كيف يكون المسيح إله حق وإنسان حق فى آن واحد! القمص عبد المسيح بسيط
كيف يكون المسيح إله حق وإنسان حقفى آن واحد
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
الفهرس:
كيف يكون المسيح إله حق وإنسان حق في آن واحد؟
1 صورة الله ” الذي إذ كان في صورة الله “:
3 هل تغير من كونه إله إلى إنسان؟
4 الإله المتجسد الذي ينسب ما للاهوته لناسوته وما لناسوته للاهوته (تبادل الخواص والصفات):
كيف يكون المسيحإله حق وإنسان حق في آن واحد؟
يقول الربّ يسوع المسيح عن نفسه ” أَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ.” (يو 8/40)، ونؤمن، بحسب ما جاء في الكتاب المقدس، أنَّه كان كاملاً في ناسوته، إنسانيَّته، فقد حُبِلَ به ووُلِدَ من العذراء القدِّيسة مريم، وكان له جسد حقيقيّ كامل من لحمٍ ودمٍ وعظامٍ ونفسٍ وروحٍ إنسانيَّة عاقلة، وقد إجتاز في كلِّ ما يجتاز فيه الإنسان من ضعفٍ وقوَّةٍ (1)، أو كما يقول الكتاب المقدس بالروح ” مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ.” (عب4/15)، ومات علي الصليب.(2)
وفي نفس الوقت يتكلَّم، الربّ يسوع المسيح، عن نفسه كإلهٍ وينسب لنفسه جميع أسماء الله وألقابه وصفاته، فيتكلَّم عن وجوده السابق فيالكون قبل الخليقة، كالأزليّ الأبديّ، الذي لا بداية له ولا نهاية، ويقول أنَّه ربّ داود وإله إبراهيم وجميع الأنبياء والبشر، الإله الواحد، ربّ الكلِّ، وأنَّه الموجود في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، كلَّيّ الوجود، والقادر علي كلِّ شيء، كلِّيّ القدرة، والعالم بكلِّ شيء، كلِّيّ العِلْم، وأنَّه يعمل جميع أعمال اللَّه وعلي رأسها الخلق فهو، كما يصفه الكتاب المقدَّس، الذي ” كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ” (يو1/3-4)، ” إِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً امْ سِيَادَاتٍ امْ رِيَاسَاتٍ امْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ.” (كو1/5) (3).
إذًا فهو إلهٌ حقٌّ، كاملٌ في لاهوته، وإنسانٌ حقٌّ، كاملُ في ناسوته، إنسانيته!
والسؤال الأن هو:
كيف يكون المسيح إله حق وإنسان حق في آن واحد؟
يقول القدِّيس بولس بالروح القدس ” فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ. وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ،” (في2/5-11).
† فما معني قوله بالروح ” الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ “؟
† وما معني قوله ” لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ “؟
† وما معني قوله أنَّه ” أَخْلَى نَفْسَهُ”؟
† وما معني قوله ” آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ “؟.
† وهل يعني هذا أنَّ المسيح أخلي نفسه من لاهوته ومن مجده وعظمته ومن كونه الإله كلِّيّ القدرة والوجود والعلم وأصبح مقيدًا ومحدودًا بحدود الجسد؟.
1 صورة الله ” الذي إذ كان في صورة الله “:
يستخدم الرسول بالروح في قوله ” الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ ” النص اليوناني ” مورفي μорφηMorehe ” والذي يُعَبِّر عنطبيعة الكيان وشخصه(4)، والذي يُشير إلي الظهور الخارجي الذي يُوصِّل للجوهر(5)، وهنا يُعَبِّر عن الكيان الجوهريّ للَّه(6)، ولذا فالتعبير ” صُورَةِ اللهِ” في هذه الآية مترجم في NIV ” في نفس طبيعة الله
In The Very Nature Of God” أي ” الذي إذ كان في نفس طبيعة اللَّه(7).
