Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

تعافيت بك ف44 ج1 – رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف44 ج1 – رواية تعافيت بك PDF

تعافيت بك ف44 ج1 – رواية تعافيت بك PDF

 

الجزء الأول

الفصل الرابع والأربعون (لن أريحكِ)

 

“من يصنع السعادة بداخلك هو من يستحقك.”

 

 

 

 (جبران خليل جبران)

____________

 

 

 

إذا كنت تظن أن العيش في الغربة شعورٌ قاسي الآن اقدم لك شعور أكثر صعوبة، ألا وهو شعور أن تعيش الغربة بك، هذا الشعور هو أقسى ما يمر به المرء على الإطلاق، أن تقف أمام المرآة لا تعرف الشخص الظاهر بها شعورٌ قاسي، أن تعيش وسط أشخاص لا يعرفونك شعورٌ قاسي، أن تجهل قيمة ذاتك شعورٌ قاسي، أن ترى نفسك غير محبوب وغير مرحب بك شعورٌ قاسي، حتى وإن كانت الغربة هي البعد عن الأوطان ولكن بها وجدت ذاتك هنيئًا لك انت لم تفقد نَفسكَ بعد.

 

 

 

إتسعت مقلتيها بدهشة وفرغ فاهها، بينما “نوال” سألتها بنبرة متعجبة:

 

 

 

“روحتي فين يا جميلة؟ يا بنتي متوجعيش قلبي بقى”

 

 

 

حاولت البحث عن صوتها، وها هي وجدته، لكنه كان مبحوحًا بشدة، فقالت بنبرة جاهدت حتى تخرج منها:

“معاكِ…أنتِ قولتي أمي إسمها إيه؟”

 

 

 

تنفست “نوال” الصعداء ثم قالت بنبرة حزينة:

“أمك إسمها مشيرة فايز الرشيد، وقبل ما تسألي أنا معرفتكيش ليه قبل كدا، علشان مكنتش عاوزاكِ تتعشمي خصوصًا إن حسان كان معترض على رجوعكم القاهرة”

 

 

 

فرت دموعها رغمًا عنها من بين أهدابها، وقالت ببكاء:

“يعني عيلة ماما إسمهم عيلة فايز الرشيد، وكدا طارق ووليد اللي ظهروا بتوع الدعاية والإعلان قرايبها، ماهو مش طبيعي يكون تشابه أسماء، دول قرايبي ومن ريحتها صح؟”

 

 

 

ردت عليها “نوال” بضيق ولكنها تدري أنه لا مفرٍ من إجابتها، فقالت:

“وارد يكونوا هما يا جميلة، اللي حسان قالي عليه إنك كنتِ علطول مع طارق وخديجة، وطارق من ساعة ما اتولدتي وأنتِ مكنتيش بتسبيه، علشان كدا لما جيتوا من القاهرة فضلتي تطلبي في دول”

 

 

 

مسحت دموعها وهي تقول ببكاء:

“شكرًا يا تيتة، بس أنا عاوزة أسأل بابا علشان يجاوبني على كل حاجة”

 

 

 

عقبت عليها “نوال” بنبرة حزينة:

“حسان كان خايف يا جميلة، خاف حد منهم ياخدك منه وهو ملوش غيرك، أعذريه يا حبيبتي، والأحسن متسأليهوش دلوقتي، علشان طارق ووليد ممكن حسان يمنعك منهم”

 

 

 

ردت عليها بسرعة وبنرةٍ باكية:

“لأ خلاص أنا مش هقوله، كفاية أني اشوفهم قصادي وهما من ريحتها، بس أنا كنت عاوزة اتأكد إن إحساسي صح، حسيت أني أعرفهم من زمان، وحسيت إنهم مش مجرد ناس عادية”

 

 

 

ردت عليها “نوال” بصوتٍ باكٍ:

“متزعليش نفسك يا جميلة، كل حاجة بتحصلنا نصيب، أنتِ لما جيتي كنتِ عيلة صغيرة في سن دخول المدرسة وساعتها حسان كان مش عارف يتصرف، ساعتها قالك إنك مش هتشوفيهم تاني، وأنتِ مع الوقت نستيهم وبطلتي تطلبيهم، بس ربنا كتبلك نصيب تشوفيهم من تاني”

 

 

أغلقت جفونها بشدة وهي تضع كفها على فمها حتى تكتم شهقاتها وتوقف ذرف الدموع، ثم قالت:

 

 

 

“شكرًا يا تيتة، تصبحي على خير”

 

 

 

_” وأنتِ من أهل الخير يا جميلة، ربنا يجبر بخاطرك ويريح قلبك”

 

 

 

خرجت تلك الجملة من “نوال” بنبرة تحمل الوجع بين طياتها.

