تعافيت بك ف1 – رواية تعافيت بك PDF
“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
الفصل الأول (عريس صالونات)
“تَعَافيْتُ بِكَ”
قيل في معنى الزواج:
—————-
“الغاية من الزواج هي الأُنس .. عقلٌ بجوار عقل وقلبٌ مربوطٌ بقلب ويدٌ تُداوي وروح تُعين ونفسٌ تُطمئِن.”
————
إنه يوم الخميس أوشكت الشمس على رحيلها، حيثُ أضحت في لونها البرتقالي أثناء غروبها، وفي تلك المنطقة ميسورة الحال نجد بها المباني منها ما هو مُرتفعٍ للغاية، ومنها ما هو منخفض؛ منطقة مختلطة الأزمنة والأنماط، حيث توجد بها مباني شاهقة العلو قد تصل طوابقها إلى اربعةُ عشر طابقًا وقد صُممت على النمط الحديث، وبها منازل بالكاد تصل طوابقها إلى أربعة طوابق ومنها ما تم تصميمه بناءً على الطراز القديم؛ للوهلة الأولى تبدو وكأنها إحدى البيوت الأثرية.
وفي إحدى هذه البنايات المرتفعة وتحديدًا في الطابق الخامس تقف تلك السيدة صاحبة الوجه البشوش وهي تنادي على ابنها “ياسين” وعندما لم يأتيها ردًا منه ذهبت إلى غرفته لكي توقظه من نومه حيث انه خلد في ثُباتٍ عميق بعد عودته من عمله؛ اقتربت من فراشه وهي تُربت على إحدى وجنتيه بهدوء وتنادي عليه بصوتها الهادئ:
“ياسين؛ اصحى يا حبيبي هنتأخر على ميعادنا كدا”
استيقظ ياسين من نومه بتثاقل ونظر إليها وهو مغلق إحدى عينيه والأخرى نصف مفتوحة قائلًا وأثر النوم ظاهرًا على صوته:
“طب ما نتأخر يا ماما عادي؛ هيجرى إيه يعني؟”
ردت عليه والدته بتبرم وضيق:
“أنتَ عُمرك شوفت عريس رايح يتقدم بيتأخر على عروسته؟”
كرر كلمتها بسخريةً كبيرة” عروسته” ثم أضاف قائلًا:
“أنتِ بقى يا زوزو عمرك شوفتي حد بيقول على واحدة لسه مشوفناش شكلها ولا أعرف حتى إسمها عروسته؟ خلتيها عروستي إزاي؟”
عقبت والدته على حديثه: “ آه هتبقى عروستك؛ أنا المرة دي مطمنة إن شاء الله.”
سخر “ياسين” من حديث والدته قائلًا:
“دا برضه نفس كلام كل مرة على فكرة؛ بس صحيح مقولتيش العروسة المرة دي تبع مين؟ يعني مُدرسة إيه المرة دي؟”
ردت والدته على سؤاله:
“دي بقى المرة دي بنت أخو ميس مها مديرة المدرسة.”
رد عليها “ياسين” بثبات يشوبه بعض من الخبث:
“مش سهلة برضه انتِ يا زوزو؛ جايباها تبع مديرة المدرسة على أساس إني إتحرج واضطر اوافق.”
تحدثت والدته والبسمة تعلو وجهها قائلةً:
“لا والله انتَ فاهم غلط هي عارفة إني هموت وأجوزك، فطلبتني في مكتبها وورتني صورة بنت أخوها وبصراحة البنت جمال وشياكة وتعليم عالي؛ يعني أي حد يتمناها.”
رد “ياسين” مُعقبًا:
“طب وإيه الجديد كل العرايس اللي جبتيها كانت تعليم وجمال وشياكة.”
خرجت والدته من الغرفة مضيفة:
“أنا هروح أجهز انتَ عمال تتكلم وترغي وكدا هنتأخر.”
