أبحاث

صراع العلم والدين في القرون الوسطى

صراع العلم والدين في القرون الوسطى

صراع العلم والدين في القرون الوسطى

 

صراع العلم والدين في القرون الوسطى
صراع العلم والدين في القرون الوسطى

 

فعليًا مكانش بين العلم والدين، لكن كان بين العلم والتعاليم اللاهوتية المبنية على أساسات غلط..

تليسكوب جاليليو كان هو اللي فنِّد نهائيًا تفسير: ” قُولُوا بَيْنَ الأُمَمِ: “الرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. أَيْضًا تَثَبَّتَتِ الْمَسْكُونَةُ فَلاَ تَتَزَعْزَعُ” (مز96: 10) على إنه نص كتابي بيثبت ثبات الأرض وعدم دورانها، وقتها، تحقق العالم، بإن علم الفلك الجديد انقص من قدر المُفسرين وحدهم، لا الكتاب المُقدس (G. Salmon, The Infallibility of the Church, pp. 230ff).

فالاعتراضات الناتجة عن المفسرين دول مكانتش نتاج خطأ في نصوص الكتاب المُقدس، بقدر ما كانت خطأ في عقولهم اللي كان عندها قِصر نظر مُزمن وضعف شديد في الفكر والتدليل، وفوق كل ده هي مُناقضة للكلمات الحكيمة والعملية لمنهج مؤسسي المسيحية. والغريبة إن كتير من الجاهلين بينسبوا الأحداث دي لنزعة الدين نفسه!

واحد من اللاهوتيين الأنجليكان وصف المشهد ده بشكل ممتاز، لما قال: ” إنَّ هؤلاء اللاهوتيون أخفقوا في التمييز بين الفجر وبين الضوء المُنبعث عن حريقة امتدّ لهبها، فانصرفوا وهم أعداء النور”

(Balmes’s Le Protesiantisme compare an Catholicisme, Paris, 1855, vol. ii

نفس الرأي بيقول بيه رئيس أساقفة سبولدينج في كتابه:

(L’Epinois, Galilee, pp.22.)

في الحقيقة آباء الكنيسة مكانش بيهمهم أبدًا الدخول في المواضيع دي، وكانوا بيعتبروها جهد بائد ملوش قيمة بالنسبة للمُعلِم الكنسي، لإن مش دوره إنه يدرس للناس العلوم،
فبيكتب يوسابيوس القيصري:

“إننا لا يجب أن نُفكر في مثل هذه الأشياء، لا لأننا نجهلها، بل لأننا نزدري عملاً تذهب نتائجه سُدى، لذا يجب أن نوّجه أرواحنا في سبيل أتم نفعًا وأسرع انتاجًا”.
والقديس باسليوس الكبير كمان بيقول:

“إنه لمن أتفه الأشياء أن نعرف إن كانت الأرض كرة أو اسطوانة أو قرص، أو أنها مُقعرة الوسط”.
ونفس الكلام دا اتقال من يوحنا ذهبي الفم وإفرام السرياني، ولاكتانتيوس وغيرهم:

للمزيد راجع الشواهد دي من كتابات الآباء:

(For Eusebius, see; the Prcep. Ev., xv, 61. For Basil, see; the Hexameron Hom. ix. For Lactantius, see; his Inst. Div., lib. iii, cap. 3)

كمان بنلاقي نفس الفكر الآبائي دا عند لاهوتيين معاصرين، فبيكتب الأب متى المسكين:قد تكرّرت في الأصحاح الأوّل كلمة “فكان” 6 مرات كتتميم للأمر “فليكن”. ولكن لم يذكر كيف تمّ أو ما هي عملية التكوين. هذا أمر قد ترك للعلم فهو المختصّ بالأمور والظواهر الماديّة. (الأب متّى المسكين، النبوة والأنبياء في العهد القديم، ص 50).

وتلميذه الأب باسليوس المقاري:
من المستحيل عمل مقارنة بين الاكتشافات العلمية الحديثة وبين اعلان الوحي الالهي في الكتاب المقدس، كما يحاول ذلك بعض اصحاب العقليات الساذجة، متصورين ان كاتب سفر التكوين كان يكتب مقالة في علم الجيولوجيا او علم الحياة في العصور الجيولوجية القديمة.

فالحق المُعلن في الكتاب المقدس ليس مثل الحقائق النسبية التي يدرسها العلم او يكتشفها بين الحين والآخر.. بينما العلم يدرس الظاهرات العابرة والمتناثرة، يرقي ويسمو الوحي الإلهي فوق الزمان والمكان نحو الله. (ايماننا المسيحي، الجزء الاول، للراهب باسيليوس المقاري، ص 45).

واللاهوتي الأرثوذكسي ليف جيليه يقول:
الكتاب المقدس لا يدّعي تقديم سرد علميّ للخلق، بل يعبّر برموز ولا يبغى سوى التأكيد على أنّ كلّ ما هو موجود إنما يدين بكيانه لله، فالخليقة لا تملك الكيان، إنّها تحصل عليه، في حين انّ الله هو الكيان، إنّه يمنحه. إنّ نتائج العلوم ونظرية التطور، لا تناقضان في شيء جوهر الروايات الكتابيّة.

فإلانسان الذي خلقه الله كان يشبه خالقه إلى حد ما، وكان معدًّا -وهو الذي يتمتع بالذكاء والحرّيّة- لأن يحب خالقه ويطيعه ويبقى معه. (الأرشمندريت ليف جيليه (راهب من الكنيسة الشرقيّة)، أبانا، مدخل إلى الإيمان والحياة المسيحيّة، ص 12، 13).

وبيوصف مشهد صراع القرون الوسطى دا، وإنه مش من نتاج الدين نفسه، لكن من بعض رجاله، وبيقول العلاَّمة أندور وايت (لا أدري):

“إنَّ النظريات اللاهوتية قد تحطمت وذهبت بددًا وأجزاءًا في أواخر القرن الثامن عشر، أمّا عُقلاء اللاهوتيين فقد تريثوا مُتلبثين، أمّا الحمقى منهم فقد نزعوا إلى الإنذار والتهديد ليقتلعوا جذور الإنكار والكفر، وأنكروا العلم مُعلنين أن الأناجيل صحيحة، في حين أنهم لم يعنوا بقولهم هذا سوى أن الفهم المحدود الذي فهموا به الأناجيل، والذي ورثوه عمن سبقوهم، هو الصحيح”

(Andrew Dickson White, A History of the Warfare of Science with Theology in Christendom (Cambridge Library Collection – Religion), Vol. 1, P. 48.).

دا كمان رأي المُطران إيريثيئوس فلاخوس، وهو اللاهوتي الأرثوذكسي المُعاصر، وواحد من اللي لهم باع كبير في إرساء التعاليم الآبائية في عصرنا الحاضر، بيقول:

“يصبح اللاهوت دهرياً عندما يرفض جوهره الذي هو قيادة الإنسان إلى التطهر والاستنارة والتمجيد، أي عندما يخسر توجهه الأخروي، وعندما يصبح مؤرّخاً ومجرد جزء من المجتمع. إلى هذا، فاللاهوت يصبح دهرياً عندما يسوده كلياً القلق وعدم الأمان في مواجهة الحجج العلمية بينما هو يستعمل منهجية العلم في التكلم عن الله.

في هذه الحالات، يخلق اللاهوت مشاكل في البحث. بالواقع، يضيّع اللاهوت مهمته إذا لم يكن عنده معطيات وافتراضات أكيدة” (مقال عن الأرثوذكسية والعلم، ترجمه عن اليونانية الأب أنطوان ملكي).

 

صراع العلم والدين في القرون الوسطى