تعافيت بك ف24 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل الرابع والعشرون ( هل جدير بالثقة؟)
فُنيت العوالم في عيني بدونها، تلك التي أحببتُ العالم لأجلها.
________________________
الآن عارضت قدماي سيري،
لا أدري إلى أي جهة يجب أن تخطو قدماي، أنا فقط مدرك أن السقوط نحو الهاوية هو الأمر المحتم، لكن ماذا قبل ذلك؟ ألم يلين لي الطريق من قساوة عتمته؟ ألم يحن لي وقت الخروج من ظلمته؟ بعد عدة تجارب الآن وبكل آسى أقول أن أخطر ما يُكتب على المرء خوضه، هو السير في طرقاتٍ لم تشبه لكنه مُجبرًا على خوضها.
في الشارع الخاص بشقق الشباب صباحًا، توقفت سيارة “ياسين” أسفل بناية “عامر”، ومعه صديقيه، زفر هو بقوةٍ ثم تحدث يقول بحنقٍ:
“أنا مش فاهم دا كله بيعمل إيه؟ مصحيه من قبل حتى ما أخرج من السرير، بيحضر الذَرة؟”
ابتسم “ياسر” بيأسٍ بينما “خالد” رد عليه بنفس النبرةِ المُستاءة وهو يقول:
“علشان هو مهزق، عارف إن النهاردة الخميس يعني لازم نكون هناك بدري علشان نخرج بدري، لكن نقول إيه؟”
أخرج “ياسر” هاتفه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
“أنا هكلمه واستعجله خلينا نخلص”
قال حديثه ثم شرع في مهاتفته، رد عليه “عامر” بمرحٍ وهو يقول:
“صباح الخير يا دكترة، ها نزلتوا ولا هتأخرونا زي كل يوم؟”
استمعا كليهما لحديثه عبر المكالمة، فالتفت “خالد” حتى يتدخل في الحديث وهو يقول منفعلًا:
“انزل يالا بدل ما أطلع أجيبك أنا، مهزق بصحيح، مفيش دم وسايبنا تحت بيتك بقالنا ربع ساعة !!”
رد عليه هو بقلقٍ من لهجته:
“خلاص…خلاص بربط الكوتشي ونازل أهوه، متزعلش نفسك”
تدخل “ياسين” يقول بضجرٍ:
“يمين بالله لو ما نزلت لأسيبك وأمشي وابقى قول لأبوك يجبلك عربية بقى”
رد عليه هو بنبرةٍ يشوبها بعض التعالي:
“هجيب عربية وأنا عندي اتنين بالسواقين؟ البركة فيك وفي خَالود، يلا سلام علشان متأخرونيش بقى”
أغلق الهاتف في وجوههم، بينما هم نظروا لبعضهم بيأسٍ منه، وبعد مرور ما يقرب العشر دقائق، كعادته خرج من المصعد والهاتف متصل بالسماعات الهاتفية وهو يرقص عليها، وفي يده حقيبة بلاستيكية لم يحتاجوا وقتًا للتفكير ماذا بها، ولكنها كانت أكبر حجمًا من ذي قبل، ركب السيارة بجانب “ياسر” وهو يغني بصوته مع الأغنية، فتحدث “ياسر” يصرخ في وجهه وهو يُبعد السماعات عن أذنه:
“بـــس صوتك وحش، إيه دا على الصبح؟ جاموسة بتنعر، إيه دا؟”
أغلق هو هاتفه وهو يقول بمرحٍ:
“دا إحساس يا عديم الإحساس، هقولك إيه مبتقدرش الفن، المهم اخباركم إيه يا رجالة؟”
رد عليه “ياسين” بقلة حيلة:
“كويسين الحمد لله يا عامر، أنتَ إيه اخبارك؟ واتأخرت ليه؟ اتمنى تكون بخير؟”
رفع الحقيبة في يده وهو يقول بمرحٍ:
“كنت بجيب الحاجات الحلوة دي، وعامل حسابكم معايا كمان، يلا قلبي طيب مرضيتش أجيب لنفسي من غيركم”
التفت له “خالد” يتحدث متشدقًا بنذقٍ:
“حاجة إيه دي إن شاء الله؟”
أخرج أحد المحتويات من الحقيبة وهو يقول بمرحٍ:
“علمت لكل واحد فيكم ساندويتش فراخ بانيه بالبطاطس وعصير جوافة باللبن وجبت كوبايات بلاستيك أهو”
اتسعتا حدقتي “خالد” بينما “ياسر” ابتسم بسمةٍ متسعة و” ياسين” تحدث يقول بنبرةٍ ضاحكة:
“والله العظيم فيك الخير، براءة يا عامر خلاص”
سأله “خالد” بنبرةٍ شبه حانقة:
“أنا عاوز أفهم هيحصل إيه لو كلت في الشغل؟ لازم تأخرنا كدا وتخلي مراتك تعمل أكل على الصبح؟”
رد عليه هو بقلة حيلة:
“يا خالد مبعرفش آكل هناك، ومبعرفش آكل لوحدي وهما عاملين فرق بيننا علشان أنا المدير، علشان كدا بفطر معاكم هنا وخلاص”
تدخل “ياسر” يتحدث بحبٍ:
“يا حبيبي ألف هنا وشفا بس ابقى اصحى بدري بقى وجهز الفطار”
أخرج هو الطعام يعطيه لكلًا منهم وهو يقول بمرحٍ:
“يا عم براحتي بقى، مش كفاية بفطر اشكالكم؟”
نظروا له بتعجبٍ بينما “خالد” اعتدل في جلسته وهو يقول:
“أنا قولت مفيش فايدة، وياريت منتجمعش في حتة تاني أنا وهو”
لوح له “عامر” بكفه وهو يقول بضجرٍ:
“روح بقى متقرفناش على الصبح، عامل نفسك حاجة”
التفت له يقول منفعلًا:
“أومال أنا إيه يالا؟ يعني إيه عامل نفسي حاجة؟”
رد عليه هو بخوفٍ:
“عامل نفسك حاجة وأنتَ كل حاجة والله، راسك أبوسها يا غالي”
قال جملته ثم اقترب منه يقبل قمة رأسه، والبقيةِ يضحكون عليه، حينها حرك “ياسين” رأسه وكأنه يخبرهم أن لا فائدةً منهما، ثم شرع في تحريك السيارة.
_______________________
وصل “وليد” وجهته المُحددة صباحًا بعد انتهاء زيارته لإبراهيم، توجه نحو عيادة الطبيبة النفسية، حتى يُكمل ما بدأه في تغير ذاته، ثم جلس في الخارج حتى أتت الطبيبة بعدما أخبرتها مساعدتها بوجوده في المكان منذ الصباح الباكر، لم تبدي تعجبها من وجوده وأتت بالفعل له، بينما هو وقف بمجرد سريان طيفها أمام عينيه، فوجدها تشير له حتى يتبعها نحو الداخل، دلفت هي أولًا وهو خلفها، يجلس على المقعد المجاور للمكتب الخاص بها، بينما جلست هي على مقعدها ثم سألته بنبرةٍ ثابتة:
“ها يا أستاذ وليد؟ في إيه على الصبح يخليك تجبني لهنا، وياترى غِبت ليه عن الجلسة بتاعتنا اللي حدتلك معادها؟”