عام

تعافيت بك ف52 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف52 ج2 - رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف52 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

 

تعافيت بك ف52 ج2 - رواية تعافيت بك PDF
تعافيت بك ف52 ج2 – رواية تعافيت بك PDF

 

الجزء الثاني

الفصل الثاني والخمسون– (ما هي المفاجأة؟)

 

“جميلةٌ هي عيونها…تُشبه السماء بِـ نجومها”

_________________________

 

 

 

سِرٌ أرّقَ ليلي وأتعب مضجعي، سرٌ كتمته ليكون سببًا في الوجعِ، ليتردد حالًا في ذهني هل جديتُ من البوح نفعِ؟ أم أنك فقط تُخالف السَمعِ؟ ولكن كيف لي أن أقص ذلك؟ كَيف لي أقول أنني مُرهقًا بما يعتل به قلبي لكنه يفيض مِن عيناي؟ كيف لي أقول أن البوح لن يُفيد والشكوى لن تُجيد؟

 

 

 

تنفس هو بحدة وكأنه النفس الأخير ثم قال مُفسرًا:

“افهمي يا دكتورة !! واحد مدمن مخدرات واخد حقنة ودماغه وزته على واحدة، يبقى إيه؟!”

 

 

 

شهقت هي بقوةٍ بينما هو أخفض رأسه خجلًا منها وفي تلك اللحظة لعن نفسه وحظه وتسرعه على البوح بذلك السر، بينما هي تابعت رد فعلها بقولها بقولها:

 

 

 

“ازاي؟! لازم تحكيلي كل حاجة حصلت، ولازم كل التفاصيل، أي حاجة زي دي لازم أكون عرفاها، احكي يا وليد”

 

 

 

رد فعلها المُبالغ به جعله يشعر بالخوف وأرشده إلى ثِقل ما يحمله في قلبه، لذلك سحب الهواء داخل رئتيه وكأنه يُخرج نفسه الأخير، ثم رفع رأسه لها مُجددًا وهو يقول بصوتٍ مُهتز الوتيرة وكأن نبرته تهتز بين الصمت والسرد وهو يقول بصوتٍ موجوعٍ:

 

 

 

“أنا حاربت نفسي علشان أقدر أطلع حاجة زي دي….. وأحكيهالك….. متعرفيش حصل فيا إيه علشان أخرج حاجة زي دي من جوايا”

 

 

 

ردت عليه هي بتفهمٍ:

“فاهمة، بس ياريت تخرج كل حاجة جواك وتقولهالي، أنا لا يمكن آذيك”

 

 

 

حرك رأسه موافقًا ثم رفع كفه يمسح دموعه ثم قال بنفس الصوت المتقطع الذي تحشرج من اختناق البكاء من تلك الأحداث التي جاهد حتى ينساها:

“يومها كانت أول مرة أخد حُقنة….. لما لقيت الوجع زاد في جسمي وقربت أصرخ قدام البيت كله….روحت لـ عمرو وقولتله أني مش قادر أستحمل….ساعتها قالي…”

 

 

 

توقف عن الحديث حينما تهدج صوته وأنضمت جفونه تخفي أسفلها مُقلتاه التي حاوطهما الإحمرار، بينما هي كانت على علمًا بكل ذلك، لذلك تحدثت تحثه على الاسترسال بقولها:

 

 

 

“كمل يا وليد، ها حصل إيه بعد كدا؟؟ افتكر إن كل حاجة هتخرجها بتقربنا خطوة لعلاجك وللتعافي، كمل !!”

 

 

 

حرك رأسه موافقًا ثم فتح عينيه بتروٍ وهو يقول بنفس التحشرج الذي غلق نبرته:

“ساعتها قالي إن اللي موجود حُقن بس، وسعرها أغلى من البرشام بس مفعولها جامد وهيقعد أطول….. الفلوس ساعتها كانت معايا…قعدت جنبه وعلمني إزاي أخدها وعرفني الطريقة لما ادهالي أول مرة…..خلصت سهرتي معاهم وروحت البيت ساعتها…..”

 

 

 

توقف عن استطراد حديثه ثم تابع من جديد بقوله:

“رَوحت الفجر والبيت كله كان نايم…..قعدت على السرير جسمي كله مشلول ومش حاسس بيه…..روحي طايرة في السما وحسيت إني عاوز أكمل الجو دا بحاجة تانية…..دماغي أول حاجة رسمتها عبلة وهي معايا….”

