Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

تعافيت بك ف63 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف63 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف63 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

 

 

الجزء الثاني

الفصل الثالث والستون (وجهةٌ مصوبة)

 

“وجدت فيك نفسي وفي وجودك الحياة، كنتُ أنا الغريق وأنتَ طوق النجاة”

_________________________

 

 

 

ذوقت طعم الراحة فكنت كمن اغتنم غنائم الحرب بأكملها لصالحه، وبُغتتةً سُلبت مني تلك الراحة، فغدوت كما طفلًا صغيرًا تركته أمه وسط قبيلةٍ في حالة صراعٍ قُرعت بها طبول الحرب فوق رأس الجميع، وظللت أنا في المنتصف باكيًا أطلب أيديهم جميعًا لـ تنتشلني.

 

 

 

فرت عبراته من بين أهدابه دون أن يشعر هو بذلك، فقط سخونتها على وجنتيه هي من انذرته بذلك، لم يتخيل أن يسمع تلك الكلمات التي بمثابة خنجرًا يطعن في ثبات روحه حتى بات ممزقًا بالكامل، وهي أمامه تطالعه بجمود، حتى تحدث هو بنبرةٍ صوتٍ تشبه صوت الطفل الذي وقف يتوسل والدته باكيًا:

 

 

 

“أنتِ بتقولي إيه يا حنان؟؟ أنتِ بتخيريني على وجودك في حياتي؟! بتحطي حياتي معاكي في كفة ووجود مراتي معايا وراحتي في الكفة التانية؟!”

سألها مستنكرًا حديثها بذهولٍ امتزج ببكاءٍ مزق نياط قلبه هو نفسه، حتى ردت عليه هي بجمودٍ:

“أنتَ اللي حطيتنا في الموقف دا من الأول يا حسن، يا أنا يا هي، بس لو اختارتني يبقى هتسيب كل عيلة الرشيد، وترمي اليمين على مراتك وأعيش أنا وأنتَ مع بعض واعوضك عن كل حاجة بس وأنتَ في حضني، إنما كدا أنا كأني مليش لازمة”

 

 

 

اتسعتا حدقتيه بقوةٍ وحرك رأسه سلبًا بالنفي، غير مُصدقًا أنها امسكت الخنجر وطعنته في جرحه مباشرةً، فتدخل في تلك اللحظة “وليد” بعدما وقف في الخارج يراقبهما، وحينما رأى الأمور تزداد سوءًا بينهما، قرر التدخل بقوله الهاديء:

“استهدوا بالله يا جماعة، أهدي يا مدام حنان وياريت متتسرعيش في طلبك، مهما كان دا أخوكي”

 

 

 

ابتسمت هي بتهكمٍ وهي تقول:

“تقدر تقولي الاستاذ دخل هنا ازاي؟! أكيد مش جاي معاك، طبعًا أنتَ مديله نسخة يدخل بيها هنا، مش بقولك أنتَ مبديهم على الكل حتى أختك؟!”

 

 

 

يكفي عند هذا الحد فقد طفح الكيل منها ومن حديثها اللاذع، فاقترب “وليد” يقف مقابلًا لها وبجوار الأخر وهو يقول بطريقته المعتادة:

“بالراحة على نفسك بس علشان متروحيش فيها، وابلعي ريقك علشان…و لا بلاش لا تروحي فيها، دخولي اللي مزعلك دا ومخليكي مش طايقة نفسك، مرتين انقذ أخوكي من الموت، لما كان بيغيب عننا ونحس إنه اختفى زيادة عن الطبيعي، والمرتين كنا بنيجي نلحقه، وجودي اللي مزعلك أوي دا فعلشان أنا جاي ورا أخوكي علشان ميعملش فيكي أو في نفسه حاجة، إنما أنتِ فـ ربنا يخلص منك في اللي يخصك، وحق أختي اللي أنتِ خوضتي فيه دا مش مسامح فيه لا دنيا ولا آخرة، وهنتقابل قدام ربنا اخنا الاتنين وساعتها أنا هقوله أني مش مسامح، دا غير أنه هيخلص منك في الدنيا، أصل كله سلف ودين حتى المشي على الرجلين”

 

تجاهلت حديثه ثم نظرت لأخيها وهي تقول بلهجة صوتٍ حادة:

“اختار يا حسن؟! باقي عليا ولا هتختار عيلة الرشيد؟؟ أنا ولا هي يا حسن؟!”

