تعافيت بك ف42 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل الثاني والأربعون (نجم شارد)
أضحى العالم في عيني فقط أنا وأنتِ، يا من سرقتي قلبي وفي روحي سكنتِ
_________________________
أليف الروح ملفت ولو بين الحشود وكأن قلبيهما بينهما عهود، فالطبع تلك الحياةِ لن تسير إلا ورفيق الروح موجود، وأنتِ أليفة الروح وحدكِ من جعلتي القلب بسر حبكِ يبوح، وحدك من استأنس القلب بها…وحدك من دوات القلب المجروح.
a
وقف “أحمد” مشدوهًا مما رأى وهو يفكر فيما قد يكون بين شقيقته و”عمار”، وقبل أن يتهور ويفعل ما لم يُحمد عقباه قبض على كفه محاولًا التحكم في نفسه حتى يستطع أخذ الفعل المناسب، وحينها أغلق الهاتف ثم وضعه بجوارها كمان كان وحاول إيقاظها من النوم بهدوء لكن نبرته خرجت جامدة دون أن يعي لذلك، تزامنًا مع قوة هزته لها التي خرجت عنيفة إلى حدٍ ما، حتى صرخت هي عند استيقاظها وهي تقول بانفعالٍ بات واضحًا في نبرتها:
“إيـــه يا أحمد حد يصحي حد كدا؟! عاوز إيه دلوقتي طيب؟”
حاول هو التحكم في نفسه وهو يقول بصوتٍ جاهد حتى يكون هادئًا:
“تعالي يا خلود يلا علشان نصلي الفجر، البيت كله صحي، قومي”
حركت رأسها موافقةً على مضضٍ ثم خرجت من الفراش، بينما هو تحرك من أمامها بعدما رمقها بتمعن محاولًا سبر أغوارها وحينما انتبهت هي لنظرته، تنحنح هو يُجلي حنجرته ثم رحل من أمامها، لكنه عزم الأمر في محادثاتها بالهدوء حتى يفهم ما يدور بينهما حتى تتصفح صوره بتلك الطريقة، بينما هي شعرت بالخوف لوهلةٍ من الزمن لكن ليس بسبب الصور وحساب “عمار” المفتوح في هاتفها، بينما بسببٍ أخر تود مسألة “وليد” عنه.
_________________________
في غرفة “خديجة” ارتدت إسدال الصلاةِ بواسطة والدتها ثم جلست خلف “ياسين” على المقعد وهو أمامها يأم بها لصلاة الفجر، بينما والدها وشقيقها نزلا سويًا حتى يؤديا الصلاة في المسجد، أنهى “ياسين” الصلاة وبعد التحيات جذب المقعد يجلس مقابلًا لها عليه ثم مد يده يسحب كفها يقوم بالتسبيح عليه كعادته بعد نهاية صلاتهما سويًا حتى يقتسما الأجر والثواب معًا، بينما هي كعادتها نظرت له بعينيها الدامعتين تأثرًا من موقفه المعتاد، فوجدته يقبل رأسها بعد نهايته، ثم تحدث بنبرةٍ خافتة يحاول جاهدًا عدم إظهار تأثره:
“ألف سلامة عليكي يا خديجة، ربنا يقومك ليا بالسلامة وميوجعش قلبي عليكي طول عمري”
ابتسمت له هي باتساعٍ فوجدته يربت بيده على رأسها ثم سألها بحذرٍ:
“لسه جسمك بيوجعك؟! أنا عارف إن دا شيء مؤكد بس وجعك زي الأول؟!”
حركت رأسها نفيًا ثم قالت بصوتٍ حاولت جعله ثابتًا:
“لأ الحمد لله الدوا اللي خدته سكن الألم شوية، هو بس وجع راسي وضلوعي وجعاني أوي”
ربت كتفها بأسى وهو يقول بنفس الهدوء:
“الحمد لله على كل حال يا خديجة، ربنا يطمننا عليكي إن شاء الله، وحقك رجعلك كمان”
ردت عليه هي بحزنٍ ظهر في نبرتها وعينيها:
“بس أنا مكنتش عاوزاه يا ياسين بالطريقة دي، أنا طول عمري بسيب حقي وبتوكل على الله، اللي حصل منهم كان كتير أوي، وطردوهم كمان، أنا متكلمتش علشان محرجهمش بس العقاب كان كتير”
رد عليها هو بتعجبٍ:
“كان كتير !! كل دا ولسه شايفة إنه كتير يا خديجة؟! منة دي مش حاولت تأذي أخوكي؟! وكانت بتتخانق مع خلود وبجحت في الكل وزقتك وكانت مستنية إنك مترجعيش؟! تفضل هنا ليه؟! علشان تعمل مصيبة تانية؟!”
ردت عليه بحنقٍ:
“الموضوع فيه حاجة غلط يا ياسين، سبب خناقتها مع خلود أنا معرفهوش وسلمى كانت مع خلود واختفت فجأة ومن ساعتها مش ظاهرة، أنا مش فاهمة في إيه بس الموضوع ميطمنش، وفوق كل دا العقاب كان كبير”
تحدث هو بضجرٍ منها:
“بطلي يا خديجة تدافعي عن الجاني وتخليه مجني عليه، أمها بنفسها جابت أخرها منها، طب اقولك على الكبيرة؟! منة دي ضربت أمها قبل كدا، عارفة يعني إيه مدت إيدها على أمها !! يعني دي عملت حاجة من الكبائر، منة تستاهل أكتر من كدا بكتير، بس أنتِ اللي طيبة”
طالعته بدهشةٍ من حديثه فوجدته يضيف بتهكمٍ:
“مستغربة !! دا شيء متوقع منها يا خديجة عادي، أمها شافت كتير بسببها، وأبوها مدلعها وعلطول يقف في صف بنته، سالم لازم يتعاقب علشان يحافظ على الأمانة اللي عنده، دي أمانة في رقبته لحد ما تروح بيت جوزها، قوليلي مين يرضى ياخد أمانة زي دي ويعتمد عليها؟!”
نزل الحديث عليها كوقع الصاعقة فلم تتخيل هي أن تفعل “منة” ذلك الشيء في والدتها، فتحدثت هي بصوتٍ تائهٍ:
“أنا مش قادرة أصدق !! تمد إيدها على مامتها؟! استغفر الله العظيم، وإزاي طنط وفاء ماخدتش رد فعل؟!”
رد عليها هو بقلة حيلة:
“هتعمل إيه يا خديجة؟! ساعتها جت عندنا وفضلت تعيط بسبب منة وجوزها اللي مأخدش رد فعل، قال إيه لسه صغيرة والمفروض تعاملها بعقل، دا غير إن وليد أكيد عارف حاجة، علشان وليد عمره ما يوصل لكدا غير لو فيه مصيبة”
زفرت هي بقوةٍ فوجدته هو يمسك ذراعها الحر ثم ربت عليه وهو يقول مُقررًا:
“بلاش تخلي تأنيب الضمير يوهمك إنك ظالمة وأنتِ المجني عليها، ولسه هنشوف الموضوع فيه إيه؟!”
تنهدت هي بقلة حيلة فوجدت الباب يُطرق بواسطة والدها تزامنًا مع حديثه مُستأذنًا بالدخول لهما، فسمح له “ياسين”، دلف “طه” وهو يبتسم ومعه في يده زجاجة العصير المفضل لديها وهو يقول بنبرةٍ مرحة:
“صباح العسل، جبتلك عصير البرتقان بالجزر اللي بتحبيه أهوه، اشربيه وشربي ياسين معاكي بقى علشان تاخدي العلاج وترتاحي شوية”