آبائيات

عمانوئيل الله معنا – ق. كيرلس الأورشليمي – د. جورج عوض إبراهيم

عمانوئيل الله معنا - ق. كيرلس الأورشليمي - د. جورج عوض إبراهيم

عمانوئيل الله معنا – ق. كيرلس الأورشليمي – د. جورج عوض إبراهيم

 

عمانوئيل الله معنا - ق. كيرلس الأورشليمي - د. جورج عوض إبراهيم
عمانوئيل الله معنا – ق. كيرلس الأورشليمي – د. جورج عوض إبراهيم

 

عمانوئيل الله معنا

 

عظة على بند ”تجسد وتأنس”

من قانون الإيمان

 

قراءة من إشعياء:

 

    ” ثم عاد الرب فكلم آحاز قائلاً أطلب لنفسك آية من الرب إلهك…. يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد أبناً وتدعو إسمه عمانوئيل” (أش 7: 10- 14).

 

المسيح الملك والطبيب[1]:

   يا رفاق النقاوة وتلاميذ العفة، تعالوا نُسبح الله بشفاهٍ مملوءةٍ من الطهر، نسبح الله الذي وُلدِ من العذراء. نحن الذين جُعلنا مستحقين أن نتناول من جسد الحمل العقلي، دعُونا نأكل الرأس مع الأرجل (انظر خر 12: 9): الرأس تشير إلى لاهوته، أمَّا الأرجل فهي تشير إلى ناسوته. ليت الذين يسمعون الأناجيل المقدسة يؤمنون بما كتبه يوحنا اللاهوتي. فهو الذي قال ” في البدء كان الكلمة” (يو1:1)، ثم كتب أيضًا “والكلمة صار جسداً” (يو14:1). لأنه ليس من الصواب أن نسجد لإنسان عادي، ولا من التقوى أن ندعوه إلهاً بدون ناسوته؛ لأنه لو كان المسيح هو الله، فقط كما هو حقًا كذلك، دون أن يتخذ الطبيعة البشرية لكنا نحن غرباء عن الخلاص[2]. فلنسجد له لأنه إله، ونؤمن أيضاً بأنه قد صار إنساناً؛ لأنه لو قُلنا عنه إنه إنسانٌ بدون إلوهية، فلن ننتفع شيئاً، وهكذا أيضًا إن لم نعترف بناسوته مع لاهوته، فلن يكون لنا خلاص. ليتنا نعترف بمجيء ذلك الذي هو ملك وطبيب؛ لأن الملك يسوع الْتَحَفَ بطبيعتنا البشرية لكي يشفيها من وجعها. لقد صار معلمُ الأطفال الكامل، طفلاً مع الأطفال، لكي يعطي حكمة للجهلاء. وقد نزل الخبز السماوي إلى الأرض (انظر يو 41:6)، لكي يُطعم الجياع.

 

اليهود في ضلال:

   لقد رفض أبناء اليهود المسيح الذي جاء، وينتظرون ذاك الأثيم الذي كانوا يظنون أنه سوف يأتي. لم يعترف هؤلاء الضالون بالمسيا الحقيقي، بينما ينتظرون المُضلّ لكي يقبلوه! وعن هذا الأمر قال المخلص الحقيقي ” أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني. إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه” (يو 5: 43).

   جيدٌ إذاً أن نطرح سؤالاً على اليهود: ما رأيكم فيما قاله النبي إشعياء متنبئاً بأن عمانوئيل سوف يُولد من العذراء؟ أكان ذاك حقاً أم كذباً؟

   فإذا حكموا على النبي أنه كاذب، فهذا ليس غريباً أبداً، لأنهم اعتادوا ـ ليس فقط ـ على اتهام الأنبياء بأنهم كاذبون، بل اعتادوا على رجمهم أيضاً. وإذا كان ما قاله النبيُ حقٌ، فهذا يؤكد لنا مَنْ هو عمانوئيل. وأي واحدٍ من الاثنين هو، هل هو من تنتظرون مجيئه؟ وما إذا كان سوف يُولد من عذراء أم لا؟ لأنه إن لم يُولد من عذراء، فسوف تتهمون النبي بالكذب. وبالإضافة إلى ذلك، إذا كنتم تنتظرون أن يحدث هذا في المستقبل، فلماذا ترفضون ما حدث بالفعل؟

    دع اليهودَ في ضلالهم طالما يريدون ذلك، ولتتمجد كنيسة الله؛ لأننا نحن نقبل الإله الكلمة الذي صار إنساناً بالحقيقة، ليس من مشيئة رجل وامرأة، كما يقول الهراطقة، بل صار إنساناً من العذراء والروح القدس بحسب تعليم الإنجيل، ليس بالخيال لكن بالحقيقة.

    أمَّا عن كونه صار إنساناً بالحقيقة من العذراء، فعليك أن تنتظر ما سوف أسوقه من براهين في هذه العظة؛ لأن ضلال الهراطقة ضلالٌ متعددٌ ومتشابكٌ.

    فقد قال البعض منهم إنه على أيةِ حالٍ لم يُولد من عذراء. آخرون يقولون إنه وُلدِ طبعاً، لكن ليس من عذراء، بل من إمرأة عاشت مع رجل. وآخرون أيضاً يقولون إنَّ المسيح ليس إلهاً صار إنساناً، بل إنساناً صار إلهًا، بمعنى أنهم تجرأوا على القول بأن الكلمة الأزلي لم يَصِر إنساناً، بل هو إنسانٌ تقدم في الفضيلة وتمت مكافأته بأن يصير إلهًا[3].

    أمَّا أنت فاحفظ في ذاكرتك ما قلناه بالأمس عن إلوهية المسيح، آمِن بأن ابن الله وحيد الجنس، هو نفسه وُلدِ من العذراء. ثق فيما يقوله يوحنا الإنجيلي ” والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا” (يو 14:1). لأن الكلمة الأزلي مولود من الآب أزلياً قبل كل الدهور، بينما أخذ جسداً في الزمان لأجل خلاصنا.

 

هل من ضرورة للتجسد؟:

   كثيرون يقولون ما هي الضرورة العظمى التي تجعل الله يصير إنساناً؟ ويقولون أيضاً هل من الممكن أن تلد عذراء بدون رجل؟ وهل من طبيعة الله أن يتصل بالبشر؟ لكن بسبب كثرة الاعتراضات، وتعدد أبعاد المعركة، هيا بنا ـ بنعمة المسيح وصلوات الحاضرين ـ لنرد على هذه الاعتراضات.

