تعافيت بك ف10 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل العاشر (منذ ١٣عام)
أكتفيتُ بعيناكِ فقط من بين كل العيون…أنتِ وحدك من صانت عهد القلب حتى أصبح مصون.
توقف العقل عن التفكير…و القلب عن الحنين…..حتى الأعين أبت البكاء فما عليها سوى النظر للسماء….. أنا من بات ليالٍ يبكِ من العناء كُتبَ على قلبي السير في دروب الشقاء…حتى وجدت من كتبَ لي معها الرخاء….و بين ذراعيها وجدت الهناء.
“أهيه كوباية القهوة اللي هتدلق على اللوحة وصلت”
قالها “وليد” بسخرية متهكمًا عند رؤيته لعمته حينما خرجت من الممر الداخلي للشقة مما جعل الضحكات ترتفع رويدًا رويدًا بعد محاولات توقفها لكن دون جدوى فـ ضحكوا عليها جميعًا وعلى ما تفوه هو أما “مشيرة” اقتربت منه ثم أمسكت فروة رأسه بمزاح وهي تقول ممازحة له ببعض الضيق:
“اسكت بقى…نفسي تبطل قلة أدب فـ حياتك”
تدخل “محمد” يقول بضجرٍ:
“ازاي بس؟ دا طمع في قلة أدب أحفاد الرشيد كلها لنفسه..لا بيمسك لسانه ولا يطول باله وعمره ما سمع كلام حد”
بعد حديث “محمد” تركته “مشيرة” تحت النظرات الضاحكة عليهما أما هو فاقترب من حماهُ وهو يقول بهدوء:
“خليك أنتَ كدا استفز فيا لحد ما تصحى فـ يوم تلاقيني هربان بيها وجايبلك العار وجايبه للعيلة كلها”
زادت ضحكات الجميع أكثر بينما “محمد” ضرب كفيه ببعضهما وهو يقول بذهول:
“أنتَ بتقول إيه يالا…عار مين يا ابن الاهبل دي مراتك”
ابتسم هو بخبثٍ وهو يقول بنبرة متريثة:
“و لما هي مراتي أنتَ عامل قلق ليه؟ ما تهدى شوية على نفسك كدا علشان شكلنا مطولين في الوضع دا”
تحدث هو يقول للجميع:
“مش قولتلكم مبيسمعش الكلام؟”
أومأ له موافقًا ثم أضاف مؤكدًا:
“آه مبسمعش الكلام….و أنتَ بالذات مش هسمع كلامك عارف ليه؟ علشان هما في السبوع قالولي متسمعش كلام عمك محمد ولا كلام أي حد خالص وابعد عني علشان أنا مصدع من يوم دق الهون تقريبًا”
تدخل “طارق” يقول بهدوء:
“كفاية بقى انتو الاتنين وخلونا في هدير…انتو مش ضراير”
نظر “وئام” في ساعة يده ثم قال بعدما زفر بقوة:
“حسن كلمني إنه جاي بعد الصلاة علطول، احنا ننزل نصلي الجمعة لحد ما هو يجي والبنات هنا مع هدير”
تحدثت “سلمى” لـ “هدير” بهدوء حتى تودعها:
“أنا عندي درس دلوقتي يدوبك ألحقه أنا بس كنت عاوزة أسلم عليكي قبل ما تمشي من البيت، بس وعد مني أول أجازة من الدروس هاخدها هكون معاكي أنا والبنات كلهم..اتفقنا؟!”
