تعافيت بك ف94 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل الرابع والتسعون (محاولة فاشلة)
“و ما حيلتي أنا أمام تلك العيون؟”
_________________________
من الممكن أن يكون اصعب ما يمر على المرء هو الصبر، وقد يظن البعض أن مذاق الصبر؛ مُـر وفي الحقيقة أن الصبر هو قمة العطاء، كونك المرء الذي يتحلى بالصبر وينتظر ما يريده، فهذا الدليل كافٍ على كونك منتصرًا من الأساس، فما جزاء الصبر سوى المنال، حتى وإن كان من بعد الفراق وصال…
_تملكت الدهشة تعابير وجوههم جميعًا خاصةً بعد حديث” محمد” عن زواج ابنته وخصوصًا” سلمى” التي رفرفت باهدابها عدة مراتٍ، فأضاف هو بثباتٍ:
“أنا كان طلبي من الأول إن سلمى تدخل كلية صيدلة، وتحقق حلمها والارتباط والمواضيع دي متأثرش عليها، وهي كتر خيرها التزمت بكل حاجة وجابت تقدير في أول سنة، علشان كدا أنا بقولها أهو أنا موافق إنها تكمل في بيت جوزها، بس شرطي أنها تكمل تعليمها، طالما أحمد جهز نفسه”
ظهرت الفرحة على وجه” أحمد” الذي ابتسم باتساعٍ فقال” محمد” بثباتٍ رغم جموده إلا أن التوسل كان يتقطر من حروفه:
“بس عاوز منك وعد إنك تساعدها تكمل، أنا لاحظت أنها معاك بتكون فرحانة وبتعمل كل حاجة أنتَ بتشاركها فيها، توعدني إنها هتكمل؟!”
نظروا جميعهم لـ” أحمد” الذي نظر لها هي يطالع عينيها التي توسلته بالموافقة، فتدخلت” جميلة” تقول بنبرةٍ هادئة:
“صدقني يا خالو فيه بنات كتير زي سلمى كدا ونجحوا في الحاجتين مع بعض، وأحمد أفضل مليون مرة من أجوازهم، صدقني دي حاجة عادية، بنات كتير مرة بيها ونجحوا واثبتوا نفسهم، متخافش وأحمد بنفسه هيوعدك دلوقتي”
بعد حديثها تنفس” أحمد” بعمقٍ ثم تحرك من أمامهم جميعًا دون أن يتفوه بكلمةٍ واحدة ثم عاد مرةً أخرى وهم ينظرون له بدهشةٍ يصحبها التعجب؛ فأشهر هو ما في يده أمامهم جميعًا ثم قال بصوتٍ عالٍ:
“دا مصحف ربنا أهو يا عمي، يمين هتحاسب عليه ولو أنا بكدب يبقى دا يمين غموس وملوش كفارة وأني أكون في النار علطول لو بكدب، بس ومصحف ربنا لو هي بقت معايا في بيتي أنا مستحيل اخليها تقصر في حق نفسها ومذاكرتها، والله العظيم أنا بنفسي هذاكر لها لحد ما تخلص وتتخرج وتشتغل بشهادتها كمان، بس أنا عاوزها معايا نساند بعض احنا الاتنين في الدنيا دي”
ابتسم له” محمد” و كذلك البقية بأكملهم، لم تكن ابتسامةٍ عابرة وإنما فخرًا به وبأخلاقه ودعمه لزوجته، حينها احتضنه” محمد” مربتًا على كتفه تزامنًا مع قوله الحنون:
“و أنا واثق فيك إنك قد القول، ربنا يسعدكم ويحفظكم يا بني”
هلل الجميع بفرحٍ وصوتٍ عالٍ فيما تحدث” وليد” متهكمًا:
“اومال معايا كانت ناشفة زي المستشفى ليه؟! دا إيه التفرقة العنصرية دي؟!”
قبل أن ينطق أيًا منهم صَعد صوت الزغاريد يملأ المكان من الخارج حتى نظروا لبعضهم بدهشةٍ من مصدر الصوت ليتضح بعدها أن الصوت يأتي من فم” سيدة” والدة” عامر” و معها البقية حيث أتت بالفتيات الثلاتة ومعهم الشباب وزوجها أيضًا.
خرج معظم أفراد العائلة ليروا من صاحبة الصوت فتفاجئوا بها تقترب من” خلود” تحتضنها وتبارك لها وفي الخلف تقف” ميمي” يساندها” ياسر” و” عامر” ، أما” عمار” فكان وجهه محتنقًا من أفراد عائلته وتلك الحفلة الغريبة التي قاموا بها.
اقتربت” خلود” من” ميمي” و هي تقول بحماسٍ بعدما ابتعدت عن والدة” عمار” :
“معقولة جيتي علشاني؟! أنا مبسوطة اوي يا ميمي، البيت فرحته زادت بوجودك”
ربتت” ميمي” على وجهها بحنانها المعتاد وهي تقول بفرحةٍ غلفت صوتها:
“و أجيلك لأخر الدنيا كمان يا حبيبة ميمي، هي الفرحة النهاردة تتوصف؟! ألف مبروك يا حبيبة قلبي وعقبال ما أجيلك في الفرح يا رب”
احتضنتها” خلود” بحماسٍ وحبٍ تكنه لها فيما قبلت” ميمي” رأسها وهي تمسد على ظهرها ثم نظرت لـ” عمار” الذي ابتسم لها وكأنه يخبرها بنظراته عن مدى الحنان التي تتمتع به” خلود” .
جلسوا سويًا مع بعضهم بعدما تحدث” عامر” مفسرًا سبب قدومهم:
“احنا عرفنا من ياسين نجاح الآنسة خلود وعلشان كدا قولنا نشارككم الفرحة، دا لو مفيهاش إساءة وتطفل عليكم”
رد عليه” طـه” مسرعًا:
“إزاي يا بني بس، دا انتم أهلنا والفرحة متكملش من غيركم معانا، البيت نور بيكم طبعًا، وزيدنا شرف”
تحدث” عامر” بمرحٍ:
“لو تزود فرحتنا ويكونوا فرحتين يبقى كتر خيرك والله”
ضحك الجميع عليه حينما فهموا مقصده فيما تحدث” طـه” بتفهمٍ:
“و أنا عند وعدي يشوفوا مستقبلهم وإن شاء الله لو فيه نصيب هي هنا في بيتها محفوظة”
ابتسم له” عمار” ثم قال هو بأدبه المعتاد وطريقته المهذبة:
“و أنا مش عاوز غير كدا يا عمي، أنا لسه قدامي حياة بأسسها علشان تليق بوجودها معايا، وإن شاء الله تدخل كلية حلوة وتفرحنا كلنا”
ابتسمت” خلود” بحماسٍ فيما سألها” ياسين” بنبرةٍ هادئة:
“و أنتِ بقى يا خلود ناوية على كلية إيه؟! مجموعك حلو ما شاء الله، قررتي؟!”
حركت رأسها نفيًا ثم قالت بنبرةٍ هادئة:
“اللي ربنا يكرم بيه إن شاء الله”
_” ما شاء الله دي قسم إيه بقى”
تدخل” عامر” يقول ذلك بمرحٍ يسخر من حديثها، حتى اضافت هي بعد ضحكات الجميع بقلة حيلة:
“بجد والله مش عارفة كلية إيه، مش لاقية كلية تنفع معايا، أنا مليش خلق اذاكر، فما بالكم بحاجة مش حباها؟!”
تدخل” ياسين” يقول بحكمةٍ:
“بصي يا خلود، أهم حاجة تكوني حابة اللي هتدرسيه وملكيش دعوة بالناس ولا بحد، وسيبك من كلية قمة وكلية قاع، أنتِ عاوزة إيه؟!”