تعافيت بك ف18 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل الثامن عشر ( ضربة سكين بمقتل)
تأتي لحظاتٍ على المرء كل ما يوده فقط الشعور بالأمان، وأنتِ روية عيناكِ كالغيث على صحراءٍ جارفة.
____________________
أنا الآن المخطيء الوحيد في حق نفسه، أنا من أختارتُ نهايةٍ لا تليقُ بي، اندفعت وتماديت وكانت النتيجة أنني عانيت…لو تُرك لي منذ البداية الخيار، لـ كنتُ بنفسي أكتفيت…الآن أقف مدهوشًا مما حل على رأسي، ولساني فقط يُردد يا ليتني ما أتيت….بعدما ظننتُ أنني تعافيت.
وقف “وليد” مَشدوهًا مما سمع وقبل أن يدرك ما يصير حوله حدث ما هو غير متوقع، حيث صوت تصادمٍ قوي أتىٰ من الخارج، جعل الدهشة تأخذ محلها على وجوه الجميع فاقترب أثنين من “وليد” يمسكاه من ذراعيه حينما تحدث “ابراهيم” آمرًا أحدهم:
“بص شوف في إيه برة يا هاني”
أومأ له ثم أشرأب برأسه للخارج وحينها زفر بقوة ثم جاوبه بنبرةٍ عادية:
“دا محروس قفل البوابة يا حج إبراهيم، أنا قولتله لما ندخل إحنا يقفلها هو ويروح”
نظر “وليد” له بغلٍ واضح وهو يقترب منه أكثر يقول بخبثٍ:
“شوفت أنا طيب إزاي؟ خليتهم قفلوا البوابة الكبيرة وسيبتلك الصغيرة علشان البرد، أصل أنا بعزك بصراحة”
بصق “وليد” في وجهه بقوة حتى يُشفي غليله منه بذلك، فمسح هو وجهه ثم قال بتريثٍ:
“مش قولتلك عاوز تتربى يا ابن الرشيد؟ وحظي الحلو إنك هنا لوحدك”
_” و هو إبن الرشيد هيجي لوحده من غير ما ابن الشيخ يأمن ضهره؟ تفتكر ياسين هيسيب أخوه برضه؟”
تفوه “ياسين” بذلك بفخرٍ بعدما عبر من البوابة الحديدية الصغيرة المؤدية لردهة البيت حتى وقف خلف رجال “ابراهيم” الذي وقف مَصعوقًا حينما سمع صوت “ياسين” أما “وليد” فابتسم باتساع وهو يحرك رأسه بيأسٍ، بينما “ياسين” دلف من وسط الرجال الذين أشار لهم “ابراهيم” بتركه حتى يصل أمامه، اقترب منه “ياسين” يقول بثقة:
“غبي أنتِ يا هيما وفاكر الناس كلها غبية زيك، عامل زي المعدة الجعانة؛ صوت على الفاضي”
ابتسم له “ابراهيم” وهو يقول بسخريةٍ:
“لأ حلوة منك، بس الغبي هو أنتَ علشان أنا كدا كدا كنت هجيبك، أصلك زي وليد صنف ملطوط شهامة بغباوة، كدا هخلص منكم أنتو الاتنين طالعة واحدة”
رد عليه “ياسين” متشدقًا بنذقٍ:
“لأ يا راجل؟ طب وهو أنا جيت جنبك علشان تخلص مني؟”
_” دخولك بيت ابراهيم راشد بالطريقة دي غلط، البيت تدخله بأدبك واحترامك”
رد عليه “ابراهيم” بذلك بلهجةٍ صارمة مما أدى إلى اتساع بسمته ثم نظر حوله بطريقةٍ درامية وكأنه يتفحص المكان وهو يقول ساخرًا:
“غريبة يعني يا هيما، عامل حوار في دخول البيت، إلا ما شوفت حتى سجادة صلاة ولا مأذنة ولا سبحة في إيدك، ماهو أنا مش داخل جامع دا أنا داخل مكان ***”
ابتسم له “ابراهيم” بتهكمٍ وهو يرد عليه:
“كُتر قاعدتك مع وليد خليتك قليل الأدب زيه، أنا كنت فاكرك خام”