ويسبق قوله ” صُورَةِ اللهِμорφη θεουMorphe Theou ” عبارة ” الذي إذ كان όςενHos en “، و ” كان ” هنا ليست في الماضي البسيط، بل في الزمن التام المستمر والذي يعني هنا الوجود من البدء، أسبقيَّة الوجود، الذي كان موجوداً دائماً، بصفةٍ مستمرةٍ في حالة الاستمرار، مثل قوله ” فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ”. ويلي ذلك أيضًا قوله أنَّه، المسيح، ” مُعَادِلاً لِلَّهِ. ” الآب. ولا يساوى اللَّه إلا اللَّه، كلمة اللَّه، صورة اللَّه، الذي له نفس طبيعة وجوهر اللَّه. هو الذي كان دائماً ويكون دائمًا وسوف يكون أبدًا، الأزليّ الأبديّ، الذي لا بداية له ولا نهاية، كقول الكتاب المقدس “يَسُوعُالْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ” (عب13/8)، وقول الرب يسوع المسيح عن نفسه “أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ” (رؤ22/13).
وقوله ” لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً(isaισα)لِلَّهِ ” يوضِّحه ما سبق أنْ قاله الربّ يسوع المسيح لرؤساء اليهود “أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ” وفهم رؤساء اليهود من قوله أنَّه يعمل مثل اللَّه أنَّه يعني المساواة المطلقة للَّه، يقول الكتاب ” فَمِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ اللَّهَ أَبُوهُ مُعَادِلاً(ison ισον) نَفْسَهُ بِاللَّهِ. ” (يو 5/17-18). وقد استخدم الكتاب في كلتا الآيتين نفس التعبير ” مساو أو معادل من الفعل ” أيسوس isos ισος ” والذي يعني مساوٍ أو معادلٍ.
أي أنَّه وهو صورة اللَّه المُعَبِّر عن الكيان الجوهريّ للذات الإلهيّة ” اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ” (كو1/15)، الذي هو اللَّه، اللَّه الكلمة المساوي للَّه الآب ” الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ” (عب1/3)، لم تُحسب هذه المساواة التي له مع الآب خلسة بلّ هي من صميم ذاته لكنَّه مع ذلك حَجَبَها في ناسوته متَّخِذًا صورة عبدٍ.
2 أخلى نفسه:
” لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ،وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. “، فما معني ” أَخْلَى نَفْسَهُ ” هنا؟. يستخدم الكتاب هنا الفعل اليوناني “ekenosenεκένωσεν” من الفعل ” kenowκενόω” والذي يعني يَخْلِي. وتُرجمت في بعض الترجمات بمعني ” أصبح بلا شهرةreputation of no، وفسَّرَها الآباء عبر تاريخ الكنيسة بمعنى ” حجب لاهوته، أخفى لاهوته ” في ناسوته، حجب مجده السماوي في ناسوته بإرادته، إفتقر وهو الغنيّ، كما يقول الكتاب، ” إِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ. ” (2كو8/9). وهذا واضحٌ من مخاطبة الرب يسوع المسيح للآب ” مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.” (يو5/17).
لقد أخلي الربّ يسوع المسيح نفسه بمعني حجب مجده، فهو مع كونه كلمة اللَّه (يو1/1)، اللَّه الكلمة، عقل اللَّه الناطق ونطق اللَّه العاقل، صورة اللَّه غير المنظور (كو1/15)، صورة اللَّه المساوي للَّه الآب (في2/6)، بهاء مجد اللَّه الآب ورسم جوهرة (عب1/3)، ابن اللَّه الوحيدالذي هو في ذات اللَّه ومن ذات اللَّه، ” أخلى نفسه وحجب مجده، أخفي لاهوته في ناسوته، حجب لاهوته في ناسوته، قبل علي نفسه الحدود، حدود البشريّة، حدود الإنسان المحدود بالزمان والمكان، ظهر في الهيئة كإنسان وهو في ذاته، بلاهوته، صورة اللَّه المساوي للَّه كلِّيّ الوجود، غير المحدود بالمكان أو الزمان! ظهر في زمن مُعَيَّن ” جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ” (غل4/4)، ومكان مُعَيَّن علي الأرض في فلسطين، وهو، بلاهوته، الذي بلا بداية له ولا نهاية! ظهر علي الأرض مُتَّخِذًا صورة الإنسان المحدود بالطول والعرض والارتفاع، وهو بلاهوته، الذي لا يَحُدَّه مكان أو زمان.