 

الكتب المقدسة هي شهادتنا:

   دعونا أولاً نفتش عن السبب الذي من أجله نزل المسيح الرب إلى العالم. والآن لا تعتمد على ما أقوله من براهين لأنه من الممكن أن تنخدع، بل إن لم تسمع شهادات الأنبياء عن كل أمر، فلا تؤمن بما أقوله. وإن لم تتعلم من الكتب المقدسة عن ما تقوله عن العذراء وعن المكان والزمن وطريقة ولادة المسيح، ” فلا تقبل شهادة من أي إنسان” (انظر يو34:5). لأنه يجوز لأي واحد أن يعتبر الذي هو حاضر معكم الآن ويعلّمكم في موضع شك، ولكن هل هناك إنسان عاقل يمكن أن يشك في ما تم التنبؤ به منذ أكثر من ألف عام؟

    حسناً. إذا أردت أن تفتش عن سبب مجيء المسيح فتعالَ، إلى أول سفر في الكتاب المقدس. لقد خلق الله العالم في ستة أيام، لكن العالم خُلق لأجل الإنسان، فالشمس التي تشرق بأشعتها البهية وجُدت لكي تنير للإنسان، وكل الحيوانات وُجدت لكي تخدمه، كذلك النباتات والأشجار لكي يكون لنا منها طعام. وكل المخلوقات كانت حسنة (راجع تك 21:1)، لكن لم يكن هناك مخلوق من هذه المخلوقات، على صورة الله إلا الإنسان وحده. الشمس خُلقت بمجرد أمرٍ، بينما الإنسان كُوِّن بيدي الله ” فلنخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا” (تك 1: 26). فإذا كانت الصورة الخشبية للملك الأرضي تنال تكريماً، فكم بالأكثر ينبغي أن تُكرم صورة الله العقلية؟

 

الإنسان أعظم المخلوقات يخرج من الفردوس:

   إن هذا المخلوق الأعظم جداً من كل المخلوقات، والذي كان يعيش منفردًا في الفردوس، أخرجه خارجاً حسد إبليس. والعدو فَرِح بسقوط ذاك الذي حسده. إذاً هل تريد أن يستمر العدو في فرحه؟ إنه لم يتجرأ على الاقتراب من آدم بسبب قوته، فاقترب من المرأة بإعتبارها الأضعف، تلك التي كانت ماتزال عذراء؛ لأن آدم لم يعرف حواء امرأته إلاَّ بعد أن طُردا من الفردوس (راجع تك 4: 1).

 

إنحدار البشرية إلى الباطل:

   كان قايين وهابيل هما الجيل الثاني للجنس البشري، وكان قايين هو أول قاتل. ثم بعد ذلك جاء الطوفان بسبب شر البشر العظيم. ثم نزلت النار من السماء فوق سكان سدوم بسبب خطاياهم. وبعد سنين كثيرة اختار الله الشعب الإسرائيلي، لكن هذا الشعب إنحرف والجنس المختار سقط في الشر. لأنه، بينما كان موسى فوق جبل سيناء أمام الله، سجَّد الشعب في أسفل الجبل لعجلٍ كإله له (انظر خر 32: 1ـ 4). في زمن موسى الذي قال ” لا تزن” (راجع خر 20: 13) تجرأ رجلٌ ودخل إلى القبة وارتكب المعصية (انظر عد 25: 6). وبعد موسى أُرسِل الأنبياء لكي يشفوا الشعب الإسرائيلي، لكن بينما حاولوا أن يشفوا هذا الشعب انتحبوا لأنهم لم يستطيعوا أن ينتصروا على ضعفه، كما قال أحدهم ” ويل لي… قد باد التقي من الأرض وليس مستقيم بين الناس” (مي 7: 1ـ 2). وأيضاً ” الكل قد زاغوا معاً فسدوا. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد” (مز 14: 3). وكذلك ” لعنٌ وكذبٌ وقتلٌ وسرقةٌ وفسقٌ. يعتنقون ودماءٌ تلحق دماء” (هو 4: 2)، ” وذبحوا بنيهم وبناتهم للأوثان” (مز 105: 37). انشغلوا بالعرافين والسحرة والجان، وأيضاً    ” يتمددون على ثياب مرهونة بجانب كل مذبح ويشربون خمر المغرمَّين في بيت آلهتهم” (عا 2: 8).

 

البشرية جُرِحت جُرحًا خطيرًا:

   هكذا، كان جُرح البشريةِ خطيرًا جدًا، من القدم حتى الرأس لا يوجد أي عضو سليم، ولم يكن من الممكن لأحد أن يضع على الجروح ضمادات أو زيت ولا أربطة (راجع أش 1: 6)، الأنبياء انتحبوا وبكوا وقالوا: ” ليت من صهيون خلاص إسرائيل” (مز 14: 7). وأيضاً ” لتكن يدك على رجل يمينك وعلى ابن آدم الذي اخترته لنفسك. فلا نرتد عنك” (مز 80: 17، 18). ونجد المُرنم يتوسل قائلاً: ” يا رب طأطأ سمواتك وانزل إلمس الجبال فتدخن” (مز 144: 5). أنزل لأن جروح البشرية تخطت قدرتنا على شفائها. ” نقضوا مذابحك وقتلوا أنبيائك بالسيف” (1مل 19: 1). لا يمكن للشر أن يُهزم من جانبنا، فالحاجة إليك وحدك لكي تخلّص الإنسان[4].

 

أرسل الله إبنه لكي يشفينا:

   سمِع الربُ طلبة الأنبياء. لم يهمل الآب جنسنا الهالك، بل أرسل ابنه، الرب من السماء كطبيب لكي يشفينا[5]. وقال أحد الأنبياء ” يأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه” (ملا 31: 1)، لقد أتى الرب إلى هيكله حيث حاول اليهود أن يرجموه (راجع يو 8: 59). وعندما سمع نبي آخر هذا الكلام، فكأنه يقول للنبي أتعلن خلاص الله وتقول هذا الأمر هكذا بهدوء تام؟ أتحمل بشارة مجيء الله للخلاص وتتحدث بها في الخفاء؟

   “على جبل عالٍ اصعدي يا مبشرة صهيون. ارفعي صوتك بقوة يا مبشرة أورشليم. ارفعي لا تخافي. قولي لمدن يهوذا هوذا إلهك. هوذا السيد الرب بقوة يأتي…” (أش 40: 9، 10).

   أيضًا الرب نفسه يقول ” هاأنذا آتي وأسكن في وسطك يقول الرب. فتتصل أمم كثيرة بالرب” (زك 2: 10، 11). لكن بني إسرائيل رفضوا خلاصي الذي قدمته لهم، ولذلك “جئت لأجمع كل الأمم والألسنة فيأتون ويرون مجدي” (انظر إش 66: 18). لأنه ” جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله” (يو 1: 11)، وما الذي تمنحه للأمم عندما تأتي؟ يقول: ” أجعل فيهم آية” (أش 66: 19)، لأني بينما أنا أتألم فوق الصليب، أعطي لكل واحد من جنودي، أعطي ختمًا ملكيًا لكي يحمله على جبينه. ونبي آخر قال ” طأطأ السموات ونزل وضباب تحت رجليه” (مز 18: 9)، لأن، نزوله من السماء لم يكن معروفًا للبشر.

   بعدما سمع سليمان أباه داود يقول هذه الأقوال، بني هيكلاً عظيماً، وهو يرى مسبقاً ذاك الذي سوف يأتي إلى هذا الهيكل، وقال مندهشاً “هل يسكن الله حقاً على الأرض؟”، تنبأ داود في المزمور المُعطى لـ “سليمان”: ” ينزل مثل المطر على الجزاز مثل الغيوث الذارفة على الأرض” (مز 72: 6).

   يقول “مثل المطر” إشارةً إلى أنه سماويٌ، بينما “على الجزاز” يشير إلى بشريته. ولأن المطر يقع على الجزاز بدون صوت، هكذا سرُ الميلاد كان غير معروفٍ، لذا يسأل المجوس ” أين وُلد ملك اليهود؟” (مت 2: 2) وهيرودس يسأل وهو مضطرب عن ولادته قائلاً   ” أين يُولد المسيح” (مت 2: 4).

   لكن مَنْ هو هذا الذي ينزل؟ يقول في المزمور ” يخشونك مادامت الشمس وقدام القمر إلى دور فدور” (مز 72: 5). ويقول نبيٌ آخر أيضاً: ” ابتهجي جداً يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومخلّص” (انظر زك 9: 9س).

 

الملك الوديع:

   أشرح لي أيها النبي عن أي ملكٍ تتحدث فالملوك كثيرون؟ أعطِ لنا علامةً تميز الملك الذي تتحدث عن مجيئه. إن كنت تتحدث عن الملك الذي يلبس الأرجوان، فالآخرون قد أخذوا قبله هذه الكرامة. وإذا كنت تتحدث عن شخص يحرسه الجنود ويجلس فوق مركبة ذهبية، فهذا أيضاً قد صار لآخرين. أعطنا علامةً خاصةً للملك الذي تعلن لنا عن مجيئه. يجيب النبي قائلاً: “هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومخلّص، وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان” وليس على مركبة. هذه علامةٌ فريدةٌ للملك الذي أتى. الرب يسوع هو الوحيد بين الملوك الذي جلس على جحشٍ ابن أتان، ودخل أورشليم بهتاف كملك (راجع مت 21: 7)، وماذا يفعل هذا الملك عندما يأتي؟ يقول النبي: ” وأنت أيضاً فإني بدم عهدك قد أطلقت أسراك من الجب الذي ليس فيه ماء” (زك 9: 11).

   وربما يحدث أن يجلس ملكٌ على جحش، لكن أعطني بالحري علامة أخرى، تدلنا على المكان الذي سوف يقف فيه الملك عندما يدخل المدينة. أظهر لنا المكان الذي يكون غير بعيد عن المدينة، حتى يمكننا أن نعرفه، أعطنا علامة واضحة يمكن أن نراها بالأعين، لكي نستطيع أن نرى المكان حتى عندما نكون في المدينة. يجيب النبي أيضاً قائلاً ” وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام أورشليم من الشرق” (زك 14: 4)، هكذا يكون في إمكان المرء الواقف في وسط المدينة أن يرى المكان؟[6]

 

الملك صانع المعجزات:

   الآن عندنا علامتين، نريد أن نعرف الثالثة. أخبرني ماذا سيفعل الرب عندما يأتي؟ يقول نبي آخر: ” هو يأتي ويخلصنا. حينئذٍ تنفتح عيون العمى وآذان الصم تتفتح. حينئذٍ يقفز الأعرج كالأيل ويترنم لسان الأخرس” (إش 35: 4ـ6). قُل لي شهادةً أخرى أيها النبي، فأنت تقول لنا إن الرب الآتي سيصنع معجزات لم تحدث قبل ذلك أبداً (انظر يو 15: 24). أي معجزة أخرى بارزة تريد أن تخبرنا بها؟ يقول النبي: ” الرب يدخل في المحاكمة مع شيوخ شعبه ورؤسائهم” (إش 4: 14)، هذه هي العلامة البارزة، السيد احتمل الآلام وحُكِمَ عليه من عبيده شيوخ الشعب.

 

صار مثلنا لكي نستحق أن نتمتع به:

   وبالرغم من أن اليهود كانوا يقرأون كل هذه الشهادات، لكنهم لم يسمعوا؛ لأنهم أغلقوا آذان قلوبهم حتى لا يسمعوا. أما نحن فنؤمن بيسوع المسيح الذي أخذ جسداً وصار إنساناً، لأننا بغير ذلك لا يمكننا أن نعرفه ونقبله، فنحن ولا نستطيع أن نراه ونتمتع به كما هو (قبل التجسد)، ولذلك صار كما نحن حتى يسمح لنا أن نتمتع به. لأنه، إن كُنا لا نستطيع أن نرى الشمس، التي خُلقت في اليوم الرابع، فهل نستطيع أن نرى الله خالق الشمس؟ لقد نزل الله على جبل سيناء في لهيب نار ولم يستطع الشعب أن يتحمل رؤيته وقالوا لموسى: ” تكلم أنت معنا فنسمع. ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت” (خر 20: 19). وأيضاً   ” لأنه مَنْ هو مِن جميع البشر الذي سمع صوت الله الحي يتكلّم من وسط النار مثلنا وعاش” (تث 5: 26). فإن كان الإنسان يموت بمجرد أن يسمع صوت الله، فكيف يمكن أن يرى الله نفسه، ألا يتسبب هذا في موته؟ ولماذا تنتابك الدهشة؟ إن موسى نفسه يقول ” أنا مرتعب ومرتعد” (انظر عب 12: 21).

    إذاً ماذا تريد؟ هل تريد أن يصير هذا الذي أتى لكي يقدم لنا الخلاص سبباً للموت؛ لأن البشر لا يتحملونه، أم أن يقدم لنا النعمة بالقدر الذي يمكننا أن نقبلها؟ فإن كان دانيال لم يتحمل رؤية ملاك، هل يمكنك أنت أن تحتمل مشهد رب الملائكة؟ لقد سقط دانيال على الأرض عندما ظهر له جبرائيل الملاك (انظر دا 10: 9). وكيف ظهر الملاك وبأي شكل؟ يقول: “جسمه كالزبرجد ووجهه كمنظر البرق وعيناه كمصباحي نار وذراعاه ورجلاه كعين النحاس المصقول وصوت كلامه كصوت جمهور” (دا 10: 6). إن صوته ليس مثل صوت اثني عشرة طغمة من الملائكة، وبالرغم من ذلك سقط النبي على الأرض. واقترب منه الملاك وقال له: ” لا تخف يا دانيال… سُمع كلامك وأنا أتيت لأجل كلامك” (دا 10: 12)، وقال دانيال: ” قمت مرتعدًا ” (دا 10: 11).

    وهكذا، عندما ظهر الملاك بشكل إنسان، عندئذٍ تحدث دانيال. فماذا قال؟ ” يا سيدي بالرؤيا انقلبت علىَّ أوجاعي فما ضبطت قوة” (دا 10: 16)، فإن كان بظهور ملاك قد تلاشى صوت النبي وقوته، فهل تبقى فيه نفس بظهور الله؟! وكما يقول الكتاب ” فعاد ولمسني كمنظر إنسان وقواني” (دا 10: 18)، إذاً، فطالما اختُبِرت طبيعتنا البشرية، وظهر مدى ضعفنا، أخذ الرب على عاتقه أن يمنح الإنسان ما يحتاجه. فلأن الإنسان يريد أن يسمع إنساناً له نفس الشكل مثله، صار المخلصُ إنساناً، لكي يستطيع البشر بسهولة أن ينالوا الخلاص.

 

جاء المسيح لكي يعتمد ويُقَدِس المعمودية:

   أيضاً اسمع سبباً آخراً. لقد جاء المسيح لكي يعتمد ويقدس المعمودية. جاء لكي يصنع المعجزات ماشياً فوق مياه البحر (انظر متى 14: 25). ولأن البحرَ رآه ـ قبل تآنسه ـ فهرب، والأردن رجع إلى الخلف (انظر مز 114: 3)، أخذ الرب جسداً، حتى يراه البحر ويتحمله ويقبله الأردن بلا خوف، هذا هو أحد الأسباب.

 

الخلاص بالتجسد من العذراء:  

   لكن يوجد سبب آخر، لقد أتى الموت إلى العالم من خلال حواء العذراء، فكان يجب إذاً بواسطة عذراء أو بالحرى من عذراء أن تظهر الحياة. فان كانت حواء قد خدعها الشيطان، فإن الملاك جبرائيل بشر العذراء بخبر الخلاص المفرح[7].

صار الله إنسانًا ليقضي على الضلال:

   وحيث إن البشر هجروا الله، وصنعوا أصنام بصورة بشرية، ولأنهم عبدوا صورة لإنسان واعتبروه إلهاً، صار الله إنساناً حقًا لكي يقضي على هذا الضلال. لقد استخدم الشيطانُ الجسدَ ـ كأداةٍ ـ ضداً لنا. وبولس وهو يعرف هذا الأمر قال: ” أرى ناموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني” (رو 7: 23).

 

الحياة تنتصر على الموت:

   حسناً. فبالأسلحة التي حاربنا بها الشيطان، بهذه الأسلحة نفسها خلَّصنا الرب. لقد أخذ الرب شبهنا لكي يخلِّص البشرية. فقد أخذ الرب شبهنا لكي يمنحنا نعمةً أعظم كانت تنقصنا، وحتى تصير البشرية الخاطئة مشاركة لله، لأنه ” حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً” (رو 5: 20)، كان ينبغي أن يتألم الرب لأجلنا (انظر لو 24: 26)، لكن لو كان الشيطان قد عرفه لما تجرأ واقترب منه، ” لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد” (1كو 2: 8). إذاً الجسد صار طُعماً للموت، وهكذا صار للتنين أملٌ في ابتلاعه، حتى بإبتلاعه هذا الجسد يتقيأه خارجاً ومعه أولئك الذين قد سبق وابتلعهم بالفعل[8]. أما الرب    ” فيبلع الموت إلى الأبد“، وأيضاً “ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه” (انظر أش 25: 8).

   هل صار المسيحُ إنساناً دون أن يكون هناك سبب لتجسده؟ وهل تعاليمنا عنه مجرد أدبيات جمالية وادعاءات بشرية؟ أليست الكتب المقدسة هي خلاصنا؟ أليست هي شهادات الأنبياء؟ أحفظ إذن هذه الوديعة من التحريف، ولا تدع أحد يحولّك عنها.

 

ما الغريب في أن يصير الله إنسانًا:

    آمن بأن الله صار إنساناً. ورغم إنه قد تبرهن أنه من الممكن أن يصير إنساناً. ولكن إن كان اليهود لا يزالون غير مؤمنين، نسألهم: ما الغريب في كرازتنا التي تنادي بأن الله صار إنساناً، وأنتم أنفسكم تقولون إن إبرآم استضاف الرب؟ ما الغريب في كرازتنا بينما يعقوب يقول ” إني رأيت الله وجهاً لوجه ونجت نفسي” (تك 32: 31س)، فالرب الذي أكل مع إبرآم (تك 18: 8)، أكل معنا نحن أيضًا. ما الغريب إذاً فيما نكرز به؟ نقدم أيضاً شاهدين وقفا بجوار الرب في جبل سيناء: موسى الذي كان موجوداً في شق صخرة وإيليا الذي عاش في مغارة (1مل8:19). لقد كانا حاضرين معه عندما تجلى على جبل تابور[9]، وتكلما معه عن خروجه الذي الذي كان عتيدًا أن يكمله في أورشليم (راجع لو 9: 30ـ 31).

   أيضاً كونه من الممكن أن يصير إنساناً بُرهن عليه كما قُلت من قبل. دعونا إذاً نترك بقية البراهين ليدرسها المجتهدون في البحث.

 

العهد القديم يخبرنا عن زمن ومكان مجيء المخلص:

    لقد وعدتكم في حديثي أن أعرفكم عن زمن مجيء المخلص ومكانه. ولا يجب أن تنصرفوا من اجتماعنا متهِمين إيانا بالكذب، بل بالحري يجب أن نساعد أولئك الذين أتوا حديثاً إلى الكنيسة لكي ينصرفوا وهم متشددين في الإيمان. دعونا إذاً نبحث عن الزمن، الذي فيه جاء الرب؛ لأن حضوره حدث في الزمن وهذا ليس موضع شك. ” فالمسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد” (عب 13: 8). لقد قال موسى النبي: ” يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من أخوتك مثلي” (تث 18: 15) فلنترك مؤقتاً كلمة “مثلي” لأننا سوف نفحصها فيما بعد. لكن متى يأتي هذا النبي المنتظر؟ ارجع إلى المكتوب بخصوص هذا الأمر.

 

زمن مجيء المخلص:

    افحص بعناية النبوة التي قالها يعقوب ليهوذا ” يهوذا إياك يحمد أخوتك” (تك 49: 8)، ” لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب (ليس اليهود بل الأمم)” (تك 49: 10). إذاً فانقطاع الحكم اليهودي، هو علامةُ تشير إلى مجيء المسيح. فلو لم يكن اليهود الآن تحت حكم الرومان، فلا يكون المسيح قد أتى بعد. ولو كان لديهم ملك من نسل يهوذا ومن نسل داود، لا يكون المنتظر قد جاء. لكن أي علامةٍ أخرى تدل على الذي يأتي والذي هو مشتهي كل الأمم؟ يقول يعقوب بعد ذلك: ” رابطاً بالكرمة جحشة” (تك 49: 11). وهكذا ترى ذلك الجحش الذي تنبأ به زكريا النبي بوضوح؟ (زك 9: 9).

    لكنك تطلب أيضاً شهادةً أخرى عن زمن مجيئه. يقول في المزمور: ” قال (الرب) لي أنت أبني.أنا اليوم ولدتك” (مز 2: 7)، ثم يقول ” تحطمهم (تحكمهم) بقضيب من حديد” (مز 2: 9). لقد قُلت من قبل إن قضيب الحديد يشير بوضوح إلى ملك الرومان. لنتذكر الآن دانيال النبي الذي وصف وفسر لنبوخذ نصر صورة التمثال، بعد أن ذكر له كل الحلم الذي كان قد رآه وأنه ” قطع حجر بغير يدين” (دا 2: 34)، أي بدون أن يُصنع من قِبَل إنسان، وأنه سوف يسّود على كل المسكونة، ويقول بكل وضوح ما يلي: ” وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يُترك لشعب آخر”      (دا 2: 44).

    مازلنا نبحث عن برهان أكثر وضوحًا عن زمن مجيء المسيح على الأرض. ولأن الإنسان بحسب طبيعته يصدِّق بصعوبة، فإن لم تفسَّر الشهادات الأكثر دقة، لن يؤمن بكل ما يُقال. إذاً، فما هو زمن مجيئه؟ عندما كف أن يكون هناك ملوك من نسل يهوذا، ومَلَكَ هيرودوس وهو من جنس آخر، يقول الملاك الذي تحدث إلى دانيال، ” فإعلم وإفهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً” (دا 9: 25، 26).