_” لأ وأنتَ الصادق خمام، ميغركش الأدب اللي عندي، علشان بصراحة مش مستنضف أني أحترمك”
تفوه “ياسين” بذلك ردًا على حديثه الساخر، مما جعل “ابراهيم” يومأ لرجاله حتى يمسكوا “ياسين” فامتثلا لأوامره وهو يضيف:
“وماله، بس أنا بقى ما صدقت تكونوا قصادي أنتو الاتنين علشان أخلص منكم طالعة واحدة، وكدا تبقى بنت طه اتكسرت صح، لما حبيب القلب وأخوها يروحوا منها، عيلة الرشيد هتخسر كتير، شوفوا نفسكم كدا؟ اتنين قصاد خمسة، يعني ابن الشيخ وابن الرشيد في إيدي أنا”
نظر “وليد” إلى “ياسين” بيأسٍ وقبل أن يبدأ الشجار أو يتحرك “ابراهيم” من موضعه، فُتح الباب الصغير الذي يقع أسفل درجات السلم، ثم خرج منه “خالد” هاجمًا على “ابراهيم” من الخلف واضعًا سكين صغير الحجم على عنقه وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
“وهو خالد هيسيب أخواته برضه من غير ما يجي يعرفك مقامك يا هيما؟ يلا يا حلو أنتَ وهو سيبوهم بدل ما رقبة العمدة تطير في إيدي”
اتسعت حدقتي “وليد” بينما “ياسين” ابتسم بثقة خاصةً حينما تحدث “ابراهيم” صارخًا لرجاله:
“محدش يسيبهم، هما تلاتة واحنا أكتر منهم، سمعتوا؟ محدش فيكم يسيبهم”
_” أنتَ غبي ليه يا عم ابراهيم؟ طالما ياسين هنا وخالد هنا يبقى أكيد عامر وياسر هنا، بطلوا غباء بقى”
ذلك ما تفوه به “عامر” ردًا على حديث “ابراهيم” بعدما خرج من الباب الصغير وفي يده عصا كبير الحجم و”ياسر” في يده خنجرًا يلمع نصله بشدة، فأضاف “عامر” بمرحٍ:
“كنا محترمين وبطلنا الشقاوة خلتونا نطلع السلاح ونرجع تاني زي ما كنا، يلا يا حلو أنتَ وهو سيبوا أخواتي بدل ما أخلي الدكتور ياسر يتدرب عليكم في التشريح”
نظر الرجال إلى بعضهم بحيرةْ و”ابراهيم” يصيح في وجوههم:
“خليكم زي ما أنتو وأنا هحاسبكم الضعف، اســمـعـوا الكــلام”
قفز “ياسر” في تلك اللحظة من الخلف حتى وصل أمام الرجال وفي يده الخنجر وهو يقول بنبرة حادة:
“عاوز واحد فيكم يقرب من واحد فيهم كدا وأنا هخليه يجرب إحساس الفنانة لما قالت فيه حاجات تتحس ومتتقالش، هطلع شغل الطب عليكم، ها تجربوا حظكم معايا؟”
وهو يتحدث أشار بأهدابه لـ “ياسين” الذي حرك رأسه موافقًا دون أن ينتبه عليه أحد، وكرر الكرة مع “وليد” الذي حرك أهدابه موافقًا، وفي لمح البصر أصبح المكان رأسًا على عقب، حيث إندفع “ياسين” و “وليد” للخلف يعرقلان حركة الرجال حتى أنضم لهما “عامر” و”ياسر” وأصبحت المعادلة موزونة، حيث كان “ياسين” و “ياسر” أمام رجلين يقوما بضربهما ولكمهما، و”عامر” و”وليد” أمام رجلين يكرران الكرة في اللكمات والضربات، و”خالد” كما هو يكبل حركة “ابراهيم”من خلال السكين الموضوع على عنقه وحينما لاحظ حركة يده حتى يُخرج شيئًا من جيبته، قام بإمساكه من يده وهو يقول بهمسٍ مُخيف:
“عاوزك تلم نفسك علشان لما يخلصوا على رجالتك نفضالك كلنا، دا أنتَ هتدلع، سمعت يا هيما؟!”