تعافيت بك ف95 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل الخامس والتسعون (الزمن يُعاد)
“مَـــن صَــبــر ظــفــر”
_________________________
_” ياليت ما تريده يريدك وياليت ما تمنيت وجوده في حياتك عليك مفروض، وليس لمقارنتك مفروض، فخير ما تقدمه الأيام للمرء أن يحصل على ما وده، أن ينال ما تمنى ويكون له.
وصلت العائلة بالتتبع خلف بعضهم لقاعة المناسبات والتي قد يتم بها حفل زفاف العروسين، كانت الأجواء مبهجة منذ ركوبهم السيارات وتحركهم على الطريق، حيث السيارات الكثيرة التي تسير خلف بعضها مع اطلاق نغماتٍ عالية من السيارات في تناغمٍ ألهب حماس الجميع حتى وصلوا لقاعة الزفاف وأول سيارة توقفت كانت سيارة” أحمد” الذي نزل يبتسم بفرحةٍ كبرىٰ يريد اخذ الخطوة في اثنتين حتى يراها بفستان الزفاف.
في الداخل انتهت” سلمى” من وضع اللمسات الأخيرة وتم إنهاء تزيينها وتجهيزها حتى تلتقي بزوجها، التفتت لـ” خلود” التي ارتمت عليها تحتضنها وهي تقول بصوتٍ مختنقٍ نتيجةً لفرحتها:
“إيه القمر دا كله؟! زي القمر يا قلب أختك، اللهم صل على النبي”
سألتها” سلمى” بلهفةٍ:
“بجد !! شكلي حلو؟!”
ردت عليها” خلود” بتأثرٍ:
“زي القمر وأحلى كمان يا حبيبة قلبي، أنا زعلي إنك هتسبيني أكتر من زعلي إن أحمد هيمشي”
ابتسمت لها” سلمى” بفرحةٍ وكلتاهما تحتضن الأخرى بنظراتها حتى صعد صوت الزغاريد من فم” سهير” بفرحةٍ تدل على قدوم العريس، حينها توترت” سلمى” و شعرت بالخجل وهي تفرك كفيها معًا فيما غمزت لها” خلود” بعبثٍ.
دلف” أحمد” في تلك اللحظة بضربات قلب تتصارع خلف بعضها من فرط الفرحة والحماس، لم يتخيل أن يرى ما تمناها أمام عينيه بتلك الطَلة الخاطفة، ففي المعتاد من نظرةٍ واحدة تسرق لبهُ وتُشغل عقله وتحتل مراكز قلبه، فكيف إذًا بهيئتها وهي عروس؟! كانت يضرب الخطوة في اثنتين حتى يصل لها وحينما وصل أخيرًا !! لم يجد بُدًا من تشبيه نفسه بالمحارب الذي حصل على غنائم بلدةً ظَفر هو في حربه بها، لتصبح هي خير المكاسب في الدنيا.
انتشرت أصوات الزغاريد والفرحة من خلفه فيما طالعها هو بنظراته يشملها بنظرةٍ هادئة ووجهٍ مُبتسمٍ ويبدو وكأن نجمة من نجوم السماء تقف أمام عينيه فلم يعي لنفسه وهو يقترب منها بلهفةٍ حتى احتضنها بقوةٍ يضغط عليها وهو يقرب جسدها الضئيل من جسده الذي يفرق عنها بطريقةٍ ملحوظة، أما هي فرفعت ذراعيها بتوترٍ تحتضنه حتى همس في أذنها بقوله:
“قبل كدا لما قولت الورد صار في أراضينا، أنا مكدبتش، النهاردة بقى أراضينا بترقص من فرحة دخولك فيها”
لمعت العبرات في عينيها تأثرًا بقوله فابتعد عنها هو يقبل قمة رأسها ثم أشار لها حتى تتمسك بمرفقه وبالفعل فعلت ما طلبه هو حينها خرج بها نحو الخارج وفور خروجهما انتشر صوت الألعاب النارية في الهواء بألوانها الساطعة وكذلك النيران من حولهما ترحيبًا بطلتهما الخاطفة ومع ذلك وجود إحدى الفرق التي تقوم بزفاف العروسين بالخيل والطبول وقد اقترب منه” عامر” يمسك يديه حتى سحبه من جوار العروس وقربه من الخيل وهو يقول بمرحٍ:
“يلا يا بني الخيل مستني من الصبح، تطلع خلينا نشوف باقي الفقرات”
ضحك” أحمد” رغمًا عنه وهو يعتلي الخيل الذي تحرك راقصًا وسط العزف على الطبول والرقصات الشعبية حتى تدخل الشباب جميعهم والرجال أيضًا يرقصون سويًا مع بعضهم يلتفون في دائرةٍ و“أحمد” في المنتصف على الخيل الذي يرقص كما تم تدريبه.
