تعافيت بك ف28 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل الثامن والعشرون (وضعت نفسها بمأذق)
ضللتُ طريقي وكنتي أنتِ العنوان، بكيتُ من فرط القسوة وبيدكِ أعطيتيني الحنان
_________________________
أنا أخشاني وأخشى قسوتي، لذلك تراني مسالمًا إلى هذا الحدِ، لطالما كنت دائمًا أشبه البحر في هدوئه أثناء سكون الليل وغضبه في تلاطم أمواجه، قد أبدو لك من الخارج ثابتًا ورأسي يعج بضجيج الأفكار وازدحامها كما لو أنها مدينة متكدسةِ السكان، حتى وإن كانت الهيئة ثابتة، فالداخل يَغلي مثل الماء على النيران.
ابتسمت هي بخجلٍ فوجدته يقول بنبرةٍ هادئة:
“بِـرقـة فـراشـةٍ تَدخُـلّـينَ الـقُـلـوبِ؛ تَـتـرُكـيّـنَ بِـهـا أثَـرُكِ وتُـشـفـينَ مَـا بِـهـا مِـن نِـدوبِ، قِــيل مِــن قَــبل: أنَّ أثَــر الفَـراشـةِ لَا يُــرىٰ أثــر الفَـراشـةِ لَا يَــزول، وأنّـتِ واللّٰهِ أثــركِ مِـثـل الخَـمّـرِ مُـسـكـرٍ يُـذهـبُ العـقـول”
طالعته هي بدهشةٍ فوجدته يغمز لها بطرف عينه وهو يقول بمرحٍ كعادته:
“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”
قبل أن ترد عليه وعلى حديثه لها تدخل والده يقول بمرحٍ:
“طب والله دا أنا أبوك واتثبت، هي مش هتتثبت؟ مش قولتلك يا خديجة هيصلح الموقف؟”
حركت رأسها عدة مرات موافقةً على حديث “رياض”، بينما والدته قالت بفخرٍ:
“عسل يا ياسين، حبيب أمك بصحيح، كنت ناوية أتعشى من غيرك بس خلاص بقى”
رد عليها هو بمعاتبةٍ:
“بقى كدا برضه يا زوزو عاوزة تاكلي من غيري؟ أومال لو مش أنا حبيبك بقى؟”
ابتسمت له وهي تقول بنبرةٍ مرحة:
“بقول كنت يا واد، خلاص بقى حصل خير مفيش مشاكل والمهم إنك صالحت خديجة”
حرك رأسه ينظر لزوجته وهو يقول لها بنبرةٍ هادئة بعدما ابتسم لها:
“و أنا مقدرش أزعل خديجة مني، ولو زعلت بصالحها علطول”
ابتسمت “خديجة” بفرحٍ ظهر على ملامح وجهها وعلى ثُغرها من خلال البسمة التي زينته وهو يطالعها بهدوء، بينما والده تدخل يقول بنبرةٍ خبيثة:
“طب إيه طيب؟! تحب نمشي أنا وأمك ونسيبلك الشقة براحتك؟”
_” ياريت والله، تبقى عملت خدمة العمر”
تفوه بها “ياسين” بنبرةٍ تائهة وهو يطالع وجهها وهي تبتسم له، وحينما لاحظ خجلها وتورد وجنتيها وضحكات والديه حينها انتبه لما تفوه به، لذلك حرك رأسه للجهة الأخرى وهو يقول بنبرةٍ متوترة:
“طب…أنا بقول بقى نروح ناكل علشان أنا جعان”
رد عليه والده بنبرةٍ ساخرة:
“ياريت يا أخويا، علشان جوعنا من الصبح، وخديجة مكانتش عاوزة تاكل من غيرك”
رفعت رأسها تنظر لوالده بعينين متسعتين فوجدته يقول وهو يحاول كتم ضحكته ساخرًا منها:
“قال يعني أنا بتبلىٰ عليكي، مش أنتِ قولتي مش هاكل من غيره؟”
حركت رأسها موافقةً بخجلٍ فرد هو على أيماءتها تلك بقوله:
