تعافيت بك ف93 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل الثالث والتسعون (وحي الخيال)
“تطل أمام عيني من بعيد فيظن قلبي أن هذا هو هلال العيد”
_________________________
_ كُف عن مقارنة نفسك بالآخرين وحرر نفسك من المقارنات القاتلة، فهل رأيت يومًا أحدهم يقارن الشمس والقمر ببعضهما؟بالطبع لا؛ فلكلٍ منهما وقته في الظهور وكذلك في إخراج ما به من ضوء.
حديثه غريب وطريقته أغرب جعلها تطالعه بدهشةٍ فيما تنفس هو بعمقٍ ثم قال بثباتٍ يتنافى مع توتره:
“أنا مش قصدي حاجة وحشة لحد ومش عاوز اتحكم في حد يا خديجة بس أنا أكتر واحد عارف يعني إيه وجود أخت وبتكون سند لإخواتها ازاي، عاوز ولادي يكبروا مع أخت حنينة زي ما أبوهم كبر كدا، بس مش عاوز حاجة تكون حرام تشيل حد منهم ذنب، من رحمة ربنا عليا اننا رضعنا سوا، وعلشان كدا عاوز ولادي يتربوا مع أخت تكون واخدة حنية الدنيا كلها، ماهو اللي تتربى في حضن ياسين الشيخ وخديجة الرشيد يبقى دي هتاخد الحنية بالمعلقة زي دوا الشرب”
تنفست هي بعمقٍ ثم سألته بثباتٍ:
“يعني هو دا السبب الرئيسي بس؟! مفيش سبب كدا وولا كدا؟!”
ضيق المسافة ما بين حاجبيه يرمقها بتعجبٍ من حديثها فقالت هي بثقةٍ من تفكير الجالس أمامها:
“أصل أنا فاهمة وليد وتفكيره وعارفة دار في راسك إيه، لو قولته ليك أنتَ هتتفاجأ أني عارفة طريقة تفكيرك”
انتبه لها بكامل حواسه وحدثه فقالت هي بثباتٍ وثقةٍ لم تتزعزع:
“يعني حضرتك مش خايف الاتنين يكبروا ويحبوا نفس البنت؟! مش خايف واحد فيهم يميل وأخوه هو كمان يميل ليها”
اتسعت عينيه بدهشةٍ من حديثها فأضافت هي من جديد:
“زي ما أنتَ سمعت كدا، أصل أنا حفظاك خلاص، وبصراحة معاك حق تفكر كدا، بس اشمعنا بنتي؟!”
تنفس بعمقٍ ثم قال مُفسرًا:
“بصي، أنا مش هلف وأدور خلاص، بس أنا فرحتي بولادك مش هتكون فرحة عادية، يمكن أحس بكدا مع هدير أو جميلة أو هدى أو سلمى حتى، إنما أنتِ وخلود !! لأ…..غصب عني مش مقتنع غير انكم بناتي، تجيبني يمين تجبيني شمال أنا مش مقتنع غير بكدا، غصب عني عيالكم هياخدوا مكان زيادة في قلبي، وخصوصًا لما عرفت إن عبلة صعب تخلف تاني، بناتكم هيكونوا بناتي يا خديجة، مش عاوزهم يكونوا مع ولادي وبينهم حاجة غلط اتحاسب عليها، بنتك دي لو جت أنا مش هقدر احوش نفسي عنها، وواثق إنها هتكون ليهم زي ما أنتِ كنتيلي، عاوزهم لو زعلوا يلاقوها هي معاهم، صدقيني أنا أكتر واحد عارف يعني إيه مشاعر اخوات وخصوصًا وجود الأخت البنت للولد”
ابتسمت هي بتأثرٍ ثم قالت بصوتٍ متحشرجٍ:
“و أنا موافقة وكان نفسي دا يحصل، نفسي بنتي تطلع عندها أخوات ولاد أكبر منها، وأكيد مش هيكون فيه أحسن من ولاد وليد علشان يحافظوا عليها، أكيد اللي حصل ليا وليك علمنا كتير ازاي نربي عيالنا ونحافظ عليهم، بس أكيد الدنيا دي عندها كتير ولازم الأخوات يكونوا ضهر بعض، مهما الانسان حب صحابه برضه أخواته هما أكبر كنز ليه، ولحد ما ربنا يكرمني تاني وأخلف فولادك هما اخوات ابني أو بنتي اللي جاية”
حرك رأسه موافقًا بفرحةٍ ظهر أثرها في نظره وابتهاج ملامح وجهه ثم اقترب منها يقبل قمة رأسها وقال بعدها بنفس الفرحة:
“خلاص اتفقنا، يلا بقى أأكلك علشان العلاج”
حركت رأسها موافقةً فملأ هو ملعقة الطعام ثم أدخلها فمها وهو يبتسم لها، ثم أمسك قطعة الدجاج ثم قام بتفكيكها من بعضها حتى يسهل عليه اطعامها، وحينها بكت هي كعادتها، وقد ابتسم هو لها وكأنه يسخر منها بذلك فسألته هي من بين بكاؤها:
“أنتَ بتضحك ليه؟! أوعى يكون عليا؟! هعضك والله”
ابتسم لها باستسلامٍ وقال بقلة حيلة في أمرها:
“علشان أنتِ مش بتتغيري خالص يا خديجة، هتفضل دموعك هي اللي بتتحرك وتحركك معاها، لسه قلبك أخضر ومعرفش يعني إيه قسوة، لسه شوية حنية وطيبة قادرين يخلوكِ تفرحي”
ابتسمت هي له ثم مسحت دموعها بظهر كفها وحينها فُتِح الباب وطل منه” ياسين” فابتسمت هي لرؤيته في حين تحدث” وليد” بتهكمٍ:
“ما كانت القعدة حلوة والدنيا زي الفل، جيت ليه؟!”
رمقه” ياسين” بغيظٍ ثم جلس بجوارها يسألها بنبرةٍ هادئة:
“عاملة إيه يا ست الكل؟! إيه أخبارك النهاردة؟!”
حركت رأسها موافقةً وقبل أن ترد عليه تجاوب سؤاله لاحظ هو احمرار عينيها فسألها هو باهتمامٍ:
“أنتِ كنتِ بتعيطي ولا إيه؟ الواد دا مزعلك؟!”
حركت رأسها نفيًا فيما وقف” وليد” يقول بضجرٍ:
“الواد !!! يعني أنا سايب عيالي وحالي ومحتالي وجاي آكلهالك واخرتها الواد مزعلك؟! تصدق إنك أبو طويلة فعلًا”
ضحك” ياسين” رغمًا عنه فيما تحرك الأخر يقترب من الباب وهو يقول بمرحٍ:
“أكلتهالك وفرحتهالك وعيطهالك ونكدت عليها وجيت أنتَ سديت نفسها، أروح بقى أشوف حبايب قلب أبوهم”
رد عليه” ياسين” ساخرًا:
“و هو حد قالك تسيب حبايب قلب أبوهم وتيجي تقعد هنا؟!”
رد عليه باستفزازٍ أثار حنقه:
“ما تبطل حقد علينا بقى !! ولا هو علشان أنتَ معندكش أخوات بنات ومجربتش المشاعر دي؟!”
ضحكت” خديجة” بصوتٍ عالٍ فيما أمسك” ياسين” المصباح المجاور للفراش” الأباجورة” بعنفٍ حتى ضحك” وليد” مستسلمًا وقال:
“خلاص يا عم بهزر، ربنا يخليكم لبعض ويقومهالك بالسلامة”
ابتسم” ياسين” بيأسٍ منه وهو يرى انسحابه من الغرفة، فسألته هي تلك المرة باهتمام:
“عامل إيه؟! شكلك تعبان النهاردة”
حرك رأسه موافقًا ثم قال بانهاكٍ واضحٍ:
“شوية بس مش أوي، المهم أنتي إيه اخبارك؟! لسه المغص بيجيلك؟!”
حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة فربت على كفها مبتسمًا براحةٍ وهي تبتسم له وهو يحاول إخفاء حماسه بقدوم طفله الأول منها.