شرع “ياسين” في ارتداء ملابسه ثم خرج قبل أن يُكمل ارتداء الملابس وذهب لغرفة والدته ثم طرق باب الغرفة وهو يقول:
“زُهرة؛ هو انتِ قولتي للناس هنروح الساعة كام؟”
خرجت والدته من الغرفة وهي تُتمم على مظهرها ثم شهقت بقوة وأضافت:
“معقول يا ياسين لسه مخلصتش؛ هو انتَ مصمم تأخرنا؟”
رد “ياسين” مُعقبًا على حديثُها:
“والله فاضل أخر حاجة متخافيش كدا.”
وبمجرد انتهاء جملته دلف السيد “رياض” والد “ياسين” ثم ألقى التحية علي ياسين ووالدته وبعد تبادل التحية بينهم ذهب السيد “رياض” وقام بوضع الحلويات على الطاولة وهو يضيف قائلًا:
“أنا جبت الحلويات وأنا جاي اهو فاضل الورد بس ودا هنعدي نجيبه واحنا رايحين عشان ميتبهدلش مننا”
رد “ياسين” مُعقبًا:
“و اللّه احنا صرفنا فلوس على الورد والحلويات على العرايس كانت فتحت لنا شركة”
رد السيد “رياض” قائلًا:
“قول لنفسك يا اخويا؛ مش انتَ اللي كل ما نروح ميعجبكش العجب؟”
رد عليه “ياسين”:” وهو انا اللي بجبهم ولا ماما؟”
وعند ذِكر هذه النقطة ذهبت السيدة “زُهرة” من امامهم وهي تتحدث بحنق قائلةً:
“انا همشي من قدامكم انتم هتعملوني مسرحية ليكم.”
وبمجرد ذهابها من امامهم ضحك كلًا من “ياسين” والسيد “رياض” فأضاف السيد رياض قائلًا:
“خلص المرة دي بقى ومتتعبناش زي كل مرة.”
عقب “ياسين” على حديثه:
“بس عشان المرة دي شكلها بجد؛ دي جايبة بنت اخو مديرة المدرسة يعني الراس الكبيرة في المدرسة” .
و بعد مرور بعض الوقت كان “ياسين” وَ والديه يركبون السيارة وبعد لحظات قليلة من القيادة أوقف “ياسين” السيارة أمام محل الزهور وخرج من السيارة وتوجه داخل المحل فقابله “مصطفى” العامل بالمحل وهو يقول بصوت مليء بالبهجة:
“ألف مبروك يا أستاذ ياسين؛ وعقبال ورد الزفاف يارب”
رد عليه “ياسين” قائلًا:
“والله نفسي يا مصطفى بس انتَ هتخسر لو الموضوع تم؛ هتلاقي فين حد يجي كل اسبوع ياخد منك بوكيه ورد”
غمز بطرف عينه ثم غادر المكان
وبعد مرور تقريبًا نصف ساعة من القيادة وصل “ياسين”و ووالديه شقة العروس وكانت السيدة “مها” مديرة المدرسة في انتظارهم في شقة أخيها وبعد تبادل التحيات والتعارف بين العائلتين قامت والدة العروس وأخرجت الجميع من غرفة الصالون عدا كلًا من “ياسين و”نسرين” حتى يتم التعارف بينهم
بدأ “ياسين” الحديث مُعرفًا نفسه قائلًا:
“اتشرفت بمعرفتك يا آنسة نسرين، أنا ياسين رياض الشيخ؛ مهندس معماري وبشتغل في شركة الفاروق للمعمار وانا وحيد أهلي معنديش اخوات.”
ردت عليه”نسرين” بهدوء:
“أهلًا وسهلًا يا أستاذ ياسين اتشرفت بمعرفتك.”
ثم أضافت على حديثها:
“بس في حاجة أهم أحب أعرفها انتَ جاي تتقدم ليه؟”
اندهش “ياسين” من سؤالها ولكنه حاول أن يخفي أثار تلك الدهشة ورد عليها في ثبات:
“جاي اتقدم عشان لو ربنا تمم الموضوع بخير تكوني مراتي”
ردت عليه:” يعني مش جاي علشاني أنا؟”
رسم “ياسين” بسمة على محياه ثم أضاف قائلًا:
“أنا معرفش حضرتك يا آنسة نسرين؛ انا اول مرة أشوف حضرتك إنهاردة.”
