تعافيت بك ف11 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل الحادي عشر (وضعهما غريب)
كُنت كَـ الجماد ثابت دائمًا…حتى رأيتُ بسمتها أصبحت لها عاشقًا
_______________
من قال أن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن؟…فـ حتى الآن لم نملك السفن بعد….تمزقت الأوراق وتعددت الأسباب وزادت المسافات وانقطع الوصال والسؤال هنا هل كل ذلك بسبب بُعدٍ طال؟.
وقف “حسان” مشدوهًا حينما أخبرته هي بما حدث منذ عدة أعوام وفقدها لـ رحمها فوجدته يسألها بنبرةٍ مهتزة حتى خرجت كلماته متقطعة:
“أنتِ ….بتقولي إيه يا مشيرة؟ شايلة الرحم…. إزاي يعني”
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت بهدوء متقطع:
“تعالى بس نقعد برة وأنا هحكيلك”
أومأ لها موافقًا ثم أمسك كفها يساندها حتى تستطع الخروج من ذلك الممر الضيق، وبعد مرور ثوانٍ جلست على المقعد الخشبي في الخارج لعلها ترتاح قليلًا وكان هو يطالعها بـ عينيه المترقبتين مما جعلها تتنهد ثم أشارت له يجلس بجانبها، وافق هو على مضضٍ ثم جلس بجانبها وهو يقول بنبرة جامدة بعض الشيء:
“أنا أهو قعدت يا مشيرة، عرفيني بقى اللي حصل دا كان إيه”
نظرت له بحزن ظهر جليًا على قسمات وجهها ونبرتها المختنقة حينما تحدثت قائلة:
“بعد حوالي ٣ سنين من اللي حصل زمان أنا حصلي مشاكل صحية كتيرة جدًا ومن ضمن المشاكل دي ورم ليفي على الرحم هو نوع ورم حميد”
توقفت عن الحديث حينما زاد الاختناق في نبرتها أكثر، فتنهدت بعمقٍ تنهيدة قوية وهو بجانبها وحينما لاحظ ارتجافتها أمسك كفها يربت عليه وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
“احكي واحدة واحدة يا مشيرة…و لو مش عاوزة خلاص مش لازم النهاردة”
حركت رأسها نفيًا ترفض مقترحه ثم مدت كفها تمسح بأناملها المرتشعة دموعها ثم قالت بنبرةٍ مهتزة:
“لأ أنا عاوزة أحكي….يمكن ارتاح، الورم دا كان بيسببلي نزيف كل شهر وساعات كان بيستمر شهر كامل، الدكتورة ساعتها قالت إن الأدوية مش هتجيب نتيجة وبعد ٣ شهور من الوضع دا…. أخر حل إنه يتشال ودي كانت من ضمن الخساير اللي خسرتها…. محدش كان معايا غير فاطمة الله يرحمها ومحدش هنا يعرف أني شيلت الرحم غير هي وأنا وساعتها قولتلهم هنا إنها عملية الزايدة….علشان مكنتش عاوزة شفقة منهم”
سألها بنبرةٍ مندهشة:
“يعني أنتِ لما شيلتي الرحم مكانش حد فيهم معاكي ولا حتى عرفوا لحد دلوقتي”
أومأت له موافقة ثم أضافت بتروٍ نتيجة خجلها مما سبق وفعلته هي:
“محدش فيهم كان بيطيقني ولا كان ليا عين أطلب منهم مساعدة علشان أنا كنت فاكرة إنهم مذنبين في حقي….الدنيا كانت وحشة أوي معانا يا حسان”
أغلق هو جِفنيه بقوة حينما تذكر أن بُعده كان من ضمن تلك الأسباب المتسببة في ضررها أما هي فرفعت رأسها تطالع قسمات وجهه المتألمة ونظرة عينيه المتألمة، فابتسمت هي بسخرية ثم مدت يدها تربت على كتفه وهي تقول بهدوء نسبي ولكن لهجتها خرجت متقطعة:
“أنتَ ملكش ذنب يا حسان دا كان نصيب ومكتوب ليا….صحيح أنا ساعتها اعترضت على حكمته ومرضتش بالنصيب بس خلاص دا كان زمان لكن أنا راضية الحمد لله….كفاية إن عيني ارتاحت بشوفة جميلة وبرجوعك ليا”
تنفس الصعداء هو بعد حديثها ثم وضع ذراعه على كتفها يضمها إليه وهو يربت على كتفها مؤازرًا لها مما جعلها ترتمي برأسها على كتفه حتى تنعم بتلك الراحة التي قلما شعرت بها أما هو فتنهد بعمقٍ وهو يفكر في كيفية اعادة الوضع كما كان من قبل.