 

 

 

أمعن النظر في وجهها وتعمق بنظره في عينيها لتلتحم نظراتهما سويًا في معركةٍ يكسوها الجمود والقسوة دون أن تشوبها شائبة لينٍ، وقبل أن تتحدث من جديد تطلب منه الإدلاء بقراره الأخير، صرخ هو بنبرةٍ صوتٍ جهورية:

 

 

 

“هــــي…..هختارها هي يا حنان، عارفة ليه؟! علشان هي متستاهلش أني اوجعها كدا، أنا كنت مستني انها هي اللي تخيرني بينك وبينها، وقولت لو عملت كدا أنا مش هأمن على نفسي معاها، بس هي طلعت احن منك عليا، هدير اختارت أنها تسيبني علشان متحطنيش في مقارنة زي دي، هدير اللي دبحتيها بكلامك واتهمتيها في شرفها وبسببك كانت هتضيع مني في الشارع، أنتِ بقى زيك زيها، بما انك خيرتيني يبقى هختارها هي، عارفة ليه؟! علشان اللي بيحب حد مبيخيرهوش، مبيساومهوش بوجوده في حياته، لو هختار يبقى أختار اللي أنا ارتخت معاها، وأنا مرتحتش غير معاها يا حنان، أنا معرفتش يعني إيه أنا انسان ليا خاطر ومشاعر غير لما هي بقت معايا، على عيني أقولك كدا يا حنان، بس أنا هختار مراتي، ومش طالب غير وجودها هي معايا”

 

 

 

ربتت على كتفه وهي تقول بجمودٍ:

“عيشت يا أخويا، عيشت يا ابن أمي وأبويا”

 

 

 

رفع كفيه يمسح وجهه بعنفٍ ثم تحدث بنبرةٍ متحشرجة:

“أنا ماشي وسايبلك البيت لحد ما شقتك تخلص والناس تروقها، مهما كان أنا مش هقدر اطردك من هنا، بس وأنتِ بتدعي لأبوكي وأمك الصبح دا لو بتفتكيرهم يعني، ابقي ادعي لأخوكي معاهم بالرحمة علشان حسن المهدي بالنسبة ليكي ميت”

 

 

 

تحرك من أمامها وهي تنظر في أثره بذهولٍ ونظرة عينيها غلفها القسوة والثبات، حتى اقترب “وليد” منها يقف مقابلًا لها وهو يقول بنبرةٍ ثابتة:

“أنا لحد أخر لحظة مستني منك دمعة واحدة تحسسني إنك ندمانة أو إنك موجوعة على اخوكي، بس أنا شايف جحود وعيون مفيهاش زرة حنية أو شفقة حتى على وجعه، وحسن يخصني زيه زي هدير، اقسملك بربي ما هسيبك ولا هقدر حتى اخرجك من دماغي، هقهرك زي قهرة هدير بالظبط لما غلطتي في شرفها وزي ما نزلتي دموع حسن، هوريكي واحد مني يكرهك في عيشتك وهخسرك كل حاجة، قابلي اللي جاي مني بقى، علشان اللي جاي كتير”

 

 

 

تحرك من أمامها بخطواتٍ رتيبة واثقة وهي خلفه تطالع اثره بحقدٍ عليه، دون حتى ان يكون عندها ذرة شفقة ولو صغيرة نحو اخيها الذي تصدع قلبه حديثها.

_________________________

 

 

 

نزل “وليد” من الشقة فوجد “حسن” يقف بجوار السيارة ونظراته موجهة في الفراغ أمامه وعينيه تنطق بكل كلمات الوجع والألم، اقترب منه يقف مقابلًا له يسأله بنبرةٍ خافتة:

“حسن؟! أنتَ كويس؟!”

 

 

 

توجه له ببصره بعدما كان شاخصًا به في اللاشيء، وحينما التقت نظراتهما استطاع “وليد” استشفاف الوجع بهما على كونه لم يُفصح هو بذلك، فاخفض “حسن” رأسه يُطرقها للأسفل وفقط تحدث بكلماتٍ قليلة منكسرة يقول:

“وديني لـ هدير يا وليد، عاوز أروح عندها، ينفع؟!”

 

تعافيت بك ف63 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

Exit mobile version