تعافيت بك ف3 – رواية تعافيت بك PDF
الفصل الثالث (الليل وسماه)
“رواية تَعَافَيِّتُ بِكَ”
من اقسى ما قيل في وصف شعور الخيبة:
“كمن أحضر حلته لحضور حفل زفاف ولم تأتيه دعوةً بعد”
_____________________
أتى يوم الجمعة واستيقظ “ياسين” على صوت هاتفه حيث أنه قام بضبطه لكي يوقظه؛ خرج من فراشه ثم اغتسل في المرحاض المُخصص له بغرفته وقام بإرتداء عباءته البيضاء لكي يذهب إلى صلاة الجمعة؛ خرج من غرفته ولكنه تفاجأ حينما رأى البيت منقلب رأسًا على عقب ووجد والدته تقوم بترتيب الصالة ذهب إليها ووقف بجوارها وهو يبتسم قائلًا:
“صباح الخير يا زوزو إيه قالبة البيت كدا ليه عندنا فرح ولا إيه؟”
ولكنه لم يأتيه ردًا منها فعلم أنها لازالت غاضبةً منه ومن فعلته بالأمس فكرر حديثه مرةً أخرى:
“بقولك صباح الخير يا زوزو إيه قالبة البيت كدا ليه عندنا فرح ولا إيه؟”
نظرت إليه بسخرية ثم عقبت قائلةً:
“فرح؟ هو اللي يخلف عيِّنتك دي يشوف فرح في حياته؟”
اندهش “ياسين” من حديثها ثم عقب قائلًا:
“واحد من عيِّنتي ! ليه يا ماما فاكرة نفسك مخلفة زومبي؟ وبعدين مالي مانا زي الفل اهوه؛ هو كل دا بقى علشان موافقتش على عروسة امبارح؟”
ردت عليه والضيق يعتلي ملامح وجهها قائلةً:
“لأ يا ياسين علشان كل مرة تحرجني قدام الناس واهوه ميس مها شكلها زعلت مني وهي كمان شكلها اتحرج قدام الناس”
رد عليها مُعقبًا:
“يعني هو علشان ميس مها متزعلش امبارح ازعل انا بقية عمري؟ دا عدل يعني يرضيكي كدا؟”
ردت عليه بحنقٍ:
“لأ يا ياسين مش علشان كدا بس؛ انتَ كل مرة ميعجبكش العجب، وكل مرة بعيب شكل مفيش حد يا ياسين بيرفض البنات اللي انت رفضتهم دول”
تحدث بهدوء مُردفًا لها:
“الله ! مش أنا رفضت يبقى فيه ناس بترفضهم أهو”
تحدثت بضيقٍ من اللامبالاة التي يتحدث بها قائلةً:
“ياسين انتَ عاوز إيه؟ شكلك كدا فاضي وانا بصراحة مش فايقة لك”
اقترب منها ثم مال عليها مُقبلًا قمة رأسها وهو يقول بصوت مليء بالحنان:
“أنا عاوزك بس تضحكي في وشي علشان الدُنيا كُلها تضحكلي؛ والله العظيم انا بحبك اوي ومعنديش أغلى منك في حياتي؛ انتِ مش بس أمي لأ انتِ أختي وصاحبتي وكل حاجة ليا وعاوز أفرحك إنهاردة قبل بكرة بس الصبر مش كدا.”
