تعافيت بك ف4 – رواية تعافيت بك PDF
الفصل الرابع(إعتذار)
“رواية تَعَافَيِّتُ بِكَ”
الفصل الرابع
___________________________
لا تَجـعل غِـيوم المَـاضـي تُغـطي شمس الحَـاضـر
___________________________
وقعت الجملة على الجميع كوقع الصاعقة؛ أما “ياسر” كان كمن سُكب عليه دلوًا من الماء البارد في ليالي الشتاء القاسية، لم يتصور حتى ولو بأحلامه أن صديق عمره يقول له هذا الحديث القاسي، أما “ياسين” و “ميمي” و “عامر” فنظروا جميعهم إلى “خالد” الذي أطرق رأسه إلى الأسفل من الخجل،
قام “ياسين” و أمسك “خالد” من ذراعه ثم أخذه إلى الشرفة أما “ميمي” فتحركت بكرسيها المتحرك واقتربت من “ياسر” ثم أخذته بين أحضانها وكأنه فقد جميع حواسه، وكل ما يتردد على مسامعه هو حديث “خالد” وكأن العالم أُصيب بالخرس من بعد تلك اللحظة وفي خلال ثواني أجهش بالبكاء، حيث كان كمن فقد والدته في تلك اللحظة، اقترب منه “عامر” وظل يربت على ظهره لكي يهدأ قليلًا، لكنه سُجن في تلك اللحظة في ذكرياته “المريرة”.
__________________
دخل “ياسين” و “خالد” الشُرفة وبمجرد دخولهما أمسكه “ياسين” من تلابيبه ثم صاح به قائلًا:
“هو سؤال واحد يا خالد إيه الزفت اللي طلع من بوقك برا دا؟ انتَ إيه يا أخي معندكش عقل الكلام بيعدي عليه؟ بتحدف طوب وخلاص على البشر”
رد عليه “خالد”بهدوء قائلًا:
“إهدى يا ياسين هو قالي نتكلم بصراحة وانا مقدرتش أخبي أكتر من كدا، أكذب عليه يعني؟ ولا أنافقه علشان ترتاحوا”
تركه “ياسين” على مضضٍ ثم رد مُعقبًا:
“لأ دا مسموش كذب ولا نفاق يا خالد، أنا لما أحسن اسلوبي في الكلام علشان مجرحش مشاعر اللي قدامي أنا كدا مش منافق أنا كدا بحافظ على اللي قدامي من إني أسيبله علامة سودا بسبب كلامي، النفاق ملوش علاقة باللي انتَ بتقوله دا”
رد عليه “خالد” مُعقبًا:
“والله أنا قلبي أبيض واللي في قلبي على لساني”
تحدث “ياسين” بهدوء كعادته مُردفًا:
“لأ يا خالد غلط الشخص اللي بيجرح الناس بكلامه عمره ما يكون قلبه أبيض، الشخص اللي يسيب علامة سودا بسبب كلامه اللي زي السم عمره ما يكون طيب، الطيب عمره ما بيجرح حد بكلامه يا خالد”
رد عليه “خالد” بعصبية قائلًا:
“طب أعمل إيه يا ياسين ما هي دي الحقيقة وملهاش قول تاني غير كدا؛ مكانش في طريقة تانية أقوله بيها غير دي.”
رد عليه “ياسين”مُعقبًا:
“لأ يا خالد فيه مليون طريقة تقوله بيها، انتَ اللي استسهلت، وبعدين تقدر تقولي انتَ رافض ياسر ليه تقدر؟ تقولي عيبه إيه؟”
تحدث”خالد” ولكن تلك المرة بصوتٍ عالٍ قائلًا:
“خوفت يا ياسين، خوفت يا أخي أنا أختي مش زي أم ياسر، أختي مش هتستحمل جوزها يطفش ويسيبها، أنا شوفت بعيني ياسر وأهله تعبوا إزاي في حياتهم، معنديش استعداد اشوف المعاناة دي بتتكرر مع أختي” .
