اين في كتب الانبياء دعي المسيح ناصريا؟
ورد في إنجيل متى2: 23 وأتى وسكن في مدينة يُقال لها ناصرة، لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيُدعَى ناصريًا، فأين في كتب الأنبياء دعيَّ المسيح ناصريًا؟
كان يُشار إلى المسيحيين بحسب ما جاء في سفر الاعمال بأنهم ناصريين كنوع من الإزدراء (أع 5: 24)، ففي القرن الاولي كان المسيحيين القارئين لانجيل متى الذين ذاقوا انواعًا من الإحتقار والسخرية، كان في إستطاعتهم ان يفهموا سريعًا قصد ق. متى هُنا. فهو لم يقل انه يوجد نبي من انبياء العهد القديم قال ذلك حرفيًا ان المسيح سوف يعيش في الناصرة! لكنه يقول ان انبياء العهد القديم تنبأوا ان المسيا سيكون مرزول ومُحتقر (انظر: مز 22: 6- 8، 69: 8، 20- 21، اش 1: 1، 49: 7 ، 53: 2- 3، دا 9: 26). فقد أختار ق. متى موضوع قد تمت إعادته مرارًا وتكرارًا لكي يربطه بموطن المسيح الذي هو ايضًا موطن لكل شخص مُزدري به. فهنا ق. متى يعطينا فحوي مجموعة نصوص من العهد القديم وليس نص واحد صريح عن الامر[1].
لقد اورد القديس متى 11 نبوة تحققت في المسيح (انظر 1: 23، 2: 15، 2: 18، 2: 23، 3: 3، 4: 15، 8: 17، 12: 8- 21، 13: 35، 21: 5، 27: 9)، كلها اتت بها كلمة الانبياء بصيغة المُفرد، عدا هذه الاية التي ندرسها الآن هي الوحيدة التي استخدم فيها صيغة الجمع[2]. فصيغة الجمع هذه معناها ان هذا النص ليس حرفيًا، بل هو شهادات متواصلة تتخللل اسفار الانبياء عن المسيا المُحتقر، لخصها ق. متى بقوله (سيُدعي ناصريًا).
فعندما يقول القديس متى لفظ (الانبياء) وليس (النبي)، فهو لا يقصد نبي مُحدد، ولكن فحوي نبوات الانبياء الذين تحدثوا ان المسيا سيكون مُحتقر، ذلك لان الناصرة كانت مقر الحامية الرومانية للمانطق الشمالية من الجليل، ولذلك نظر اليهود إلى سُكانها على أنهم مجموعة من المتنازلين المُتعاملين مع الاعداء[3]. فكان قادة اليهود دائمي السؤال: امن الناصرة[4] يخرج شئ صالح؟ (يو1: 46)، لكن ق. متى رد على اعتراضهم بأن أظهر المعني الإلهي في إختيار الناصرة كموطن للمسيح. فكان ق. متى دائمًا ما يجاوب اليهود على إعتراضاتهم من ثقافتهم الخاصة[5] (اي من العهد القديم وتعاليم الرابيين).
ولذلك يكتب ق. جيروم:
لو وجدت هذه الاية في الكتاب المقدس، لما قال: لانه قيل بلسان االانبياء. بل لقال صراحة : لانه قيل بلسان النبي. والآن، بكلامه العام على الانبياء بعامة، أظهر انه لم يأخذ الكلام حرفيًا، بل استعمل المعني العام للكتاب المقدس[6].
[1] D. A. Carson, “Matthew” In , in The Expositor’s Bible Commentary, Volume 8: Matthew, Mark, Luke, ed. Frank E. Gaebelein (Grand Rapids, MI: Zondervan Publishing House, 1984), 97.
[2] الراهب رافائيل البراموسي، شعبي لا يفهم، ص 50
[3] John F. Walvoord, Roy B. Zuck and Dallas Theological Seminary, The Bible Knowledge Commentary : An Exposition of the Scriptures (Wheaton, IL: Victor Books, 1983-c1985), 2:23-24… see also: R. T. France, vol. 1, Matthew: An Introduction and Commentary, Tyndale New Testament Commentaries (Nottingham, England: Inter-Varsity Press, 1985), p. 93.
[4] يتيمز القديس متى بإستخدام هذا الشكل دائمًا عن كلمة الناصرة او ناصري (Ναζωραῖος)، بينما يستخدم كلٍ من مرقس ولوقا هذا الشكل: (Ναζαρηνός)
Donald A. Hagner, vol. 33A, Word Biblical Commentary : Matthew 1-13, Word Biblical Commentary (Dallas: Word, Incorporated, 2002), p. 40.
[5] Craig S. Keener, vol. 1, Matthew, The IVP New Testament commentary series (Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press, 1997), Mt 2:23.
[6] Commentary on Matthew 1.2.23.