أثر الفلسفة اليونانية على علم الكلام الإسلامي
حلَّ علينا الأخ محمد شاهين الشهير بالتاعب بفيديو على قناته ”الدعوة الإسلامية“ بعنوان ”دور الفلسفات اليونانية في تكوين العقيدة المسيحية“ ويحاول في هذه الفيديو إثبات فكرة مغلوطة مفادها إن المسيحية لا تعلم عقيدة مستقلة، بل هي مستمدة كلها من أفكار فلسفية سابقة، في مقابل الديانة الإسلامية حيث يقول في الدقيقة 32 ”المسلمين لو أنت عزلتهم عن العالم، واديتلهم مصادر التشريع الرئيسية، القرآن والسنة، هيطلعوا منها عقائدهم وتصوراتهم“.
بالطبع يبدو أن شاهين لا يفهم، أو يكذب لأن متابعيه لن يراجعوا كلامه.. فلننظر يا صديقي الأخ محمد شاهين لمصادر التشريع نفسها، وأهمها القرآن، وما هو أصل محتواه. فإذا درسنا القرآن سنجد أن محتواه مستمد من كتب سابقة ومنها.. على سبيل المثال وليس الحصر:
- قصص العهد القديم (من آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى وشعب بني إسرائيل، ويوسف… إلخ)
- قصص العهد الجديد (عن بعض تفاصيل حياة السيد المسيح وتلاميذه)
- قصص من الكتب المنحولة التي رفضتها الكنيسة (الأبوكريفا)، فورد منها في القرآن تفاصيل تختص بطفولة السيد المسيح مثل نفخه في الطين ليتحول طيرًا مثلاً.
- قصص من تاريخ الكنيسة مثل قصة أهل الكهف، والتي ذكرت عند يعقوب السروجي وهو من آباء الكنيسة السريانية القرن الخامس/ السادس.
- تحريم لحم الخنزير وارد في سفر اللاويين الأصحاح 11.
وبالطبع إذا لجأ أئمة المساجد بإيهام الناس بأن تفسير ذلك أن الدين هو عند الله الإسلام، وأن الإسلام هو دين كل الأنبياء، فإنهم يخدعون الناس بما يُعرف بمغالطة الالتباس equivocation لأن الإسلام المقصود هنا هو ”التسليم لله سبحانه وتعالى“، وهو معنى مقبول في كل من اليهودية والمسيحية، وليس الإسلام الشريعة النازلة على نبي الإسلام محمد. فقبل القرن السابع، لم يكن يعرف أي أحد النبي المنتظر محمد، والآباء إبراهيم ويعقوب وموسى ومن أتوا بعده كانوا يعبدون يهوه والأنبياء الذين يعرفونهم مثل موسى.. ولم يكونوا يقولون بمحمد على الإطلاق.. وبالتالي إسلامهم هو شيء آخر غير الإسلام الذي تُنادي به المآذن اليوم.
نرجع إلى الموضوع الأول.. وهو علاقة الفلسفة بالدين الإسلامي. من إفلاس المدافعين المسلمين على السوشيال ميديا اليوم هو لجوئهم إلى أي شيء من شأنه أن يُحدث تشويشًا لدى البسطاء من المسيحيين، لكنهم ليس لديهم الوقت للبحث في عقيدتهم نفسها.. وأنا أقول لهم: ادرسوا دينكم جيدًا قبل أن تهاجموا أديان الآخرين.
في كتاب ”أثر الفلسفة اليونانية على علم الكلام الإسلامي“ يقول الكاتب محمد محمود عيد نفيسة ما يلي:
- في صفحة 41، القاضي عبد الجبار يقول إن بعض المتكلمين أخذوا قول المانوية في الأعراض.
- في صفحة 43: الجاحظ يقول إن العالم هو من يجمع الدين والفلسفة.
- في صفحة 46 يُشار إلى أن أثر الفلسفة الرواقية على المتكلمين -المعتزلة والأشاعرة- بلغ حدًا مساويًا لأثر المشائية والأفلاطونية إن لم يكن أبلغ. (وليس أبلغ من تأثر الأشاعرة بالرواقية هو الحديث عن نوعين من الكلام الإلهي: الكلام النفسي الباطني الأزلي، والكلام الملفوظ الزمني المخلوق، وهي تقسيمة رواقية استخدمها من قَبل آباء الكنيسة).
- في صفحة 47 :
- وفي صفحة 92:
- وفي صفحة 96 قول بعض المتكلمين بالجوهر الفرد مأخوذ من الفلسفة.. وانتقل إلى الأشعرية والماتريدية وأخذ بها جمهور المتكلمين.
- وفي صفحة 97 حتى إنكار الغزالي للجوهر الفرد .. أخذه من مدارس فلسفية أخرى.
- وفي صفحة 317 حتى أدلة وجود الله استفاد المتكلمين من الفلاسفة اليونانية.. وفي الكلام عن نفي أزلية الكون استفادوا من يحيى (يوحنا) النحوي الفيسلوف المسيحي (انظر أيضًا ص 322)
- وفي صفحة 355 استفاد كل من المسيحيين والمسلمين من نص محاورة طيماوس لأفلاطون عن فكرة حدوث الكون.
- وفي صفحة 367 حتى مسألة الإيمان الفطري كانت موجودة عند الفلاسفة.
- وفي صفحة 407 عن الصفات الإلهية.. اقرأ الآتي:
ويعوزنا الوقت لنتحدث عن التجسيم عند ابن تيميه وتأثره بالرواقيين.. فأرجو من الأخوة المسلمين مدافعي السوشيال ميديا اليوم أن يطبقوا الشبهة أولاً على عقيدتهم.. فلا يصح أن ندافع عن الحق بطريقة عشوائية.. على أساس المثل القائل: العيار اللي ميصبش يدوش.. لأن الله اسمه الحق.