رد عليه “ياسين” بهدوء كعادته:
“كل كلامك غلط يا خالد، واحد زي ياسر دا أنا أديه أختي وانا مطمن انها مع راجل وانتَ بالذات معاه من يوم ما اتولد ولا نسيت انكم تعرفوا بعض من قبلي أنا وعامر ب ١٣ سنة؟ واحد زي دا بيشتغل من صغره بيصرف على امه واخواته علشان ميتبهدلوش، واحد زي دا كمل تعليم أخواته البنات وصرف عليهم وجوزهم، واحد زي دا كمل تعليمه وحارب الظروف وبقى دكتور، واحد زي دا أبوه سابه وهو لسه بيشد حيله يدوبك عيل في ٣ ابتدائي يلاقي نفسه في رقبته ٣ ستات هو الراجل الوحيد المسؤل عنهم كل دا بذمتك وتخاف تديه أختك؟ واحد زي دا تعب طول حياته ومستني يفرح ليه انتَ اللي تحرمه من الفرحة دي يا خالد؟”
تحدث “خالد” بهدوء بعدما تأثر من حديث “ياسين” قائلًا:
“انا كل دا ركنته على جنب بغبائي، مشوفتش غير انه ممكن يعمل زي ابوه ما عمل خفت على أختي الوحيدة اللي أنا مربيها على إيدي خفت من وصية ابويا لما قالي انه هيسألني عليها قدام ربنا، غصب عني يا ياسين؛ يارتني ما كنت نطقتها.”
رد عليه” ياسين” بضيقٍ منه:
“ما هي دي مشكلة البشر نجرح الناس ونرجع نقول يارتنا ما قولنا، نتسرع في الحكم على الناس ونرجع نقول احنا كنا غلطانين ونفضل نولول كتير المهم ركز معايا واللي هقوله يتنفذ يا خالد علشان نصلح العك اللي عكيته دا مفهموم؟”
أومأ له “خالد” موافقًا، ثم خرجا سويًا من الشرفة وعادوا إلى مكان وجود “ياسر” وجدوا “عامر” يمازحه ولكنه لم يستجب له؛ نظر “ياسين” إلى”خالد” وكأنه يقول له:
“أرأيت؟” ؛ أطرق “خالد” رأسه إلى الأسفل فاقترب “ياسين” من “ياسر” ثم قال ممازحًا له:
“في إيه يا ياسر حد يزعل من خالد برضه؟ دا حمار يابني انا لو منك أضحك في وشه وأغيظه وأقوله هتجوزها غصب عنك، ولا إيه يا ميمي؟”
ابتسمت له ميمي وهي تعلم محاولته لتصليح الموقف أما “ياسر”فنظر إليه بأعين خاوية ولم يُعقب، تبدلت نظرة “ياسين” من المزاح إلى الجد ثم قال موجهًا حديثه إلى “ياسر” بعدما ذهب إليه وجلس بجانبه:
“متكتمش في نفسك يا ياسر عيط وازعل واشتكي بس متكتمش جواك”
قال ياسين كلماته ثم تبعها بإحتضانه لـ “ياسر” مُربتًا على كتفه قائلًا:
“عيط يا ياسر طلع كل اللي شايله جواك من سنين أنا جنبك اهوه ارمي حملك عليا” و كأن حديث “ياسين” كالزر لجروح “ياسر” أجهش في البكاء بين ذراعي “ياسين” ثم تحدث كأنه في عالم آخر قائلًا:
“كلامه وجعني أوي يا ياسين أخر واحد كنت اتوقع منه إنه يقولي كدا، انا كنت ساعات بقول ان ربنا عوضني عن ابويا بوجود خالد في حياتي لما العيال ضربوني في المدرسة وانا صغير اول واحد جريت عليه كان خالد علشان يجبلي حقي، كل ما أقع في مشكلة كنت بروحله علشان مليش غيره؛ لما اتعايرت إن ابويا سابنا وطفش ساعتها قولتلهم إن خالد موجود مش محسسني إني لوحدي، أنا مش زيه يا ياسين والله انا مش زيه انا أحسن منه مليون مرة أنا شيلت شيلته اللي سبهالي ومشي؛ حاربت علشان مبهدلش امي وأخواتي في الشوارع، كل حاجة في حياتي بتجيلي بطلوع الروح مفيش حاجة جت سهلة حتى إيمان كنت فاكر إن جوازي منها أسهل حاجة هتحصلي في حياتي؛طلعت بتعذب علشان اعرف أوصل لها”