ردت عليه مُعقبةً:
“بس انا عاوزة اتجوز عن حب يا استاذ ياسين مش بقتنع بحاجة اسمها جواز صالونات؛ يعني بصراحة نفسي في قصة حب زي اللي بنشوفهم في كل مكان.
لم يُعجب “ياسين” بحديثها ولكنه لم يظهر ذلك وتكلم بهدوء كعادته:
“ليه بتقولي كدا يا آنسة نسرين؟ مع احترامي لرأي حضرتك طبعًا؛ بس انا مبعترفش بحاجة اسمها جواز عن حب وجواز صالونات في النهاية هو جواز.”
ردت”نسرين” وقد بدا عليها الضيق من حديثه:
“لأ طبعًا؛ مفيش مقارنة بين الاتنين واكيد حضرتك بتشوف الناس على مواقع التواصل الاجتماعي واكيد بيبان بيحبو بعض ازاي اكيد دول مش زي الناس اللي متجوز صالونات.”
رسم “ياسين” ابتسامة بسيطة على محياهُ قائلًا ونظر إليها مليِّا ثم عقب على حديثُها:
“حساباتنا مختلفة يا آنسة نسرين؛ كل واحد في الحياة لِه حِسبة غير التاني، وأنا عن نفسي شايف إن الجواز ما هو إلا سند؛ يعني قلوب ربنا كتبلهم يجتمعوا سوا عشان يساندو بعض، كتف علشان التاني يرتاح عليه من تعبه، وعقل بيكمل عقل تاني في التفكير، يعني مش الهدف أني أمشي أثبت للناس إننا بنحب بعض واننا عايشين في سعادة، قد ما نكون بنكمل بعض ومتفاهمين مع بعض، ربنا خلق حوا من ضلع أدم يعني من جنب قلبه على الرغم انه كان عايش في الجنة إلا أنه كان فاقد الونس وربنا عشان يعوضه عن الوَحشة اللي كان عايش فيها خلق له حوا وهو دا الجواز وهي دي سُنة الحياة”
أنهى حديثُه ثم أطلق زفيرًا قويًا، ثم أعاد حديثه بعدما رسم إبتسامة على محياه قائلًا:
“أتمنى يا آنسة نسرين ربنا يكرمك باللي يسعدك وباللي يكون ونس لكِ؛ وأتمنى كمان تعيدي حِسبتك مرة تانية؛ فرصة سعيدة يا آنسة نسرين اتشرفت بمعرفتك.”
انهى حديثه ثم خرج “ياسين” من الغرفة وحينما رأته والدته وقفت ثم قام زوجها بعدها استأذنت أسرة السيد “رياض” و خرجوا من المنزل، بعدها كان “ياسين” يقود سيارته ومعه والديه كانت والدته الضيق يعتلي وجهها رآها “ياسين” في مرآة السيارة فأراد أن يخفف من حدة الأجواء فتحدث لكي يشاكسها:
“إيه يا زوزو مالك؟ مبوزة في وشنا ليه”
ولكنها لم ترد عليه فتدخل السيد “رياض” قائلًا:
“فيه إيه يا زُهرة هو بنت خايفة يبور جنبك ما تفكي كدا وتضحكي في وشنا”
ضحك “ياسين” على حديثه ثم أضاف:
“قولها بالله عليك يا بابا”
رد عليه “رياض” قائلًا:
“مانا بقول اهوه”
ثم تبع حديثه بضحكة وهو ينظر في المرآة لياسين ولكنها أيضًا لم ترد عليهم وأدارت وجهها للجهة الأخرى
وصل “ياسين” أمام منزله وأوقف السيارة، استدار لوالدته في الخلف وهو يبتسم قائلًا:
“ممكن بقى تبتسمي في وشي قبل ما تطلعي؟” انهى سؤاله هو يغمز لها بطرف عينه
نظرت أليه بحنق ثم أضافت قائلةً:
“يا ياسين انتَ مصمم تزعلني ليه؟ ليه مش عاوز تفرحني بيك؟ ليه كل مرة تكسر بخاطري كدا وتحرجني قدام الناس؟”
تنهد “ياسين” ثم تحدث بهدوء وهو يجيبها:
“انا مش عاوز ازعلك ولا حاجة انا نفسي افرحك وافرح معاكِ انا كمان بس في كل حاجة بتيجي في وقتها أحسن ليه الإستعجال؟”
ردت عليه بسرعة وهي غاضبة منه وكأنه أول مرة يفعل ذلك:
“استعجال! انتَ مقتنع بكلامك دا انتَ عندك ٢٨ سنة يا ياسين عارف يعني اي؟ يعني قربت على ال ٣٠ ودا كله بتقولي مستعجلة.