قبل الرب يسوع المسيح تطوعًا وبإختياره أنْ يُخْلِي ذاته بأنْ يحجب، يخفي، لاهوته في ناسوته، أنْ يحجب، يخفي، مجده وعظمته، كإله، في إنسانيَّته التي إتَّخذها من العذراء القدِّيسة مريم، تجسَّد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس ” لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ ” (غل4/4)، أيّ تجسَّد، ظهر في الجسد، حلَّ في الناسوت أخذ جسدًا، إتَّخَذَ جسدًا، ظهر في الجسد، صورة اللَّه إتَّخَذَ صورة العبد، يقول الكتاب المقدس: ” فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِكُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ…وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً.” (يو1/1-4و14).
“وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ.” (1تي3/16).
” فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيّاً. ” (كو2/9).
” اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ” (1يو1/1-3).
3 هل تَغَيَّر من كونه إله إلي إنسان؟
اللَّه بطبيعته لا يتغيَّر يقول الكتاب؛”مِنْ قِدَمٍ أَسَّسْتَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ.هِيَ تَبِيدُ وَأَنْتَ تَبْقَى وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى كَرِدَاءٍ تُغَيِّرُهُنَّ فَتَتَغَيَّرُ. وَأَنْتَ هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِيَ. ” (مز 102/2527)، ” لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ” (ملا3/6). ونفس هذا الكلام الإلهيّ قِيلَ أيضًا عن الربّ يسوع المسيح، حتي بعد التجسُّد، يقول الكتاب في مقارنةبين المسيح والملائكة؛ ” لأَنَّهُ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: «أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ»؟ وَأَيْضاً: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً»؟ وَأَيْضاً مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ». وَعَنِ الْمَلاَئِكَةِ يَقُولُ: «الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحاً وَخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَارٍ». وَأَمَّا عَنْ الاِبْنِ: «كُرْسِيُّكَ يَا أَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ. أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِزَيْتِ الاِبْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ شُرَكَائِكَ». وَ«أَنْتَ يَا رَبُّ فِي الْبَدْءِ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَلَكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى، وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلَكِنْ أَنْتَ أَنْتَ، وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى». ” (عب1/512). وأيضًا يقول ” يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.” (عب 13/8). أي أنَّ بلاهوته هو هو لا ولن يتغيَّر، سواء قبل التجسُّد أو بعده.
لم يتغيًّرْ ولم يَتَحَوَّلْ من إله إلي إنسان، ولم يَتَغَيَّرْ عن كونه الإله القدير إلي إنسان محدود، بل ظلَّ كما هو الإله الكائن علي الكلِّ، وإنما، حلَّ في الجسد، إتَّخَذَ جسدًا، إتَّخَذَ صورة العبد، حَجَبَ لاهوته وظهر في الهيئة كإنسانٍ، حلَّ اللاهوت في الناسوت، الجسد، الإنسان ” لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ انْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ ” (كو1/19).
وقد كشف الربُّ يسوع المسيح عن هذه الحقيقة، حقيقة إحتجاب لاهوته في ناسوته في حادثة التجلِّي عندما أخذ ثلاثة من تلاميذه هم بطرس ويوحنّا ويعقوب وصعد إلي جبلٍ ليصلّي. وهناك كشف لهم عن شيءٍ من مجده ولاهوته المحتجب في ناسوته، يقول الكتاب المقدَّس”وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ.” (مت17/2)، صارت هيئة وجهه متغيرة ولباسه مبيضًا لامعًا: ” وَصَارَتْ ثِيَابُهُ تَلْمَعُ بَيْضَاءَ جِدّاً كَالثَّلْجِ لاَ يَقْدِرُ قَصَّارٌ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يُبَيِّضَ مِثْلَ ذَلِكَ.” (مر 9/3)، ” وَظَهَرَ لَهُمْ إِيلِيَّا مَعَ مُوسَى وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ مَعَ يَسُوعَ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقولُ لِيَسُوعَ: «يَا سَيِّدِي جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هَهُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ لَكَ وَاحِدَةً وَلِمُوسَى وَاحِدَةً وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةً».” (مر9/4-5). ويُعَلِّق القدِّيس مرقس قائلاً ” لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ إِذْ كَانُوا مُرْتَعِبِينَ. ” (مر9/6)، كانوا مرتعبين لرؤية هذا المشهد، التجلِّي، الإلهيّ مثلما خاف موسي وإرتعب عند رؤيته للظهور الإلهيّ علي جبل سيناء ” وَكَانَ الْمَنْظَرُ هَكَذَا مُخِيفاً حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ!».” (عب12/21).
4 الإله المتجسد الذي ينسب ما للاهوته لناسوته وما لناسوته للاهوته (تبادل الخواص والصفات):
كانت نتيجة إخلائه لنفسه بإحتجاب، إخفاء، لاهوته في ناسوته،إتخاذه جسدًا، حلول اللاهوت في الناسوت، اتحاد اللاهوت بالناسوت، ظهوره في الجسد، أنْ أصبح الربُّ يسوع المسيح إلهًا وإنسانًا في آنٍ واحدٍ، الإله المتجسِّد، له كلّ صفات اللاهوت وكلّ خواص الطبيعة الإلهيّة، باعتباره الإله القدير، وله أيضًا كلّ صفات الطبيعة الإنسانيّة وخواص الناسوت، الجسد، الإنسان. كان يعمل ويتكلَّم كإلهٍ وفي نفس الوقت يعمل ويتكلَّم كإنسانٍ، ينسب ما للاهوته لناسوته وما لناسوته للاهوته بإعتباره الإله المتجسِّد، المسيح الواحد. وهذا ما يُسَمَّي بتبادل الصفات والخواص Communicattio Idiomatum – The Communication of Attributes، بين اللاهوت والناسوت، أي نسب ماللاهوت للناسوت وما للناسوت للاهوت.
فبحلول اللاهوت في الناسوت، ظهور اللَّه في الجسد، صيروة الكلمة جسدًا، إتِّخاذ صورة اللَّه لصورةِ العبد، إتَّحَدَ اللاهوت بالناسوت منذ اللحظة الأولي للتجسُّد في رحم العذراء، مثل إتّحاد الحديد بالنار، هذا الاتحاد الذي تتخلَّل فيه النار وتتغلغل في كلِّ ذرَّات الحديد، ومثل اتحاد الروح بالجسد، في الإنسان، وتغلغُلها وتخلُّلها لكلِّ ذرَّات الجسد، في شخصٍ واحدٍ، هكذا وُلِدَ المسيح من العذراء كالمسيح الواحد والأقنوم والواحد هو الإله المتجسِّد، بطبيعة واحدةمتحدة من طبيعتين بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير، وبغير إنفصال أو إفتراق. إله حقّ، كامل في لاهوته، وإنسان حقّ، كامل في ناسوته، الإله المتجسِّد.
ومن ثمَّ كان يبدو ويتكلَّم ويتصرَّف ويعمل كإلهٍ ويؤكِّد أنَّه يعمل كلّ ما يعمله اللَّه الآب من أعمال وعلي رأس هذه الأعمال الخلق ” لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ (اللَّه الآب) فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ” (يو5/19)، كما كان يبدو ويتكلَّم ويتصرَّف ويعمل أيضًا كإنسانٍ في نفس الوقت. بل أنَّ شخصه حيَّر كلّ من تعاملوا معه حتي كان سؤالهم الدائم هو ” أَيُّ إِنْسَانٍ هَذَا!” (مت8/27)، “وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضاً وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!». ” (مر4/41)، ولمَّا سُئِل هو هذا السؤال ” مَنْ أَنْتَ؟ ” كانت إجابته ” أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضاً بِهِ ” (يو8/25)، ولكن بعد القيامة يقول الكتاب ؛ ” وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التّلاَمِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ إِذْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الرَّبُّ.” (يو21/12).
