تعافيت بك ف33 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الثاني
الفصل الثالث والثلاثون_الجزء الثاني (صرخة ألم)
كُلما سَـرىٰ طَـيْـفُكِ أمّـام العَـيْن، خَـفقَ القـلـب وتَـسألتْ الـرَوح حُـبكِ سيأخدنا إلـىٰ أيْـن؟
_________________________
أنا من أقسم عن كل طرق الحب أن يتوب، الآن أصبحت أمام أعينها أذوب، وبعد أن عشتُ عن العشق والهوى زاهدًا، الآن أصبحت لمحياها عاشقًا، وجدتُ فيكِ ملاذي ودنياي….يا من يفيض شوقي لها من عيناي، يا ليت قلبي آمنٌ بالحب، يا ليتني لم أنكر خفقة القلب.
تلك الراحة التي يشعر بها بالطبع جديدة عليه، لا يدري لماذا يريد التحليق في السماء مثل الطيْر الذي لأول مرّةٍ يعرف مذاق الحرية، بعدما عاش سجينًا طوال عمره، وقف “حسن” في شرفته يفكر بتلك الطريقة بعدما استيقظ مُبكرًا حتى يطلب منهم إجازة من العمل بعدما تحجج بمرضه الكاذب، ابتسم هو حينما تذكر مشاكسة “وليد” له ثم استنشق الهواء وهو يخطط لـ برنامج اليوم لهما سويًا، وقبل أن يندمج في التفكير وجدها تخرج له من الداخل وهي ترتدي إسدال الصلاة، فابتسم هو بسخريةٍ هو يقارن هيئتها الأمس بما هي عليه اليوم، اقتربت منه تسأله بتشككٍ بعدما ضيقت جفنيها فوق أعينها:
“خير بتضحك على إيه يا أستاذ حسن؟ أصلها ضحكة متطمنش بصراحة”
كانت تتحدث وهي تقترب منه حتى توقفت أمامه في الشُرفةِ، فوجدته يقول بنبرةٍ مرحة ممتزجة بسخريةٍ طفيفة:
“منظرك دلوقتي مقارنةً بامبارح فكرني بفيلم حسن ومرقص، بصراحة مفيش مقارنة”
رفعت كفها تمسك ذقنه وهي تقول بدلالٍ أنثوي:
“طب وأنهي أحلى بقى يا أبو علي”
أخفض بصره نحو موضع كفها ثم رفعه من جديد يطالعها ببلاهةٍ فوجدها تقول ببسمةٍ هادئة:
“ها، أنهي أحلى بقى؟ هدير دي ولا دي؟ أنا بقول خلينا في هدير دي طالما أنتَ تنحت كدا”
رد عليها هو بلهفةٍ قاطعة:
“و الله ما حصل، بصي…الاتنين حلوين، بس شكلك إمبارح كان حاجة تانية، هتفضل أحلى صورة صورتها في حياتي”
ابتسمت له هي بسمةً صافية ثم سألته تغير مجرى الحديث لعل ذلك يزيل خجلها منه:
“طب قولي بقى مروحتش شغلك ليه رغم إنك صاحي بدري؟ استغربت بصراحة”
رد عليها هو بنبرةٍ هادئة يجاوب سؤالها ويرضي فضولها:
“هعتبر نفسي عريس جديد وهاخدك وننزل شوية مع بعض، دا لو أنتِ موافقة طبعًا، مش موافقة هلبس وأنزل شغلي”
ردت عليه بلهفة ممتزجة بحماسٍ يُشبه حماس الطفلة الصغيرة:
“لأ استنىٰ بس، هاجي معاك طبعًا، هو إحنا نطول؟ بس قولي هنروح فين؟”
اتسعت بسمته عند رؤيته لحماسها فجاوبها بمرحٍ:
“طالما وافقتي يبقى الباقي عليا بقى، المهم جهزي نفسك وألبسي حاجة تتحمل المرمطة”
حركت رأسها بقوة وكأنها تحاول استيعاب ما تفوه هو به، فوجدته يقول بنبرةٍ ضاحكة:
“أيوا زي ما سمعتي كدا….حاجة تستحمل المرمطة، علشان اليوم هيبدأ من دلوقتي”
اقتربت منه هي ثم لفت ذراعيها حول عنقه وهي تسأله بنبرةٍ مدللة:
“طب ودا بقى علشاني ولا علشان تعوض فترة الاستهبال اللي فاتت؟”
ابتسم هو على طريقتها العفوية تلك وسرعان ما تحولت نظرته إلى أخرى وكأنه يفكر في جواب سؤالها، بينما هي حركت رأسها تستفسر منه بصمتٍ فوجدته يقول بنبرةٍ ظهر بها مرحٍ طفيف:
“دا علشاني أنا أولًا، وعلشانك أنتِ ثانيًا، وعلشان فيه كلام كتير عاوز أقوله ليكي، ها إيه رأيك؟”
امتعض وجهها من جوابه المغرور لذلك ردت عليه هي بحنقٍ طفيف:
“علشانك أولًا؟ يعني أنتَ اللي سكت كل دا وجاي كمان تقول علشاني أولًا؟”
قالت جملتها تزامنًا مع إزاحة ذراعيها من على عنقه، بينما هو ابتسم بسمةٍ أكثر اتساعًا على تذمرها ثم وضع ذراعه على ظهرها يقربها منه وهو يقول بنبرةٍ خافتة:
“ما هو علشان سكوتي دا أنا هعوضك الليلة دي، وعلشان كلامك ليا إمبارح أنا قررت مبقاش غبي أكتر من كدا”
رفعت عينيها تطالعه بتعجبٍ ممتزجًا باستفسارٍ لم تُفصح عنه، فوجدته يقول بخبثٍ:
“هاتي بوسة كدا وعوضي معايا الفترة اللي فاتت”
ابتسمت هي بخجلٍ ولكنها وأدت بسمتها تلك وهي تقول بنبرةٍ هامسة:
“طب غمض عيونك الأول يا حسن”
امتثل هو لمطلبها ثم أغلق جفنيه فوق مقلتيه وهو يبتسم متخيلًا ما ستقوم بفعله هي، لكنه تفاجأ حينما ضربت بـ مخيلته عرض الحائط حينما صفعته بخفة على وجنته، فتح عينيه بسرعةٍ من مفاجأته فوجدها تقول بضجرٍ:
“يلا يا أستاذ علشان ننزل، قال بوسة قال، احترم إسدال الصلاة اللي أنا لبساه دا حتى”
قالت حديثها ثم حدجته بنظرةٍ حانقة ومن بعدها انسحبت من أمامه وهو ينظر في أثرها بدهشةٍ، وبعدما اختفى أثرها من أمامه، رفع صوته يقول متوعدًا:
“طب مفيش نزول بقى من هنا من غير البوسة يا هدير، بقولك عاوز أعوض فترة الاستهبال”
قال جملته ثم ركض من موقعه حينما ارتفعت ضحكتها عليه، بينما هو رغمًا عنه ابتسم على ضحكتها تلك.
_________________________
في كلية الصيدلة أمام المُدرج الخاص بالطلاب وقف “عمار” وهو يشعر بحالةٍ أخرى تنافي تلك التي تمكنت منه خلال اليومين الماضيين، حينها شعر أن حديث الشيخ “أيوب” كان في وقته الصحيح، فها هو يبدأ مرةً أخرى وهو يحاول جاهدًا محو تلك الفترة من ذاكرته على الرغم من شعوره بالحزن لما كان على وشك الحدوث له، لكنه أيقن أن الله سبحانه وتعالى هو من يملك الحكمة في أمره، حينها ابتسم رغمًا عنه ثم دلف المُدرج الخاص بالمحاضرات العملية بمفرده ومعه الأدوات الخاصة به، وبعد جلوسه أقترب منه أحد الشباب وهو يقول بمرحٍ:
“يا عم فينك، بدور عليك من بدري، أنا حاجزلك جنبي”