   إذاً، تسعةٌ وستون أسبوعًا تعادل أربعمائة وثلاثة وثمانين سنة. أي أنه قال إنه بعد بناء أورشليم، ومرور 483سنة، وزوال الحُكاّم الذين من نسل يهوذا، حينذاك يأتي ملكٌ من جنس آخر، وفي عصره يُولد المسيح.

   قد أعاد داريوس الذي من مادي بناء أورشليم في السنة السادسة لملكة، والتي تتزامن مع أول عام للألعاب الأوليمبية اليونانية السادسة والستين. والألعاب الأوليمبية كانت تصير كل أربع سنوات، لأن كل أربع سنوات من مسيرة الشمس ومن الثلاث ساعات الإضافية لكل سنة يكتمل يوم. وعندما ملَكَ هيرودوس في السنة الرابعة للألعاب الأوليمبية المائة والسادسة والثمانين. والآن فمن السادس والستون حتى الألمبياد المائة وستة وثمانون تم إقامة الألعاب الأوليمبية مائة وعشرون مرة. والمائة والعشرون مرة تعادل أربعمائة وثمانون عاماً. أما الثلاث سنوات الباقية فتؤخذ من الفترة التي بين السنة الأولى والسنة الرابعة للألعاب الأوليمبية. كما أن لديك برهانٌ من الكتاب المقدس يقول إن ” من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً يعود ويبني” (دا9: 25). وإذاً بالنسبة لزمن مجيء يسوع لدينا الآن برهانٌ، بالرغم من أنه يوجد تفاسير أخرى لأسابيع دانيال التي ذكرناها.

 

مكان مجيء المخلص:

   والآن اسمع الوعد عن مكان ولادة يسوع من ميخا النبي الذي يقول ” أمَّا أنتِ يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل” (مي 5: 2). وبما أنك أنتَ من أهل أورشليم، فلا بد أن تكون قد رأيت ما هو مكتوب عن المكان في (مز 132: 6)،   ” هوذا قد سمعنا به في أفراته.وجدناه في حقول الوعر“. وحقًا قبل سنين قليلة كان المكانُ غابةً.

   اسمع أيضاً حبقوق النبي حين قال للرب ” يا رب عملك وسط السنين أحيه، في وسط السنين عَرّفِ” (حب 3: 2). وأي علامة لمجي الرب أيها النبي؟ يقول النبي: ” سيظهر للبشر في صورتين للحياة” (حب 3: 2س). أراد أن يقول بوضوح للرب أنك عندما تأتي إلى الأرض سوف تحيا وسوف تموت، وعندما تقوم من بين الأموات ستحيا ثانية. ومن أي جزء من أورشليم سيأتي؟ وذاك النبي يجيب بكل وضوح ” الله جاء من تيمان (أي من الجنوب) والقدوس من جبل فاران” (حب 3: 3)، حقاً بنفس الطريقة قال المرنم ” وجدناه في حقول الوعر” (مز 132: 6).

 

ها العذراء تحبل:

   وعندما نسأل ممَنْ آتي؟ وبأي طريقة؟ يخبرنا إشعياء النبي: ” ها العذراء تحبل وتلد أبناً وتدعو اسمه عمانوئيل” (إش 7: 14). لكن اليهود يعارضون هذه الأقوال لأن هذه هي عادتهم منذ القديم، أن يعارضوا الحق، ويقولون إن النبوة لا تذكر كلمة “عذراء”، بل “فتاة”. أنا أوافقهم فيما يقولونه، وأيضاً سأنتهي إلى نفس الحق. لأنه يجب أن نسألهم: عندما تُغتصب عذراء، فمتى تصرخ، أبعد الاغتصاب أم قبله؟ إذاً عندما يقول في موضع آخر” فصرخت الفتاة المخطوبة فلم يكن من يخلصها” (تث 22: 27)، أما كان يتحدث عن عذراء؟!! أيضاً لكي ترى بالأفضل أن العذراء أيضاً في الكتب المقدسة تُسمى فتاة، اسمع ماذا يقول سفر الملوك عن أبيشاج الشونمية “وكانت الفتاة جميلة” (1مل 1: 4)، لقد اختاروها وهي عذراء وقدموها إلى داود.

   لكن اليهود يقولون إن مقطع إشعياء (أش 7: 14) قيل لآحاز ويخص ابن حزقيا. إذاً دعونا نقرأ الكتاب ” أطلب لنفسك آية من الرب إلهك. عمّق طلبك أو رفِّعه إلى فوق” (أش 7: 11)، وهذه الآية يجب أن تكون عجيبة، مثل معجزة إخراج الماء من الصخرة (خر 17: 8)، والبحر الذي انشق (خر 14: 21ـ 22)، أو رجوع الشمس إلى الخلف أو ما شابه ذلك، لكن كل ما سوف أقوله سيكون بالحري دحض لكلام اليهود.

   أعترف بأنني أتكلم كلاماً كثيراً والسامعون قد تعبوا، لكن تحمّلوا أقوالي الكثيرة لأنها تُقال عن المسيح وليس عن أمور عادية.

   لقد قال إشعياء هذا الكلام عندما ملكَ أحاز الذي تملَّك ستة عشر سنة (2 مل 16: 2)، وحيث إن نبوة إشعياء قيلت له في هذه الفترة، تبطل حجة اليهود بأنه يقصد ابن آحاز حزقيا الذي خلفه، والذي عندما صعد إلى العرش كان عمره خمسة وعشرون عاماً (2مل 18: 2). فبما أن النبوة كانت في فترة الستة عشر عاماً للملك آحاز، فإن ذلك يعني أنٍ حزقيا وُلد قبل النبوة بتسعة سنين. فلأي سبب إذاً تُقال نبوةٌ عنه وهو المولود قبل أن يملك أبيه آحاز؟ إضافةًً إلى أنه يتنبأ مسبقًا عن أمور ستحدث، فهو لم يقل إن العذراء حبلت بل ستحبل (راجع أش 7: 14).

 

المسيح من نسل داود:

   إذاً نحن نعرف بالتأكيد أن الرب سوف يُولد من عذراء. دعونا نوضّح الآن، مِن أي نسل أتت العذراء، ” أقسم الرب لداود بالحق لا يرجع عنه من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك” (مز 132: 11)، وأيضاً ” وأجعل إلى الأبد نسله وكرسيه مثل أيام السموات” (مز 89: 29)، وبعد ذلك يقول: ” مرة حلفت بقدسي أني لا أكذب لداود نسله إلى الدهر يكون وكرسيه كالشمس أمامي. مثل القمر يثبت إلى الدهر” (مز 89: 34ـ37). هل رأيت أن الحديث صار عن المسيح وليس عن سليمان؛ لأن عرشه لم يبقَ مثل بقاء الشمس؟ وإذا اعترض أحدٌ لأن المسيح لم يجلس على عرش داود الخشبي، دعونا نذكر المكتوب: “على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون” (متى 23: 2)، إذاً فهو لا يقصد بالتالي عرشاً خشبياً، بل سلطة التعليم. هكذا لا ننظر إلى عرش داود على أنه عرشٌ خشبيٌ، بل المُلك نفسه. وخذ أيضاً شهادات الأطفال الذين صرخوا ” أوصنا لابن داود مبارك الملك الآتي باسم الرب.أوصنا في الأعالي” (مت 21: 9 و لو38:19).

   والأعميان قالا ” ارحمنا يا ابن داود” (مت 9: 27)، وجبرائيل يشهد بوضوح قائلاً لمريم ” هذا يكون عظيماً وابن العلي يُدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه” (لو 1: 32). وبولس الرسول يقول:       ” أذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي” (2تي 2: 8). وفي بداية رسالته إلى أهل رومية يقول: ” الذي صار من نسل داود من جهة الجسد” (رو 1: 3). إذاً فلتقبل هذا الذي هو من نسل داود وآمن بالنبوة التي تقول ” ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسىّ القائم رايةً للشعوب إياه تطلب الأمم” (إش 11: 10).

 

مملكة إبن الله ليست لها نهاية:

   لكن اليهود يتضايقون من هذه الأقوال. وهذا الأمر يعرفه إشعياء من قبل، حين قال ” كل سلاح المتسلح في الوغى وكل رداء مدحرج في الدماء يكون للحريق مأكلاً للنار. لأنه يولد لنا (وليس لهم) ولد ونُعطى ابنًا” (إش 9: 5ـ6). ولاحظ أنه أولاً كان ابن الله ثم أُعطى لنا. وبعد ذلك يقول: ” وللسلام لا نهاية” (إش 9: 7)، الرومانيون لهم حدود، أمَّا مملكة ابن الله فليس لها نهاية. فارس ومادي لهما حدود، بينما مملكة الابن لا نهاية لها. ثم يقول على كرسي داود يجلس ويقيم مملكته. إذاً العذراء القديسة هي من نسل داود.

   كان ينبغي بالتأكيد للطاهر ومعلم الطهارة أن يخرج من أحشاء العذراء الطاهرة؛ لأنه إذا كان على من يخدم كاهنًا للمسيح في الأقداس أن يبتعد عن امرأته، فكيف يكون من الممكن أن يأتي المسيح من رجلٍ وامرأة؟ إذ يقول في المزامير ” عليك أُلقيت من الرحم” (مز 22: 10) تأمل جيداً في هذا ” عليك أُلقيت من الرحم” يعني “بدون رجل“، أي وُلد من بطن عذراء وجسدها، بينما الذين يولدون نتيجة إتحاد جسدي ليسوا كذلك.

 

الله خلق الجسد فالجسد مقدس:

   ولم يخجل من أخذ جسد من تلك الأعضاء التي هو نفسه خلقها. ومَنْ تعتقد يقول لنا هذا؟ يقوله الرب لأرميا ” قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك” (أر 1: 5). هذا الذي لم يخجل عندما لمسَّ البشر وهو يكونهم، كيف يمكن أن يخجل من تكوين جسده المقدس، هذا الجسد الذي هو بمثابة حجاب للاهوته؟

   إن الله هو الذي يخلق الأجنة في البطون حتى الآن كما هو مكتوب في سفر أيوب: ” ألم تصبَّني كاللبن وخثرتني كالجبن. كسوتني جلداً ولحماً فنسجتني بعظام وعصب” (أي 10: 10ـ 11). لا يوجد شيءٌ نجسٌ في تكوين الإنسان أما ما يدنس الإنسان فهو الزنى والفحشاء. فالذي خلق آدم هو الذي خلق حواء أيضاً، الذكر والأنثى خلقهما بيديه الإلهتين، ولم يُخلق ـ في البدء ـ أي عضو من أعضاء الجسد نجساً. فلتسد أفواه كل الهراطقة الذين يحتقرون الأجساد، بل بالحري هم يحتقرون خالق الأجساد.

   لكن دعونا نذكر بولس الرسول حين يقول: ” أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم” (1كو 6: 19). وقد سبق النبي وتكلم بلسان المسيح، قائلاً: “جسدي مأخوذ منهم” (هو 9: 12س). ومكتوب في موضع آخر في الكتاب: ” لذلك يُسلِّمهم إلى أن تكون قد ولدت والدة” (مي 5: 3). وما هي العلامة، يقول النبي بعد ذلك: ” ثم ترجع بقية أخوته إلى بني إسرائيل” (مي 5: 3). وما هي وعود العُرس المقدّمة للعذراء العروس المقدسة؟ يقول في هوشع: ” وأخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الرب” (هو 2: 20). وأليصابات حين تتحدث إلى مريم تتكلم بنفس الطريقة:     ” فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب” (لو 1: 45).

 

الرد على اليونانيين بشأن ولادة المسيح من عذراء:

   يفترى علينا اليونانيون واليهود ويقولون إنه من المستحيل أن يُولد المسيح من عذراء. أما من جهة اليونانيين فسنسد أفواهم من أساطيرهم. يا من تقولون في أساطيركم إن الأحجار عندما ألقيت تحولت إلى بشر، كيف تزعمون أنه من المستحيل على عذراء أن تلد؟ أنتم يا من تقولون في أساطيركم إن فتاةً وُلِدَت من الرأس، كيف تزعمون أنه من المستحيل أن يُولد ابنٌ من بطن عذراء؟ أنتم الذين تقولون في الأسطورة إن ديونيسيوس[10] حُبل به من فخذ زيوس[11] كيف ترفضون الحق؟ إني أعرف أنني أقول الآن أشياء لا تليق بالسامعين الحاضرين، لكن ذكرت كل هذا لكي يمكنكم أن تُخجلوا اليونانيين بإستخدام هذه البراهين من أساطيرهم.

 

الرد على اليهود بشأن ولادة المسيح من عذراء:

   وأرد على أهل الختان بهذا السؤال: أيهما أصعب أن تلد عاقرٌ عجوزٌ لا تملك في جسدها عوامل الإخصاب، أم عذراءٌ شابة؟

   سارة كانت عاقراً (تك30:11) وبينما لم يكن لديها عوامل الإخصاب (تك 18: 1) إلا أنها ولدت إبنًا بخلاف الطبيعة.

   إذاً طالما كان من الممكن أن تلد العاقر “بخلاف الطبيعة”، وهكذا يمكن للعذراء أن تلد، فإما أن ترفض الاثنين أو تقبل الاثنين. ولأن الله نفسه هو الذي فعل المعجزة الأولى وكذلك الثانية، لذلك لن تتجرأ على القول بأن المعجزة الأولى كان من الممكن أن يصنعها الله، أمَّا الأخرى فلا يمكن أن يصنعها، وأيضاً، كيف يكون من الطبيعي أن تتغيّر يد الإنسان في ساعة ثم ترجع إلى حالتها الأولى؟ كيف إذاً تغيّرت يد موسى إلى يدٍ بيضاء كالثلج، وبعد ذلك عادت مرة أخرى كما كانت من قبل (انظر خر 4: 60 7)؟ قد تقول إن الله فعل هذا الأمر لأنه أراد ذلك. فهل أراد الله في هذه الحالة وفعل، أمَّا في حالة العذراء فلم يستطع؟!

 

   إن ما حدث لموسى كان معجزة صارت فقط لأجل المصريين، أمَّا هذه التي للعذراء، فهي معجزة معطاة لكل العالم.