“أخترت صح، يمين بالله اخترت صح ورافعة راسي علطول”
تدخلت والدته تقول بنبرةٍ ظهرت بها فرحتها بهما سويًا:
“طب يلا علشان ناكل، ادخل غير هدومك لحد ما الأكل يجهز”
أومأ لها موافقًا ثم اعتدل في وقفته وهو يمسك كفها حتى تسير معه لكنه فوجئ بوالده يقول بنبرةٍ جامدة:
“سيب البت يالا، أنتَ داخل تغير عاوزها معاك ليه؟ ادخل يا حبيبي ولم نفسك يلا”
ابتسم “ياسين” باستفزاز لوالده ثم ترك كفها على مضضٍ ومن بعدها رحل من أمامهم فتحدث والده يقول بفخرٍ بعد ذهابه:
“مش قولتلك ابني وأنا حافظه؟ الواد دا بيفهم”
_________________________
في بيت آلـ “الرشيد” خاصةً أمام شقة “مُشيرة” توقفا “طارق” و”جميلة” سويًا فتحدث هو يقول بنبرةٍ خافتة:
“ألف مبروك على الحاجة، تتهني بيهم يا رب”
ابتسمت له وهي تقول بنبرةٍ هادئة:
“الله يبارك فيك يا طارق، شكرًا على اليوم الحلو دا بجد، أنا كدا هتلكك وأطالب بالمشوار دا كل تِرم”
رد عليها هو مؤكدًا حديثها بنبرةٍ لم تخلو من المرح:
“طبعًا دا لازم يحصل، ولو عاوزة المشوار دا كل أسبوع أنا مستعد، المهم أنتِ تكوني فرحانة بس”
أومأت له موافقةً ثم قالت بخجلٍ:
“طب عن إذنك بقى علشان أدخل أنام وعلشان هصحى بدري بكرة، أشوفك على خير”
حرك رأسه موافقًا بإيماءةٍ بسيطة ثم قال بنبرةٍ مقررة:
“جميلة؟! صحيتي بليل كلميني، وأنا لو معرفتش أنام هكلمك ماشي؟”
ردت عليه هي بنبرةٍ تمتزج بضحكاتٍ طفيفة على حالته:
“يعيني؟! هو الموضوع مأثر فيك أوي كدا؟”
تبدلت ملامح وجهه إلى الحنق وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
“أعمل إيه فـ خالك محمد؟ قال إيه قال لعمتو بنتك عندك أهيه والأمانة رجعت وطارق حافظ عليها، ربنا يسامحه”
كان يتحدث وهي يحاكي طريقة والده في الحديث بينما هي ضحكت عليه بشدة وهو يتابعها بملامح غير راضية فوجدها تحاول إيقاف ضحكاتها وهي تقول بنبرةٍ خافتة:
“حصل خير بقى، وأهو كنا مع بعض من شوية وأي وقت هعوزك فيه هلاقيك وأنتَ برضه”
ابتسم هو بقلة حيلة ثم اقترب منها يقبل جبينها ومن بعدها نظر في وجهها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
“تصبحي على خير يا جميلة، أشوفك بكرة الصبح وياريت تنامي علشان هنصحى بكرة بدري”
حركت رأسها موافقةً فوجدته ينسحب من أمامها إلى المصعد، بينما تنهدت هي بعمقٍ ثم دلفت شقة والدتها بفرحةٍ كبرى، أما هو توجه نحو شقة والديه بملامح وجه هادئة مرتخية، دلف الشقة فوجد والديه يجلسا سويًا وهما يمازحان بعضهما، تبدلت ملامح وجهه إلى أخرى غير راضية ثم اقترب منهما وفجأة ارتمى على الاريكةِ يفصل بين جلوسهما معًا، طالعه والده بتعجبٍ وهو يقول بنبرةٍ ساخطة:
“دا إيه دا إن شاء الله؟! قوم خُش أوضتك يا حبيبي”