أردف “ياسين” يوضح لها وجهة نظره:
“يعني اي واحدة أتكعبل فيها أتجوزها؟ دا كدا لعب عيال يا زوزو.”
تدخل السيد “رياض” في الحديث قائلًا:
“خلاص بقى يا زُهرة متزعليش نفسك لسه ربنا مجمعهوش بنصه التاني”
أُعجب “ياسين” بحديث والده فقال:
“و اللّه ما فيه زي عقلك يا رياض ربنا يحميك ويحفظك ليا”
تدخلت “زُهرة” في الحديث وهي تضيف بحنق:
“قصدك إن انا مجنونة يا بن رياض؟”
أردف “ياسين” موضحًا وجهة نظره:
“أنا مقولتش كدا انا بقول إن بابا فاهمني انتِ مش بتفهميني انتِ عاوزة تجوزيني وخلاص انما هو عارف اني مستني نصي التاني.”
تدخل والده قائلًا:” طب يلّا يا جماعة هنفضل في العربية كتير كدا؟ يلا ونكمل كلامنا في الشقة فوق”
رد عليه” ياسين” بعدما اعتدل في جلسته على مقعد القيادة:
“لأ اطلعو انتم انا هروح للشباب على القهوة”
عقبت والدته على حديثه:” نعم يعني مش هتطلع معانا؟”
رد عليها بهدوء:
“والله يا ماما هما مستنيِّني من بدري مش هينفع ما أروحش ليهم هيزعلو كدا.”
ردت عليه والدته بضيق:
“آه صحابك تخاف على زعلهم لكن أنا اتفلق عادي صح؟”
التفت الى والده قائلًا:” ما تلحقني يا رياض من اللي انا فيه”
رد عليه “رياض”قائلًا:
“احنا هنطلع وانتَ خلص مشوارك وتعالى نكمل كلامنا؛ يلا يا زُهرة” خرج والديه من السيارة وبمجرد اختفاء آثارهم زفر “ياسين” بقوة إثر تلك المجادلة مع والدته ثم حدث نفسه قائلًا:
“ماما زعلانة عاوزاني اتجوز واحدة هبلة عاوزة تتجوز عشان تفضحنا علي النت؛ دا ربنا نجدها نوسة والله”
ضحك على حديثه ثم قام بتدوير محرك السيارة لكي يتوجه إلى أصدقائه ولكن أثناء قيادته وصلت رسالة عبر هاتفه أن رَقْمٍ ما حاول الاتصال به فقام بإخراج هاتفه يتفحصه ولكنه تعجب حينما رأي ذلك الرقم فعقب قائلًا:
“غريبة مش عادتها تتصل بيا في الوقت دا؛ ياترى في إيه؟”
قام بتغير وجهته بدلًا من الذهاب إلى أصدقائه في المقهى إلى مكان أخر، ونظرًا لتقارب المسافة بين بيته وبين ذلك المكان وصل بعد بُرهة من الزمن وقف أمام تلك الشقة ثم طرق على بابها ولكن لم يأتيه ردًا بعد؛ ابتسم ثم تذكر مكان وجود المفتاح المخصص له وهو يكون فوق باب الشقة أخرج المفتاح وقام بفتح الباب وبمجرد فتحه لباب الشقة وصله صوتها وهي تقول:
“ياسين! غريبة مش عادتك تجيلي في الوقت دا يا حبيبي”
#يُتَبَع
#رواية_تَعَافَيْتُ_بِكَ