تعافيت بك ف1 ج2 – رواية تعافيت بك PDF
الجزء التاني
الفصل الأول (لن أستطع)
ما من حياة تطيب…سوى بقرب الحبيب
__________
قد تظن أنك نجوت وفي الحقيقة أنتَ مجرد شخص هُزم عدة مرات حتى اعتاد تلك الحياة…تصور النجاة…سرت في طرقات لم تشبهك وأماكن لم ترحب بك…حتى اعتدت الوقوف في متاهات الحياة دون اكمال ما تريد.
كانت تجلس هي على شاطيء البحر وبجانبها طفلين صغيرين وهي جالسة وسطهما تقوم ببناء القلاع والقصور من الرمال المحيطة للشاطيء، كانت الشمس أوشكت على الرحيل وبدا لونها برتقالي اللون، تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت بقيلة حيلة:
“يا خسارة الليل قرب يدخل…كدا هنمشي النهاردة”
تحدث “يزيد” الطفل الجالس بجانبها بحزن مُردفًا:
“ما تخليكم شوية يا خديجة…أنا ممكن أقول لـ ياسين وتقعدوا معانا شوية”
تدخلت “يُمنى” شقيقته تقول بحزن هي الأخرى:
“طب ما احنا بنقعد هنا كتير…اقعدوا معانا أنتو كمان”
ابتسمت لهما ثم قالت بهدوء:
“أنتو بتقعدوا هنا علشان بابا وماما شغلهم هنا، لكن احنا جايين أجازة، وبعدين قعدنا هنا اسبوع كامل أهو”
أتى “ياسين” من خلفهم ثم قال بهدوء والبسمة العذبة تزين ثغره:
“أنا بلغتهم يا خديجة إن أخرنا النهاردة في الفندق، يعني هنمشي الليلة دي إن شاء الله”
اومأت له وهي مبتسمة إيماءة بسيطة، فقال الصغير بنبرة حانقة:
“برضه هتاخدها وتمشي؟ قولتلكم اقعدوا معانا شوية”
جلس “ياسين” بجانبه ثم قال وهو يحاول وأد ضحكته:
“طب نعمل إيه طيب يا نجم؟ خلاص أسبوع العسل خلص، وبصراحة كدا أنا كل حاجة في القاهرة وحشتني أوي”
تدخلت “يمنى” تقول هي الأخرى بحزن:
“احنا حبينا خديجة أوي، هي الوحيدة اللي ماما خليتنا نصاحبها هنا”
رد عليه هو بلامبالاة:
“طب ما أنا بحب خديجة أنا كمان، ومن ساعة ما جينا هنا وأنتو اللهُ أكبر عليكم مش مفارقنا، يبقى نرجع بقى علشان نشوف دنيتنا هناك”
ردت عليه “خديجة” بحماس:
“وأنا كل الناس في القاهرة وحشوني أوي، وماما وحشتني أوي يا ياسين”
رد عليها مُعقبًا بحنقٍ:
“نعم يا ختي؟ ماما مين اللي وحشتك؟ مساء الفل يا ست الكل، احنا هنرجع شقتنا، مش شقة ماما، شقتنا ها، فكراها؟”
قلبت عيناها بمللٍ ثم قالت بضيق زائف:
“يادي النيلة عليا وعلى سنيني، ما خلاص كانت مرة يا عم ياسين، متمسكهاش ليا”
غمز لها بطرف عينه وهو يقول لها بخبثٍ:
“وأنا أقدر أزعلك برضه؟ دا أنتِ الغالية”
أخفضت رأسها في خجلٍ منه، فتحدثت “يمنى” تقول بمشاكسة:
“خلاص بوسها طالما متقدرش تزعلها”
اتسعت مقلتاها باندهاش، أما هو قال بمرحٍ:
“تصدقي أنتِ بتفهمي”
قال جملته ثم اقترب منها يقبل وجنتها، تدرج وجهها بحمرة الخجل منه ومن الأطفال، أما هو قال ببراءة كاذبة:
“يمنى هي اللي قالتلي، يرضيكي أزعل يمنى مني قبل ما نمشي؟”
حاولت كتم ضحكتها لكنها لم تستطع أمام نبرته وطريقته تلك التي تشبه طريقة الأطفال، بينما نظر هو أمامه ثم قال بمرحٍ:
“وروني بقى أنتو بتبنوا إيه من الصبح؟ ما شاء الله عليكم، فَشّلة حتى مراتي معاكم”
وكزته في كتفه ثم قالت بضيق:
“على فكرة أنا مش فشلة، وهما كمان مش فاشلين، احنا بس مش عارفين نقفل الدور الأول”
تحدث هو بفخرٍ مصطنع:
“لأ ومحسوبك مهندس، يعني التقفيل دا لعبتي”
ضحكوا عليه ثلاثتهم، بينما شرع هو تكملة ما قاموا هم ببدايته، أكمل هو بناء القلعة بكامل تركيزه، بعدها أمسك كف “خديجة” حتى تقوم بمعاونته، ابتسمت هي بقلة حيلة ثم شرعت في معاونته في وضع النهاية لتلك القلعة، انتهيا سويًا، فـ صفقت هي بكفيها معًا ثم قالت بفرحة تشبه فرحة الأطفال الصغار:
“أيوا كدا، خلصت الحمد لله، نصورها بقى”
رد عليها “يزيد” بقلة حيلة:
“ما هو اللي خلصها، أنا كان ممكن أساعدكم فيه، بس هو علشان ايده كبيرة”
ضحكت عليه “خديجة” وشقيقته، بينما “ياسين” رفع أحد حاجبيه ينظر له بشررٍ يتطاير من عيناه ثم قال:
“يعني إيه ايدي كبيرة؟ هو أنا حرامي قصادك، ما تحسن ملافظك ياض أنتَ، عيل ٦ سنين مطلع عيني من ساعة ما جيت”
رد عليه الصغير بحنقٍ:
“مش ٦ سنين، أنا سبع سنين، وبعدين علشان أنتَ مهندس يعني هتقرقنا؟”
رد عليه “ياسين” بضيق زائف أنهاه بالسخرية:
“آه هقرفك عادي، مش حقي ولا إيه، وبعدين من الصبح وأنتَ عمال تبني وتهد، مشوفتش منك عِشة حتى، مش قلعة”
وقف الصغير يقول بانفعال:
“أنا همشي وهاخد أختي معايا، خليك أنتَ بقى القلعة بتاعتك”
رد عليه “ياسين” باستفزاز:
“و ماله مع السلامة، خليني أقعد مع مراتي شوية”
أومأ له الصغير ثم أمسك كف شقيقته ورحل وهو يضرب الأرض بقدميه، أما “ياسين” ضحك عليهما ثم حرك رأسه نفيًا بيأس، نظرت له “خديجة” بحزن ثم قالت مُردفة:
“ليه كدا يا ياسين، هيزعلوا مننا، هما بيحبونا أوي وبيحبوا يقعدوا معانا”
ضحك هو ضحكة بسيطة ثم قال بهدوء:
“لأ متخافيش، يزيد دا رجولة هو عمل كدا علشان يسيبنا نقعد لوحدنا، وبعدين دا أخر يوم لينا هنا عاوزين نودع دهب بقى يا خديجة”
سألته وهي مبتسمة بهدوء:
“نودع دهب إزاي يعني؟ ناوي تعمل إيه يا ياسين؟”
أمسك كفها يوقفها معه ثم قال بعدما وقفا سويًا:
“هنركب عَجَل يا خديجة، إيه رأيك؟”