تعافيت بك ف29 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل التاسع والعشرون (صفعةً مدويةً)
مرحبًا بكِ عزيزة القلب…. ها قد أتت من أنارت عتمتة الدرب.
_________________________
جئتُ إلى هذا العالم وكأني أعاقب على ذنبٍ لا أعرفه، حُسبت على ذنوب الآخرين وطالتني يد الحزن حتى بات قلبي حزين، لا الأماكن تُشبهني ولا الأشخاص تعرفني، حتى غدوت أنا أُعاني مني، أنا من سار بين الناس جابرًا للخواطر، غَدوتُ الآن أبحث عن من يجبر بخاطري ويزيح عن قلبي آلامه، قلبي الذي إذا دُقق الوصف له، لا يشعر من منهما فوق الآخر، هو أم أن الأرض بأثقالها تجثو فوقه؟.
وضعت نفسها في مأذق بالفعل، لا تدري ماذا تفعل، هل تركض من أمامه أم تتصنع عودة صمتها من جديد، هكذا كانت تفكر “هدير” فيما وضعت نفسها به، بينما هو أدرك أن تهورها أسعده وتسبب في راحته لكنه حينما لمح خجلها وتوترها بتلك الطريقة حمحم بقوة ثم قال بثباتٍ ونبرةٍ جامدة:
“إن شاء الله، محدش عارف الخير فين يا هدير، يمكن”
تنهدت هي بعمقٍ حينما وجدته ينهي الحديث بتلك الطريقة ولم يتمادى أكثر به، حتى أنها ودت لو احتضنته في تلك اللحظة وحينما وصل تفكيرها إلى تلك النقطة صرخت تعنف نفسها بصوتٍ عالٍ:
“كمان !! دا أنتِ غبية”
طالعها الاثنين بدهشةٍ حينما صرخت تعنف نفسها، فتحدث الطفل يقول بنبرةٍ مرحة أن تحمل بين طياتها السخرية:
“هي طنط عبيطة يا عمو؟ دي بتشتم بنت مش موجودة واحنا راجلين معاها”
حركت رأسها للأسفل تنظر للصغير بملامح وجه خجلة منه، فتحدث “حسن” بخبثٍ مرح:
“و الله يا حبيبي طنط ست زي كل الستات، عندهم لَطة في نفوخهم، واحنا رجالة غلابة ضايعين وسطهم، بكرة تكبر وتعرف”
ردت عليه هي بنبرةٍ حانقة:
“يا سلام !! دا إحنا برضه؟ روح نام يا حسن، شكلك لسه مفوقتش”
تدخل الصغير يقول بمرحٍ:
“على فكرة هو معاه حق، طنط أنتِ كنتي بتكلمي نفسك وبتشتمي واحدة مش موجودة”
قبل أن ترد عليه هي توضح موقفها، تدخل “حسن” يقول بخبثٍ:
“و مين قالك يا حبيبي إنها مش موجودة، هي موجودة وسامعة الشتيمة، يلا ربنا يهدي”
في تلك اللحظة اقتربت منهم الحافلة المدرسية، وبعد توقفها نزلت منها المشرفة وهي تسألهم بتعجبٍ:
“مين حضراتكم؟ وفين والده أو عم سعد؟”
رد عليها “حسن” مردفًا بثباتٍ:
“أنا حسن جاره وساكن في الشقة اللي جنبه، والده بس وراه حاجات كتير علشان كدا نزلته أنا”
ابتسمت له بمجاملةٍ وهي تقول:
“طب الحمد لله يا فندم علشان ميفضلش طول الطريق مكشر وزعلان، طب التواصل بعد كدا هيكون مع مين؟ يعني هاخد رقم حضرتك؟”
تدخلت “هدير” مندفعة في تلك اللحظة وهي تقول بنبرةٍ جامدة ولكنها محتفظة ببسمتها المقتضبة:
“لأ التواصل مع باباه، احنا بس مجرد وسيط هينزله لحضرتك، لو عاوزة رقم ممكن تاخدي رقمي عادي”
لمعت عينيه بنظرةٍ خبيثة حينما رآى تصرفها مع الفتاة التي تقريبًا تماثلها في العمر، بينما الفتاة قالت بنبرةٍ هادئة:
“خلاص مفيش مشاكل يا فندم، أنا هتواصل مع والده، يلا يا أيهم”
حرك رأسه موافقًا ثم التفت إلى “هدير” بعدما فتح ذراعيه لها، فحركت رأسها له باستنكارٍ لا تقوى على فهم مقصده، فوجدته يقول بنبرةٍ حماسية:
“انزلي بسرعة علشان الباص”
نزلت هي لمستوى جسده الصغير فوجدته يحتضنها بقوة وهو يقول بنبرةٍ ممتنةٍ:
“شكرًا إنك جيتي معايا، أنا كدا طول الطريق مش هبقى زعلان علشان مفيش حد بيوصلني”
تأثرت هي من موقفه، لذلك شددت عناقها له وهي تقول بنبرةٍ اختلتط بالبكاء:
“من العفو، أنا هنزل معاك كل يوم لو دا هيخليك فرحان كدا”
رد عليها بعدما ابتعد عنها بحماسٍ:
“بجد !! هتنزليني كل يوم”
تدخل “حسن” يقول بنبرةٍ هادئة:
“هتنزلك كل يوم وأنا معاها، مبسوط كدا؟ يلا بقى علشان متتأخرش”
أومأ له موافقًا ثم لوح له مودعًا بذراعه، بينما هي اعتدلت في وقفتها بجانبه حتى تتحرك الحافلة، وبمجرد تحركها التفتت له وهي تقول بنبرةٍ لازالت متأثرة من موقف الطفل:
“يلا علشان توصلني السوبر ماركت وبعدها تلحق شغلك”
تنهد هو بعمقٍ وحينما وجد الحيرة على وجهها سألها بنبرةٍ هادئة:
“ماشي، بس هو أنتِ مالك؟ ليه حاسس كدا إنك عاوزة تعيطي”
ردت عليه هي بنبرةٍ جاهدت حتى تكون طبيعية:
“كل الحكاية إن موقف أيهم دا صدمني شوية، طفل صغير بس موقفه غريب أوي”
رد عليها هو بمرحٍ:
“يا شيخة هما دول أطفال برضه؟ دا أنتِ اللي أطفال، دا رمانا واحدة معندكوش طفل ليه جابت أجلنا واحنا واقفين”
ضحكت هي على طريقته فوجدته يقول بنبرةٍ ضاحكة:
“و بعدين المفروض كان يشكرني أنا كمان، حضنك أنتِ وأولع أنا”
ردت عليه هي بنبرةٍ هادئة:
“دي غيرة بقى ولا إيه؟ غيران من عيل صغير يا حسن؟”
رد عليها هو مردفًا بحنقٍ:
“أنتِ هبلة على الصبح؟ هغير من عيل صغير؟ كل الحكاية أني عاوز احتواء وعاوز حد يحضني”
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
“خلاص يا سيدي لما ترجع من الشغل أنا هحضنك، تمام كدا”
رد عليها هو بتهكمٍ:
“حاسس إنك بتاخديني على قد عقلي والله، بس يلا علشان نلحق نجيب الحاجة علشان أوصلك الشقة وأطلع على الشغل”