† هو كلِّيّ الوجود، الموجود في كل زمان، فيؤكِّد أنَّه كائن وموجود مع الآب قبل الخليقة بلا بداية “مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ.” (يو17/5)، والموجود قبل إبراهيم ” قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ” (يو8/58)، بل والموجود قبل الدهوربلا بداية وبلا نهاية ” أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ” (رؤ22/13)، كما تكلَّم عنه الكتاب كإنسانٍ له بداية هي ميلاده من مريم العذراء المولود منها و” ثَمَرَةُ بَطْنِكِ” (لو1/42)، “وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ،” (غل4/4)، وقالوا عنه ” أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ” (مر6/3)، وقالوا عنه أيضًا ” مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ الرِّيَاحَ أَيْضاً وَالْمَاءَ فَتُطِيعُهُ!” (لو8/25)، ” مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضاً وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!” (مر4/41).
† وتكلَّم عن نفسه ككلِّيّ الوجود، الموجود في كلِّ مكانٍ، في السماء وعلي الأرض في آنٍ واحدٍ، قال لنيقوديموس أحد رؤساء اليهود ” لَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.” (يو3/13)، مؤكِّدًا أنَّه كان دائمًا في السماء كما قال للجموع “أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. ” (يو8/23)، وقال يوحنّا المعمدان، عنه، بالروح ” اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ” (يو3/31). وكرَّر هو عبارة ” نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ”، ووصف نفسه ب ” خُبْزَ اللَّهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ” (يو6/33)،
وقال ” لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي.” (يو6/38)، ” فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ قَالَ: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ». وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هَذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟» ” (يو6/41-42).
لقد نزل الربُّ يسوع المسيح من السماءِ، التي كان فيها دائما بلا بداية، ومع ذلك يؤكِّد أنَّه لا يزال وسيظلّ فيها دائمًا بلا نهاية. كان يكلِّمهم وهو محدود بالجسد في مكانٍ محدَّدٍ وزمانٍ محدَّدٍ وفي نفس الوقت يُؤكِّد أنَّه كائنٌ وموجودٌ في السماء ” ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.”، كما أنَّه موجودٌ في كلِّ مكانٍ ولا يخلو منه مكان أو زمان كما أكَّد ذلك لتلاميذه عندما قال لهم ” لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ” (مت18/20). وعند صعوده قال لهم ؛ ” فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». ” (مت28/19-20). وبعد صعوده يقول الكتاب ” وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ.” (مر16/20).
كان يكلِّم نيقوديموس في مكانٍ محددٍ علي الأرض ومن خلال ناسوته المحدود بالمكان أيضًا، ومع ذلك يؤكِّد أنَّه موجود في نفس الوقت في السماء كما يؤكِّد لتلاميذه أنِّه موجود معهم بالجسد. كما قال لهم أيضاً ” أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً يَسِيراً بَعْدُ ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي.” (يو7/33)، ” أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً ” (يو14/2)، ” أَنَا مَاضٍ إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي” (يو16/5)، “خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ وَأَيْضاً أَتْرُكُ الْعَالَمَ وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ” (يو16/28).
كان موجودًا بالجسد في مكانٍ محدودٍ وزمانٍ مُعَيَّنٍ ولكنَّه بلاهوته ظلَّ كما هو موجود في كلِّ مكانٍ وزمانٍ بدون تغيير أو تحوُّل ” يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.” (عب 13/8).
† كان يتكلَّم كربِّ إبراهيم وإلهه وكنسل إبراهيم في آنٍ واحدٍ فيقول “أَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ.” (يو8/40)، ثمَّ يقول في نفس الحديث ” قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ ” (يو8/58). وقال أنَّه ابن داود ورب داود في آنٍ واحدٍ عندما سأل رؤساء اليهود قائلا ” مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ».قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» “(مت 22/4245)
كما أكَّد أنَّه هو ” أَصْلُ دَاوُدَ” (رؤ5/5)، وفي نفس الوقت هو ذريته ” أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ” (رؤ22/16).