أومأت لها بقوة ونظرت لها نظرة حنان وكأنها ترسل امتنانها لها، فاحتضنتها “سلمى” و ودعتها وودعت الجميع ثم نزلت من البيت، بعدها تحدث “وليد” يقول بتريثٍ حتى يشاكس عمه:
“طب هطلع أنا أجهز علشان الصلاة والبس الجلابية البيضا حد عاوز مني حاجة…عاوزة حاجة يا عبلة”
ابتسمت هي بخجلٍ طفيف من حديثه حينما غمز لها فتدخل والدها يقول بسخطٍ:
“هتعوز منك إيه يعني؟ أنتَ طالع تلبس..أنتَ بقى عاوز حاجة؟”
أومأ له ثم أضاف قائلًا بثقة تتمتزج بنبرة الاستفزاز:
“آه عاوز….عاوزها تبخرني أصلي محسود بعيد عنك”
نظر لـ “مرتضى” وهو يقول بـ لوم من أفعال ابنه:
“شوف ابنك يا مرتضى وابعده عني وعن بنتي كدا مينفعش”
نظر “مرتضى” لابنه وهو يقول بضيق:
“عيب كدا يا وليد أنتَ مش صغير وبعدين دي مراتك وابوها قاعد…. يعني تاخدها وتتكلموا فوق براحتكم مش هنا قدامنا”
ضحك الجميع على حديثه الغير متوقع حتى “هدير” نفسها ابتسمت ابتسامه طفيفة، رُسمت بسمة خبيثة على شفتي “وليد” عند تحول ملامح “محمد” إلى الاندهاش وهو ينظر لأخيه فوجده يضيف بنبرة جادة:
“ريح نفسك يا محمد شوية علشان أنا حايشه عنك بالعافية أصلًا…لو عاوز عبلة هاخدها من النهاردة بس أنا مراعي إنك مرتبط بيها…بس لو ابني هيتعب يبقى ناخدها وأضمن راحته أحسن”
نظر له “محمد” بقلة حيلة ثم أخرج زفيرًا قويًا فتحدث “طه” يقول بهدوء:
“يلا نجهز علشان الصلاة قربت وعلشان مرتضى يفتح الجامع للناس”
أومأ له الجميع ثم انسحب الرجال خلف بعضهم تباعًا حتى يلحقوا الصلاة بالمسجد، بينما “مروة” اقتربت من “هدير” التي جلست بجانب شقيقتها بهدوء كما هي في سكونها ثم جلست بجانبها وهي تبتسم لها ثم قالت بحنان:
“أنا عارفة أنتِ حاسة بإيه علشان أنا كنت زيك كدا، أمي ماتت وأنا لسه في تالتة ثانوي وبقيت لوحدي وساعتها كان نفسي بس أحضنها أو أحس في حضن أي حد باللي كنت بحس بيه معاها…رغم إن دا عمره ما هيحصل علشان حضن الأم مفيش زيه…بس أنا أمك يا هدير ينفع أحضنك أنا”
قالتها “مروة” بنبرةٍ شبه باكية مختنقة من مشاعرها الودودة تجاه تلك الفتاة التي عصفت الأيام بها وبقوتها حتى كُسرت تمامًا، نظرت لها “هدير” نظرةٍ مشوشة لا تدري ماذا تفعل وقبل أن تحرك ساكنًا وجدت نفسها بين ذراعي “مروة” وهي تربت عليها بحنانٍ بالغ جعل الأخرى تتشبث بها بقوة وكأنها طوق النجاة لها والفتيات تنظر لهن بتأثر حقيقي، أما “مشيرة” فتنهدت بعمقٍ وهي تنظر لـ “جميلة” تود احتضانها بقوة لكنها لن تستطع، أما “جميلة” فنظرت بطرف عينيها لوالدتها ولم يغفى عليها ذلك الوميض اللامع حينما وجهت رأسها نحوها.
_________________
في شقة “حسن” وقف هو يطالع الشقة بأعين راضية بعدما تم تجهيزها لـ مجيء “هدير”، خرجت امرأة من الداخل تخطو ببطء بسبب جسدها الممتلئ وهي تقول بحماس:
“كدا كل حاجة خلصت يا أستاذ حسن…جهزت كل حاجة زي ما طلبت مني، تؤمر بحاجة تانية”
ابتسم هو لها بودٍ ثم أجابها:
“ألف شكر يا أم أمل، تعبتك معايا من امبارح، بس الله ينور الشقة بقت حاجة تانية”