 

كانت هي تنصت له بكامل طاقتها وتركيزها وهي تتابع تعبيراته الجسدية التي انعكست على هيئته نتيجة حديثه، واتضح ذلك من خلال ارتجافة شفتيه وارتعاشة كفه الذي وضعه على يد المقعد، وحركة عينيه التي جالت في العيادة بأكملها هروبًا من النظر إليها ومواجهة نظراتها وكأنه يرى الماضي مُتجسدًا أمام ناظريه، فتابع من جديد مُستطردًا حديثه بـقوله:

 

 

 

“لقيت دماغي عمالة تجيبلي صور بَشعة وكل صورة فيهم عاوزة الحرق للي يفكر فيها، حاولت أنام وأهدى، بس مقدرتش أسكت دماغي وحسيت إن اللي جوايا بيزيد، ساعتها خرجت التليفون أكلم” عمرو” أسأله ليه المرة دي كدا؟! ساعتها قالي إن النوع دا بيعلي وبيطلب حاجات تانية، وأحسنلي أتصرف….. ساعتها رميت التليفون وأنا عمالة ألف في الأوضة بحاول أسكت نفسي ولما مقدرتش كسرت كل حاجة فيها….. واللي صحي على الصوت دا كان وئام……”

 

 

 

بكى عند وصوله لتلك النقطة في حكايته، لم يتخيل أن البوح يؤلمه بتلك الطريقة، فماذا إذًا بالكتمان، حرك رأسه ينظر لها والدموع تعرف سبيلها على وجنتيه وكأنها تشق ذلك الطريق لمرتها الأولى، فتحدث بصوتٍ باكٍ:

 

 

 

“مش هقدر أكمل !! صعب….صعب احكي حاجة مضيعة مني حياتي كلها…”

 

 

 

حثته هي بقولها الجامد الذي لا يقبل المُناقشة:

“لو مش علشان وليد القديم، يبقى علشان الجديد يرتاح، ولو هما مش فارقين معاك، عبلة أكيد فارقة معاك !!”

 

 

 

حرك رأسه موافقًا بعدما أغلق عينيه ثم عاد بذاكرته لذلك اليوم المشئوم كما يلقبه هو

 

 

 

(منذ عدة أعوامٍ)

 

 

 

دار “وليد” الغرفة بأكملها مثل الأسد الجريح محاولًا كبح جماح طاقته وخاصةً مع تلك الخيالات التي هيئها له عقله مع حبيبته، وحينها أمسك كل الأشياء التي قابلته يقوم بتدميرها، حتى انقلب كل شيءٍ رأسًا على عقبٍ، سمع أخيه أصوات التكسير والجلبة التي أحدثها بالغرفة، ففتح الباب بقوةٍ وقبل أن يُصيح به يُعنفه على ذلك ظنًا منه أنه يشاهد التلفاز، لكنه أنصدم حينما وقع بصره على الغُرفة المُدمرة كُليًا، حتى استقر بصره أخيرًا على أخيه يرتمي على الأرض بجوار الفراش في وضعٍ تُدمىٰ القلوب دمعًا عليه، حيث وجده يضم ركبتيه إلى جذعه العلوي وكفيه يمسك بهما رأسه وكأنه بذلك يُحد من كل ما فعلته به وهو يضعها فوق ركبتيه، حتى ركض إليه شقيقه يسأله بقلقٍ بالغٍ بعد رؤيته له بذلك الوضع:

 

 

 

“ولـــيـد !! فيك إيه؟! عامل ليه كدا في نفسك ومبهدل الأوضة كدا ليه؟! وليد أنتَ كويس؟!”

 

 

 

رفع رأسه بخوفٍ بعدما خمدت نيرانه الداخلية وفور رؤيته للهفة أخيه عليه، حرك رأسه نفيًا والدمع يسيل على وجنتيه كما الشلالات التي انفجرت من منابعها وهو يحرك رأسه نفيًا بخوفٍ، لم يجد أخيه حلًا سوى أن يأخذه بين ذارعيه وهو يبكي دون أن يفهم شيئًا، فيكفيه رؤيته لنصفه الآخر بذلك الوضع، بينما “وليد” تحدث بصوتٍ مُنكسرٍ:

“إلــحقني…..أبوس رجلك إلحقنـ..ني من نفسي، أنا مش كويس….”

 

تعافيت بك ف52 ج2 – رواية تعافيت بك PDF