† هو نسل إسرائيل بالجسد وإله إسرائيل بلاهوته، يقول الروح القدس بلسان أشعياء النبيّ ” لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا(نحن، أي بنو إسرائيل) وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ.”(اش9/6)، ويقول القدِّيس بولس بالروح ” وَلَهُمُ الآبَاءُ(بنو إسرائيل) وَمِنْهُمُ (بنو إسرائيل) الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهاً مُبَارَكاً إِلَى الأَبَدِ” (رو9/5).
† هو الإله كلِّيّ القدرة خالق الكَوْن ومُحَرِّكه ومُدَبِّره ” كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ” (يو1/3)، ” فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً امْ سِيَادَاتٍ امْ رِيَاسَاتٍ امْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. ” (كو1/16)، ” الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ،” (عب1/3).
وهو أيضًا الذي قال عن نفسه ” لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ.لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.” (يو5/19-20)، كما قيل عنه أنَّه ” انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ ” (يو11/33)، ” فَانْزَعَجَ يَسُوعُ أَيْضاً فِي نَفْسِهِ” (يو11/38)، “اضْطَرَبَ بِالرُّوحِ ” (يو13/21)، ” فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ جَلَسَ هَكَذَا عَلَى الْبِئْرِ” (يو4/6). ” وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ. فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ! ” (مر14/33-34).
† هو ابن الله الوحيد الجنس الذي في حضن الآب ومن ذات الآب (يو1/18)، الذي له السلطان علي كلِّ ما في السماء وعلي الأرض، كل ما في الكون “فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ” (مت28/18)، وفي نفس الوقت هو ابن الإنسان الذي قال عن نفسه ” لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ” (مت8/20).
† هو ملك الملوك ورب الأرباب كإله ” لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ” (رؤ17/14)، ” وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ».” (رؤ19/16)، والذي تخضع له كلّ الخليقة ” تَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.” (دا7/14)، ” لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ” (في2/10). وهو أيضًا الذي دفع الضريبة كإنسان (مت17/27) ووقف يُحاكم أمامالولاة الرومان، بيلاطس وهيرودس (لو23/11-12)، كإنسان، وذلك علي الرغم من أنَّه لم يُخْفِ ملكوته هذا عندما قال لبيلاطس ” مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا الْعَالَمِ لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا” (يو18/36)، وحُكِمَ عليه بالموت بناء علي رغبة رؤساء اليهود وحُكْم الرومان.
† هو الحيّ الذي لا يموت كإله، الذي له الحياة في ذاته ومُعطي الحياة ” فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ ” (يو1/4)، ” إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ.” (يو14/19)، ” كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ” (يو6/57)، ” وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ.” (رؤ1/18)، والذي مات كإنسان ” وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.” (لو23/46). ولكنَّه مات بإرادته كالإله المتجسِّد ” لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً. هَذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي” (يو10/17-18).
† هو ربُّ الناموس ومُعطي الناموس والشريعة كإله:
” قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى إمْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ…. وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ إمْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ إمْرَأَتَهُ إِلاَّ لِعِلَّةِ اَلْزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي…. أَيْضاً سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ…. سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا اَلشَّرَّ ” (مت5/27-39).
وهو أيضًا المولود تحت الناموس كإنسان ” وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ،” (غل4/4)، والذي تمَّم الناموس ” وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ. وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا (مريم العذراء) حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ ” (لو2/21-22).
† هو الواحد مع الآب في الجوهر، الذي من ذات الآب وفي ذات الآب بحسب لاهوته ؛ ” اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.” (يو1/18) ” أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” (يو10/30)، “أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ000 صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ ” (يو14/10-11)، وفي نفس الوقت كان خاضعًا للآب بحسب ناسوته فيقول:
” يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ ” (مت26/39). كما قال عن خضوعه كالابن للآب ” وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ ” (يو8/29)، ” وَلَكِنْ لِيَفْهَمَ الْعَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هَكَذَا أَفْعَلُ. ” (يو14/31).
† هو رب الطبيعة والذي تخضع له كل عناصر الطبيعة فقد حول الماءإلي خمر (يو2/1-10). ومشي علي مياه البحر الهائج (مت14/25؛مر6/49؛يو6/19) ” فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ. ابْكَمْ». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ000فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضاً وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!” (مر4/39 و 41). ومع ذلك فقد مات كإنسان علي الصليب بحسب الطبيعة البشرية التي له، وفي لحظة موته أعلنت الطبيعة احتجاجها عندما رأت خالقها يموت علي الصليب بالجسد ” وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ” (لو23/45)، ” وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ. وَأَمَّا قَائِدُ الْمِئَةِ وَالَّذِينَ مَعَهُ يَحْرُسُونَ يَسُوعَ فَلَمَّا رَأَوُا الزَّلْزَلَةَ وَمَا كَانَ خَافُوا جِدّاً وَقَالُوا: «حَقّاً كَانَ هَذَا ابْنَ اللَّهِ».”(مت27/51-54).
† قال القديس يوحنا الإنجيليّ بالروح ” هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ”(يو3/16). وقال القديس بولس بالروح ” لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ.” (رو5/10). وفي كلتا الحالتين يقول الكتاب أنَّ ابن اللَّه، بذل ذاته علي الصليب، الابن هو اللَّه الكلمة، الذي هو واحد مع الآب في الجوهر، والآب والابن واحد ” أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ ” إله واحد، الآب هو اللَّه والابن هو اللَّه وطبعًا الذي مات علي الصليب هو المسيح، كإنسان، بناسوته، يقول الكتاب: ” مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ ” (1بط3/18)، ” تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ ” (1بط4/1)، ومع ذلك قال أنَّ الذي بذل ذاته ومات هو ابن اللَّه الوحيد دون تفرقة بين اللاهوت والناسوت أي نسب ما للناسوت للاهوت لوحدانية المسيح الواحد.
† وكما قال الكتاب أنَّ ابن اللَّه بذل ذاته ومات قال أنَّ ربّ المجد قد صُلب ” لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ.” (1كو2/8)، وأنَّ اللَّه سُفِكَ دمه علي الصليب ” اِحْتَرِزُوا اذاً لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ.” (أع20/28). قال أيضًا أنَّ اِبن الإنسان هو الربّ والديان وغافر الخطايا كما أنَّه الحيّ والذي له الحياة في ذاته، بل في معظم المرَّات التي ذُكِرَ فيها لقب ” ابن الإنسان ” كان يظهر مرتبطًا بصفة من صفات اللاهوت.
† بدأ القدِّيس متى الإنجيل الذي دوَّنه بالروح القدس قائلا ” كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ” (مت1/1)، وبدأ القديس مرقس الإنجيل الذي دوَّنه بالروح قائلاً ” بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللَّهِ” (مر1/1). وكلاهما كانا يتكلَّمان عن مسيحٍ واحدٍ هو اِبن اللَّه واِبن الإنسان، وكلاهما نقلا عن السيِّد المسيح تلقيبه لنفسه بهذين اللقبَين مرَّات عديدة وعلي سبيل المثال فقد سجَّل القدِّيس متي لقب ” ابن اللَّه ” حوالي 9 مرات(8)، كما سجَّل القدِّيس مرقس لقب ” ابن الإنسان ” حوالي 14 مرة(9).