___________________

 

 

 

في بيت آلـ “الرشيد” جلس الشباب جميعهم فوق السطح، قص “طارق” عليهم ما حدث، وسط نظرات الدهشة منهم جميعًا، أنهى حديثه ثم قال بنبرةٍ متألمة:

 

 

 

“وأنا مش عارفة أعمل إيه؟ عاوز أقولها وأعرفها وفي نفس الوقت خايف الدنيا تتقلب هنا”

 

 

 

رد عليه “وئام” بذهول ونبرة مندهشة:

“أنت بتتكلم جد يا طارق؟ حسان وجميلة عايشين؟”

 

 

 

أومأ له “طارق” بهدوء ثم أخرج زفيرًا قويًا، بينما “أحمد” جلس مقابلًا له وهو يقول بنبرة قوية لا تقبل النقاش:

 

 

 

“هو سؤال واحد يا طارق علشان أرتاح، أمي اللي عملت كدا في عمتك؟”

 

 

 

تدخل “وليد” يقول بهدوء:

“إحنا معرفناش نتكلم معاه يا أحمد، علشان جميلة متعرفش حاجة عن اللي حصل، وكمان حسان مش معرفها أي حاجة عننا ولا عن أهل أمها”

 

 

 

إلتفت “أحمد” ينظر له بإستنكار وهو يقول بحنقٍ:

“يعني إيه؟ يعني بعد العمر دا كله هنسيبه والدنيا بايظة كدا؟ العمر اللي ضاع وعمتك فاكرة إن أمي السبب في خراب بيتها، ولا خديجة اللي عاشت حياتها بتدفع تمن غلطته، أنتو إزاي سبتوه، إزاي محدش فيكم جابه من قفاه؟”

 

 

 

رد عليه “طارق” بإنزعاج:

“وبعدين؟! نعمل كدا واحنا مش عارفين الحقيقة، ولا عارفين نتكلم معاه، إحنا لولا هي قالت إسمه بالكامل مكناش هنعرف، إهدا يا أحمد علشان الحكاية مش قفش، دي حياة ناس هتخرب وناس تانية هتتبرأ وليلة كبيرة، الوقت مش نافع للعك دا”

 

 

 

تدخل “حسن” يضيف بحكمة:

“طارق بيتكلم صح يا أحمد، وبعدين إحنا كنا فين وبقينا فين؟ هو طلع عايش خلاص، وعرفنا مكانه واحدة واحدة بقى علشان اللي جاي دا عاوز عقل”

 

 

 

نفخ “أحمد” وجنتيه بضيق ثم قال:

“ماشي خليني معاكم لما نشوف أخرتها، بس ورب الكعبة لو حصل حاجة من مشيرة تاني هخرب الدنيا”

 

 

 

ربت “طارق” على كتفه وهو يقول بهدوء:

“إهدا كدا مش عاوز هطل، في الأول والأخر هي عمتك، وبعدين متخلنيش أندم أني حكيت، أنا علشان عارف إن إحنا الخمسة واحد ومحدش فينا بيخبي حاجة عن التاني، والله العظيم كل واحد حقه هيرجع بس بالعقل، وحسان دا ورب الكعبة ما هخليه يشوف يوم راحة، علشان في الأول والأخر هو الغلطان في الليلة دي كلها”

 

 

 

أضاف “وليد” يقول بمرحٍ:

“فككم بقى من النكد دا، وخلينا نشوف الأفراح اللي هتهل علينا، طارق خلاص لقاها يعني مش هيسيبها غير وهي مراته”

 

تعافيت بك ف44 ج1 – رواية تعافيت بك PDF

Exit mobile version