تعافيت بك ف47 ج1 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء الأول
الفصل السابع والأربعون (فرح)
أهواكِ وأهوى الوقع في تلك العيون..صِرت في حُبك مصانٌ كما الدُر المكنون.
__________
لقد مضيتُ عمري بأكمله وأنا أساند الجميع، لم أتمنى يومًا قط أن يمدحني أحدهم أنني شخصٌ ذو ملامح جميلة أو أن ملابسي أنيقة، بل كل ما تمنيته أن يعرفني الجميع أنني كملجأ الأمان لهم، وكتفٍ لراحة تعبهم، أود أن يضحى الجميع آمنٌ في رفقتي، مطمئنٌ في صُحبتي.
“ألف مبروك يا طارق، كتب كتابك النهاردة على جميلة، المأذون موجود والشهود، حد يسمعنا زغروطة”
تفوه “وليد” بتلك الجملة بثباتٍ يُحسد عليه أمام الجميع الذين إتسعت أعينهم من هول المفاجأة، أما هي فإلتفتت بكامل جسدها تنظر له بضيق وهي تقول بنبرةٍ منفعلة حانقة:
“أنتَ بتقول إيه؟ كتب كتاب مين !! أنتَ أكيد مجنون رسمي، لا يمكن أوافق على حاجة زي دي”
أومأ لها بثقته المعهودة وببروده المستفز قال:
“لأ هتوافقي، زي ما الحج حسان ربنا يكرمه كدا وافق، ودا علشان مصلحة الكل إن شاء الله”
أمسكه “طارق” من مرفقه بغضب وهو يقول بنبرةٍ منفعلة:
“أنتَ اتجننت يا وليد؟ فيه حاجات مينفعش فيها الهزار ولا اللعب بالأعصاب، الدنيا مش متحملة”
أبعد “وليد” يده عنه بضيق ثم قال بنبرة جامدة:
“بالراحة بس يا طارق، وأهدا كدا علشان نشوف اللي داخلين عليه”
_” أحنا مش هندخل على حاجة، أنا همشي دلوقتي وأرجع الصعيد تاني، والجوازة دي مش هتّم، أنا خلاص ميشرفنيش إن أسمي يرتبط بالعيلة دي”
تفوهت “جميلة” بذلك الحديث أمام الجميع بنبرة حادة لا تقبل النقاش، مما جعل “وليد” يقف مقابلًا لـها وهو يقول بهدوء:
“أنا مقدر موقفك، بس لازم أنا وأنتِ نتكلم سوا علشان فيه حاجات مهمة لازم تعرفيها”
ردت عليه بضيق:
“أنا مش هتكلم مع حد، وأبعد عني بدل ما أكلم البوليس وأقولهم إنكم خطفني”
وضع كفيه داخل جيبي بنطاله وهو يقول بثقة:
“وماله، كلميهم بس أظن إنك كبيرة وواعية وعارفة إن دي مش حالة خطف، لأن ببساطة أهلك كلهم هنا وأبوكِ نفسه هنا، يعني مش قدامك غير إنك تقدمي بلاغ بالعنف الأسري وإحنا هنا محدش كح في وشك حتى، يعني البلاغ وسكته مش نافعة معانا”
تدخل “محمود” يقول بخزيٌ وبنبرةٍ منكسرة:
“إهدي بس يا بنتي إحنا لا يمكن نزعلك هنا ولا حد يقدر يجرحك، وحدي الله بس”
نظرت له مبتسمة بسخرية مريرة وهي تقول:
“كل دا ومحدش يقدر بجرحني؟ كل دا ومحدش يعرف يزعلني؟ أنا من ساعة ما رجعت وكل حاجة مزعلاني، أنا اتدمرت، لأ أنا اتهديت”
تدخل “وليد” بثباته وثقته المعهودة:
“وأنا هعملك إعادة ترميم متخافيش، أديني فرصة بس نتكلم سوا، أنتِ برضه حافظة قرآن ربنا وأكيد عارفة إن كل حاجة بتحصلنا نصيب”
أخذت هي نفسًا عميقًا ثم مسحت وجهها بكفيها معًا، أخذها “وليد” غرفة داخل الشقة وكانت على مقربة من الجميع، أما “طارق” فنظر لهما بضيق والنيران تشتعل بصدره، قام “وليد” بمواربة باب الغرفة ثم وقف مقابلًا لـها وهو يقول بهدوء:
“أنا أسف على طريقتي برة، بس أنتِ شايفة الجو عامل إزاي، المهم شوفي دول كدا؟”
مد يده لها بإيصالات الأمانة التي قد سبق ومضى “حسان” عليها منذ سنوات ماضية، أخذتها منه بأنامل مرتعشة، نظرت بداخلهم فإتسعت مقلتيها بشدة وهي تقول بنبرةٍ مهتزة:
“إيه دا، أنا مش فاهمة دول إيه؟”
إبتسم هو بثقة حينما آى الخوف باديًا على قسمات وجهها الهاديء فقال:
“دي يا ستي وصولات أمانة، الاستاذ حسان كان مضى عليها علشان يأمن على البضاعة اللي بيجبها لجدي ولعمامي، المهم يا ستي بعد الحركة اللي الحج حسان عملها دي، كل العيلة عاوزين ياخدوا حقهم وخصوصًا عم طه اللي بنته لحد دلوقتي مش عارفة تتعامل معاه عادي، فهما حاليًا هيقدموا الإيصالات دي ويطلبوا حقهم، الحاجة الوحيدة اللي ممكن توقفهم عن موقفهم دا هو إنك تتجوزي طارق، ساعتها هما ممكن كمان يدفعوله فلوس، ها قولتي إيه؟”
رفعت رأسها تنظر له بأعين مغرورقة بالدموع، فوجدته يقول بثقة:
“وافقي علشان خاطر أبوكِ، مهما كان عمل إيه برضه أنتِ قلبك أبيض مش هتقبلي إنه يتسجن علشان وصولات زي دي !!”
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت:
“طب وأنا إيه يضمنلي إن هو ميحصلوش حاجة؟ وأضمن منين إن طارق دا ميكونش شبهكم هنا”
رد عليها مُعقبًا بتهكم:
“لأ متخافيش طارق متربي مش زيي”
إبتسمت هي بسخرية ثم قالت بطريقة لازعة:
“كويس إنك عارف إنك مش متربي، من ساعة ما شوفتك وأنتَ عمال تتكلم وتحرك فـ كل اللي حواليك ومش عامل حساب لحد”
أيد هو حديثها وهو يقول ببسمة مستفزة:
“بصراحة أنا بحب كدا، أنتِ بنفسك هتيجي تشكريني بعد كدا، أنا بساعدك تنقذي أبوكي، اللي إتسبب في مشاكل وأذية ناس بِـهروبه، دا غير إن هما كانوا فاكرينك ميتة يعني دي تهمة جديدة ممكن يستغلوها ضده”
نفخت وجنتيها بضيق ثم أومأت له وهي تقول وكأنها جسد فقط بلا روح:
“يعني هيبقى أكتر من اللي حصلي؟ أمي طلعت عايشة وياريتها عايشة عادي لأ دي ست ظالمة، وأبويا بيكدب عليا وهربان بيا منها، وأنا الله أعلم مصيري بعد كدا، أنا كل حاجة في حياتي باظت، أنا عايشة متكسرة ١٠٠ حتة، وهسيبها تيجي زي ما تيجي”
تبدلت نظرته إلى الحزن لأجلها ثم قال بعدما زفر بقوة:
“ربنا هيعوضك عن كل دا، المهم فيه حاجة تانية طالما أنتِ وافقتي كدا”