تعافيت بك ف48 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل الثامن والأربعون (الحبايب هنا)
“سبحانه الوهاب خلق عينيك بكل هذا الجمال، حتى قلبي نحوهما ميال”
_________________________
وقفتُ الآن كما المرء المغلوب، تلاحقني هزائم شتى وأنا قلبي من الآلم يذوب، أقف بلا أملٍ وكأنني ألقى مصرعي والحزن عليَّ مَكتوب، تَركتُ وطني، وغادرت سُفني، ووقفتُ ألومني على ما فاتني، حتى يأست ومن نفسي سئمت، الآن شعرت وكأن حملي بثقل الجبال، فوالله إني ضعيفٌ على حمل الثقال.
خرج من الغرفة ثم توجه نحو باب الشقة يفتحه، فتفاجأ به أمامه، فطالعه بدهشةٍ وهو يقول:
“أنتَ؟! بتعمل إيه هنا؟!”
ازدرد لُعابه بتوترٍ بات واضحًا عليه وعلى قسمات وجهه وهو يقول:
“ممكن أتكلم معاك ضروري؟!”
خرجت في تلك اللحظة “إيمان” من الداخل فتفاجئت بـ “سمير” يقف على أعتاب الشقة مقابلًا لزوجها، لم تحتاج وقتًا طويلًا حتى تتعرف عليه، فيكفي الشبه بينهما، فضمت ذراعيها أمام صدرها وهي تقول بنبرةٍ جامدة وصوتٍ حاد:
“أنتَ بتعمل إيه هنا !! هو أنتَ معندكش دم خالص؟!”
حرك رأسه جهة “ياسر” وهو يقول بصوتٍ مهتز رغم هدوئه:
“ممكن أتكلم معاك؟! اعتبره رجاء مني ليك، ممكن؟!”
حرك رأسه موافقًا على مضضٍ ثم دلف وهو يشير له حتى يتبعه دلف “سمير” خلفه فجلس “ياسر” على المقعد منتظرًا جلوسه، وكل ذلك كانت تتابعه “إيمان” بحنقٍ رافعةً أحد حاجبيها، حتى جلس “سمير” مقابلًا له، فتحدث “ياسر” موجهًا حديثه لزوجته بثباتٍ:
“اقفلي الباب يا إيمان، وادخلي اعملي حاجة لسمير بيه يشربها، إحنا بنفهم في الأصول برضه وبنكرم ضيوفنا”
أغلق “سمير” جفنيه بشدة بينما هي أغلقت الباب بعنفٍ واضحٍ حتى اهتز جسديهما، ثم دلفت للداخل، فتحدث “ياسر” بتهكمٍ:
“اتفضل، أنا سامعك ياريت تخلص علشان الوقت مش مناسب وأنا عاوز أنام”
تنحنح “سمير” يُجلي حنجرته ثم قال بهدوء رغم اهتزاز صوته:
“أنا جاي علشان عاوز أعوضك عن كل اللي فات، جاي علشان أأمن ليك مستقبلك قبل ما أموت”
حرك “ياسر” رأسه موافقًا بسخريةٍ ارتسمت على ملامح وجهه، فتابع الآخر قوله:
“و عاوزك تسمع كلامي وتوافق عليه علشان تضمن إنك تعيش مرتاح، على الأقل هضمن إن بعد موتي أنتَ هتعيش مبسوط، طالما معرفتش أعمل كدا ليك وأنا عايش”
سأله بنفس التهكم وهو يقول:
“و دا إزاي بقى؟! إيه جايب معاك مصباح علاء الدين؟!”
حرك رأسه نفيًا ثم قال بثباتٍ يجاهد حتى يتحدث به:
“عاوزك تتجوز جيسي”
تأهب جسد “ياسر” في جلسته وخرجت “إيمان” في تلك اللحظة تمسك في يدها العصير، وعند استماعها لهذه الجُملة، تركت ما بيدها على طاولة السفرة ثم اقتربت من موضعهما وهي تقول بنبرةٍ جامدة:
“أنتَ بتقول إيه !! أنتَ مجنون رسمي والله، جيسي مين دي!”
نظر لها ثم حرك رأسه نحو “ياسر” وهو يقول:
“ها يا ياسر إيه رأيك؟!”
ردت عليه “إيمان” بضجرٍ:
“رأيه في إيه؟! مين جيسي دي؟! أنا مراته، أنتَ أكيد مش طبيعي….”
قاطعها “ياسر” بقوله الحاد:
“أهدي يا إيمان !! فهمني بقى أنتَ عاوز إيه؟! قولي تاني كدا”
رد عليه مُفسرًا بتوترٍ:
“أنا يدوبك كنت وصي عليهم، بعد ما تموا السن القانوني كل حاجة رجعت ليهم علشان دا ورثهم من والدهم، معايا نسبة صغيرة جدًا مش هتعملكم أي حاجة، ممكن تتجوز جيسي وتعيش معاها عمرك اللي جاي وتبدأ صح، أهو تعوض فترة تعبك اللي فاتت في غيابي”
اتسعتا حدقتيهما بعد سماع حديثه الغريب، وفي تلك اللحظة طُرق باب الشقة، فتحركت “إيمان” تفتحه وحينها وجدت أخيها و”عامر” معه بثياب البيت، فسألها “خالد” بصوتٍ جامدٍ:
“سمير هنا صح !! أنا شوفته من البلكونة وهو داخل البيت، هو فين؟!”
حركت رأسها نحو الداخل فدلفا كليهما وهي تتبعهما، فتحدث “ياسر” موجهًا حديثه لوالده متجاهلًا وجودهما وهو يقول منفعلًا في وجهه:
“يعني مش بس أنتَ أب قليل الأصل؟! كمان محافظتش على أمانة الست اللي سابتهالك؟؟ عاوزني أعمل زيك واتجوز واحدة علشان فلوسها !!”
رد عليه مُسرعًا:
“أنا بحافظ عليكم انتم الاتنين، بعوضك عن اللي فات وبأمن جيسي من فادي وتهوره، جيسي تستاهل إنها تكون مع حد زيك، أنا واثق إنك راجل يعتمد عليه”
تدخل “عامر” يقول بضجرٍ منه:
“أقسم بالله أنا بقرف منك، مش قادر استوعب ازاي ممكن تكون أبوه، إزاي أصلًا هو وأهله استحملوك؟! أنتَ إيه يا أخي؟!”
وقف “ياسر” ثم توجه له يضع ذراعيه على يد المقعد وبذلك يقف كالرادع له وهو يقول بصوتٍ خافتٍ:
“أنا في حياتي دي كلها مشوفتش زيك، لا على مستوى البشر ولا على مستوى القرف، بقى عاوزني آمن مستقبلي على حساب واحدة ست؟! فاكرني زيك؟!”
رد عليه بترددٍ:
“أنا عاوز آمن مستقبلكم أنتم الاتنين، جيسي طيبة وتستاهل إنـ……”
صرخ في وجهه وهو يقول مُقاطعًا استرسال حديثه:
“بــس…..أنتَ إيه؟؟ عاوز تقهرني وخلاص؟! ماشي تحرك في الناس على مزاجك وخلاص؟! سيبتنا ومشيت بمزاجك واتوجعنا بسببك بدل المرة ١٠٠ مرة في اليوم، وحاربت علشان اتجوز اللي بحبها وحاربت الدنيا كلها علشان تكون هي ليا، عاوزني أقهرها وأعمل فيها اللي عملته في أمي؟! أنتَ إيه؟”
اقترب منه “خالد” يدفعه من قربه، ثم أمسك “سمير” من تلابيبه يوقفه وهو يقول بصوته الهادر المرتفع:
“اقسم بالله أنا اللي مسكتني عليك هو فرق السن ومرضك دا لو فعلًا أنتَ مريض، بس قسمًا بربي اللي مش هحلف بيه كدب، لو رجلك هوبت تاني ناحية أخواتي أو ميرفت أنا هموتك بإيدي ومش هستخسر عمري فيك وأنا بقضيه في السجن، على الأقل هبقى عملت حاجة تشرف”