† هو الإله كلِّيّ العِلْم، العالم بكلِّ شيءٍ، وفي نفس الوقت الإنسان المحدود في المعرفة والذي يبدو وكأنَّه يجهل بعض الأمور “، يقول الكتاب عن معرفة المسيح المطلقة ” لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْجَمِيعَ” (يو2/24)
” لأَنَّهُ عَلِمَ مَا كَانَ فِي الإِنْسَانِ.” (يو2/25)، ويقول عنه الكتاب أيضًا ” الْمَسِيحِ، الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ.” (كو2/2-3). كما يقول الكتاب عنه أيضًا ” يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.” (عب8/13)، أي غير المتغيِّر، ومع ذلك فكإنسان يقول عنه الكتاب ” وَيَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.” (اش11/2). وبدا في بعض الأحيان وكأنَّه يجهل بعض الأمور مثل المكان الذي دُفن فيه لعازر ” وَقَالَ: «أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟» قَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ تَعَالَ وَانْظُرْ» ” (يو11/34)، كما بدا وكأنَّه يجهل اليوم والساعة الذي سينتهي فيه العالم، عندما قال لتلاميذه ” وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ.” (مر13/32)، ” فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ” (أع1/7).
† ولأنَّه الإله المتجسِّد، الكامل في لاهوته والكامل في ناسوته، المسيح الواحد والربّ الواحد، فقد كان يعمل المعجزات بقوَّته الذاتيَّة، النابعة من ذاته، سواء بكلمة الأمر منه كما في كل الحالات التي أقام فيها الموتى ” يَا صَبِيَّةُ لَكِ أَقُولُ قُومِي” (مر5/41)، ” لِعَازَرُ هَلُمَّ خَارِجاً” (يو11/43)، ” أَيُّهَا الشَّابُّ لَكَ أَقُولُ قُمْ ” (لو7/14)، وتحويل الماء إلي خمر ” امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً000 اسْتَقُوا الآنَ ” (يو2/7-8)،
وانتهار البحر والرياح ” فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ. ابْكَمْ». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. 000 فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «مَنْ هُوَ هَذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضاً وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!» ” (مر4/39-41)، أو بلمسه للمريض أو لمس المريض له في شفاء المرضي، يقول الكتاب ” وَكُلُّ الْجَمْعِ طَلَبُوا أَنْ يَلْمِسُوهُ لأَنَّ قُوَّةً كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَشْفِي الْجَمِيعَ.” (لو6/19)، ” وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ فَقَطْ. فَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ. ” (مت14/36)، ” وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا وَلَوْ هُدْبَ ثَوْبِهِ. وَكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفِيَ!” (مر6/56)، ” فَجَمِيعُ الَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا الشِّفَاءَ ” (مت14/36).
أخيرًا نختم بما قاله القديس كيرلس عامود الدين ” لأنَّ اللَّه الكلمة اتَّحَدَ بالإنسانيَّة بطريقة لا يُنطق بها، ولكنَّه أبقي علي خواص الناسوت علي النحو الذي نعرفه، وهو نفسه لم يفقد خواص اللاهوت عندما اتَّحَدَ به (بالناسوت) بل جعله واحدًا معه، وجعل خواص (الناسوت) خواصه. بل هو نفسه قام بكل أعمال اللاهوت فيه (في الناسوت)”(10).
_______________________
(1) أنظر كتبنا ” إذا كان المسيح إلهاً فكيف حبل به وولد (التجسد الإلهي) ” و ” هل المسيح إله أم إنسان مثل آدم خُلق من تراب؟ “.
(2) أنظر كتابنا ” إذا كان المسيح إلهاً فكيف تألم ومات؟ “.
(3) أنظر كتبنا ” هل المسيح هو الله أم ابن الله أم هو بشر ” و ” ما الفرق بين المسيح والأنبياء ومن هو الأعظم ” و ” هل قال المسيح أني أنا ربكم فاعبدوني؟ “.
(4) Marvin R. Vencent’s Word Study in the New Testament Vol. 3 P. 431
(5) Frank A. Gaebelein the Expositors Bible Commentary Vol. 11 P. 123
(6) Vencent’s Vol. 3 P. 431.
(7) New International Version
(8) مت3: 4،6؛29: 8؛33: 14؛16: 16؛63: 26؛40: 27،43،45.
(9) مر10: 2،28،31،38؛9: 9،12،31؛33: 10،45؛26: 26؛14: 21،41،16
(10) شرح تجسد ص 20 و21.