه وانقضاء الدهر.
- انغلاق السماء كدرج ملتف، ويفسر ذلك العلامة ترتليان قائلاً: [إنها تصير كلا شيء مع الأرض نفسها التي خلقت معها في البدء إذ قيل: “السماء والأرض تزولان” (مت 24: 35) “لأن السماء والأرض الأولى مضتا” (رؤ 21: 1)، “ولم يوجد لهما موضع (رؤ 20: 11) إذ هما ينتهيان[6].]
تفسير للأسقف فيكتورينوس
يرى هذا الأسقف ويشاركه القديس أغسطينوس[7] وغيرهما تفسيرًا آخر، هو ليس آخر، بل مكمل للأول دون أن يحل محله. وهو أن هذه الأحداث ستتم فعلاً في فترة ما قبل مجئ الرب لكنها ستتم بصورة رمزية أيضًا في فترة الدجّّّّّّّّّال قبل مجيء الرب مثال ذلك:
قول الأسقف فيكتورينوس: [تسود الشمس كمسحٍ، أي يصير بهاء التعليم غامضًا بسبب غير المؤمنين. والنجوم تتساقط أي ينفصل البعض عن الكنيسة من شدة الضيق.]
وقول القديس أغسطينوس بأن القمر أي الكنيسة تصير كالدم من كثرة سفك الدماء الذي يحل بأولادها على يدي ضد المسيح وأتباعه.
والنجوم تتساقط على الأرض إشارة إلى كثرة الارتداد عن الإيمان وسقوط مؤمنين كانوا ككواكب في الكنيسة.
تفسير للقديس أغسطينوس
يرى القديس أغسطينوس تفسيرًا ثالثًا ليس بثالث، لكنه مرافق للتفسيرين السابقين إذ أخذ هذا القديس بالثلاثة معًا. هذا التفسير ينادي بأن هذه الأحداث واقعية فعلاً لكنها أيضًا تحمل في طياتها ما سيحل بدولة ضد المسيح من خراب قبيل مجيء الرب لأجل حث الناس على التوبة، فمثلاً يقابل الزلزلة تزعزع مملكة إبليس وانهيار دولة ضد المسيح ورعب في قلوب أتباعه، وذلك كقول الرب: “إني أزلزل السماوات والأرض، وأقلب كرسي الممالك، وأبيد قوة ممالك الأمم” (حجي 2: 21).
ويقابل تزحزح كل جبل وجزيرة من موضعها إلى سقوط الجبابرة والعظماء وفقدانهم سلطانهم وجاههم وغناهم. أنهم سيهربون، ولكن أين يهربون من وجه الحمل؟ ينوحون أمام هيبته و”يقولون للجبال غطينا، وللتلال اسقطي علينا” (هو 10: 8). لكن “من يحتمل مجيئه؟ ومن يثبت عند ظهوره؟” (ملا 3: 2). “من يقف أمام سخطه؟ ومن يقوم في حمو غضبه؟ غيظه ينسكب كالنار والصخور تتهدم منه” (نا 1: 6).
[1] في النسخة السينائية “هلم وأنظر”، موجهة الحديث ليوحنا لكي يرى ويدرك ما سيحدث، وفي النسخة الإسكندرانية: “هلم” كإشارة للفارس لكي يخرج.
[2] في بعض النسخ: “الفرس الأصفر”.
[3] A Treatise on the Soul 8.
[4] Dialogue 117.
[5] On the Advantage of Patience.
[6] Against Hermogenes 34.
[7] رسالة 80 إلى ابسيكيوس.