________________
فوق سطح البيت حيث مكان جلوسهما المعتاد، ابتعدت هي عنه نسبيًا بعدما أخبرها بسفره وهي تنظر له باستنكارٍ واضح تزامنًا مع تفوهها بنبرتها المستنكرة:
“إيه !! أنتَ بتقول إيه يا وليد؟ تسافر إزاي يعني مش فاهمة”
أخذ هو نفسًا عميقًا ثم أجابها بهدوء أعصاب غريب:
“أنا جايلي فرصة في شركة البرمجة اللي كنت بحلم أشتغل فيها وأنتِ عارفة أني من ساعة التخرج وأنا بسعىٰ علشان أوصل للشغل دا….أنا ما صدقت”
سألته هي بنبرةٍ مندهشة:
“أنتَ بتقول إيه؟ شغل إيه وسفر إيه اللي يخليك تمشي وتسبني، مفكرتش فيا؟!”
زفر هو بقوة ثم رد عليها مُردفًا:
“عبلة أنا لو هسافر يبقى هسافر علشانك أنتِ….علشان تتباهي بيا وعلشان أليق بيكي…مش عاوز يجي يوم من الأيام وتندمي إنك مع واحد فاشل زيي”
هبت هي منتفضة من جلستها بجانبه وهي تقول منفعلة بنبرة ممتزجة بالبكاء:
“كلامك دا مش منطقي أصلًا، يعني إيه تليق بيا يا وليد، أنتَ مش فاشل ومش وحش، دا أنا كل كلامي أني بفتخر بيك قدام أي حد….ليه عاوز تبعد عني”
وقف هو يُجيبها بانفعال هو الآخر ممتزج بنبرةٍ موجوعة:
“علشان أنا محققتش أي حاجة عاوزها، يا فرحتي بيا وأنا مهندس برمجة وشهادتي منورة في الدرج، عملت إيه أنا في حياتي لنفسي…. مجرد واحد فاشل خريج مصحة إدمان وبشتغل مع ولاد عمي علشان مش لاقي شُغلة تلمني….أنا معنديش استعداد يجي يوم واتعاير فيه بفشلي”
تبدلت ملامح وجهها للاستنكار من جديد بعدما سمعت حديثه المنفعل لذلك تحدثت هي بنبرة تائهة غير مُصدقة:
“هو…هو أنتَ لسه خايف مني؟! أنتَ لسه مش مأمن على نفسك معايا يا وليد؟ أنا من ساعة ما عرفت موضوع الادمان دا وأنا عمري ما فتحته تاني علشان مش عاوزاك تتوجع وأنتَ بتفتكر الأيام دي….ليه مش عارف تديني وتدي لنفسك فرصة تعيش”
رغمًا عنه بكى بكاءًا حارًا وهو يتحدث بنبرةٍ موجوعة:
“عـــلـشـان خــايـف…و الله العظيم خايف يا عبلة، أنا نفسي عزيزة وزعلي وحش، مش عاوز أسيب فرصة للزعل يفرق بينا”
بكت هي الأخرى وهي تصرخ في وجهه منفعلة:
“أنــتَ كــداب….أنتَ عاوز تسبني وتمشي تاني، ليه بعد ما أنا اللي اتعلقت بيك يا وليد، ليه بعد ما عرفت قيمتك عاوز تمشي تاني”
اقترب هو منها ثم مد كفه يمسح دموعها المنهمرة على وجنتيها ثم قال بهدوء بعدما تنفس بعمقٍ:
“و الله العظيم ما فيه حاجة توجعني غير فراقك أنتِ…أنا عاوز أأمن مستقبلنا سوا يا عبلة…عاوز أعمل أسمي من جديد علشانك مش علشاني”