   أيها اليهود، أيهما أكثر صعوبة أن تلد العذراء، أم أن تتغيّر العصا إلى مخلوق حي؟ أنتم تعترفون بأنه في زمن موسى صارت العصا حيةً (انظر خر 4: 3)، وقد ارتعب منها الذي ألقاها على الأرض، وذاك الذي كان يمسكها من قبل هرب معتقداً أنها تنين وكانت حقاً تنينًا. وقد هرب، ليس لأنه خاف من العصا التي كان يمسكها، بل خوفًا من ذاك الذي غيَّرها إلى حيَّة. العصا صار لها أسنان وعيون التنين. فإن كانت العصا نبتت فيها أعين، ألا يمكن أن يُولد ابن من بطن عذراء، إذا أراد الله ذلك؟!

   لقد صمْتُ عن حادثة عصا هرون التي في ليلة واحدة ازهرت، في حين أن الأشجار الأخرى تحتاج إلى فترات زمنية طويلة لتزهر. مَنْ الذي لا يعرف إن عصاً نُزع منها قشرتها المثمرة لا تنبت أبداً من طبيعتها حتى لو زُرعت في نهرٍ؟ لكن لأن الله لا يتبع قوانين الأشجار الطبيعي، بل هو خالق النواميس الطبيعية جعل العصا التي بلا ثمر الجافة التي بلا قشرة، تزهر وتنبت وتصنع ثماراً. إذاً الذي منح للعصا ثماراً فوق طبيعية لأجل رئيس الكهنة الذي كان مثالاً للعتيد أن يكون، ألا يمنح العذراء القدرة على ولادة رئيس الكهنة الحقيقي؟

   وبالرغم من كل هذه الأمثلة الحسنة التي قلناها إلاَّ أن اليهود مازالوا يعترضون ولم تقنعهم معجزة العصا، بل لكي يقتنعوا يريدون مثل هذه الأمثلة التي “بخلاف الطبيعة” على أن تكون خاصة بالولادة. إذاً فلنسألهم: ممَن وُلِدَت حواء في البداية؟ الكتاب المقدس يقول، إنها أُخذتْ من جنب آدم (انظر تك 2: 22)، إذاً طالما أن حواء وُلدت بدون أُم من جنب آدم، ألا يمكن أن يُولد طفلٌ من بطن عذراء بدون رجل؟ الجنس الأنثوي مديون للرجال، لأن حواء وُلدت من آدم بدون أُم، أي وُلِدت فقط من رجل. هكذا رَدَّتْ مريم الدَّين عندما حَبِلَت، ليس بمعونة رجل، بل وحدها من الروح القدس بقوة الله.

 

عودة إلى معجزة خلق الإنسان العجيبة:

   دعونا نأخذ أيضاً مثالاً أعظم من هذه الأمثلة. لأنه وإن كان طبيعياً أن تُولد الأجساد من أجساد، بالرغم من أن هذا الأمر عجيب، لكن هل من الممكن أن تصير حفنة من تراب الأرض إنساناً، لا شك أن هذا الأمر يستحق إعجابًا أكثر. وأنْ يتحول التراب إلى إنسان به عيون، هذا أيضاً يستحق إعجابًا أكثر. وأن يصير من نفس الطين عظام صلبة، ورئتين رقيقتين، وأشكالٌ أخرى لأعضاء الجسد، فهذا أمر عجيب جدًا. وأن يكون الطين له نفس ويتحدث (انظر أي 38: 14)، ويبني بيوتًا ويصير ملكاً، فهذا أيضاً أمر عجيب. من أين إذاً أيها اليهود الجهلاء خُلِقَ آدم؟ ألم يأخذ الله تراباً من الأرض (انظر تك 2: 7)، وصنع منه هذا المخلوق العجيب؟ فإن كان الطين قد تحول إلى عين، ألا تستطيع العذراء أن تلد أبنًا؟

 

مريم عذراء على الدوام:

   أيها الأخوة، فلتتذكروا هذه الأقوال واستخدموها كأدوات في دفاعكم. ليتنا نُفحم الهراطقة الذين يعلّمون بأن تجسد الرب كان خياليًا. ونرفض أولئك الذين يزعمون أن ولادة المخلص صارت من رجل وامرأة، ويقولون إن المخلص كان ابن يوسف ومريم إستنادًا إلى قول الكتاب: “وأخذ امرأته” (مت 1: 24). وهنا أذكركم بيعقوب الذي قبل أن يتزوج راحيل قال للابان ” أعطني امرأتي” (تك 29: 21). إذاً، كما أن تلك قبل أن تتزوج، بل بوعد الزواج فقط، دُعيتْ امرأة يعقوب، هكذا مريم، لأنها كانت مخطوبة، دُعيت امرأة يوسف. ولاحظ دقة الإنجيل الذي يقول: ” وفي الشهر السادس أُرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل أسمها ناصرة إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف” (لو 1: 26ـ27).

   وأيضاً عندما حدث الإكتتاب وذهب يوسف لكي يُكتتب، ماذا يقول الكتاب؟ ” فصعد يوسف أيضاً من الجليل من مدينة الناصرة إلى اليهودية إلى مدينة داود التي تدعي بيت لحم لكونه من بيت داود وعشيرته ليُكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حُبلى” لو 2: 4ـ 5).

   كانت حاملاً بالتأكيد، لكن لم يقُل فقط: ” مع مريم امرأته، بل مع “مريم امرأته المخطوبة وهي حُبلى“. ويقول بولس الرسول: ” لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة” (غل 4: 4)، هكذا “مولوداً من امرأة“، أي من العذراء. وهكذا، إذا كنا قد برَّهنا على أن العذراء تُدعى امرأة، فالمسيح الذي يجعل النفوس البشرية عذراوية هو نفسه وُلد من عذراء.

 

 

 

الكلمة صار إنسانـًًا بالحقيقة:

   هل أنت متحير من هذا الذي صار؟ لا عجب في أن تندهش مما حدث. فالعذراء نفسها التي حملته تعجبت من هذا الأمر، إذ قالت لجبرائيل ” كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً” (لو 1: 34)، أجابها الملاك قائلاً: ” الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تُظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الله” (لو 1: 35). إنها ولادة طاهرة وغير دنسة. لأنه حيثما يهبّ الروح القدس فهو ينزع أي دنس. إذاً ولادة الابن وحيد الجنس بالجسد من العذراء هي غير دنسه. وإذا كان لدى الهراطقة اعتراضات على الحق فالروح القدس سيبكتهم، وقوة العلي ستغضب عليهم، تلك القوة التي ظللت العذراء، وسوف يأتي الملاك جبرائيل لكي يواجههم ويقف ضدهم في يوم الدينونة. ومكان المذود الذي أحتضن الرب سوف يُخجلهم. والرعاة الذين سمعوا البشارة المفرحة سيشهدون، وكذلك جنود الملائكة الذين سبحوا ورنموا قائلين: ” المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي أناس المسرة” (لو 2: 24).

   والهيكل سوف يشهد أيضاً الذي حُمِلَ إليه الطفل بعد أربعين يوماً من ولادته. وزوج اليمام الذي قُدِّم لأجله، وسمعان الذي أخذه في حضنه هناك، وحنة النبيه التي كانت حاضرة، كل هؤلاء يشهدون.

