Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

الاباء الرسوليون – مختصر تاريخ الكنيسة القرن الثاني ج3

الاباء الرسوليون – مختصر تاريخ الكنيسة القرن الثاني ج3

 

الاباء الرسوليون – مختصر تاريخ الكنيسة القرن الثاني ج3

 

هذا الاسم ”الآباء الرسوليّون“ يُطلق على مجموعة من الكُتَّاب والكتابات التي تلت أخر أسفار العهد الجديد، أي هيَ أقدم كتابات وصلت إلينا بعد نصوص العهد الجديد.[1] هذه النصوص بالرغم من كونها كتابات غير قانونيّة، إلَّا إنّها تُعتبر كنزًا ثمينًا للمُهتمين بدراسة المسيحيّة المُبكرة.[2]

الآباء الرسوليّون هُم سبعة كُتَّاب كنسيّين: (كليمندس الرومانيّ، أغناطيوس الأنطاكيّ، بوليكاربوس أسقف سميرنا، هرماس، بابياس، ديوجينوس، ورسالة برنابا). رسالة الراعي لهرماس ورسالة برنابا ينتميان من حيث الشكل والموضوع إلى الأدب الرؤيويّ، بينما رسالة ديوجينتوس يغلب عليها الطابع الدفاعي وهيَ أقرب لكتابات الآباء المُدافعين، (يوستينوس، وأثيناغوراس، أرستيدس الأثيني، تاتيان السوري… وغيرهم).

بينما نجد رسائل ”كليمندس وأغناطيوس وبوليكاربوس“ أقرب ما يكون للرسائل الرعوية الرسوليّة في العهد الجديد من حيث الأسلوب. وقد أُضيف إلى هذه اللائحة مؤخرًا كتابيّ الديداخي، وتسابيح سُليمان.

من السمات الغالبة على هذه الكتابات هو اهتمّامها بأحوال الكنيسة وشئونها الداخليّة، والتأكيد على الوحدة تحت ظِلّ الإفخارستيّا التي يقودها إمام (الأسقف) ذاك الذي هو بمثابة الرأس للرعيّة ويجب أن يتحدوا معه. وقد كانت لهذه الكتابات تقديرًا كبيرًا في الكنيسة الأولى، حتّى أنّ مخطوطات الكتاب المُقدّس كانت تُلحق بها هذه الكتابات، رُبّما لقراءتها في الخدمات الليتورجيّة.

فتتسم كتابات الآباء الرسوليّين بسمات الرعاية، أمّا من جهة أسلوبها ومحتوياتها فإنّها تشبه كثيرًا كتابات العهد الجديد وخاصة رسائل الرسل. لذلك، يُمكن اعتبارها نقطة الوصل بين زمن الرؤيا وزمن التقليد، وشاهدًا هامًا للإيمان المسيحيّ الأوّل. وينتمي المؤلفون إلى بقاع خاصة، ومع ذلك فإنّهم يُمثلون عالمًا موحدًا في الآراء التي تعطينا صورة للعقيدة المسيحيّة خلال هذه الحقبة.

وتتشابه كلّ هذه الكتابات في سماها الإسخاتولوجيّة، فمجيء المسيح وشيك الوقوع. ومن الناحية الأُخرى، مازال شخص المسيح يُذكر في جلال وبهاء بسبب العلاقة المُباشرة التي كانت بين الكُتَّاب والرسل.

لم يقصد الآباء الرسوليّين أن يُقدّموا أي شرح علميّ للإيمان المسيحيّ، فكتاباتهم كانت تتضمن منطوقات مألوفة أكثر من كونها تحديدات لاهوتيّة عقائديّة. لكنّ، الكتابات عمومًا تُقدّم عقيدة واحدة عن طبيعة شخص المسيح، فالمسيح بالنسبة لهم هو ابن الله الذي هو موجود قبل الدهور والذي تجسد من أجل خلاصنا، وهو من اشترك مع الأقنومين الأخرين وفي خلقة العالم.

يؤثر على كتابات الآباء الرسوليّين قربهم الشديد من الرسل ومن عصر المسيح، والبُعد الإسخاتولوجيّ أو الأخرويّ هو الطابع المميز لتلك الكتابات، إذ كانت اشتياقاتهم تُحرِّك فكرهم وكيانهم نحو مجيء المسيح، ذلك الذي كانوا ينتظرونه أن يحدث وشيكًا جدًّا في أيامهم.

وهذه الكتابات ليست شرحًا نظاميًّا للعقيدة المسيحيّة، لكنّ، في ذات الوقت، فإنّنا نجد الإيمان المسيحيّ مُثبتًا داخلها من خلال تلك التعبيرات العرضيّة التي كتبوها بعفويّة غير مُتكلِّفة بمقاييس ومُصطلحات العقيدة التي صيغت مُصطلحاتها بعدهم بعدة قرون في مجمع نيقية.

لكنّ، برغم أنّ تعبيراتهم غير مُتخصّصة في تقديم التعاليم الثالوثيّة، رُبّما يرجع ذلك إلى أنّ الهرطقات ضد الثالوث القدّوس لم تكن قد ظهرت في حيز الوجود بعد في أيامهم. إلَّا إنّهم قد أوضحوا بجلاء أنّ إيمانهم ورجاؤهم وحبّهم مؤسّس على الآب والابن والروح القدس.

[1] Tony Lane, A Concise History of Christian Thought, Rev. Ed. of: Harper’s Concise Book of Christian Faith., Completely Revised and Expanded Edition (Grand Rapids, MI: Baker Academic, 2006), 8.

[2] Bart D. Eherman, ed., tran., The Apostolic Fathers (London: Harvard University Press, 2003), I.

 

الاباء الرسوليون – مختصر تاريخ الكنيسة القرن الثاني ج3

Exit mobile version