و كذلك وقفت الفتيات مع بعضهن يصفقن ويطلقن أصوات البهجة والتصفيقات والفرحة باديةً على الأوجه كافة، حتى انتهت الموسيقى ونزل” أحمد” من على الخيل فوجد” مُحمد” يقف بجوار ابنته ومع اقتراب” أحمد” منهما ابتسم له” محمد” ز قال بنبرةٍ هادئة:
“أنا كدا بديلك أخر حتة في قلبي وأنتَ للأسف واخدها مني بدري أوي، ربنا يكرمكم سوا ويرزقكم بكل الخير ويجعلكم خير الزوجين الصالحين لبعض….”
أخرج زفيرًا قويًا يحاول الحد من ظهور تأثره وردع دموعه ولكن ظهر الاختناق مخيمًا على صوته وهو يقول بنبرةٍ أقرب للتوسل:
“حافظ عليها يا بني، أوعى تكسر عمك في يوم في إنك تجبهالي مكسورة الجناح، أنا بديك طير حر وعشمان إنك تكون الجنينة اللي الطير دا هياخد راحته فيها، مش عاوزك القفص اللي يسجنها”
ابتسم له يطمئنه وهو يقول بصوته الرخيم الهاديء أمامهم جميعًا:
“أنا مش عاوزك تخاف عليها معايا علشان أنا واحد من بين كل الدنيا دي شايفها كل الخير ليا ولقلبي، اللي بيحب الورد بيراعيه وأنا والله هحطها في قلبي قبل عيوني، اتطمن، مش هغضب ربنا فيها ومش هستهون بوصية سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام في أني أخون العهد فيها”
اقترب منه” محمد” يحتضنه مُباركًا له فيما ابتسمت” سلمى” بفرحةٍ وهي تستمع لكلماته الصادقة التي نطقت بها عينيه قبل لسانه.
دلفوا للقاعة جميعًا، وكان أخرهم” أحمد” بزوجته بطلتها الرقيقة، حيث كان فستانها ناصع البياض مثل حبات اللؤلؤ وحجابها الرقيق يغطي رأسها بالكامل وكذلك مستحضرات التجميل التي وضعتها برقةٍ تتناسب من ملامح وجهها البهي، كما أن عسليتيها لم تحتاج لأي شيءٍ يبرزها، خاصةً أنها نطقت بكل كلمات الفرح وكأن الزهور تتراقص في موسم الربيع.
بدأت رقصتهما سويًا بعد دلوفهما حتى فوضع هو كفه في خصرها وبالكف الأخر أمسك يدها فبدأت الكلمات تعلو من حولهم ليذوبا سويًا في عالمهما الخاص بهما وكلٍ منهما يحتضن الأخر بنظراته حتى قال هو بنبرته الهادئة:
“كنت فاكر أننا شمس وقمر صعب يتلاقوا غير بعد كسوف أو خسوف يجمعهم صدفة، بس ربنا أحن على قلبي أني اتعلق كل دا، وفي الأخر بقيتي ليا يا كل حاجة حلوة ليا”
تدرجت وجنتيها بحمرة الخجل فقال هو بصوته الرخيم:
“الفرحة مش سيعاني إن بيتي هينور بوجودك فيه، والله العظيم دا اكتر من اللي اتمنيته بكتير”