ردت عليه بهدوء وهي تقول:
“مش معقول يا ياسين كل البنات دول مش عاجبينك كلهم ماشاء الله حلوين ومفيش فيهم غلطة”
رد عليها مُردفًا وجهة نظره:
“عارف والله يا ماما بس أنا مش بإيدي؛ غصب عني مش بحس إني مرتاح مش بحس إني في مكاني”
ثم أشار نحو موضع قلبه مُكملًا حديثه مرةً أُخرى:
“دا اللي بيشوف ويحس يا ماما مش العين؛دا اللي بيطمن ودا اللي بيرتاح للمكان اللي هو فيه وأنا كـ راجل عاقل مينفعش أمشي ورا البصر وأسيب البصيرة؛ كل اللي طالبه منك بس انك تدعيلي ألاقي اللي أرتاح لما أشوفها”
ردت عليه بصوتٍ متأثر من حديثه وهي تقول:
“والله العظيم بدعيلك ومش عاوزة حاجة من الدنيا كلها غير إني أشوفك فرحان؛ هي دي أهم حاجة عندي أنا مليش غيرك يا ياسين انتَ ورياض وانتَ بقى اللي هتكبر لنا العيلة دي وتعملنا عزوة روح يابني ربنا يجبر بخاطرك ويكرمك باللي تريح قلبك وتسعدك”
رُسمت بسمة عذبة على وجهه ثم عقب قائلًا:
“أيوا كتري بقى من الدعوة دي! يلا أسيبك بقى علشان هنروح لميمي زمانها حضرت لنا الفطار، واعملي حسابك هتأخر عندها انهاردة”
ردت عليه بصوت مليء بالفخر والحب نتيجةً لـ حنان إبنها قائلة:
“ربنا يجعله في ميزان حسناتكم يا حبيبي يارب”
و ما كاد أن يغادر من أمامها إلا أنه عاد إليها مرةً أخرى يسألها عن أبيه قائلًا:
“صحيح بابا راح فين بدري كدا لسه فاضل كتير على الصلاة”
أجابت على سؤاله قائلةً:
“هيكون راح فين يعني راح يقعد مع عمك أبو عامر في محل الكهربا بتاعه”
كان سيتحدث ولكن قطعه رنين هاتفه وهو يَصدُح عاليًا برقم “ياسر” التقط “ياسين” هاتفه وقام بالرد على “ياسر” الذي فور ما قام “ياسين” بالرد عليه صدح صوته وهو يُصيح قائلًا:
“إيه يا ياسين ساعة علشان ترد؛ انتَ فين؟
رد عليه “ياسين “ بإندهاش قائلًا:
“هكون فين يعني يا ياسر؟ في البيت طبعًا؛ انتَ اللي فين؟”
رد “ياسر” على سؤاله قائلاً:
“انا كنت مستني الزفت عامر علشان يجي معايا نروح لميمي نعملها جلسة العلاج، والحُقن معاه من المرة اللي فاتت بكلمه مش بيرد عليا، بس الحمد لله خالد كان معاه واحدة احتياطي دلوقتي هروح انا وخالد وانتَ هات الزفت اللي إسمه عامر وتعالى”
زفر “ياسين” بضيقٍ من أفعال “عامر” ثم تحدق قائلًا:
“خلاص يا ياسر إسبقني انتَ وخالد علشان متتأخروش على الدوا أكتر من كدا، وانا هروح أجيب الزفت دا من بيته*”
أغلق الهاتف مع “ياسر” ثم نظر أمامه بشرٍ وهو يقول:
*” ماشي يا عامر الكلب، وربنا ماحد هينجدك من ايدي انهاردة”
_________________________
كان العمل في بيت “آلـ رشـيد” على قدمٍ وساق، حيث كانت العائلة بأكملها مُجتمعة في الطابق الأول والذي كان منقسم إلى نصفين؛ نصف مخصص للسيدات والنصف الأخر للرجال
وكان السيد “ناصر” هو من يترأس الجلسة لدى الشباب فهو له مكانة كُبرى بين أفراد العائلة بأكملها، حيث أنه شقيق “نادية” جدة “خديجة” ويعد هو أكبر أفراد العائلة سننًا ومقامًا، كانت نساء العائلة بأكملها في المطبخ يعملن على تحضير الطعام، أما الفتيات فكان جميعهن بالخارج يضحكن سويًا عدا “خديجة” كانت منزوية بعيدًا عنهم
حيث انها كانت جالسة في الشرفة تنظر من خلالها على الشارع في الأسفل وهي شاردة الذهن إلى أن أتت إليها “هدىٰ” إبنة عمها وشقيقة “هدير” وتعد أكبر الفتيات في تلك العائلة؛ ربتت على كتف خديجة ثم تكلمت بنبرة صوت يملؤها العطف قائلةً: