تعافيت بك ف58 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل الثامن والخمسون (فض شراكة)
“يا ليتني ما هويت….
و لا بذنب الحب بُليت..
_________________________
“كمثل نار هادئة أصابتها الرياح العصيبة فاشتد تأججها من جديد، وبدلًا من اخماد ثورتها، اندلعت نيرانها كمثل بركانٍ انتشر أثره وحل بعده الخراب، ثمة بعض المواقف والكلمات الدلالية تترك أثرًا مثل أثر البركان، وكأن نتيجتها لن تزول سوى بفيضانٍ.
وقفت هي في حالة الصدمة التي يكسوها الفرح والسعادة البالغة وهي تفكر حقًا في الركض إليه والارتماء بين ذراعيه واخباره بذلك الخبر السعيد وقبل أن تخطو خطوةً واخدة في ذلك، وصلتها رسالة صوتية من مدبرة التفكير لهن وهي تقول مُحذرةً لها وكأنها قرأت أفكارها أو تأكدت من طريقة الأخرى في التفكير:
“اوعي يا هبلة تروحي دلوقتي تقوليله، حاجة زي دي لازم تكون بطريقة خاصة ومبهجة، وبرضه لازم نتأكد في المعمل، بكرة الصبح نتأكد ونعمل تحليل تاني علشان نتطمن وبما إننا بكرة معزومين عند عيلة خديجة، يبقى نظبط طريقة حلوة نعرفه بيها”
اقتنعت “سارة” بـ محوىٰ الرسالة وزاد تيقنها أكثر حينما وجدت التأييد من كلًا مِن “خديجة” و”ريهام”، فقامت باعادة كل شيءٍ إلى موضعه كما كان، حتى وجدته يطرق باب المرحاض من الخارج يتعجل خروجها بقوله:
“اخرجي يا سارة بقى، يلا علشان نتعشى سوا يا ستي”
تنفست بعمقٍ تحاول سحب أكبر كم من الهواء داخل رئتيها وتحاول صبغ حالتها بالثبات حتى طرق هو بقوةٍ أكثر تزامنًا مع قوله:
“أنتِ يا ست !! فيه إيه عندك جوة؟! ما يلا خلينا نخلص”
ردت عليه هي بثباتٍ واهٍ يتنافى مع حماسها الداخلي:
“خارجة يا عامر خلاص، ثواني بس”
تممت على كل شيءٍ ثم غسلت كفيها وخرجت له وهي تحاول الصمود أكثر، لكنها قوتها ضعيفة أمامه، فتحدث هو مُستفسرًا بقوله:
“بتبصيلي كدا ليه؟!”
حركت رأسها نفيًا وهي تقول بهدوء بعدما ابتسمت له:
“لأ خالص، علشان بس عمال تستعجل فيا، قولت هتاكل لوحدك”
رد عليها هو بسخريةٍ:
“ياريت كنت بعرف أعمل كدا، كنت هرتاح، يلا بس الأكل هيبرد”
حركت رأسها موافقةً ثم سارت خلفه بعدما تقدمها هو في السير وقلبها ينبض بقوةٍ وداخلها يشتعل من فرط الحماس، فلم تعد تتحمل كتمان الخبر أكثر من ذلك، حتى أنها وسمت نفسها بالأنانية كونها تعلم بهذا الخبر دونه وقبل أن تنطق توقفت عن الحديث مرةً أخرى تبتلع كلماتها بداخلها حتى لا تفسد مخطط الغد، أو لحين التأكد بصورة رسمية.
_________________________
في شقة “ياسين” جلسا معًا بعدما تناولا طعامهما، كان هو شاردًا في عمله وسفره وهو يفكر كيف يُنمق حديثه حتى يروقها، أغمض جفنيه بشدة وهو يفكر في تأزم الوضع، كما أنه يعلم حالتها تمامًا؛ فلو كانت مثل باقي الفتيات والزوجات لكانت تحثه على هذا العرض خصيصًا أنه سيجني منه مالًا وفيرًا، لكن” خديجة” !! لم تكن مثل باقي الفتيات، فهي أكثر ما يُطمئنها هو وجوده بجوارها، فكيف يخبرها أنه سيتركها لمدة قد تصل لشهرين دون أن يكون بجوارها، حتى المكالمات بشروط !! ومواعيدٍ مُحددة؟!
سيطر التعب على فكره وهي تجلس بجواره تراسل الفتيات حتى وتم الاتفاق بينهن على كل شيءٍ سيتم في الغد بعدما قامت “هدير” و فتيات عائلة الرشيد بالانضمام لهن حتى يتم الاتفاق على مفاجأة الغد وطلبت منهن “إيمان” أن يخبرن الشباب بذلك الخبر ويظل “عامر” هو الوحيد الذي يجهل بذلك الخبر.
أغلقت الهاتف معهن ثم حركت رأسها تنظر له وهي تبتسم وسرعان ما تلاشت بسمتها وهي ترى تهجم وجهه وشروده من وقتما عاد من عمله، اقتربت منه وتلمس بكفها مرفقه وهي تقول بنبرةٍ هادئة أشبه بالهمس:
“مالك بس؟! قولي إيه مزعلك كدا من ساعة ما رجعت وأنا أفكر معاك، مالك يا ياسين؟!”
حرك رأسه تجاهها وهو يطالعها بعينيه التي لمعت العبرات بهما وحينما طال الصمت من طرفيهما وكليهما ينظر للأخر تحدث هو مُردفًا بثباتٍ زائفٍ:
“أنا كويس متخافيش، بفكر بس في حاجات في الشغل وبفكر ازاي اظبطها، أنتِ كنتي بتكلمي مين؟!”
أشار برأسه نحو الهاتف وهو يستفسر منها فوجد الحماس يعود لها من جديد وهي تجاوبه بمرحٍ:
“دول البنات، أصل فيه خبر كدا سعيد عاوزين نقولوا ليكم بس اوعدني الأول إن الشخص دا ميعرفش علشان الدنيا متبوظش”
عقد ما بين حاجبيه بحيرةٍ وكسا الاستنكار ملامح وجهه ونظرة عينيه لها، فاقتربت منه أكثر تقول بحماسٍ تضاعف عن قبل:
“اوعدني يلا يا ياسين، علشان أقولك إيه الخبر الحلو”
لم يكن في مزاج جيد حتى يشاكسها ويثير حنقها، حتى حرك رأسه موافقًا لها وهو يقول بنبرةٍ واهنة بالكاد تدل على أنه تحدث:
“وعد …أوعدك إن الشخص دا ميعرفش حاجة، ها؟!”
ابتسمت له وهي تقول بنبرةٍ مختنقة إثر فرحتها وحماسها:
“سارة مرات عامر حامل وهتجيب نونو”
افتر ثغره بدهشة غير مُصدقًا وكأنه يتخيل حديثها من تفكيره المُتعب، فوجدها تمسك يده وهي تضيف بنفس الطريقة:
“زي ما سمعت كدا !! سارة حامل وعامر هيبقى أب”
ابتسم هو باتساعٍ وتبدل حاله في ثوانٍ فرحًا بصديقه، ورغمًا عنه لمعت العبرات في عينيه وهو يقول بتأثرٍ:
“الله أكبر !! فين عامر طيب؟! عاوز احضنه وأشوف فرحته؟! مش هقدر استنى والله”