تعافيت بك ف78 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل الثامن والسبعون (عوض الله)
“نسيتَ آلامي في اليوم الذي به أتيت؛ طابت الجروح وبِكَ تعافيت”
_________________________
براءة العالم تجمعها في قلبها وكأنها لم تطلب سوى ذلك من دنياها، يدها حنونة وكأنها تمتد نحو الجرح الغائر وبلمسةٍ منها طاب وانطفأت نيران التهابه، عينيها مثل الوطن تحتويني وأنا الشريد، كنت في عالمي عن الكل غريب؛ وفي عينيها أصبحت لها القريب وغدت هي لقلبي مأوىٰ وأنا لها الحبيب.
في صباح اليوم التالي على شاطيء البحر جلست تهاتف والدها وهو يقص عليها تفاصيل ما حدث مع شقيقتها بالكامل وكيف تصرف هو، وكانت هي تستمع له بذهولٍ ودهشةٍ لم تتوقع كل ذلك من” عمار” و شقيقتها، أنهى” طـه” حديثه ثم سألها بترددٍ:
“أنا كدا اتصرفت صح؟! خوفت أكون سبب في كرهها ليا يا خديجة، وفي نفس الوقت أنا مش شايف حاجة غلط تخليني أقف في طريقهم سوا، دا غير إني شوفت في عينها اصرار كبير، طب أقولك على حاجة؟! خلود كانت بتذاكر من الفجر النهاردة ونامت شوية وصحيت راحت الدرس وشايفها فرحانة أوي، أنتِ إيه رأيك؟!”
سألها بحذرٍ يترقب الآتي منها حتى فاجئته بقولها الذي خرج مختنقًا نتيجة فرحتها:
“رأيي إنك طيب أوي يا بابا، شكرًا إنك متسرعتش ووازنت الأمور صح، وزي ما قولت دي حاجة مبدأية بس، لسه مفيش حاجة رسمي، سيبها للظروف وربنا أكيد هيختار الخير ليهم”
زفر هو بقوةٍ ثم قال بنبرةٍ ظهرت بها راحته:
“طب الحمد لله، كلامك ريحني أوي وطمني أكتر ما أنا متطمن، المهم هتيجي امتى؟؟ أنا عارف إنك مبسوطة عندك بس وحشتيني بصراحة”
ابتسمت وهي تحرك رأسها نحو “ياسين” الذي جلس على الشاطيء يراقبها وهي تهاتف والدها ثم زفرت بقوةٍ وقالت:
“إن شاء الله بليل هنرجع، هنقضي النهاردة كمان وأخر الليل نيجي، عاوز حاجة إجيبهالك وأنا جاية؟!”
رد عليها بهدوء:
“عاوزك بخير دايمًا وتفرحي من قلبك، خلي بالك من ياسين يا خديجة، أنا واثق إنه حاطك في عينيه وشايلك فوق راسه”
ردت عليه هي بلهفةٍ:
“أوي يا بابا، بيعمل كل حاجة تخليني فرحانة ومبسوطة حتى من غير ما يفكر هو هيعملها ازاي، بس بيسعى لكل طاقته يفرحني، ادعيلي افرحه أنا كمان”
رد عليها بنبرةٍ متأثرة:
“ربنا يفرحكم انتم الاتنين سوا، وإن شاء الله يرزقكم بكل اللي نفسكم فيه يا رب، سلام بقى وسلميلي عليه، خلوا بالكم من نفسكم”
أغلقت الهاتف مع والدها ثم اقتربت منه تجلس مقابلةً له والسعادة تسكن في ملامح وجهها حتى سألها هو بتعجبٍ:
“إيه اللي مفرحك كدا؟! عمو طه قالك إيه يخليكي تفرحي كدا؟!”
ردت عليه هي بحماسٍ:
“بابا حكالي اللي حصل مع عمار وخلود وهو موافق من كل قلبه، أنا كنت فكراه مغصوب لما عامر حكالك، بس بابا مبسوط بجد يا ياسين، وفرحان إن عمار عاوز خلود، وأنا فرحانة أوي”
حرك رأسه موافقًا بتفهمٍ ثم قال بحنقٍ زائفٍ:
“طب يلا علشان نكمل بُنا البيت، أنا رميت الأساسات ومستنيكي نكمله سوا”
حركت رأسها موافقةً ثم قالت تحذره من استخدامه الحيل:
“بقولك أهو من أولها متستخدمش مهاراتك الهندسية قدام مهاراتي العادية، لو سمحت”
حرك رأسه موافقًا وهو يحاول كتم ضحكته فيما رفعت هي أكمام ثيابها ثم اقتربت من الرمال حتى تساعده في بناء القصر الذي أرادت هي بنائه، فيما حرك هو كفيه يضعهما على كفيها حتى رفعت رأسها تنظر له بتفاجؤ فغمز لها وهو يقول:
“هوريكي المهارات الهندسية على أصولها، اشتغلي معايا أنتِ بس”
حركت رأسها موافقةً وهي تبتسم بينما هو استمر في بناء القصر وهي تحرك كفيها مع كفيه بحماسٍ حتى انتهيا سويًا بعد مرور بعض الوقت، فوقفت هي تقفز بمرحٍ وكأنها طفلة صغيرة وهي تصفق بكفيها معًا وهو يراقبها مُبتسمًا بفرحةٍ حتى وقف أمامها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
“شوفتي لما بقينا مع بعض خلصنا أسرع ازاي؟! إيه رأيك بقى؟!”
ردت عليه بصوتٍ مختنقٍ إثر فرحتها وحماسها:
“جامد، البيت زي ما توقعته بالظبط، ينفع تصوره؟!”
حرك رأسه موافقًا ثم قال بنبرةٍ هادئة وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله:
“بس كدا يعني هو أنتِ جيتي في جمل؟! حاضر يا كتكوتة”
التفت يقوم بتصوير البيت بهاتفه وهو يبتسم بفرحٍ وهي خلفه تصفق وتُتمتم بكلماتٍ حماسية حتى التفت لها يمسك يدها حتى سحبها نحوه وهو يقول:
“يلا علشان أصورك جنب البيت، مش معقول مساعد المهندس ميتصورش، عيب والله”
كان يمازحها بحديثه حتى وقفت هي بجوار البيت وهي تقول بحيرةٍ:
“طب أعمل إيه؟! أنتَ بتتصور جنب المشاريع ازاي؟!”
اقترب منها وهو يزفر بقوةٍ ثم سحبها حتى تقدمت خطوتين عن البيت الرملي وحينها رفع هو ذراعها وثبت كفها وكأنها تمسك البيت بطرفي أناملها، ثم رفع كفه يفرد فمها حتى تبتسم، كان يتحرك دون أن يتكلم وهي تراقبه بتعجبٍ حتى أنهى ما يريده فسألته هي:
“هو أنتَ مبتتكلمش ليه؟! قولي عاوز إيه وأنا هنفذه”
رد عليها هو بسخريةٍ:
“علشان تشليني؟! طب بالله عليكِ لو كنت قولتلك تعملي كدا كنتي هتعرفي؟!”
حركت رأسها نفيًا وهي تبتسم فقال هو مسرعًا:
“طب شوفتي بقى يا ست الكل؟! معايا حق ولا لأ؟!”