   إذاً حيث إن الله يشهد، والروح القدس يشترك في الشهادة، والمسيح يقول ” الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعة من الله” (يو 8: 40)، فليستد فم الهراطقة الذين يشكُّون في ناسوت المسيح. لأنهم يتكلمون ضد ذاك الذي قال: ” انظروا يدي ورجلي إني أنا هو. جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي” (لو 24: 39).

   فليكن الرب الذي وُلد من عذراء مسجودًا له وممجدًا، ولتعترف العذارى بتاج عذراويتهم. لتعرف طغمة الرهبان مجد العفة، لأننا نحن البشر لم نُحرم من كرامة العفة. لقد ظلَّ المخلص تسعة أشهر في بطن العذراء، بينما الرب عاش بيننا ثلاثة وثلاثون عاماً. وهكذا فإن افتخرت به العذراء لأنه بقى فيها تسعة شهور، فبالأكثر يجب أن نفتخر نحن إذا كان هو طوال هذه السنين العديدة يعيش معنا.

   إذاً فلنسرع جميعنا في طريق العفة بنعمة الله، فتيان وفتيات، شيوخ مع شباب (انظر مز 148: 12) مُسبحين اسم المسيح ومبتعدين عن الشهوات الجسدية.

 

ليتنا نهتم بطهارة الجسد ليصير هيكلاً لله:

   ينبغي ألا نجهل مجد العفة فتاجها ملائكي، وعظمتها تفوق ما هو بشري. ليتنا نهتم بأجسادنا التي سوف تضيء مثل الشمس. دعونا لا ندنس الجسد من أجل لذة وقتية، الجسد الذي له مثل هذا المجد العظيم، لأن الخطية للحظة قصيرة، أما العار فهو أبديٌ. هؤلاء الذين يحفظون العفة هم ملائكة يمشون على الأرض. العذارى سوف يكون نصيبهن مع مريم العذراء. فلنرفض الاهتمام باللذات الوقتية، ونترك كل نظرة مهلكة وكذلك أي مشية شهوانية، وكل ملبس غير لائق وكل رائحة مثيرة. فلتكن رائحة الصلاة الزكية هي عطرنا جميعاً، وكذلك فلتكن أعمالنا الحسنة وتقديس أجسادنا، حتى يقول الرب ـ الذي وُلد من العذراء ـ لنا نحن الرجال والنساء الذين نسير في طريق العفة كإكليل لنا: ” إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً” (2كو 6: 16)، الذي له المجد إلى أبد الآبدين آمين.

+++++++

 

 
  

 

 

كتابات الآباء التي صدرت

1ـ65، 67ـ80، 82ـ84، 86ـ89، 91، 92، 94، 96، 108، 114، 115 صدرت ونفذت.

66      السجود والعبادة بالروح والحق ج3 (المقالة الرابعة والخامسة) للقديس كيرلس الأسكندري.

81       الرسالة إلى ديوجينيتوس.

85       عظات القديس مقاريوس الكبير ـ طبعة رابعة مُراجعة ومُنقحة.

90       حوار حول الثالوث (الجزء الثاني) ـ للقديس كيرلس الكبير.

93       تفسير رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية ج2 (الإصحاحات 3-7).

95       الروح القدس ـ للقديس أثناسيوس ـ طبعة ثانية منقحة.

97     السجود والعبادة بالروح والحق ج5 (المقالتان 8، 9) للقديس كيرلس الأسكندري.

98       لك القوة والمجد ـ للقديس يوحنا ذهبي الفم.

102      الرسائل الفصحية ـ للقديس أثناسيوس.

103      خلق الإنسان على صورة الله ومثالة ـ للقديس غريغوريوس النيسي.

105      أوريجينوس ـ عظات على سفر العدد ج1 ـ طبعة ثانية منقحة.

106    شرح إنجيل يوحنا (الإصحاح الـ11) للقديس كيرلس الإسكندري ـ الجزء السادس.

107     تجسد الكلمة ـ للقديس أثناسيوس الرسولي ـ طبعة رابعة.

109      تفسير رسالة بولس الرسول لأهل رومية ج3 (الاصحاحات 8 ـ11).

110      أوريجينوس ـ عظات على سفر العدد ـ الجزء الثاني.

111      فلتعبر عني هذه الكأس ـ يوحنا ذهبي الفم.

112      بالحقيقة قام ـ يوحنا ذهبي الفم.

113   المقالة الثالثة ضد الآريوسيين ـ للقديس أثناسيوس الرسولي ـ طبعة ثانية منقحة.

116    تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الأسكندري (كامل في مجلد واحد 776 صفحة).

117   السجود والعبادة بالروح والحق ج6 (المقالتان 10، 11) للقديس كيرلس الأسكندري.

118   شرح إنجيل يوحنا (الأصحاحان 12، 13) للقديس كيرلس الإسكندري ـ الجزء السابع.

119   عمانوئيل الله معنا ـ للقديس كيرلس الأورشليمي.

 

[1] العناوين من وضع المترجم.

[2] هنا يتعرض لهرطقة الخياليين الذين أنكروا الطبيعة البشرية للمسيح ونادوا بأن التجسد كان ظاهرياً راجع العظة الرابعة فقرة 9 للقديس كيرلس الأورشليمي.

[3] أي تمت مكافأته بالتأله لأنه تقدم في الفضيلة.

[4] يعبر القداس الغريغوري عن هذه الحقيقة بقوله: “لا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا رئيس آباءٍ ائتمنتهم على خلاصنا، بل أنت بغير استحالةٍ تجسدت وتأنست…..”.

[5] يشرح القداس الباسيلي ذلك بقوله: “لم تتركنا عنك أيضاً إلى الانقضاء، بل تعهدتنا دائماً بأنبيائك القديسين، وفي آخر الأيام ظهرت لنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت بابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح”.

[6] يبدو جبل الزيتون ظاهراً جداً من أورشليم، وخاصة من جبل الجلجثة حيث كان كيرلس الأورشليمي يلقي عظاته.

[7] تعبر ثيؤطوكية الاثنين عن ذلك بقولها: “حواء التي أغرتها الحية  حُكِمَ عليها من قِبَلِ الرب …. أشرق جسدياً من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا”. ويستفيض لُبش الآدام على ثيؤطوكية يوم الاثنين في الشرح فيقول: “بمشورة أمنا الأولى أكل آدم من ثمرة الشجرة، فجاء على جنسنا وكل الخليقة سلطان الموت والفساد، ومن قِبَلِ مريم والدة الإله اُرجع آدم إلى رئاسته دفعةً أخرى”.

[8] يقصد كيرلس الأورشليمي بالذين قد سبق وابتلعهم بالفعل، أنهم أبرار العهد القديم أما التنين الذي ابتلعهم فهو الموت.

[9] جبل طابور لم يُذكر في حادثة التجلي التي رواها كل من مرقس (مر9: 22) ولوقا (لو 9: 28) لكن التقليد القديم والذي يؤكده كيرلس الأورشليمي يعتبر طابور هو الجبل الذي فوقه حدث تجلي للمخلص.

[10] أحد الآلهة الإغريقية الوثنية.

[11] كبير آلهة الإغريق.

 

عمانوئيل الله معنا – ق. كيرلس الأورشليمي – د. جورج عوض إبراهيم