تعافيت بك ف30 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل الثلاثون (بالأدب)
خشيتُ الهزيمة طوال حياتي، وها أنا هويت الوقوع صريعًا في متاهات عينيكِ.
_________________________
لم أجدُ يومًا طريقًا للأمان ولا زار قلبي من قبل السلام، أنا فقط مُجبر على الحرمان وعلى مذاق الآلام، بات قلبي في الأحزان أسيرًا، وفي الندم وجلد الذات راح صريعًا، عشت في حياة الآخرين لحقوقهم مناضلًا، وها أنا أمام ذاتي أهرب منها أود لو أصبحتُ فقط لـ حقي مُجاهدًا….و لكن كعادتي اتجهت نحو اللاشيء أسيرُ به زاهدًا
في شقة “رياض” كانت الجلسة عبارة عن سهام نارية تنبثق من الأعين تتوجه للأخرى التي تبادلها نفس السهام، حتى تحدثت “بدور” تشعل تلك الجلسة بقولها الخبيث:
“و أنتِ بقى يا زُهرة لسه شايفة نفسك ومش عاوزة تنزلي الصعيد أنتِ وابنك؟”
طالعت زوجها أولًا بشررٍ ثم حركت رأسها نحوها وهي تقول بنبرةٍ هادئة ولكنها حادة:
“آه يا بدور، شايفة نفسي ومكبراها كمان، أنتِ لو زعلانة متروحيش في الاجازات وخليكي هنا”
مال “عامر” على أذن “ياسين” يقول بنبرةٍ هامسة:
“ما تلحق يا عم الخناقة السنوية دي، هو كل سنة نيجي نلحق عمتك من أمك كدا؟”
رد عليه الأخر بهمس:
“صبرك علينا بس، أنا مجهزلهم مفاجأة حلوة”
بعد انتهاء جملته صدح صوت جرس الباب، فقام “ياسين” يفتحه ونظرات الخبث تشع من عينيه، اقترب من الباب وفتحه وما إن وقع بصره على الطارق حتى عنفه هامسًا:
“إيه اللي آخرك كدا يا زفت؟ أنا باعت الرسايل من إمتى؟”
رد عليه الأخر بنفس الهمس:
“يا عم كنت مع عم محمد بنقي العفش ما صدقت أجرب اللحظات دي، قولي حبايبك جوة؟”
رد عليه بتهكمٍ:
“جوة وعامر وخالد شغالين الله ينور، ورينا شطارتك بقى”
أومأ له بخبثٍ ثم دلف معه نحو الداخل، اتسعتا عيني “خديجة” حينما رآت أخيها يدلف مع زوجها لذلك وضعت يدها فوق رأسها بقلقٍ خوفًا من القادم، بينما “وليد” بعد التعارف جلس على المقعد المجاور لشقيقته، حيث أصبحت هي في المنتصف وهما على طرفيها
حينها مال “عامر” على أذن “ياسين” من جديد وهو يقول هامسًا:
“أنا بقول كفاية أنا ووليد، والباقي يسكت أحسن”
اعتدلا كليهما في جلسته وعادا لمتابعة الحوار الدائر بين النساء أما “خديجة” فشعرت بالسهام الموجهة نحوها من “سمر” لذلك ازدردت لُعابها بتوترٍ بات واضحًا عليها من خلال انفعالات جسدها وملامحها وحينما لاحظت الفتاةِ توترها واضطرابها تحدثت تقول بفظاظةٍ:
“على كدا بقى يا خديجة لو جيتي الصعيد هتغرقي في شبر مياه، أصل البنات في مصر هنا متدلعين، وأنتِ شكلك طرية خالص”
يكفي، عند هذا الحد ولم تتحمل “خديجة” أكثر من ذلك وما زاد شجاعتها تلك هو وجود “وليد” يجانبها، ولذلك تحدثت ترد بنبرةٍ جامدة لا تدري من أين اكتسبتها:
“و الله حكمك غلط يا آنسة سمر، أظن دي أول مرة تشوفيني النهاردة فميش أي داعي لحكمك دا، غير أني مش محتاجة أثبتلك خطأ تفكيرك ودا لأني مش محتاجة ابهرك بمثليتي”
صوت صرصور الحقل هو ما يدور في تلك الجلسة بعد حديثها وطريقتها تلك حتى هي رمشت عدة مرات بقوةٍ حتى وجدت “وليد” يميل عليها يقول بنبرةٍ مرحة:
“يمين بالله فرحان بيكي فرحة الفرخة بكتاكيتها بجد”
وكزته في ذراعه بمرفقها وهي تحاول التحدث ولكن جف حلقها أمام النظرات الموجهة نحوها من قبل تلك الأسرة الغير مرحب بها، حتى تحدثت “بدور” تقول بنبرةٍ جامدة:
“لو كان ياسين وأمه سمعوا الكلام واتجوز من عندنا في الصعيد كان زمان رياض جد دلوقتي”
وجه الجميع نظرهم نحوها بحنقٍ فرد عليها “رياض” بحنقٍ ولكنه طفيفًا حفاظًا على مكانتها:
“يا بدور دا نصيب، لازمته إيه الكلام دا؟! خديجة وياسين نصيب بعض”
ردت عليه هي بنبرةٍ جامدة:
“بس اتجوز على كَبر، احنا عرضنا عليه الموضوع من وهو ابن ٢٠ سنة، كان زمان عياله طوله”
تدخل هو في تلك اللحظة بخبثه ووقاحته المعتادة:
“طب وهو الأستاذ مهند السوري اللي جنبك دا مخلفش ليه عيال طوله ليه؟ ولا هو تحت السن؟”
حركت رأسها تطالع “وليد” بعينيها الواسعة المتكحلة بقوة فوجدته يبادلها النظرة بجمود وثباتٍ أوشك على وأدها في مكانها، بينما “مهند” تحدث يقول بفخرٍ:
“اتعرض عليا نص بنات الصعيد وأنا اللي رافض، أنا لسه ٢٥ سنة والبنات بيفاتحوا أمي في جوازهم مني، هي دي هيبة الرجالة”
رد عليه “وليد” بثقةٍ:
“ما احنا عندنا هنا برضه لما البنت بتحلو وتدور عرسانها بيكتروا، وأنتَ تلاقيك احلويت واتدورت”
حاول الشباب كتم ضحكتهم بمجاهدةٍ منهم حتى “خديجة”، بينما “بدور” وجهت بصرها نحو “رياض” وهي تقول بتهكمٍ:
“و نعم النسب يا رياض”
رد عليها “عامر” بمرحٍ:
“هما فعلًا ونعم النسب، دول عيلة الرشيد، أكبر عيلة في السويس وفرع دلتا والرشيد، بصراحة عيلة فخر لأي حد”
حركت رأسها موافقةً وهي تقول بنبرةٍ متريثة:
“ما هو باين، مش محتاج تتكلم”
تدخل “رياض” يسألها بتوترٍ طفيف:
“مقولتليش رجعتي إمتى من الصعيد؟ وإيه سبب الزيارة الجميلة دي؟”
ردت عليه هي بثقةٍ:
“عمتك هي اللي قالتلي أزورك واتطمن عليكم، خصوصًا بعد فرح ابنك اللي محدش مننا حضره، قولت أجي اتطمن عليكم وأبارك للعرسان، مش كدا يا ياسين؟”