تعافيت بك ف70 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل السبعون (مغيب عن الواقع)
“تبتُ عن ذنب الحبُ والهوىٰ، لتأتي فتنةُ عينيكِ توقع بفؤادي وكأنه مخمورًا”
_________________________
يعد ظهورك وكأنه ربيعٌ حل على أرضٍ انهكها الخراب، أو كأنكِ كما الحلو للروح مُستطاب، عينيك الفاتنة تُهلك أنفاسي وكأنها سهمٌ يخترق القلب ولهدفه صواب، تملكين سحرًا خاصًا بكِ وقدرته على المرء لا تُعاب، سلطة قلبك على قلبي قوية، وقد كان قلبي بريئًا من الحب وما له به من عذاب.
في صباح اليوم التالي وبعد ليلةً انتهت على الجميع بالفرح والسرور، استيقظت “خديجة” تفرك عينيها بعدما داهمتها قوة الضوء حينما تقلبت للجهة الأخرى المواجهة للشرفة، انتبهت هي لخلو الفراش والغرفةِ بأكملها منه، وحينها أتت الهواجس إلى عقلها فتحركت فورًا من الفراش دون أن تنتبه إلى ما ترتديه، بحثت عنه في مرحاض الغرفة ومنها إلى الخارج وهي تذكر اسمه دون أن يأتيها ردٌ منه.
كل ما جال بخاطرها في تلك اللحظة أنه سافر مرةً أخرى ولم يخبرها بذلك حتى لا يُحزنها وحينها وقفت حتى تهاتفه وقبل أن تفعل ذلك وصلها صوته من الشرفة يحدث أحدًا ما وهو يقول بقلة حيلة:
“بتاكلي إيه أنتِ !! أنا متخصص في أكل الكتاكيت مبعرفش أكل قطط”
اقتربت من الشرفة وهي تقول بلهفةٍ وصوتٍ متحشرجٍ:
“ياسين !! أنتَ هنا؟!”
التفت لها وهو يبتسم وبمجرد وقوع بصره عليها وعلى ما ترتديه هب منتفضًا وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
“يا وقعتك السودا !! خارجالي بقميص النوم يا خديجة؟! ادخلي يا حلوة استري نفسك”
ردت عليه هي بخوفٍ:
“و الله العظيم أنا نسيت وكنت بدور عليك افتكرتك مشيت تاني”
أمسك ذراعها ثم ابتعد عن الشرفة وهي في يده ثم قال بنبرةٍ جامدة:
“همشي اروح فين !! قولتلك خلاص كل حاجة خلصت وأنا معاكي أهوه، مش عيل صغير أنا هشتغلك يعني”
ابتسمت هي له ثم صفقت بكفيها معًا واقتربت منه تقبل وجنته فتحدث هو بسخريةٍ:
“لأ والله العظيم أنا لازم افهم حصل إيه في غيابي؟! أنتِ كنتي مع مين في غيابي في خديجة؟!”
حركت كتفيها ببساطةٍ وهي تقول ببراءةٍ:
“كنت مع وليد هكون مع مين يعني؟!!”
_” وليد آه، لأ كدا صح فهمت، الحمد لله إني جيت لحقتك”
رد عليها هو بذلك بنفس السخرية، فابتسمت هي له ولم ترد عليه بينما هو اقترب منها وهو يقول هامسًا:
“بس أنتِ وحشتيني على فكرة، قسمًا بالله إحنا مكناش عايشين”
ضحكت هي بصوتٍ عالٍ وهو يقترب منها فصدح صوت هاتفه في تلك اللحظة أغمض هو عينيه ثم أخرج الهاتف من جيب بنطاله ثم ضغط على الزر يُجيب على المكالمة حتى وصله صوت الأخر يقول بتهكمٍ:
“إيه جيت في وقت مش مناسب ولا إيه؟! ازعل والله”
رد عليه “ياسين” بسخريةٍ:
“من ساعة ما عرفتك وأنتَ وقتك مش مناسب، أنا أصلًا اتعرفت عليك في وقت مش مناسب، خير يا يوسف؟!”
رد عليه بنبرةٍ ضاحكة:
“يا عم حقك عليا خلاص، المهم أمك عندها ورق عنب ولا أجيب معايا؟!”
_” أيوا يعني هتيجي تحشيه أنتَ ولا إيه مش فاهم أنا؟! تعالى يا عم عندنا ورق عنب”
زفر “يوسف” بقوةٍ ثم قال:
“طب تمام، هريح النهاردة علشان أنا لسه واصل، وبكرة هكون عندك إن شاء الله”
سأله “ياسين” بتلقائيةٍ:
“طب ما تيجي النهاردة ولا أنتَ هتقضي اليوم مع قرايبك؟!”
تنحنح “يوسف” يُجلي حنجرته ثم قال بنبرةٍ هادئة:
“لأ أنا معرفتش حد أني جاي، أنا نازل في فندق، وقبل ما تسأل أنا نازل إجازة مش جلد ذات”
تنهد “ياسين” بعمقٍ ثم قال بقلة حيلة مجاريًا له:
“تمام يا يوسف، حمدًا لله على سلامتك، لو عوزت حاجة كلمني خلاص أنا بقيت أخوك هنا”
رد عليه الأخر بودٍ:
“عارف حاجة زي دي، يلا شوف كنت بتعمل إيه بقى”
أغلق “ياسين” معه الهاتف وهو يبتسم بيأسٍ منه، فيما تحركت هي تسأله هي بتعجبٍ حينما لاحظت الوقت في هاتفها:
“ياسين !! هو الوقت دا بجد؟! الساعة ٢.٥ فعلًا؟!”
حرك رأسه موافقًا فقالت هي بخوفٍ:
“بتهزر !! طب مصحتنيش ليه؟! إيه دا؟! الضهر فاتني في ميعاده روح ربنا يسامحك”
رد عليها هو متهكمٍ:
“نعم يا ختي !! مصحتكيش ليه؟! دا أنا خلاص تكة وكنت هخلع بلاط الشقة اضربك بيه على راسك، أنتِ اللي غيبوبة”
زفرت هي بقوةٍ ثم قالت منهيةً للحديث:
“خلاص خلاص مش مهم، هروح اتوضا وأصلي وأنتَ بقى حضرلنا الفطار صليت الجمعة صح؟!”
حرك رأسه موافقًا ثم اقترب منها
أمسك ذراعها يقربها منه وهو يقول بخبثٍ استشفته هي:
“طب ما تيجي معايا نعمل الفطار سوا، دا أنتِ حتى وحشتيني”
رفعت رأسها تقول بسخريةٍ مقلدةً طريقته:
“لأ والله العظيم لازم أعرف حصل إيه في غيابي، ياسين أنتَ كنت مع مين في غيابي”
رفع حاجبيه معًا بدهشةٍ منها فابتعدت عنه وهي تقول بنبرةٍ جامدة:
“أنا هدخل اتوضا وصلي وأنتَ حضر الفطار، عن اذنك”
ابتعدت عنه وهي تتغنج في مشيتها أمامه، فضرب كفيه ببعضهما ثم رفع صوته يقول:
“ماشي هتروحي مني فين؟! قاعدلك أسبوع يا كتكوتة”
_________________________
في بيت شباب آلـ “الرشيد” اجتمعوا معًا فوق السطح بعد الصلاة يتناولون الفطار سويًا، فتحدث “طارق” بنبرةٍ مرحة: